الرحمة لعبدالله خليفة


خالد حسن يوسف
2014 / 10 / 24 - 14:04     

لا أعرف عبدالله خليفة شخصيا, ولم أعرفه إلى من خلال قراءتي لموقع الحوار المتمدن, والذي منحني وغيري دون اتفاق مسبق, حق النشر دون أي مقابل أو شروط تذكر, كما هو معتاد من قبل المواقع الغير مستقلة, وبالصدفة علمت أن الموقع يُحجب في بعض البلدان, من خلال الحديث مع بعض الأصدقاء.

قرأت للكاتب والمثقف العضوي, عبدالله خليفة, عبر الحوار المتمدن, ونال استحساني الإدراك العميق لهذا الانسان, ولفهمه لصور الثقافات الانسانية,الفلسفات والقيم الدينية, وأدركت أن ذلك لم يأتي من فراغ, بل من عمق تجربة معرفية ونضالية طويلة المدى.

لم أتحصل على الفرصة والمقدرة لقراءة كل الكتابات التي كتبها الأستاذ عبدالله خليفة في الحوار المتمدن, ولكني أطلعت على عدد من محدود من الدراسات والمقالات الطويلة والقصيرة التي كتبها في الحوار المتمدن, كان فعلا كاتبا متميزا ومفكرا قادر على العطاء المستمر, لا يكل عن تقديم مخزون المعرفة الذي تراكم لديه.

وعلمت بالصدفة أنه من عرب البحرين, وأنه كان قد أنضوا في حقل الحياة التنظيمية النضالية والبحث عن المعرفة منذ زمن بعيد, وتفهمت دوره وواقعه لكوني كنت قد أطلعت على التجربة الثقافية والفكرية ونضال اليسار في البحرين, منذ مرحلة مراهقتي بالصدفة, من خلال الصدفة وعبر مطبوعات ثقافية وسياسية تنظيمية كان يجمعها أخي الكبير وبمعنى أدق أبن عمي ومثلي الأعلى, وكانت تتحدث تلك المواد عن واقع البحرين والحركة الثقافية,النقابية ونضال اليسار فيه , منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي, والأستاذ عبدالله خليفة, كان جزء من ذلك الواقع في أرض البحرين.

ودون أي مجاملة ولاسيما لكوني من قوم ليسوا من أهل هذا السلوك, إلى فيما يحفض الود, يمكني القول أن الأستاذ عبدالله خليفة, كان يمثل بالنسبة لشخصي من أبرز الكتاب المثقفين, والذين كتبوا في الحوار المتمدن, كان صاحب مصداقية فكرية أستطاعت أن تضع أقدامها بقوة على واقع المجال الثقافي والفكري العربي.

وخلال الشهرين الأخيرين لفت إنتباهي أن الراحل لا زال يكتب بكم كبير وكيفية متميزة وقلت في نفسي أن مثل هذا الإلتزام الفكري ليس مرهق فحسب, بل هو قاتل بالضربة القاضية, أحببت أن أتواصل معه بأي طريقة هو وغيره ممن جذبوني بما قدموه على الحوار المتمدن, وبحكم ظروفي الخاصة, لم تتسنى لي تلك الرغبة في التحقق بعد.

وفجأة في 23 أكتوبر, وقعت عيناي على عدة مقالات لزملاء فهمت من محتواها, أن الأستاذ العزيز عبدالله خليفة, قد غادرنا جسدا, وكان ذلك بالنسبة لي تحديدا مفاجاة اسفرت عن رحيل إنسان تعودت على حضوره الثقافي والفكري المستمر, في موقع ثقافي,فكري إعلامي, أصبحت بجزء منه, ودون مبالغة سألت نفسي, هل يتحمل الحوار المتمدن غياب عبدالله خليفة؟! أعتقد أنه حاضر بيننا في ظل العطاء الفكري والمعرفي الذي تركه لنا.