حول مؤسسة ابن رشد وجائزتها الأخيرة
رفيق عبد الكريم الخطابي
2014 / 10 / 25 - 13:55
بالأمس احتفى موقع الحوار المتمدن بجائزة ابن رشد ، احتفاء واسعا ، في حينه تبادلنا جميعا التهاني والفرح بهذا الإنجاز وتم تدبيج المقالات تمجيدا بالموقع وبالمؤسسة المانحة للجائزة وخصص مجال ثابت بالصفحة الرئيسية بموقعنا للاعلان عن هذا الفوز وذاك الخبر .
اليوم تمنح الجائزة لأحد الظلاميين المتأسلمين ، وتتعالى أصوات التنديد والغضب ، وتدبج المقالات من جديد وتتعالى الأصوات تنديدا ورفضا .
نعم كان موقفنا بالأمس رد فعل مرحب بالجائزة وهو أمر مستساغ في حينه ، ما دامت تلك الجائزة ستمنح الموقع صيتا و دعاية نحتاجها .
لكن الغير مستساغ اليوم هو أن يتحكم في ممارستنا رد الفعل كذلك وليس إنتاج الموقف الملائم . فما أسهل ردود الأفعال ، وما أصعب التأسيس للموقف العلمي المبدئي .
بالعودة لمؤسسة ابن رشد نجد أنها حددت أهدافها منذ البداية كالتالي : تشجيع قيم الحرية والديمقراطية والجدل المنطقي . وهي اهداف برجوازية تحديدا لا تحتاج لكثير من الجهد لاستقراء مضمونها ، وتبعا لذلك سيجد قسم كبير من المتأسلمين معنيين بتلك الأهداف ولو مرحليا ، كما وجدنا العديد من المتأسلمين التوفيقيين استلموا تلك الجائزة ولم تثر حولهم مثل هذه الضجة ، بل سنجد ضمن لجان تحكيمها عملاء وبيادق للامبريالية الأمريكية ، ساهموا في تحطيم حضارة وعمران وتراث أوطانهم / أوطاننا .
وبالعودة لشروط الترشيح لجائزتها هذه السنة ، نقتطف هذه الأجزاء من مقال منشور بالحوار المتمدن لذات المؤسسة : " الاسـلام والمجتمـع المــدني - هل تتوافق فكرة المجتمع المدني الفاعل مع الإسلام كثقافة مجتمعية لتجاوز دولة الاِستبداد والوصاية والانتقال اِلى دولة الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان؟... من يمكنه تقديم اِجابات حيال التوافق المنشود؟ أي، هل يتوافق الإسلام مع بناء الدولة الحديثة القائمة على نتاج الفكر الانساني الذي انتج الحداثة؟ ...إنا نعتقد بأن الثقافة الاسلامية حملت دوماً بذوراً إنسانية مشرقة يمكن البناء عليها لتشكيل أساسٍ يثري بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي تصبو معظم الشعوب العربية الى تحقيقها...إننا في أمس الحاجة إلى تعميق الجدل حيال المجتمع المدني والاسلام ودورهما في انطلاق حركة تنوير حقيقية وجذرية تنقل مجتمعاتنا نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة..."
فمن تكتمل فيه هذه الشروط غير " مفكر " ظلامي متأسلم وتوفيقي مثل السيد المجرم راشد الغنوشي ومن يدور في فلكه بالطبع ممن تربعوا طويلا بالبرلمانات العربية وبالبرلمان المصري خصوصا وفتحت لهم أبواب الانضمام إلى الحركات الاحتجاجية التقدمية " كفايا " بل كان هناك ممن يستجدي مشاركتهم !!!!
بعد هذا التأسيس للموقف ، من وجهة نظري ، يتحدد المشكل ليس في رفض الجائزة أو إصدار بيان برفض تسليم الجائزة لأمثال الظلامي المتأسلم والمجرم بالطبع ( راشد الغنوشي) ، وإن كان هذا يمثل الحد الأدنى ، بل بضرورة تجاوز الضبابية في الموقف اتجاه القوى الظلامية عموميا ( متأسلمة ومتأمزغة ومتصهينة..) وبالخصوص منها الفاشية الدينية في ممارسة وتعاطي القائمين على مؤسسة الحوار المتمدن.
نعم أضم صوتي إلى الأصوات المنادية برفض الجائزة أي ردها وإصدار بيان يفضح الموقف المخزي للمؤسسة والذي لا ينفصل من وجهة نظري عن ظرفية الانتخابات في تونس الحبيبة ، ولكن ..آه من ولكن ؟؟؟؟
كيف يعقل أن يرفض الحوار المتمدن الجائزة بمبرر أنها سلمت لظلامي متأسلم ، وفي نفس الوقت تفتح صفحاته للظلاميين المتأسلمين ؟؟؟
كيف يتسق ذاك المبرر مع فتح أبواب الحوار مشرعة امام من يتحالف مع هذه القوى الظلامية المتأسلمة وساهم ومارس صراعه ضد أنظمة الديكتاتورية الرجعية ببلداننا من موقع تلك القوى الفاشية ، وفي عناق حميمي مع الامبريالية الأمريكية ، كيف ندين الظلامي المتأسلم العميل للامبريالية في آخر المطاف وبجانبنا " رفاق " لهم في العمالة والندالة والخسة ؟؟؟
أعتقد أن الإجابة الفعلية ، أي الموقف الحقيقي من هذا المعطى ، وليس الاكتفاء برد الفعل فقط ، يكمن في حملة تطهير للموقع من كل مروجي الفكرالفاشي والظلامي بكل صنوفهما ، وتطهير الموقع من جوقة العملاء والانتهازيين وإلا استبدلنا أهداف وانتماء الموقع بأهداف مؤسسة ابن رشد . ولكي أوضح الفكرة أكثر حتى لا أترك فرصة للتأويلات الانتهازية ، حملة تطهيرية للموقع أقصد بها حصرا منع نشر مقالات أمثال هؤلاء الكتبة ضمن قائمة كتاب وكاتبات التمدن وضمن مختارات التمدن وهكذا ..
هذا جزء من رؤيتي للتعامل مع الحدث ، كتبته سريعا وبشكل غير مرتب ...أتمنى أن يستمر النقاش حول هذه المعطيات من خارج الانفعال بالحدث ، وأن يكون هاجسا لكل الحريصين على تطوير تجربة الحوار المتمدن بما يخدم تقدم شعوبنا وتحررنا من الثالوث الامبرياليى الصهيوني الرجعي .