الطبقة العاملة المغربية في معركة حياة أو موت


اليسار الثوري في مصر
2014 / 10 / 31 - 08:38     

يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2014، أعلنت الاتحادات النقابية الرئيسية الثلاث في المغرب؛ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، للرأي العام قرارها بخوض إضراب وطني إنذاري عام لمدة 24 ساعة يوم الأربعاء 29 أكتوبر 2014، في المؤسسات العامة إدارية أو تجارية أو صناعية أو فلاحية، بالإضافة إلى القطاع الخاص بكل قطاعاته المهنية.

تأتي الدعوة لهذا الإضراب بعد معارك نضالية طويلة للطبقة العاملة المغربية، في مواجهة هجمة شرسة تقودها الحكومة لمصلحة الرأسمالية والسياسات النيوليبرالية، وهي الهجمة التي استغلت البيروقراطية النقابية وميلها إلى ما أطلقوا عليه “الحوار المجتمعي” لتدمر المكاسب التاريخية للطبقة العاملة المغربية.

واليوم تضطر هذه البيروقراطية ذاتها، تحت ضغط قواعدها التي وصلت إلى حافة الانفجار إلى خوض المعركة في مواجهة حكومة حزب العدالة والتنمية، موحدة قوة الاتحادات الثلاث لصد هذه الهجمة الشرسة، ومطالبين بزيادة الأجور وتطبيق السلم المتحرك، وتخفيض الضغط الضريبي عنها، وحماية الحريات النقابية وحق الإضراب وإرساء أسس التفاوض الجماعي، وضع حد للعمالة المؤقتة وإصلاح منظومة التقاعد والتأمين الاجتماعي.

هذه المطالب تمثل الحد الأدنى من حقوق العمال والعاملات في المغرب، لكن إضراب 29 أكتوبر ليس نهاية المطاف، فبينما تطرح البيروقراطية الإضراب كمحاولة للضغط على الحكومة من أجل تسيير إجراءات الحوار المجتمعي أملاً في بعض الإصلاحات والمكاسب الضئيلة التي تجمل هذه القيادات بها وجهها أمام قواعدها، وبينما تقف الحكومة والرأسماليين بشدة في مواجهة الإضراب ويسعيان لكسره سعياً وراء مزيد من الإخضاع لهذه القيادات النقابية البيروقراطية، ولمواصلة الهجمة الشرسة على حقوق العمال أكثر وأكثر، تقف الطبقة العاملة المغربية في معركة حياة أو موت ليس فقط في مواجهة الحكومة والرأسماليين لكن أيضاً في مواجهة تنازلات وتفريط القيادات البيروقراطية النقابية ومساومتها على مصالح الطبقة العاملة.

جذبت الدعوة التي أطلقتها الاتحادات الثلاث قوى نقابية أخرى متعددة قررت المشاركة، لعل أهمها الاتحاد المغربي للشغل – التوجه الديمقراطي، وهو يمثل العمال الذين ناضلوا في مواجهة البيروقراطية في الاتحاد المغربي للشغل طيلة الأعوام السابقة والذين طردتهم قيادة الاتحاد البيروقراطية في 2012. بزيادة القوى النقابية والعمالية المشاركة تتحول الدعوة إلى الإضراب إلى قرار حقيقي من الطبقة العاملة للمواجهة والتحدي برغم كل نوايا ورغبات البيروقراطيين، تتحول الدعوة إلى حركة حقيقية تحمل داخلها بذور تطورها لتصبح بداية لمرحلة نضالية جديدة في المغرب، مرحلة تواجه فيها الطبقة العاملة كل مستغليها بداية من حكومة العدالة والتنمية، وصولاً إلى النظام الرأسمالي بكامله، مروراً بالملك المتواري خلف حكومته.

لكن على الطرف الآخر، تجذب الدعوة قوى سياسية وأحزاب عديدة قد لا تتفق مع المطالب العمالية بقدر ما تسعى لتسوية خلافتها مع حكومة العدالة والتنمية الإسلامية، ولعل أكبرها هو جماعة العدل والإحسان، الجماعة الإسلامية المعارضة، التي أعلنت أنها مشاركة قطاعها النقابي في الإضراب، بالإضافة إلى العديد من الأحزاب الصغيرة التي تبحث عن دور في قلب المشهد.

يزداد المشهد تعقيداً ويحفل بالعديد من التناقضات والاحتمالات، لكن الضامن الوحيد له هو قوة ونضالية الطبقة العاملة المغربية، وإصرارها ورسوخها ورفضها للمساومات والتفريط، والحفاظ على تمايزها ووحدة نضالها في مواجهة الحكومة والبيروقراطية وكل المحاولات الانتهازية للقفز فوق انتصاراتها. إن انتصار إضراب الغد يعني نقل المبادرة من جديد ليد الطبقة العاملة المغربية ومنحها قوة ودفعة معنوية عظيمة لتستمر في المعركة، بينما قد تعني الهزيمة سحق الحركة وتشديد قبضة الحكومة وتجريد الطبقة العاملة من المزيد والمزيد من حقوقهم.

للطبقة العاملة المغربية تاريخ نضالي طويل، حافل بالمعارك النضالية العظيمة والتواريخ التي لا تنسى؛ في أبريل 1979 وفي يونيو 1981 وفي 14 ديسمبر 1990، وغداً سيضاف إلى هذه التواريخ يوم 29 أكتوبر 2014 كبداية لمرحلة جديدة ومعركة نضالية جديدة في تاريخ الطبقة العاملة المغربية.

كل الدعم والتضامن مع الطبقة العاملة المغربية

كل السلطة والثروة للعمال