العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذجا(2-4)


سلام ابراهيم عطوف كبة
2014 / 11 / 25 - 08:40     

-;- الجذور المادية للعدالة الاجتماعية في النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم
-;- العدالة الاجتماعية مفهوم علمي والموضوعية هي الفيصل
-;- العدالة الاجتماعية - جوهر التنمية البشرية المستدامة
-;- الفقر هو ضعف الفرص والخيارات وليس تدني الدخل فقط
-;- البطالة مصدر نشيط من مصادر التوتر الاجتماعي
-;- العدالة التوزيعية تستوجب تأمين الخدمات العامة الاساسية
-;- تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
-;- الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي
-;- الشرعية الدولية لحقوق الانسان
-;- استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية
-;- نحو موقف منصف ومعين تجاه اللاجئين والنازحين
-;- افضل السبل الكفيلة لاستثمار العائدات النفطية
-;- التوازن بين ملاحقة الفساد والميليشيات وتأمين العدالة الاجتماعية
-;- كوابح العدالة الاجتماعية في العراق
-;- الطريق نحو العدالة الاجتماعية
-;- مفهوم الحزب الشيوعي العراقي للعدالة الاجتماعية



-;- الفقر هو ضعف الفرص والخيارات وليس تدني الدخل فقط
الفقر ظاهرة اجتماعية اقتصادية سياسية تعبر عن حالة عدم حصول الفرد على حد ادنى من الرفاه الانساني ومستوى للمعيشة يعتبر لائقا او كافيا.الفقر هو فقر الفرص والخيارات وليس فقر الدخل،وهو ذو ابعاد نفسية وانسانية ينمو في سياق تاريخي- مجتمعي - جغرافي ضمن زمن محلي وعالمي.
يرتبط الفقر بما تتعرض له الشعوب من افقار وادامة افقار فئات واسعة منها،وتؤدي اعمال العسكرة والتجييش والارهاب والتهجير القسري وتعاظم مظاهر التمييز العنصري والطائفي ودور الوشائج الاصطفائية والولاءات دون الوطنية وتراجع فاعلية مؤسسات الدولة واهتزازها..الى جانب الحروب الكارثية الى تدهور اوضاع الشعوب وتصاعد حالات النزوح الامر الذي يسهم في ارباك الاوضاع الديموغرافية وافقار الاسر النازحة.وهذا يرتبط ايضا بتدني موارد الدولة على الانفاق الاجتماعي والخدمات وتدهور البيئة الاجتماعية،وتفشي اجواء عدم الامان والاستقرار على المستويين الفردي والعام.وينتج عن ذلك تحول الشعوب الى ما يشبه نزلاء معسكرات اللاجئين الذين يتقدمون لطلب الغذاء والدواء،وهم محرومون من اية حقوق مدنية.
لقد تراجع الاقتصاد العراقي بسبب ضعف القدرة الانتاجية والبنية التحتية على نطاق واسع حيث انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي(GDP) من 2741.5 دولار عام 1983 الى ما يقارب 455.5 دولار عام 2000،وبالرغم من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي(GDP) الى ما يقارب 3500 دولار عام 2011 الا انه لازال ما يقارب من خمس سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر وفق تقديرات الحكومة العراقية"السياسة الصحية الوطنية 2014- 2023/وزارة الصحة العراقية".وتشير تقديرات المنظمات الدولية ان هذه المعدلات متواضعة مقارنة مع حقائق الاوضاع المعيشية"راجع:د.بارق شبر/مؤشرات الاقتصاد الكلي 2003 - 2013"و"كامل العضاض/تحديات وعوائق التنمية/النمو-العراق كحالة شاخصة"و"مؤسسة فريدريش ايبرت- مكتب الاردن والعراق/د.صالح ياسر/ورقة سياسات/النظام الريعي وبناء الديمقراطية:الثنائية المستحيلة- حالة العراق/2013".
خلال حقبة الحصار الطويلة تدهورت الاوضاع المعيشية لغالبية العراقيين،وبات الناس لا يقدرون على تناول الطعام الذي يوزع عليهم بالبطاقة التموينية لان حصة الطعام بالنسبة للكثيرين تمثل مصدر الدخل الرئيس للعائلة حيث يقومون ببيعها لكي يستطيعون شراء ضرورات اخرى.وبعد ان كان العراق في قمة السلم بين البلدان النامية من حيث نسبة دخل الفرد الى الناتج القومي الإجمالي،اصبح دخل الفرد الحقيقي الشهري عام 1993 اقل من دخل العامل الزراعي غير الماهر في الهند التي تعد من افقر بلدان العالم،حسب تقارير اقتصادية غير رسمية.وكانت مستويات معيشة الافراد والاسر هي الاكثر تضررا بشكل عام،وخصوصا الاسر ذات الدخل المحدود او الدخل المتوسط.وطبقا لتقديرات منظمة الغذاء والزراعة الدولية(الفاو- FAO)لعام 1995 انخفضت مستويات الدخول والمعيشة لثلثي سكان العراق،واصبح دخل الاسرة يقارب ثلث دخلها مقارنة لعام 1988.
تتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين تصاعد الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى،لينعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات،وليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من السكان وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالاحياء الكاملة خارج اطار المدن،بينما تكافح الطبقة المتوسطة للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الأدنى من الحياة الكريمة.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
العراق السابح فوق بحيرات النفط والمفتون بالثورة والمشاكسة والتائه بين بساتين النخيل والغابات والمتعمد بنهري دجلة والفرات وشط العرب لازال اكثر بلدان الخليج والبلدان العربية فقرا و بؤسا،احزمة الفقر تطوق مدنه،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة.ويقبع العراق في الصدارة من حيث عدم الاستقرار والفقر،وتقدم في ذلك حتى على السودان والصومال والتشاد وزيمبابوي.وتشير نتائج المسوحات الاجتماعية الى ان اكثر من ثلث عدد سكانه يعيشون تحت خط الفقر،حيث تبلغ نسبة الفقر 40%من اجمالي عدد السكان بينما يعيش 10%من ابناء الشعب في فقر مدقع بسبب الاعمال الارهابية الاخيرة لتنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام(داعش)،وان النسبة الاكبر من الفقراء تتركز في المناطق الريفية!اما اكبر نسبة من الفقراء اليوم فهم من محافظات نينوى وديالى والانبار وصلاح الدين وبابل والمثنى،وان حوالي خمسة ملايين عائلة تعيش دون مستوى خط الفقر وفق الاسس التي تحددت بدولار للفرد الواحد على اساس تعادل القوة الشرائية لعام 1985!وحسب وكالات الامم المتحدة فان النسبة المئوية للعراقيين الذين يعيشون بأقل من دولار امريكي واحد/اليوم يتجاوز ال 50%من المواطنين مما يعني ان العراقيين لازالوا يعيشون وضعا اقتصاديا مزريا.
العوز والفاقة،يعيش في كنفهما سكان الريف الذين يعانون من تدهور الانتاج الزراعي والجفاف والصعوبات الحياتية التي لا حد لها واعتمادهم اساسا على مفردات البطاقة التموينية،هذا ان وصلت اليهم كاملة،وباوقاتها،وغير مغشوشة.انتاجهم الزراعي،رغم شحته لا يستطيع منافسة المستورد لعدم وجود الحماية والدعم"وزارة التخطيط/الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر بالتعاون مع وزارة التخطيط في اقليم كوردستان/ لسنة 2009".
لم يكن سكان الريف وحدهم من تحاصرهم آفة الحاجة وضيق اليد،بل كذلك سكان المدن الهامشية المنتشرة في اغلب ضواحي المحافظات ومعسكرات النازحين حيث تعشعش مختلف الامراض بسبب نقص الخدمات وانعدامها،وعدم وجود مراكز صحية،ونقص المدارس،وانقطاعات التيار الكهربائي المستمرة،فضلا عن المطالبة بالماء الصالح للشرب،انظر الجدول ادناه.ويبين الجدول اعلاه ان محافظات المثنى وبابل وصلاح الدين تقبع في صدارة المحافظات العراقية من حيث النسبة المئوية للفقر عام 2009،ويقينا ان الانبار ونينوى وديالى دخلت سباق المنافسة هنا بسبب الاحتلال الداعشي والاعمال الارهابية عام 2014!"وزارة التخطيط/الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر بالتعاون مع وزارة التخطيط في اقليم كوردستان/ لسنة 2009".
لبرامج الاصلاح الاقتصادي الآثار السلبية على الطبقات الفقيرة في المـدى القصير على الأقـل"راجع:د.رائد فهمي/ملاحظات حول مشروع قانون الاصلاح الاقتصادي الاتحادي"،وتنزلق الطبقة المتوسطة من جرائها ضمن دائرة الفقر،وموضوعة تخفيف الفقر تبقى غير كافية دون البناء المتواصل للقدرات البشرية وزيادة الخيارات امامها للاستفادة من قدراتها المكتسبة.ترسخ برامج الاصلاح الاقتصادي سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة يهدد الانسجام الاجتماعي ويبقى فرص العمل ضعيفة،ومما يزيد الطين بلة رفع الدعم الحكومي عن اسعار السلع الاساسية استجابة لضغوطات الغرب الرأسمالي!
محاصرة الفقر ومعالجة مسبباته والتخفيف من آثاره المدمرة ليست فقط حاجة انسانية ملحة بل صمام امان اجتماعي.فالفقر يعتبر شكلا من اشكال الاقصاء والتهميش وعائق امام الديمقراطية يمس بكرامة الانسان،وهو انتهاك لحقوق الانسان،ومنها الحق في العمل والدخل المناسب والعيش الكريم والضمان الاجتماعي والصحة..الخ،وهي حقوق اقتصادية واجتماعية اساسية.الفقر هو الوجه الحديث للعبودية.
-;- البطالة مصدر نشيط من مصادر التوتر الاجتماعي
البطالة ظاهرة متميزة بين جملة الازمات والاشكالات السلبية التي تواجهها الشعوب اليوم من دون حلول مقنعة،وهي تمثل مأساة حقيقية تهدد المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية كافة.كما تمثل البطالة في تداعياتها المتنوعة مصدرا نشطا من مصادر التوتر الاجتماعي ومن اسوأ مصادر ازمات العلاقة بين السلطات والمجتمع،وبجملتها هي نذير شؤم يتهدد الروابط والبنى المؤسساتية.البطالة بكل اشكالها البشعة،هي في حقيقتها نموذج سيئ من نماذج الهدر المتعسف والمفرط للموارد البشرية الفاعلة،وهي الظاهرة السلبية الاكثر ايلاما للفرد وللمجتمع وللدولة على السواء،الامر الذي يضعها في مكان الصدارة من جميع البرامج والخطط الوطنية التي تهدف الى النهوض بالمجتمع وتأهيل الاقتصاد الوطني وخلق المقدمات الضرورية لتنمية مستدامة والتصدي لمعضلاتنا المزمنة.
تتزايد الوطأة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبطالة،كلما تركزت في المتعلمين وفي الفئات العمرية التي تندرج تحت تصنيف الشباب،حيث تكون الطاقة المهدرة من عنصر العمل اكثر كفاءة وقدرة على العمل وحيويتها السياسية تكون الاعلى،ويكون استعداد هذه الفئات للعنف السياسي والجنائي اعلى بحكم السن الصغيرة والخبرة الحياتية المحدودة والاحباط الشديد الذي تولده حالة التعطل التي تصدم كل طموحات التحقق للشباب،بعنف وبلا هوادة،فضلا عما تخلقه من نقمة من جانب الشباب المتعطلين تجاه الدولة المقصرة في حقهم وتجاه المجتمع عموما،واحيانا تجاه الطبقة العليا من رجال الاعمال الذين ينظر اليهم الكثيرون على انهم يملكون الكثير وتقدم لهم الدولة الكثير في الوقت الذي لا يقومون فيه بدور مؤثر في تشغيل الاقتصاد وخلق فرص العمل.وعند الحديث عن البطالة،لابد من التطرق ايضا الى نسب البطالة المقنعة المرتفعة بسبب العمالة غير المنتجة في سبيل الحصول على الرواتب فقط والعمل في وظيفتين فاكثر واغتصاب رواتبهم!
السياسات التشغيلية في الكثير من البلدان لازالت دون مستوى الدعم الذي تقدمه منظمة العمل الدولية لتطوير الشراكة الاجتماعية بالصيغة التضامنية لتوسيع الانشاءات الوطنية واستقطاب الرساميل الاجنبية وخلق فرص العمل الفعالة لتقليل الفقر ومكافحة البطالة وتطبيق برامج تأهيل وتدريب القوى العاملة وتنشيط سوق العمل وتنويع المهارات بما ينسجم والطلب على قوى الانتاج وتحديث تشريعات العمل الوطنية بما يتلائم والتجارب العالمية ومعايير العمل الدولية.
تؤدي زيادة السكان وتخلي الدولة عن الالتزام بتعيين الخريجين وتشجيع القطاع الحكومي وسوء التخطيط التعليمي وتدني ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب العطالة الى رفع معدلات البطالة.وتتركز البطالة بصورة اساسية بين شريحة الشباب الذين تقل اعمارهم عن 25 عاما،والبطالة المقنعة تتركز بين الخريجين الذين يعملون في مهن اخرى لا تليق بهم!وتنتشر في المدن الشركات ومكاتب التشغيل غير المرخصة التي تدعي انها تعمل على تشغيل المواطنين لكنها في الحقيقة تمارس ابتزازا للاموال وانتهاكا للكرامة الانسانية.
تضع الحكومات قضية البطالة وكأنها تجرى خارجها ولا صلة لسياستها الاقتصادية او الاجتماعية بخلقها او زيادتها،وان دورها ينحصر في المساعدة على حلها والمساعدة في خلق فرص عمل متطورة للشباب الواعد المتحمس فقط!وترجع اسباب فشل المشروعات المتناهية الصغر الى عدم الجدية،عدم الكفاءة،عدم الخبرة بالسوق الى آخره من العدميات التى تلقى بالمسؤولية مرة اخرى على الافراد وليس على الاداء الاقتصادى للمجتمع الذى تديره الدولة وتكيفه،ولا توجد بدائل حقيقية لدى هذه الحكومات.لا يتم النظر للعاطلين من زاوية انهم قوة اجتماعية بامكانها الانتاج ومعطلة رغم ارادتها،ولا ترى الحكومات الخلل في توجهاتها الاقتصادية التى تعيد انتاج البطالة حيث يتم النمو باتجاه القطاعات غير المنتجة مثل الخدمات والسياحة والتجارة والقطاع المالى والاتصالات والمعلومات في مقابل ضعف الاستثمار في القطاعات الانتاجية.
في العراق اليوم،تفتقد الحكومة الى برامج فعالة لمواجهة البطالة والتزامها بتعيين الخريجين الجدد والتحكم الايجابي بعدد الداخلين الجدد لسوق العمل.وينعكس الخلل بالسياسة الاقتصادية في استمرار ارتفاع معدلات البطالة والتضخم،وما ينجم عنه من ظروف معيشية شاقة لقطاعات واسعة من ابناء شعبنا.فالبطالة لا تزال احد التحديات الكبيرة التي تواجه عملية التنمية في العراق حيث تتزايد اعداد العاطلين عن العمل،لاسيما من الشباب.وتذكر احصائية لوزارة التخطيط ان نسبة البطالة تشكل 15% من القوى العاملة،وتتجاوز نسبة البطالة الناقصة(العمل بساعات قليلة،تحت مستوى 35 ساعة اسبوعيا)معدل 30%.ويذهب البنك الدولي ابعد اذ يقدر نسبة البطالة بحوالي 39% فيما يعاني ربع السكان من الفقر الشديد،بينما تؤكد احصائيات دولية اخرى ان مستويات البطالة قد تجاوزت معدل 50% من مجموع القوى العاملة رغم اعادة المفصولين وتوظيف الكثيرين في الشرطة والجيش،وتجاوز معدل البطالة بين الشبان(تتراوح اعمارهم بين 15 و29 عاماً)ال(57%)،والنسبة مرتفعة بين النساء وتتجاوز(33%).ووفق التقديرات الحكومية هناك نحو(1.406)مليون عاطل عن العمل مسجل بشكل رسمي للفترة من 16/9/2003 ولغاية 31/8/2009.وفي اعلان اخير لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تشرين الثاني 2014 فأن نسبة البطالة في العراق تتجاوز 46% من عدد سكان العراق!التفاوت صارخ في معدلات البطالة بين المحافظات،وتأتي محافظة الناصرية في مقدمة المحافظات ذات البطالة المرتفعة"التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي".
ولازال دور القطاعات الخاصة والمختلطة والاهلية والتعاونية في هذا المضمار ضعيفا لتواضع طاقتها على التشغيل،بينما يغذي التشغيل الحكومي تكديس المزيد من البطالة المقنعة المعطلة للاعـمال والمشوهة لمستوى انتاجية العمالة.ويتراجع البعض عن التقدم للتوظيف بسبب التصور بان الواسطة سوف تقوم بدور مهم في تحديد من يشغل الوظائف المعروضة،وبالتالي فان من ليس له واسطة يتنحى عن التقدم للوظيفة..او بسبب الترهل البيروقراطي وبقاء الطلبات فوق الرفوف العالية للتعجرف الولائي.وتبقى البرامج الحكومية حول التدريب التحويلي للخريجين على الحرف المختلفة اهدارا لكل ما انفق على تعليمهم وتدريبهم على حرف لا تحتاج لاي تعليم.هذا فضلا عن ان هذا التدريب لا يعنى تحقيق التشغيل للمتدربين لان ذلك يتوقف على حاجة سوق العمل،وعلى فرص العمل المتاحة فعليا في القطاعات التي تم تدريبهم للعمل فيها.
لا يجوز سد فجوة البطالة بخلق بطالة مقنعة على حساب الموارد البشرية،وعدم استثمارها بالشكل الصحيح.ان بقاء البطالة من شأنها ان تؤدي الى مزيد من اعمال العنف والخطف والابتزاز والفساد وعدم استقرار للاوضاع الامنية..وهنا لابد من الانتباه الى حقيقة جوهرية وهي التباين الشاسع في مستوى ارتفاع الرواتب،الى جانب تدنيها في مرافق اخرى حد العدم والفاقة والعجز عن سداد متطلبات الحياة،الى جانب عدم استلام اعداد غير قليلة من الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية وشركات التمويل الذاتي والمتقاعدين رواتبهم ومخصصاتهم ومستحقاتهم المالية المتأخرة منذ اشهر بسبب الضائقة المالية التي تواجهها الدولة.البطالة،مرض سريع العدوى والتأثير في تحويل المجتمع من السكون والصبر والاحتمال الى الانفجار والاندفاع والغضب العارم.
معدلات البطالة تواصل الارتفاع والبيانات مضطربة،ويعتبر التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل متدنيا الى حد كبير ويحتاج لتطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع انتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة فعلا او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.
فقراء العراق يسددون ديون صدام حسين التي دفعتها له الدول الغربية بطيب خاطر عبر الاجراءات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة العراقية بزيادة اسعار المشتقات النفطية استجابة لضغوط الاعيب شركات النفط الاحتكارية والثالوث الرأسمالي العولمياتي(البنك الدولي WB،صندوق النقد الدولي IMF،منظمة التجارة العالمية WTO)تارة والمماطلة في اصدار التشريعات التي تحل محل قوانين العهد البائد تارة اخرى.ولا غرابة ان تتضخم مساطر العمالة في المدن العراقية،وباتت هذه المساطر الاكثر ملائمة للعمليات الارهابية!وفيالق التسول تزدحم بها ازقة المدن لأنها مهنة رابحة!ان نسبة 70% من الاطفال المتسولين هم من تاركي المدارس.
ان قضية الفقر ترتبط ارتباطا وثيقا وواضحا بازدياد مستويات البطالة"شاكر عبد الله/البطالة والتشغيل في العراق"،وتشكل العلاقة بينهما تحديا كبيرا للتنمية البشرية،خاصة اذا كانت الاسباب الهيكلية للبطالة تكمن في نمط النمو الاقتصادي المتمحور حول استغلال النفط،وفي خصائص قوة العمل التي ترتفع ضمنها نسبة الشباب في وقت تفتقر الى التدريب اللازم لتلبية احتياجات سوق العمل.يمتاز هذا السوق بالاعتماد شبه التام على القطاع العام في خلق فرص العمل.ان خطر البطالة وتزايد عدد العاطلين عن العمل يتفاقم مع الزمن مما يهدد بتفجر للقوى البشرية العاطلة عن العمل.ان عدم الاستجابة لحاجات التنمية جعل الحكومة العراقية مثلا تدفع الى اسواق العمل بآلاف الخريجين الجامعيين غير المؤهلين مما ساهم في ظاهرة البطالة،ولن تتوقف البطالة عند حدود العمل والعجز عن ايجاد مورد للعيش بل سيكون لها آثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخطيرة.
البطالة بيئة خصبة لنمو الجريمة والتطرف واعمال العنف والارهاب.وينبغي ان تنصب جهود التخفيف من حدة الفقر على معالجة الاسباب البنيوية للبطالة ومعالجة اسباب نقص فرص العمل امام القوى العاملة وتنويع الاقتصاد ليمتد الى قطاعات كثيفة الاستخدام للايدي العاملة.ان انتعاش الحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية والقضاء علي الارهاب يقترن بالنجاح المحرز في اعادة البناء الاقتصادي وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدول بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!
-;- العدالة التوزيعية تستوجب تأمين الخدمات العامة الاساسية
الخدمات العامة نعمة للشعوب الآمنة المسالمة المتطلعة لغد افضل،لا نعمة فحسب بل ثمرة تكنولوجية حضارية وجب تسخيرها في خدمة السلام ودرء الكوارث!وهذا يشمل الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والاتصالات السلكية واللاسلكية والانترنيت وشبكات تصريف المياه والخدمات المعيشية الاخرى.الخدمات المعيشية العامة بجوهرها السلمي التقدمي ابتلت منذ ولادتها بالحكومات الاستبدادية في بلدان عديدة ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعوب وامتصاص قوتها لا بالقطع المبرمج فحسب بل واستخدامها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للاحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.
ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بالتصدي غير الانتقائي وغير المسيس لمظاهر الفساد الاداري والمالي،والمعاينة الدائمة لمؤشرات المحاسبة والاستقرار السياسي وفعالية الحكومة والجودة النظامية وسيادة القانون والسيطرة على الفساد!
ازمات الكهرباء وسوء الخدمات والشلل الذي يصيب القطاعين الصناعي والزراعي هو ما يشغل العراقيين منذ عام 2003 الى جانب التردي الأمني،وبات معلوما لدى كل المختصين بموضوعة ازمة الكهرباء في العراق ان الحكومة العراقية رغم تمشدقها بقرب حل هذه الازمة منذ الخطة العشرية لوزارة الكهرباء عام 2006 والاجراءات اللاحقة وحتى خطة التنمية الوطنية للاعوام 2010 – 2014،لا تملك اية استراتيجية وطنية واضحة وعلمية بعيدة المدى للمعالجة الجذرية لأزمة الكهرباء المستعصية التي باتت وبالا على ابناء الشعب العراقي وكامل الاقتصاد الوطني بقطاعاته الرئيسية!استراتيجية وطنية تشمل ايضا الحلول السليمة المثلى للسياسة النفطية والغازية بما فيها انتاج الغاز الطبيعي والقضاء على اجراءات هدره وتوسيع الطاقة التكريرية لانتاج المشتقات النفطية وتأهيل وتحديث شبكات نقل وتوزيع الكهرباء وتأطير التوليد التجاري ومأسسته لتنظيم عمله والاستفادة من طاقة العاملين فيه!ومثلما لا يوجد افق منظور ايجابي لحل ازمة الكهرباء في العراق فأن المعالجات الخاطئة الحكومية للازمة يطيل من مداها لانها محاولات محكومة مسبقا بالفشل وما يوازيها من معاناة قاسية لعامة الشعب ومزيدا من الاستياء والغضب والاحتجاجات!"راجع:الكاتب/خصخصة الكهرباء هروب الى الامام وتغطية على الفساد".
باتت انقطاعات الكهرباء جزءا من حياة المواطن،والانعكاسات البعيدة المدى تفوق الخسائر المادية التي لا يستهان بها.فانقطاع الكهرباء المستمر يعني الاعتماد على المولدات في البيوت والاحياء مع ما يرافق تشغيلها من تلوث بيئي،ناهيك عن تضرر الادوات الكهربائية المنزلية مثل البرادات والحواسيب والتلفزيونات،نتيجة الانقطاع المستمر والمفاجئ للكهرباء.قد تكون هذه الخسائر من نصيب المواطن وليس الدولة ككل،لكنها خسائر للبلاد لا يمكن الاستهانة بها على الصعيدين الشخصي والمادي.فبالاضافة الى التلوث،يدفع المواطن المئات من الدولارات لتشغيل المولدات وشراء الوقود لها،الى جانب ما يدفعه من فواتير كهرباء للدولة"د.وليد خدوري/ازمة الكهرباء اضرار للبيئة و40 بليون دولار خسائر سنوية".
ميزانية العائلة العراقية مثقلة بأعباء والتزامات كثيرة ومتشعبة،وعملية حسابها كل على حدة تبعث على الاسى.فتوفير الكهرباء عبء يرهق ميزانية العائلة،ولا يمكن للعوائل المحدودة الدخل تأمين مستويات الطاقة المطلوبة مهما كلف الامر.العوائل الفقيرة غير قادرة اطلاقا على تأمين الحد الادنى من الطاقة المطلوبة وتعطل الكهرباء يعني تعطل الحياة بكل تفاصيلها،وتزداد هذه الاعباء بعودة الطلبة الى الدراسة وحاجتهم الى الانارة والتدفئة في ظل فقدان او ارتفاع اسعار الوقود واسعار امبيرات التوليد التجاري.تعطلت الزراعة التي تعتمد على المضخات الكهربائية بشكل كامل وارتفعت تكاليف التشغيل اي اسعار الوقود والمستلزمات الاخرى وتراجعت الزراعة منذ سنوات،بينما تشهد الورش والمحال الارتفاع الملحوظ في اسعارها بسبب تدني مداخيل الحرفيين اليومية وعزوف الناس عن التصليح.
لقد عولج النقص الحاصل في التوليد بقطع الحمل الكهربائي Load Shedding بالتناوب ودوريا،ويميل توزيع الحمل بشدة لصالح الاستخدام المنزلي المنفلت،وعلى حساب الحمل في القطاعات الاقتصادية الاساسية وبالأخص القطاع الصناعي الذي ترتكب بحقه الحكومة العراقية كبرى الجرائم الاقتصادية بأهماله ومحاربته!وتعزو الحكومة العراقية عادة تواصل ازمة الكهرباء والاختناقات المفصلية في منظومة الكهرباء الى اعمال التخريب التي تلحق بالشبكة الكهربائية والتدهور الامني والنقص الحاصل في مستلزمات الانتاج والفقر في الامدادات الوقودية وفي الحصول على قطع الغيار الاحتياطية لاعادة التأهيل واعمال الصيانة،والى تقادم مكونات المنظومة وانخفاض مناسيب المياه وتدني كفاءة خزن السدود القائمة بالنسبة للمحطات الكهرومائية!
ان الوصول الى الاكتفاء والتخلص من القطع المبرمج لا يتم بالوعود المخملية والحلول الترقيعية بل بالمباشرة الفورية للتحويل التدريجي للمحطات الغازية والبخارية الى العمل بالغاز الطبيعي والمباشرة بانتاج مصانع الغاز وتذليل سبل توفيره الى محطات التوليد،وتوسيع سعة وكفاءة خطوط النقل والتوزيع ومعالجة انخفاض معامل القدرة Power Factor،وتأهيل الوحدات الانتاجية الموجودة في الخدمة،وتحويل الوحدات الغازية سعة 125 م.و. فما فوق من الوحدات المفتوحة الى العمل بتقنية الوحدات المركبة،والكف عن استخدام التوربينات الغازية من مشتقات ماكنة الطائرة التي بطل استعمالها لغرض انتاج الطاقة الكهربائية!ومما يؤسف له ان الحكومة العراقية لم تخطو خطوة واحدة لتأهيل شبكات النقل والتوزيع المهترئة المتقادمة وبات بعضها لا يتحمل الضغط وغير مطابق للمواصفات العالمية!
خصخصة الكهرباء محاولة لشرعنة سرقة حقوق ابناء الشعب من خلال اصدار قانون للاستثمار في هذا القطاع،ومحاولة عقيمة لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقي والغاء الدور الاقتصادي للدولة وتقليص فرص العمل في هذا القطاع،بمعنى الاذعان لاشتراطات الثالوث العولمياتي الرأسمالي والتدخل الخارجي والمصادرة الصريحة للقرار الوطني المستقل.انها محاولة يائسة لاقدام السلطات علنا بتضليل المواطنين عن عملية النهب والاستيلاء على المشاريع والمؤسسات والممتلكات العامة للدولة وبيعها اما للقطاع الخاص الضعيف اصلا وتتقاذفه اليوم حفنة من المستغلين والطفيليين والسماسرة المرتبطين بنظام المحاصصة الطائفية،او للرأسمال الاجنبي"راجع في هذا الشأن دراسات الاساتذة عصام الخالصي،عبد الله الماشطة،جودت هوشيار،لطيف العكيلي،د. مهران موشيخ مهران،نزار الاحمد،ضياء المرعب،د.باسل الفخري".
انعكست ازمة انقطاعات التيار الكهربائي وشحة قطع الغيار على اسالة الماء الصالح للشرب وديمومة ضخه الى المواطنين الامر الذي تسبب في تعطل وضعف صيانة معدات ضخ المياه الصالحة للشرب وازدياد تخسفات وتصدعات انابيب نقل الماء الصافي،وانخفاض حصة المواطن من الماء الصافي الى نسب متدنية،ولجوء الناس الى مضخات المياه الصغيرة وما يرافقها من اضطراب في التوزيع وازدياد في احتمالات التلوث،وانخفاض الكفاءة التشغيلية لمشاريع اسالة الماء الى اقل من 5% وتدني نوعية مياه الشرب وانخفاض تركيز مادة الكلور.
لا يستخدم اليوم 95% من العراقيين الشبكة الحكومية للمياه النقية الصالحة للشرب بعد ان غزت السوق العراقية قناني المياه المعبأة وانتشرت في طول البلاد وعرضها المعامل الاهلية للتعبئة!لقد بلغت نسبة امتلاك خدمات الاسالة والصرف الصحي من سكان المدن اعوام( 82 – 1985) معدل 30% فكيف هي الآن بعد الكوارث القادسية والحصار الاقتصادي والاحتلال الاجنبي واعمال الارهاب والتقاعس الحكومي والفساد؟ويشكل تلوث الشبكة الحكومية لمياه الشرب كارثة حقيقية،حيث تثبت الدراسات والتحاليل المختبرية تلوثه بكتريولوجيا،بينما يسبب نقصان عنصر اليود التضخم في الغدد الدرقية،وهذا نتاج طبيعي لأختلال التوازن بين العناصر الطبيعية في البيئة بفعل تعرية التربة وبعض انواع الصخور وبواسطة المياه الجارية والامطار،مثل الخارصين والكلور والسلييليوم.لقد ازدادت حالات التسمم بمياه الاسالة بسبب قلة مادة الكلور!
ادت فوضى استثمار الموارد الطبيعية الى اهدار مئات الملايين من العملة الصعبة/سنة.التلوث الهوائي والدخان الاسود ينتشران بسرعة وتفقد جدران المباني لونها وتصدأ بفعل طبقات الغبار المتراكمة والمطر الحامضي!ويرافق توسيع ورشات تصليح السيارات ومناطق الصناعة زيادة في نسب المعادن الثقيلة والرصاص في الجو(الايروسويل)لتتجاوز تراكيز الملوثات حدود معايير الصحة العالمية المسموح بها!بالأخص قرب معامل الاسمنت ومحطات الكهرباء والمولدات الاهلية ومعامل البلاستيك!كما يؤدي حرق المازوت الذي يحوي على نسب كبريت عالية الى انتشار الجزيئات واكاسيد الكبريت والكاربون والاضرار بالجهاز التنفسي،ورفع درجة حرارة الغلاف الجوي،والاضرار بالزراعة!بينما يسبب البنزين المخلوط بالكيروسين والبنزين المرصص السمومية الحادة المؤثرة على الجهاز العصبي والقدرة على التفكير!وتسبب تفجير انابيب النفط تلويثا للبيئة بسموم اضافية،وخرابا للاقتصاد الوطني وخسائر بمليارات الدولارات،العراق بأمس الحاجة اليها.
تحصل ثلث الأسر تقريبا(30%)على خدمات الصرف الصحي العامة.وتميل الأسر التي تفتقر الى امكانية الوصول الى الشبكة العامة الى استخدام احواض التعفين او حفر مغطاة للتخلص من المياه العادمة،اذ تستخدم(40%) من الأسر احواض التعفين وتستخدم(25%)من الأسر الحفر المغطاة،كما تستخدم(6%)من الأسر احدى طرق الصرف الصحي غير الآمنة مثل الحفر المكشوفة،وترتفع هذه النسبة الى(13%)لدى الأسر التي تكون مساكنها مصنوعة من هياكل غير معمرة"راجع:الجهاز المركزي للاحصاء/شبكة معرفة- الخدمات الاساسية/كانون الاول/2011".لقد تعطلت وتقادمت شبكات المجاري والصرف الصحي حيث تحوي مياه المجاري المصرفة على نسب عالية من الفوسفات والامونيا والكلوريد والمواد العضوية والاحياء الدقيقة،مياه قذرة راجعة من الاستخدامات المدنية والمستشفيات ودور السكن والمرافق العامة والمطاعم.
لقد فاضت المدن العراقية مرارا مع زخات المطر الهاطل بسبب سوء تخطيط واداء البلديات،وكان منظر العاصمة العراقية اواخر عام 2013 وهي تسبح في بحيرات المياه الآسنة محط دهشة واستغراب واسف العالم!كما تعطلت وتقادمت وحدات معالجة المياه الصناعية الكاملة والجزئية،وارتفعت تراكيز الاملاح الكلسية الذائبة المصرفة من المصانع.ويسبب توقف وتقادم محطات ضخ مياه المجاري وتصريف المياه القذرة الى الانهر دون معالجات بايولوجية تردي صحة المواطنين وازدياد نسبة الاعراض المرضية.
ادى الجفاف وتقلص فترات هطول الامطار الى تضاؤل كمية المياه الجارية في الانهر وجفاف الآبار والعيون،وتحول كثير من المجاري المائية الى مواضع للنفايات ومراتع للحشرات والقوارض ومصدرا للروائح الكريهة!لقد تحولت الى مجاري تعاني من الطفيليات والذباب والبعوض ومرتع لأوساخ الناس ومخلفات المطاعم القريبة!وتعاني انهر العراق من الحمل العضوي الملوث والمواد الصلبة ومياه الصرف الصناعي التي تصب فيها.
تلوثت مياه الانهار واصبحت تسمم ابناء الوطن لما سقط فيها من اسلحة سامة وجثث.وتحوي المواد الكيمياوية العضوية وغير العضوية التي تشكل الفضلات على عناصر سامة مثل الباريوم والزركونيوم وسامة جدا مثل الرصاص والفضة والنحاس والنيكل والكوبالت والذهب والزئبق.
يلمح المرء في الاحياء العشوائية والمهمشة في المدن العراقية اكوام النفايات المتجمعة من دون تصنيف،واخطرها النفايات الصناعية التي تشكل 30% من كمية القمامة التي يلقيها الفرد العراقي يوميا.ويؤدي تردي اداء الوحدات البلدية في جمع ومعالجة النفايات اليومية والتقصير المتعمد الى تراكم النفايات في الازقة والاحياء السكنية وانتشار الحشرات والقوارض والامراض.
خدمة الهواتف الارضية في العراق معطلة منذ عام 2003 ولا يوجد امل في الافق!وعقود شبكات الهاتف النقال تنعدم فيها الشفافية والمنافسة الحرة والنزاهة التي تكفل تأمين افضل الخدمات،بأرخص الاسعار الممكنة،وضمان حقوق الدولة!الامر الذي استلزم تنظيم منح التراخيص لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق،وفرض غرامات متصاعدة وكبيرة عليها في حال عدم استجابتها لطلب تحسين خدماتها،او تلبسها بعمليات الاحتيال الكبيرة على المواطنين!كالفشل في تأمين الاتصال،واستحالة اتمام المكالمة الواحدة دون محاولات عديدة ورداءة الصوت!ناهيك عن لجوء الشركات الى زيادة اعداد المشتركين بسبب اللهاث وراء زيادة الايرادات حتى وان كانت هذه الزيادة خارج طاقة الاستيعاب التقني للشبكات القائمة ما يؤدي الى قطع المكالمات فيضطر المواطن الى اعادة الاتصال عدة مرات،وعدم تنفيذ التزاماتها ومنها عدم فتح باب الاستكتاب العام لبيع الحصة المقررة للمواطنين في العقد وبالسعر الاسمي للسهم،وعدم الايفاء بدفع حصة الدولة من نسبة الايرادات الاجمالية من موارد الشركات،وتسديد الأقساط الباقية من قيمة التراخيص في الوقت المحدد.كما وجب حساب رصيد المكالمة على اساس الثانية وليس الدقيقة،وكما هو متبع في بلدان العالم الأخرى،وكما مثبت في العقد المبرم بين هيئة الاتصالات والاعلام وبين الشركات.
يتهم المواطنون شركات الاتصالات باستنزاف جيوبهم في اكبر عملية سرقة منظمة،بينما يحمل مجلس النواب الحكومة العراقية مسؤولية تردي خدمات الهاتف النقال في بلادنا مؤكدا ان قيام الحكومة بسحب صلاحيات هيئة الاتصالات والاعلام المسؤولة عن مراقبة خدمات الهاتف النقال ادى الى تردي خدماتها،وان اللجنة الوزارية المسؤولة عن اعطاء الرخص لشركات الهاتف النقال حولت قضية هذه الشركات من قضية خدمات الى قضية مالية بحتة،وكان هم اللجنة الوحيد الحصول على اموال كبيرة من الشركات وليس تقديم الخدمات الى المواطن!ويلاحظ بمرارة عدم اكتراث شركات الهاتف النقال بالعقوبات المادية التي تفرض عليها بسبب تلكؤها في تقديم الخدمات،فهي تدفعها عبر جبايتها من المواطنين وبنفس الطريقة وبربحية فائقة تعادل 1000%،من خلال سرقات منظمة ومبرمجة مثلما سددت بها التزاماتها المالية من قيمة الترخيصات!"راجع:الكاتب/البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الثامن"
وفق خارطة الحرمان الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء عام 2007 فأن درجة محرومية محافظات ميسان والمثنى والديوانية والناصرية هي الاعلى بين المحافظات العراقية،والمقصود بدرجة المحرومية هو قياس مدى ما يتحقق من حرمان فعلي من الحاجات الأساسية وليس على قياس الدخل المتاح للحصول على هذه الحاجات،ويعني هذا ان الدليل لا يقتصر على الحاجات الأساسية التي تشترى وانما يشتمل ايضا الحاجات الأساسية الاخرى التي لا يمكن الحصول عليها مقابل المال فقط كالأمان الشخصي والخلو من الامراض وتوفر الخدمات وغيرها..اي يمكن اعتبار الأسرة محرومة وان كان مستوى دخلها مقبولا كما هو الحال بالنسبة للحرمان من خدمات البنى التحتية كالماء والكهرباء والصرف الصحي الناتج عن نقص او عدم توفر هذه الخدمات.ويشتمل دليل المحرومية على ستة مجالات وهي التعليم والصحة والبنى التحتية والمسكن والحماية والأمن الاجتماعي ووضع الأسرة الاقتصادي مع الاشارة الى ان كل واحدة من هذه المجالات يتضمن العديد من المؤشرات التي تعكس الصورة الحقيقة من مستوى ودرجة الدليل المعتمدة لاغراض المقارنة بين محافظات العراق المختلفة."راجع:احمد شنان بحر الفتلاوي/تخصيصات تنمية الاقاليم وفق درجة المحرومية"و"الجهاز المركزي للإحصاء/خارطة الحرمان/البيانات الاولية لعام 2007".
-;- تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
في العراق باتت البطاقة التموينية خدمة معيشية عامة،وتأمين تدفقها ومفرداتها وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،انما هو مهمة وطنية!ووجب محاسبة ومعاقبة من يستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته!والبطاقة التموينية-آلية توزيع الحصص التموينية الدورية على ابناء الشعب العراقي،وفرت حتى عام 1996 مصدر دخل اضافي للعوائل العراقية التي دفعتها الحاجة ومحدودية مصادر الدخل الى التخلي عن استهلاك نوع معين من هذه السلع التي يحصلون عليها من خلال البطاقة التموينية او تخفيض استهلاكها،حيث كانت اسعار المواد الغذائية الموزعة في السوق عالية جدا.واثر مذكرة التفاهم باتت البطاقة التموينية آلية توزيع الحصص التموينية وفق برنامج النفط مقابل الغذاء!
البطاقة التموينية لم تكن،وهي ليست استهلاكا عبثيا بل نتاج السياسة الكارثية للدكتاتورية البائدة،وشحة فرص العمل،ومجمل الازمات الاقتصادية التي عانت وتعاني منها البلاد،بعد انخفاض الدخل الفردي مئات المرات وانخفاض قيمة العملة الوطنية بنسب مئوية غير معقولة،وتضخم ملفات الفقر وما تحت مستوى الفقر،وتوقف عجلة الدورة الاقتصادية السلمية،والكساد الاقتصادي الذي قل نظيره في تاريخ العراق الحديث،والغلاء الفاحش،والبطالة المكشوفة والمقتعة،وتوسع الهجوم الضريبي على المواطنين،والتقليص الصارم للانفاق العام في ميزانية الدولة بحجة التقشف والاصلاحات الاقتصادية،والنهب المنظم لمداخيل المواطنين!
لقد تلاعب نظام صدام حسين بالتوريدات في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء وبعقودها،ومارس التجارة غير المشروعة والتهريب والسوق السوداء،وطبق سياسة الخصخصة والعمل على اسس تجارة التمويل الذاتي وترميم قاعدة السلطات الاجتماعية عبر استيلاء اعوان النظام على المنشآت العامة المخصخصة،وتعمد التلاعب بمواعيد حصص البطاقة التموينية واوزانها وحجمها والغش في نوعيتها واستخدامها سلاحا للمعاقبة،واداة لمكافأة الاعوان!كما حولت السلطات جزءا من قيمة عقود التوريدات الى حسابات المسؤولين،واباحت توريد المواد الفاسدة والرديئة والقديمة والمستهلكة!الا ان حكومات ما بعد عام 2003 الموقرة التي تعلن التزامها بنظام البطاقة التموينية،تبدو مهملة في المحافظة على اتساق هذا النظام والانتظام الذي طبع عمله طوال اعوام،ولم تتخذ اجراءات جدية لمعالجة تباطؤ توزيع المواد الغذائية،ولم تفلح في تقديم حصص شهرية كاملة،بل قلصت المفردات الى حد كبير بحيث لم يستلم الاهالي طيلة الاعوام الاربعة الماضية سوى الزيت والرز والطحين فقط،ولم توزع كوبونات النفط والغاز الا مع توزيع البطاقات التموينية لعام 2012،رغم وجود قرار بذلك،ما ادى الى تفاقم مشكلة الفساد في هذا النظام وهيأ امكانية التحايل عليه،وكل ذلك يصب في غير صالح المواطنين الذين يتعرض الاضعف فيهم للأستغلال الاكبر.ويبدو ان الحكومة العراقية لا تعمل على ترشيق البطاقة التموينية او ترشيدها واختزال مفرداتها فحسب،بل تعد العدة لالغاء البطاقة التموينية!
في عام 2003 فاق عدد السكان المصنفين تحت خط الفقر 12 مليون نسمة من اصل 26 مليون نسمة هو مجموع سكان البلاد،من بينهم مليون مواطن على الأقل في اشد حالات الفقر فتكا،ولا يحصلون الا على وجبة واحدة في اليوم،اما الباقون فإن البطاقة التموينية هي مصدرهم الوحيد في الحصول على الغذاء،وفي عام 2007 بلغت نسبة الفقر 23%،منهم من يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد نسبتهم 3.1%،اما الذين يقل انفاقهم اليومي عن دولارين ونصف بلغت نسبتهم 13.9% عام 2007 ثم انخفضت الى 11.5% عام 2011،اما نسبة الحرمان فبلغت عام 2007 7% ثم انخفضت عام 2011 الى 6%"مسح شبكة معرفة العراق/نظام مراقبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية في العراق/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء/2011/ص381".
ان نسبة اعتماد الاسر على الحصة التموينية في الحصول على مادتي الطحين والرز باعتبارها مادتين رئيسيتين في المائدة العراقية بلغت 72% و63% على التوالي،وهذا يدل على:
1. ضعف القدرة الشرائية للمواطن العراقي واعتماده بصورة كبيرة على الحصة التموينية في الحصول على ما يحتاجه من المواد خاصة الطحين.
2. اعتماد الدولة على مايستورد من الخارج لسد حاجة السوق المحلية.
اما بقية المواد والتي يحتاجها المواطن فيلجأ الى السوق لشراءها لخلو البطاقة التموينية منها وهي في اغلبها مستوردة وليس من الانتاج المحلي.
يغمض اصحاب اتخاذ القرار في بلادنا اعينهم على حقيقة ان الغاء البطاقة التموينية او اختزال مفرداتها في ظل انعدام السياسة الاجتمااقتصادية الرصينة للدولة،والافتقار الى البدائل المناسبة لها،وشيوع الفساد الاقتصادي،يؤدي حتما الى تصعيد حدة التباينات الطبقية وانتشار الفقر والجوع بصورة واسعة،والى المزيد من تعميق التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين في البلاد،وتكريس هيمنة الرأسمالية الجديدة والبورجوازية الكومبرادورية والطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع.فالانتقال عن البطاقة التموينية يعني حتما ازدياد مستوى الطلب في الاسواق على مفرداتها،ما يؤدي الى رفع الاسعار والقاء اعباء جديدة وجدية على كاهل العائلة المثقل اصلا بالاعباء نتيجة عدم كفاية الدخول"راجع:د.كامل علاوي كاظم و د.حسن لطيف كاظم/الفقر ونظام البطاقة التموينية – دراسة تحليلية قياسية".
ينعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز خدمات الكهرباء والمياه،والتراجع في خدمات الصرف الصحي،وتدني مستوى السكن وكامل الخدمات العامة،وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ.كل ذلك يترك تأثيراته السلبية على اوضاع الملايين وعلى معنوياتها،مغذيا مشاعر الاحباط والقلق والسخط في اوساطها!"راجع:د.حيدر نعمة غالي/تقييم نظام التوزيع العام(البطاقة التموينية)في العراق والآفاق المستقبلية لتطويره/3 حلقات".
بدل تنظيم البطاقة التموينية واستثمار نظامها في سبيل تحسين المستوى المعيشي للمواطن عبر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها،وعوضا عن المحافظة على البطاقة التموينية ومستوى شموليتها،يجري انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل جهات مختلفة غير حكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،الترويج لفكرة صرف مبالغ مالية مقابل البطاقة التموينية،رداءة نوعية المواد الداخلة فيها،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر!والكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط.اما موظفو وزارة التجارة والمراكز التموينية فهم في منأى من المحاسبة،وهذا التقاعس والتسيب ينعكس ايضا على وكلاء توزيع المواد الغذائية الذين يتعاملون مع الناس بمزاجية نادرة!"اسامة فائز مكي/التقديرات المطلوبة لبرنامج البطاقة التموينية في ضوء مؤشرات الاسعار العالمية لسنة 2013".
-;- الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي
الطب مهنة انسانية تقدم خدماتها للشعوب في ظروف عصيبة كانعدام الخدمات والتلوث البيئي والجهل الصحي،ومن المخجل ان نرى قسما من الاطباء ينظر لهذه المهنة من زاوية الكسب المادي ويريد الاغتناء على حساب العامة!وفي العراق تفتقد اليوم العيادات الطبية الشعبية بسبب ارتفاع اسعار خدماتها المقدمة الى ذوي الدخل المحدود،ويلجأ الميسورون الى المستشفيات الاهلية هربا من سوء الرعاية في المستشفيات الحكومية كونها تعليمية وتسودها الفوضى بسبب الزخم.قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي لازالت سارية المفعول،تستخدمها الرأسمالية الجديدة لخدمة مآربها!"المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء".
بلغ عدد المستشفيات في القطاع العام عام 2012 (239)مستشفى وهي عامة وتخصصية وطوارئ ونسائية وتوليد،وبلغ عدد المراكز التخصصية (126)،وعدد المستشفيات الاهلية (96)!وتحتاج الأسر وفق التقديرات التفاؤلية الى اكثر من(20)دقيقة كمعدل للوصول الى اقرب مركز صحي عند اصابة احد افرادها بالمرض(بلغ عدد المراكز الاولية والفرعية 2538،اكثر من نصفها تعمل بطبيب واحد والبقية بالمعاونين الطبيين والممرضين).وتزيد هذه المدة قليلا عن نصف ساعة(32)دقيقة بالنسبة للأسر الريفية،وتتفاوت حالات اللجوء الى مراكز الرعاية الصحية الأولية بشكل كبير في المحافظات ولكنها ترتفع بشكل عام في المناطق الريفية.وتتمثل اهم معوقات اللجوء الى المراكز الصحية الاولية في قلة الملاكات والمؤسسات.ونلاحظ ان اعلى نسبة لعدد المستشفيات والمؤسسات الصحية والعيادات الطبية تقع في محافظة بغداد وتتراوح بين 20%-22%،وادنى نسبة في محافظة المثنى وتتراوح بين 0.5%- 3.5%.ان اعلى نسبة للولادات الحية تقع في محافظة بغداد 23% تقريبا وادنى نسبة في محافظة المثنى تتراوح بين 2.8%- 3.2%،واعلى نسبة للوفيات المسجلة تقع في محافظة بغداد 31.17% وادنى نسبة في محافظة المثنى 2.1% - 2.6%"المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء".
الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة،ولا تخضع عملية استيراد وبيع وتوزيع الادوية والمعدات الطبية للرقابة المطلوبة من قبل الجهات الصحية ذات الشأن!وظاهرة الشحة الدوائية ترسخت مع فقدان 50% من الخزين الاستراتيجي ابان عهد صدام حسين والحصار الاقتصادي واعمال الفرهود التي تلت 9/4/2003 والاعمال الارهابية،بينما يشمل القطاع الدوائي الخاص المتنامي شبكة من المستوردين ومستودعات الادوية والصيدليات وله تأثير مباشر على مدى توافر الادوية!
من المؤسف ان يقوم العراق باستيراد القطن الطبي والحقن الطبية وعبوات المغذي،واغلب المؤسسات الصحية تفتقر للتعقيم والتعفير.الا انه رغم تواضع الامكانيات المتاحة للمستشفيات والمراكز الصحية،وافتقارها الى المستلزمات الطبية الخاصة بقي الابداع الطبي العراقي يتدفق رغم المحن ويجري اعقد العمليات الجراحية التي لا يمكن ان تجر الا في المراكز التخصصية.الاطباء العراقيون مفخرة للعقل العراقي الخلاق والعمل بكل نكران ذات والتزاما بشرف المهنة.الكفاءات الطبية المهاجرة بحثا عن الامان لا الدفء هاجرت وعينها على موطنها الاصلي،وتقف القوى الظلامية وراء اغتيال العقل الطبي وتهجيره.
الخدمات التعليمية هي جوهر العملية التعليمية التربوية لبناء جيل واع حامل لثقافة قادرة على التكيف مع التطور المعلوماتي العاصف ومعطيات التكنولوجيا الحديثة والمجتمع الديمقراطي الحديث،ولانماء النزعات الفكرية والعاطفية للتلاميذ والطلبة وتوفير فرص التعبير الحر عنها،ولفهم اسرار العالم المادي والاجتماعي التي تمكنهم من كسب المهارات العقلية واللغوية والاجتماعية والتطبيقية واشباع الحاجة للامن والاستقرار!والعملية التعليمية التربوية هي الوسيلة المتيسرة الناجحة لتغيير هيكلية المجتمع وتشكيل خواصه وثقافته وتأهيل العناصر البشرية القادرة على النهوض بالمجتمع.
تستهدف الخدمات التعليمية مكافحة الامية واعداد التلاميذ والطلبة للحياة الاجتماعية ومواجهة تحدياتها،عبر التفاعل الاجتماعي وسبر غور العلاقات الاجتماعية على اسس ديمقراطية،وضمان المستوى الاكثر رقيا للكادرالتعليمي والاكاديمي لانهم ادوات التغيير الحقة في المجتمع الديمقراطي الذي يعتمد بأسسه على التعايش والاحترام والتسامح ونبذ الافكار العدوانية!وتطوير وتحديث طرائق ومنهجية التربية والتعليم والتوجيه وتجاوز الاساليب التي تكرس الحفظ والتلقين وتبرر الاخلاق الرأسمالية على علاتها وتنشر الخرافات والعقائد الجامدة المناهضة للعلم والمعرفة!وجعل المدرسة مركزا هاما من مراكز الاصلاح الديمقراطي،وبالتالي تنظيم دور الجهاز التعليمي في اعادة الانتاج الموسعة للطبقات الاجتماعية.
في بلاد تطفو على بحر من الذهب الاسود تتحول رياض المعرفة الى انقاض مزدحمة كريهة الرائحة بسبب انهيار نظام الصرف الصحي في معظمها،وتنتشر المدارس تحت العراء والمدارس الطينية في مخيمات النازحين وفي بعض القرى والقصبات،وتستقبل اخرى متهرئة ثلاث وجبات في اليوم.ويبين الجدول ادناه التباينات والاستحقاقات بين المحافظات العراقية من حيث عدد الرياض والمعلمات!"المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011 – وزارة التخطيط – الجهاز المركزي للاحصاء".

من التقرير الذي نشره اليونيسيف عن الوضع الصحي في العراق عام 2011

100 رضيع يموت يوميا
35000 طفل يموتون قبل بلوغهم السنة الخامسة
1000 امرأة تموت كل عام خلال أو بعد الولادة
1000000 طفل تحت خط الفقر
500000 طفل يعانون من نقص التغذية
750000 طفل غير مسجلين في المدارس الابتدائية،نصف العدد في المناطق الريفية
400000 فتاة غير مسجلة في المدارس منهن 250000 في المناطق الريفية
4500000 لا يتمتعون بالخدمات الاساسية في منازلهم كالمياه الصالحة للشرب والكهرباء
800000 طفل بين الخامسة والرابعة عشر يُشَغَل باعمال فيزيائية
800000 طفل يتيم
900000 طفل مهجر في الداخل

طالبات وطلاب العراق لازالوا يسكنون مدارس من الطين والقصب في المدن القصية"انظر:احمد محمد حسين المبرقع/كفاية مدخلات المؤسسة التربوية/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014"،ولازالت مظاهر من قبيل رصف اكثر من 70 طالبة وطالب في صف واحد وتواجد ثلاث مدارس في مدرسة واحدة،مظاهر قائمة امام الملأ وبتعمد مع سبق الاصرار،مدارس اغلبها لازالت رثة تفتقر الى الكثير من مظاهر النظافة والجمال،تفتقد الى ساحات اللعب المدرسية المنسقة الجميلة والى توفر الماء البارد والتدفئة والتبريد.ان ذلك ليس ترفا او امنيات وخيال بل يندرج في اساسيات العدالة الاجتماعية وحق مشروع نصت عليه اللوائح الدولية لحقوق الانسان والتعليم،وكل التربويين واختصاصي علم النفس يعرفون مدى الانعكاس السلبي لمثل هذا الوصف على اندفاع التلاميذ لاستيعاب المواد الدراسية وتواصلهم في تلقي الدروس.
في العراق الجامعات تنعزل وتتكلس وتتحنط والأجراس تقرع من حولنا بالخطر،ويجري اهمال دور اقتصاد المعرفة وما يتطلبه من زيادة الصرف على التدريب والبحث العلمي والاستثمار في تنمية الموارد البشرية العلمية والهندسية والتكنولوجية،وتطوير البنية التحتية للتعليم العالي في جميع المجالات.ان التهديد الذي يتعرض له الاكاديميون والمدرسون والعلماء والاطباء تهديد لديمومة المجتمع وتطوره!اما مساهمة الكفاءات في اعادة بناء العراق فهي مرهونة بما تقدمه الدولة من الاهتمام والدعم للكفاءات الموجودة داخل العراق.ومن العبث الحديث عن عودة كفاءات المهجر،فيما تعيش كفاءات الداخل حالة الاحباط والاغتراب،مما يضطر الكثير منها الى التفكير في ترك الوطن هربا من الاوضاع الكارثية،حيث البيئة غير الآمنة وتسلط عناصر غير كفوءة على مراكز اتخاذ القرار والتي لا يروق لها وجود الكفاءات الحقيقية وتعدها بمثابة تهديد لوجودها.
المدرسة بيت نموذجي مبهج ومنسق للطلبة والطالبات،وليست رث كئيب يتحول فيه المعلمين والمدرسين الى سجانين،وهم يحملون الصوندات والعصي واساليب التعذيب والترهيب والزجر والاذلال،ليجر احياء عهود الكتاتيب،مما يولد للطالب احساس وكأنه يساق الى محاكمة وساحة تعذيب،دون ذنب ارتكبه او مخالفة قام بها،لكنها ارادة الأهل والمجتمع،فيتمرد عليهما معا او تخلق منه مثل هذه الممارسات فردا سلبيا منطفئ القدرة على الخلق والابداع والتواصل والتفاعل مع اهله ومحيطه ومدرسته ومجتمعه!
الضمان الاجتماعي- مفهوم منصوص عليه في المادة 22 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي ينص على ان كل شخص،باعتباره عضوا في المجتمع،له الحق في الضمان الاجتماعي وله الحق في ان يتم توفيره له من خلال الجهد الوطني والتعاون الدولي وبما يتفق مع التنظيم والموارد في كل دولة،من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها من اجل كرامته والتنمية الحرة لشخصيته.ويشير الضمان الاجتماعي ايضا الى برامج عمل الحكومة لتعزيز رفاهية المواطن من خلال اتخاذ تدابير مساعدة تضمن الحصول على ما يكفي من الموارد للغذاء والمأوى،وايضا من اجل تحسين صحة ورفاهية الاطفال والاحداث وكبار السن ومرضى العوز المناعي والعاطلين عن العمل ورعاية العوائل ذات الدخل الواطئ ومعدومة الدخل والمرأة التي لا معيل لها والارامل والايتام والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والعجزة والمتقاعدين والمتضررين من قبل النظام البائد ومن جراء العمليات الحربية والارهابية ودعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل.وتسمى الخدمات التي تقدم الضمان الاجتماعي بـالخدمات الاجتماعية او الرعاية الاجتماعية.
يشير مفهوم الضمان الاجتماعي الى:
1. التأمين الاجتماعي ليحصل الناس على منافع وخدمات تقديرا لمساهماتهم في برامج التأمين،وتشمل هذه الخدمات توفير رواتب التقاعد والتأمين ضد العجز واستحقاقات الناجين وتعويضات البطالة"انظر:حنان جميل عاشور/التأمين الصحي/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014"و"راجع:مصباح كمال/التأمين في الكتابات الاقتصادية العراقية".
2. الخدمات التي تقدمها الحكومة او الهيئات ذات العلاقة عن توفير الضمان الاجتماعي كالرعاية الطبية والدعم المالي خلال البطالة والمرض او التقاعد والصحة والسلامة في العمل وجوانب العمل الاجتماعي وحتى العلاقات الصناعية.ويلاحظ انه على الرغم من التوسع في تغطية خدمات الرعاية الصحيةفي بلادنا الا ان جودتها في المناطق النائية لازالت محدودة.ان الحصول على الرعاية الصحية هو حق من حقوق المواطن كفلها له الدستور،وكل فرد لديه امكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية،بغض النظر عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأصل والجنس والموقع الجغرافي.وتلتزم الحكومة بتوفير مستوى اعلى من خدمات الرعاية الصحية للفئات الاكثر ضعفا والأشد فقرا.
3. الأمن الاساسي بغض النظر عن المشاركة في برامج تأمين محددة كالحصول على المساعدات الفورية التي تعطى للاجئين والنازحين الذين وصلوا حديثا/الحصول على الضروريات المعيشية الاساسية مثل الغذاء والملابس والمسكن والتعليم والمال والرعاية الطبية.
تقع اعلى نسبة لعدد وحدات الرعاية الأجتماعية في محافظة بغداد حوالي 33% وادنى نسبة في محافظة صلاح الدين 1%،وتقع اعلى نسبة للمسنين والمقعدين المستفيدين الموجودين في هذه الوحدات في محافظة بغداد حوالي 41% وادنى نسبة في محافظة النجف 7% من مجموع المسنين والمقعدين في العراق،بينما تخلو محافظات كركوك وديالى والانبار وبابل وواسط وصلاح الدين والمثنى وذي قار وميسان من المسنين والمقعدين المستفيدين من وحدات الرعاية.لقد بلغت اعلى نسبة من المعوقين المستفيدين من وحدات الرعاية في محافظة بغداد حوالي 26.5% وادنى نسبة في محافظة صلاح الدين حوالي 0.5%،كما بلغت اعلى نسبة من المستفيدين من الاحداث في محافظة بغداد 32%،وادنى نسبة في محافظة ميسان 2%.ويلاحظ خلو محافظات كاملة من الاحداث المستفيدين من الوحدات"المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء".



بغداد
22/11/2014