سنوات تطور حركة التحرر الوطنى فى أنجولا


كريبسو ديالو
2014 / 11 / 12 - 04:31     

الحركة الشعبية لتحرير أنجولا قد انشات نتيجة اندماج عدد من التنظيمات اليسارية التى يرجع أول ظهور لها فى عام 1948 عندما تكونت اللجنة الاتحادية الأنجولية للحزب الشيوعى البرتغالى ثم تأسس عام 1953 حزب النضال المتحد لأفريقى أنجولا برئاسة فيرياتو داكروز وفى أكتوبر 1955 مارس حزب صغير يدعى الحزب الشيوعى الأنجولى نشاطا سريا فى بواندا كاتيت ومالانجى وبقيام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا (امبالا) قد بادرت إلى إصدار نشرات تحدد فيها سياستها وأهدافها ولذلك يمكن أن يقال أنها أول حركة سياسية ذات برنامج عملى محدد وكان بيانها الأول الذى أصدرته إذ ذاك يدعو الشعب الأنجولى إلى تنظيم نفسه إلى الكفاح فى جميع الجبهات من أجل تصفية الإمبريالية والاستعمار البرتغالى حتى يمكن أن نجعل من أنجولا دولة مستقلة وأن نقيم حكومة ديمقراطية ائتلافية من جميع القوى التى حاربت الاستعمار البرتغالى وقد قامت الحركة بإنشاء مدارس سرية لمحو الأمية وفى البداية تألفت الحركة الشعبية غالبا من العناصر الوطنية المثقفة التى تشكل نخبة الخلاسيين الساخطة على السلطات البرتغالية وهى النخبة التى حصلت على التعليم الذى يحرم منه أغلب الإفريقيين إلا أن أمبالا بعد ذلك ضمت العمال وموظفى المكاتب ورجال التجارة والعمال والفلاحين فى شرق ووسط أنجولا فأصبحت جبهة قومية متحدة حيث ضمت الأنجوليين بصرف النظر عن أوضاعهم الاجتماعية والجنسية والعنصرية والدينية وعندما شعرت السلطات البرتغالية بمدى دقة تنظيم الحركة وفاعليتها قامت فى عام 1959 بحركة اعتقالات واسعة النطاق فى صفوف أعضائها وقادتها منهم جميع أعضاء المكتب السياسى بما فيهم زعيمهم أوجستينو نيتو وتولى زعامة الحركة بعد ذلك ماريو أندورادى وتقرر أن تواصل الحركة نشاطها من المنفى فانتقلت القيادة إلى كوناكرى، وظلت هناك حتى أكتوبر 1961 ومنها انتقلت إلى ليوبولد فيل وقد صاغت الحركة فى بداية الستينات برنامجا كاملا يعكس مطالب مختلف الطبقات الاجتماعية ويطالب بالإعلان الفورى لاستقلال أنجولا وإنشاء نظام اشتراكي يتساوى فيه ابناء الوطن الواحد وبناء استقلال وطنى مستقل وتحديد يوم العمل ب8 ساعات وتنمية الثقافة الوطنية وقد لجأت الحركة الشعبية فى هذه الفترة وبلاخص في بداية الستينات إلى أسلوب العمل السياسى ودعت فى يونيو 1960 حكومة البرتغال أن توقف العنف المسلح وأن تضع موضع التنفيذ حق شعب أنجولا فى تقرير المصير والاستقلال واقترحت الحركة الشعبية عقد مؤتمر من ممثلى جميع الحركات الوطنية فى أنجولا وممثل حكومة لشبونة قبل نهاية 1960 ليناقش ويحل قضية الاستعمار فى أنجولا ولكن حكومة البرتغال أجابت على مطالب الحركة بعنف وعلى سبيل المثال عندما كان الآلاف من سكان قرية أيكو لوبينجو فى طريقهم إلى وسط إقليم كاتيت ليطالبوا بإطلاق سراح أوجستينو نيتو زعيم الحركة الشعبية وواحد من أتباع قريتهم فتحت فرقتان من الجنود البرتغاليين نيران مدافعهما على المتظاهرين فقتلت وجرحت عشرات منهم وأسفر عناد السلطات البرتغالية عن تبلور فكرة الاتجاه للنضال المسلح لدى قادة الحركة الشعبية وكان الرابع من فبراير 1961 بداية مرحلة جديدة للحركة الوطنية فى أنجولا وهى مرحلة النضال المسلح ففى ذلك اليوم شنت الحركة الشعبية عددا من الهجمات الوحشية فى لواندا وما حولها فقد هاجم الفدائيون فرقة عسكرية برتغالية تجوب الأحياء الإفريقية فى لواندا وأخذوا منها السلاح ثم هاجموا ثلاثة سجون بها آلاف المعتقلين السياسيين ورغم عدم نجاح هذه العمليات إلا أن وجود مراسلين أجانب عديدين فى ذلك المكان قد أدى إلى توجيه أنظار العالم أجمع وفى اليوم التالى وقد قام ايضا المستوطنون البرتغاليون بالتعاون مع الجيش والبوليس بقتل ثلاثة آلاف إفريقى فى العاصمة وحدها كانتقام لستة من البرتغاليين الذين ماتوا خلال الهجوم على السجون وسرعان ما عم العصيان المسلح كل البلاد وواصلت الحركة الشعبية حرب العصابات نظرا لندرة العتاد والسلاح لديها آنذاك ولقد مرت الحركة الشعبية خلال أعوام 62، 63، 64 بفترة عصيبة كادت أن تصفى التنظيم كله ففى هذا الوقت تعرضت قيادة الحركة فى ليوبولدفيل إلى مواقف عدائية من حكومة سيريل أدولا التى أيدت حكومة هولدن روبرتو على حساب الحركة الشعبية كما تعرضت الحركة بعد ذلك لعداء حكومة الخائن موبوتو وأكثر من هذا في 1963 بحكومة المنفى التى يرأسها هولدن روبرتو كضربة قوية هزت تنظيم الحركة الشعبية حيث امتنعت كثير من الدول عن مساعدتها وقل العتاد والمال والسلاح فى أيدى ثوارها ثم أغلقت حكومة الكونغو مقر قيادتها ومكاتبها فى ليوبولدفيل وذلك بحجة وجود حكومة أنجولية شرعية وفى ظل هذه الظروف عاشت امبالا أقسى لحظات كفاحها وتعرضت للانشقاق حيث انشق جناح بقيادة فيرياتو داكروز عام 1963 وقامت الحكومات الإفريقية المتحررة خاصة باتصالات واسعة النطاق لتوضيح موقف حركة أمبالا حتى أرسلت لجنة التسعة التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية لجنة ثلاثية من غانا والكونغو برازافيل ومصر فى نوفمبر1964 لتقصى الحقائق وبناء على تقرير هذه اللجنة اعترفت لجنة التسعة بحركة أمبالا كمنظمة لتحرير أنجولا وتقرر أن بصرف لها مساعدة مالية سنوية وفى هذا الإثناء كانت قيادة الحركة قد انتقلت إلى مدينة برازافيل وكان أوجستينو نيتو قد خرج من السجن وتولى قيادة الحركة وإعادة تجميع منظمته المنشقة فى مؤتمر الكادرات وفي يناير1964 قد سير مليشيا صغيرة اسماها جيش التحرير الشعبى لعدة حملات فى مقاطعة كابيدا وبدأ نشاط الحركة الشعبية يزدهر مرة أخرى بعد أن قامت ثورة برازافيل وتولى ماسامبا ديبا رئيس الجمهورية الحكم مما أتاح لها فرصة أكبر للعمل والانطلاق وأعلنت فى منتصف 1966 أن قواتها تتحكم فى ربع مقاطعة كابيدا وأنها قتلت أكثر من 1500 جندى برتغالى هناك خلال العشرة شهور الماضية منذ عام 1965 وأكثر من هذا و أعلنت امبالا عن فتح جبهتين عسكريتين جديدتين فى شمال وشرق أنجولا وبعد قيام ثورة القرنفل في البرتغال عام 1974 استلمت حكومة عسكرية الدولة البرتغالية وأوقفت فورا عمليات الجيش المضادة للاستقلال في أنجولا ثم سلمت السلطة إلى ائتلاف يضم الحركات الثلاث الرئيسية في انغولا وكانت من بينهم حركة امبالا ذات الاتجاه الماركسي اللينني ويحكم هذا الحزب أنغولا منذ استقلالها عن البرتغال عام 1975 حتى الان