الدين قتل للانسان!!


رعد سليم
2014 / 12 / 6 - 19:14     

جريدة التضامن: في الاونة الاخيرة وبعد توسيع الهجمات الارهابية والاعمال الوحشية للدولة الاسلامية في العراق وسورية بحق المدنين، بدأ جدل كثير في الغرب والشرق حول اسلامية داعش او براءة الاسلام منه، هل انت تشارك في هذه الجدل؟

رعد سليم: تحتاج هذه المسالة لرؤيتها او تحليلها من جانب آخر اي من زاوية اخرى، الزاوية التي لها ربط بالزمن والظروف والواقع، بين الرسالة والسلطة، وبين الدين كعقيدة والدين كسلطة، وكذلك صراعات وموازين القوى في الفترات الزمنية المرتبطة ببداية ظهور الاسلام ومابعده. وهذه الرؤية تشمل الحركات والاحزاب الاسلامية في العالم الحاضر بكافة انوعها واتجاهاتها.
الاسلام في بداياته كان مسالما، عندما كانت مكانته وقوته ضعيفة مقارنة بما يقابله من حركات اخرى داخل المجتمع المكي وقتها.. وهذا الشيء كان ملموسا في خطاب القرآن في بداية الدعوة الأسلامية ويمكن أكتشاف شكل الخطاب القرأني هذا بسهولة.. ومع كل مرحلة نجد التغيير في صيغة الخطاب القرآني حسب التغيير في موازين القوى وقتها.. انظر الي آيات القران في بدايته والآيات في المراحل اللاحقة.. اي الآيات التي تاريخها يعود الى وجود محمد في مكة والتي سميت بالمكية، حيث ان هذه الآيات يغلب عليها طابع الخطاب المسالم... وتلك المسالمة هي ليست جوهر دعوة محمد وأنما جاءت من ضعف مكانة حركة محمد ودعوته في ذلك الوقت، مثال ذلك في سورة الكافرون، يقول (لكم دينكم ولي ديني) قالها في الوقت الذي كان فيه انصاره مطاردين من قبل حكومة مكة.. وكما وأن بعض من أنصاره حين هاجروا الى الحبشة ليحتموا بالحاكم الذي يدين بالمسيحية، قال له ممثل محمد (انتم تؤمنون بالله ونحن مؤمنون بالله).
لكن في المراحل اللاحقة وتحديدا حين شكل محمد حكومة في مدينة يثرب وابدل اسمها الى المدينة وقويت شوكته، هنا أختلف شكل الخطاب القرآني حيث خلع رادء السلم والتعايش مع الأخر وأرتدى راداء العنف والقتل الذي نادرا ماتخلى عنه وحسب ما تقتضيه الحاجة.. حيث نجد عشرات الايات المدنية التي تدعوا الي العنف و قتال الكفار ونجد في ذالك ايضا احاديثه الكثيرة. يقول في سورة التوبة، [ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. (29)].. وفي سورة المائدة [إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. (33)].. وفي حديث منقول عن محمد [عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى.. رواه البخاري ومسلم].. اضافة الى النصوص التي جاءت في سورة الانفال حول الفتوحات، والتي أباحت لرجال المسلمين القتل ونهب وسلب الأموال والنساء والأطفال. وفكر ومنهاج داعش منبثق من تلك الأصول والنصوص الأسلامية..

جريدة التضامن: انت تريد ان تقول بان الدين الاسلامي هو الدين الذي يفرخ العنف؟ او دين العنف؟

رعد سليم: عندما يتوجه الدين نحو السياسية والسلطة والحكم تتغير رسالته، لا يبقى في مكانه كعقيدة، عندما يريد الاسلام ان يتجه نحو السلطة ويؤسس دولته، يستخدم كافة الوسائل والطرق للوصل الي هدفه. انظر الي العهد القديم وتاريخ الاديان بشكل عام والدين الاسلامي بشكل خاص، ستجد ان الاكثر وضوحا في تاريخ الأسلام هو العنف والحروب. هناك الكثير من الحروب والغزوات خاضها المسلمون لنشر الدين الاسلامي، عندما يتمكنون في غزو دولة او منطقة ما كانوا يضعون ثلاث خيارات امام اهل هذا البلد او المنطقة، هذه الخيارات هي: أما الاسلام أو الجزية أو حد السيف. وكل فرد غير قادر على دفع الجزية عليه أن ينظم للأسلام أو يلقي مصيره بحد السيف.. هذا هو شكل الفتوحات الأسلامية عبر كل تاريخه، وهذا ما دأب عليه داعش في تأسيس دولته الأسلامية في العراق وفي سوريا..
ينبغي لكل أن انسان يتمتع بالامكانية على الأختيار. ينبغي أن يكون للانسان الحرية في الاختيار مابين الافكار والاراء المختلفة بدون اي ضغط او قسر. بوسع اي أمرء ان يؤمن باي معتقد يشاء ولايحق لأي كان ان يضع قانون على العالم الخاص للأخرين. الانسان في الاسلام فاقد لحقوقه ولكرامته، المراة في الاسلام عبد، الأسلام يعد الأطفال في عداد القطيع. حرية الفكر معصية تستلزم العقاب، الموسيقى والفن والثقافة فساد، ان الدين ليس افيون الشعوب فقط، انما الدين قتل للانسان، اي ان فكر الدين الاسلامي موت ودم وعبودية. ان الدين الاسلامي يفرض عقيدته على الاخرين بقوة السيف ويريد ان ينشر رسالته عن طريق القوة والعنف، لذلك اقول، نعم أن الاسلام هو الدين الذي يفرخ العنف، وان الأفكار الدينية هي المنتج الاساسي للعنف.

جريدة التضامن: يقولون يوجد الان الملايين من المسلمين في العالم يرفضون العنف وهم ضد تصرفات الدولة الاسلامية.

رعد سليم: انا ليس مع هذا التفسير اساسا، لايوجد اي مسلم حقيقي ومؤمن مئة بالمئة بالقران ومحمد هو ضد منهج الدولة الاسلامية. لا يوجد اي حزب من احزاب وحركات الاسلام السياسي ضد الشريعة الاسلامية وشريعة داعش وطالبان والاخوان المسلمين والجمهورية الاسلامية الايرانية او ضد قوانين الشريعة في السعودية. كل احزاب الاسلام السياسي مؤمنة بالشريعة الاسلامية ومؤمنة بقوانينها. لكن قد يكون لديهم موقف مختلف، وهذا مرتبط بقوتهم وامكانياتهم داخل المجتمع، اذا كان لديهم القوة او السلطة يفرضون قوانين الشريعة الاسلامية ويطبقون السور المدنية في القرآن، أما اذا كانوا في موقف الضعيف ينتقدون العنف ويروجون للسور المكية في القرآن. اذا كان قصدك في سؤالك يوجد مسلمين كأفراد ينتقدون قوانين وتشريعات داعش، انا لدي تفسير اخر. هل يوجد مسلم حقيقي في العالم يمكن أن ينتقد المجزرة التي ارتكبت بحق بنو قريضة في المدينة ايام حكم محمد؟.. هل توجد مسلم واحد في العالم يمكن أن ينتقد الفتوحات الاسلامية وأنفلة الشعوب في ايام الفتوحات ونشر الأسلام؟ هل يوجد مسلم متسامح في العالم يجرآ وينتقد سور القران المدنية وينتقد النصوص القرانية الذي يعتمد عليها الاسلام وتشير بوضوح الى العنف وتدعو الى الشر الذي تسميه بالجهاد؟ هل هناك مسلم يقدر أن يستنكر قضية (الأسلام او الجزية أو حد السيف)؟.. هل هناك مسلم حقيقي يستطيع ان ينتقد قوانين الشريعة الأسلامية؟ اذا كان هناك فرد او مجموعة من المسلمين يقولون عكس ذلك، انا اقول لهم أنكم ليسوا مسلمين. هناك الملايين من الناس يطلقون على أنفسهم مسلمين، لكنهم لايصلون ولايؤدون بقية الواجبات الدينية الأسلامية، ولا يستمعون الى القران، ولا يتابعون الاسلام وطقوسه، وانما يشربون الخمر ويستمعون الى الاغاني الغربية ويرقصون وحتى ملابسهم غير اسلامية أي يرفضون الحجاب وغيره من الأزياء الأسلامية، وهؤلاء اذا طبقت عليهم الشريعة الأسلامية سيثورون ضد المتدينين وضد الدولة الدينية، كما حدث وثارت الجماهير التي تصنف بالمسلمة ضد الاخوان المسلمين في مصر. ان هؤلاء هم الشريحة الكبيرة في المجتمع. اقول لك لا نستطيع ان نصنف هؤلاء كمسلمين وانما هم دعاة للمدنية والتحضر لذلك لديهم موقف انتقادي للاسلام السياسي وداعش.
وبرايي، حان الوقت الان كي ندخل الجرائم الاسلامية على مر التاريخ وصولا لجرائم داعش وكل التشكيلات الأسلامية الأخرى الي قائمة الجرائم بحق البشرية.

جريدة التضامن: كيف تواجه البشرية هذا النوع من الارهاب؟

رعد سليم: ان احد اشكال الاسلام السياسي في العالم هو الارهاب. وسوف يستمر هذا الارهاب الى حين انتضار البشرية على الاسلام والأديان بشكل عام. ان الاسلام السياسي حركة رجعية معاصرة فانها حركة تنشط في المجتمع المعاصر. الأسلام السياسي هي الحركة التي تريد أن تعد الأسلام ليكون طرف رئيسي لاعادة اليمين الى السلطة، وصرعها هو صراع تنافسي على حصتها في النظام الراسمالي العالمي مع الأطراف الاخرى المهيمنة على العالم. ان الدين ليس عقائد الناس وانما صناعة لها صناعها ومصالحه، وتخدم سلطة وطبقة معينة. آذا أردنا ان نواجه العنف والارهاب، ينبغي ان نواجه الدين كفكر، لا نمنع الناس من عقائدهم وطقوسهم ولا نمنعهم من التفكير في عقيدتهم.. انما نقابل الدين ونواجهه كما تواجه قضية المخدرات أو التدخين في المجتمعات الغربية. لا نمنع الناس من التدخين، وانما نضع قوانين صارمة على حرية التدخين. يمكن عن طريق القوانين أن نقطع المد الديني على حياة البشر، مثل قانون حماية المراة والاطفال، وفصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم والاحوال المدنية للناس. والكثير من القوانين الاخرى. القوة الوحيدة الذي بامكانها ان تنهي الارهاب الاسلامي، هي قوة البشرية المتمدنة واليسار في العالم، وهذه الحركة هي التي بأمكانها أن تواجه الأرهاب الأسلامي وليس امريكا والغرب..

جريدة التضامن: لكن امريكا والغرب يحاربون داعش الان في سوريا والعراق؟

رعد سليم: ان هذا الحرب هي جزء من سياسة واجندة امريكا في المنطقة، وليس لها علاقة بالقضاء على الارهاب والدفاع عن الشعوب. كيف ظهر داعش ونتيجة اي عملية توسع داعش؟ اصدقاء وعملاء ودول متحالفة مع امريكا والغرب كانت وراء ظهور الداعشين في سوريا والعراق.
ان امريكا لاتحارب الارهاب، انما هي احد اقطاب الارهاب أن لم تكن القطب الرئيسي له. ان اكثر الأنظمة الاسلامية رجعية واصولية مثل السعودية والاخوان المسلمين هم اقرب اصدقاء لأمريكا. أن قوى الأسلام السياسي وأرهابها هو صنيعة وتربية أمريكا والغرب آبان مرحلة الحرب الباردة.. وكانت اداة لمواجهة اليسار في منطقة الشرق الأوسط.. تحولت الان الي قطب عالمي نشط للارهاب واحد منافسي حرب البرجوازية على السلطة في دول الشرق الاوسط. ان هذا الحرب ليس للقضاء على الارهاب انما هي حرب ستعمق الأرهاب والعنف وتفتح الطريق لتبرير العمليات الأرهابية.. ان امريكا ليس طرفا او قائدا لتقف بوجه وباء الارهاب، وحتى حلفها بوجه داعش ودولته الاسلامية ليس سوى تعهد دول هذا الحلف لتابعيتها للسياسات الامريكية والدفاع عنها. امريكا ليس جدية بحملتها ضد الارهاب، وانما هي تلعب في ساحة المعادلات السياسية حسب مصالحها.
مابين هذه القطبين الرجعيين هناك قوة ثالثة يمكن لها ان تقلب الاوراق، وهذا القوة هي القوة المتمدنة والثورية في العالم والمنطقة وبامكانها ان تواجه الارهاب بكافة اشكاله. لدينا مثال حي في كوباني والمقاومة الشعبية الثورية للجماهير هناك والتي جلبت العطف والتضامن العالمي. هذه التجربة الفريدة بامكان البشرية المتمدنة ان تستلهمها كخطوة اولى لتشكيل الجبهة العالمية المتحضرة بوجه الأرهاب بكافة اشكاله.