اضافة الى ما قاله حميد كشكولي


عماد علي
2014 / 11 / 2 - 17:21     

قرات في صفحة الكاتب المعتبر حميد كشكولي نقدا بناءا لليسار و اقتنصته فرصة سانحة و كما كتبت في هذا الشان من قبل، ان ادلو بدلوي و اضيف على ما كتبه و اشد على يده، لان كلامه نابع من صميم يساري له الباع الطويل و التضحية و التاريخ في هذا الشان و يعتبره واجبا و لا يمن به على احد،و هذا النقد ليس من احد بعيد فكرا او تاريخا عن اليسار، و لكنه من المثقف اليساري الهاديء كشكولي الذي لازال يثبت اخلاصة لليسار من اجل تصحيح مساره من النواحي كافة .
اذ قلنا و نقول بان التعلق بالعادات و التقاليد و ما يفرضه الواقع على تفكير من يدعي العالمية في الفكر و الفلسفة و الايديولوجيا، سيؤثر حتما على مسار العملية بشكل كامل، و هنا اليسارية لا يمكن ان تتقبل التجزئة و الاستناد على ركن واحد منها دون اخر، ولا يمكن لاحد ان يوضٌح الطريق امام كافة طبقات و فئات جميع مكونات الشعب العراقي بقدر الالتزام بالواقعية بحدود عدم التاثير على صلب الفكر او مضمونه، و لابد ان نبعد هنا تفاعل صلب الفلسفة اليسارية المعتمدة على العلم و دقائق النظرية التي لا تقبل اي تغيير او تعديل او تغطية جانبا، كي لا نلصقها بالايديولوجيا و نؤثر عليها من اجل السير وفق ما تتطلبه الواقعية الموجودة لدينا .
لابد ان اؤكد هنا، انه لا الفكر و لا الفلسفة و لا الايديولوجية اليسارية تقبل المساومة مع الرجعية في اي زمان و مكان كان، و ما اشاطر الاستاذ حميد عليه، ان اليسارية العراقية اخطات في هذا المجال ايضا باسم الواقعية في اكثر من مكان، و هذا لا يعني انني لست مع قراءة المرحلة و ما تتطلبه الحياة العامة و من مستوى الوعي و الثقافة العامة الموجودة من الاجتهاد في كيفية التلائم بين النظرية و الواقع دون التاثير على الاصل و نص الفكر و الفلسفة، و كتبت عن هذا الكثير من قبل و قلت صراحة بان الواقعية تُنجح اليسارية في هذه المرحلة و يمكن التعامل مع الموجود لدينا في العراق بكل اجزائه رغم الفروقات الكبيرة الموجودة بين المكونات من كافة النواحي . هنا لابد ان اؤكد للجميع ان الواقعية و المساومة المعقولة في الزوايا التي تنحصر فيها اليسارية و هي تناصبها و تضاد بها مع الواقع شيء يمكن القبول بها، بينما المساومة مع الرجعية و الافكار التخلفية المسيطرة على عقلية بعض النخبة و المثقفين و الاحزاب الميتافيزيقية شيء اخر لا يمكن القبول بها ابدا، و هذا لا يعني عدم انتقاد البنى الفوقية الموجودة في المجتمع العراقي بشكل بناء من اجل التغيير و التقدم و الخلاص من افرازاتها السلبية على مسار حياة الناس . و الاهم هو انتقاد الايديولوجيات الرجعية و منها الغيبية بشكل يمكن تقدير الواقع لمنع الوصول الى الاحتكاك المتشدد القوي الذي يستفيد منه القوى الرجعية باستنادهم على المستوى الثقافي العام و ما هو عليه المجتمع من الوعي و الثقافة العامة التي سيطرت عليه الخرافات و الترسبات التاريخية للاديان و ما فيها من التناقضات، و يمكن مراعاة الواقع لحدود الحفاظ على الذات من اجل بقاء قوة التغييرلديك .
لم يقم الشيوعيون و اليسار بفضح التزييف و الاستلاب الذي كانت الايديولوجية الرجعية تمارسها بشكل واضح و كامل في اية مرحلة من تاريخهم و هم مستندون على المباديء التي تقنع الشعب بشكل جلي، كان ذلك لاسباب سياسية و يمكن بصراحة القول بالخارجية الفوقية و لمصالح قوى شيوعية عالمية لا تمت بصلة بداخل العراق و ظروفه الذاتية، اي كان ذلك نتيجة الالتزامات العمياء باوامر خارجية من اجل مصالح حزبية و شخصية ضيقة لقيادات اليسار التابعين دوما لماوراء الستار في حينه، و يمكن ان يكونوا لحد اليوم سائرين على الخطى ذاتها . و هذا ما خفت من الدافع لنقد التراث التخلفي السائد و المؤثر على عموم الشعب . و عليه الالتزام بالقيم و العادات التخلفية من قبل اليسار العراقي و في مقدمتهم الشيوعي العراقي الذي غطى تلك العلاقات التخلفية بهالة من التقديس من اجل مصالح حزبية فقط ليس الا . و بناء تلك الاسس و بهذا الشكل هو ما اضاف المعوقات الكبرى امام التحرر الفكري، ومن البديهي انه لم يتم التحرر الاجتماعي الا بعد التغيير و التحرر الفكري قبله .
انني اشد على يد اخي حميد في بيان هذا الامر و توضيحه فقط، دون ان يبين في النهاية ما العمل لتصحيح مسار كل هذه الاخطاء المتراكمة المؤثرة على اليسار و من يمكنه ان يحمل كل تلك الاثقال و يزيح العوائق التي وضحها كشكولي نفسه في كلمته المقتضبة .
انني ارى ان هناك ظروف موضوعية و ذاتية هي التي تحدد المسار في اية عملية او قضة كانت و منها انعاش اليسارية، و يمكن بعد التقيم و التوضيح و تحديد و تشخيص و بيان العلل، ان تتبعه الحلول، و هنا يمكن ان نسال من اين تبدا ؟ و من هو المقيٌم العلمي الصحيح ؟ و من الذي يحل سواء كان مجموعة او حزبا او نخبة مثقفة او مفكرا ؟
تاريخ اليسار معلوم بشكل عام لكل من يهمه الامر و من اكثرية الاجيال تقريبا، و العلل واضحة بشكل و اخر وفق المتباع و حسب خلفيته، المسببات عديدة و يراد لها التحديد و الحصر في بيان و فصل اكبرها عن اصغرها، الخلل الكبير في مسيرة الاحزاب اليسارية و في مقدمتهم الشيوعي العراقي الذي اوصل حال اليسار الى ماهو عليه الان و يقع عليه كل العتب بل الانتقاد الحاد .
عندما يكون الواقع الثقافي و الوعي العام للشعب العراقي بعدما اوصله الدكتاتور الى ادناه، و ازداد الطين بلة بمجيء الاحزاب الدينية المذهبية و العرقية، يمكن ان نقول ان الظروف الموضوعية في هذه المرحلة بالذات هي المعيق الاكبر و ليس الذتية التي هي ايضا تتحمل التقصير كما بينا سابقا .
العملية معقدة و تحتاج الى ارادة حية ثورية و قوية تتحمل الصعاب من اجل التخطيط و بناء الاسس في مرحلة لا تقل عن عقد من الزمن بشكل علمي اولي، و ليس كما يعتقده الحزب الشيوعي العراقي والاحزاب اليسارية الصغيرة الاخرى،و ما يظهروه لاسباب حزبية ذاتية فقط، و هم بعيدون عن التخطيط و التفكير الاستراتيجي، ولازالت الدوغما مسيطرة على عقلية تلك الاحزاب و قادتها، و لم نسمع منهم حتى الان نقدا ذاتيا و محاسبة للذات ومعاقبة من الضمير فيما اوصلوا اليسار اليه لاسباب ذاتية حصرية و لم يكن للتغييرات العالمية اثر واضح على بعض منها .
و لكن كما اعتقد، المهم هو البداية الصحيحة و الاستناد على العقلانية و العلمية في كافة جوانب عملية تصحيح المسار الذي تحتاجه اليسارية في هذه المرحلة، في العراق بكل اجزائه .