يعقوب ابراهامي وماركسية الفول والشعير2


حسقيل قوجمان
2014 / 10 / 17 - 13:12     

يعقوب ابراهامي وماركسية الفول والشعير2
يتساءل يعقوب لماذا لم تحدث ثورات اشتراكية في الدول الصناعية الكبرى رغم حتمية الثورة الاجتماعية وفقا للنظرية الماركسية. والجواب على ذلك هو الصراع الطبقي الذي شرحه ماركس ووجود طبقات رجعية تمتلك كل وسائل قمع الثورات وليست لدى الطبقة العاملة والكادحين غير وحدتها وتنظيمها وقيادتها لتحقيق الثورة. ومن المفروض ان حتى يعقوب بصفته صهيوني يساري يمارس صراعا طبقيا ضد الصهيونية اليمينية ويشعر بالقمع الوحشي الذي تمارسه الدولة الاسرائيلية ضد ثورات التحرر العربية من استعمارها. او هل يعتقد يعقوب انه ليس في اسرائيل صراع طبقي كما يعتقد ان ليس في اسرائيل فائض قيمة؟
والتاريخ يسجل ان الطبقة العاملة قامت بثورتها الاشتراكية في روسيا ونجحت في بناء مجتمع اشتراكي وان محاربتها من قبل كافة الدول الامبريالية ونشوء عملاء لها في داخل الحزب الشيوعي بعد ان فقد الحزب خيرة مناضليه في الدفاع عن الوطن الاشتراكي ضد اوروبا النازية كلها الى سقوط الاشتراكية ونشوء روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق الراسمالية من جديد. والتاريخ يعرف ايضا ثورات ومحاولات ثورات في بلدان اوروبية اخرى. ويعرف العالم اليوم وجود حركات شعبية في جميع الدول الراسمالية الامبريالية تناضل في سبيل تحقيق الثورات في بلدانها اذكر على سبيل المثال فقط حركة ما يسمى حركة التسعة والتسعين بالمائة في الولايات المتحدة.
وما هو سر هذا التشابه التام بين نمو البرعم داخل حبة الفول ونظرية كارل ماركس في الصراع الطبقي في المجتمع الراسمالي بحيث حتى يعقوب ابراهامي شعر به؟" – يسأل حسقيل قوجمان ثم يجيب بلهجة من اكتشف سراً من أسرار الكون: "السر هو ان كلتا الحركتين حركتان ديالكتيكيتان تجريان وفقا لقوانين المادية الديالكتيكية". ليس غريبا ان يعجب يعقوب لجواب حسقيل على هذا السؤال اذ انه لا يؤمن بوجود حركة في الطبيعة الجامدة التي ليس لها دماغ اساسا فكيف يؤمن بان هذه الحركة تجري بموجب القوانين الديالكتيكية التي لا يؤمن بوجودها اصلا بل يعتبرها ويكتب عنها كخرافة. هذا شانه واذا كانت الحركة الديالكتيكية حقيقة علمية فلا يؤثر انكار يعقوب او غيره لها عليها.
لكن الإنسان، عزيزي قوجمان، هو ليس حبة فول. وهو بالتأكيد ليس شعيراً ناهيك عن فرخ دجاجة. وما ينطبق على حبة الفول (وعلى الشعير وفرخ الدجاجة) لا ينطبق على الإنسان الواعي صاحب الإرادة الحرة. كيف إذن ستتحقق "قوانين" الديالكتيك (الأربعة) على المجتمع البشري رغم إرادة الإنسان الواعي؟ من سيفرضها عليه؟
اذا اراد يعقوب حقا ان يتلقى جوابا على هذا السؤال عليه ان يقرأ الفصول الاولى من كتاب الراسمال لان ماركس فيها يبحث المادية التاريخية، وهي المادية الديالكتيكية ذاتها في تطور المجتمع، يبحث التحولات الكمية والنوعية وضرورة تحول علاقات الانتاج لكي تتسق مع تطور قوى الانتاج بالاستقلال عن الانسان الواعي صاحب الارادة الحرة. وباختصار ان الطبيعة هي التي تحتم تحقق القوانين (الاربعة) وحققتها حين كان الانسان لا يختلف كثيرا عن الحيوان فور تحوله من الحيوان الى الانسان وما زالت هذه القوانين تتحقق في جسم يعقوب في الحركات اللاارادية الكثيرة فيه.
اذا تفحصنا جسم يعقوب والجسم البشري عموما نجد ان في الجسم تجري مئات او الاف الحركات في كل ثانية من حياته ليس فقط بالاستقلال عن ارادته ووعيه وافكاره بل كذلك بالاستقلال حتى عن احساسه اذ هو لا يشعر بها لكي يستطيع استخدام ارادته الحرة في تنظيمها. حركات تجري من اجزاء الجسم الى الدماغ ومن الدماغ الى اجزاء الجسم بسرع تقرب من سرعة الضوء لم يعرف الانسان شيئا عنها لملايين السينين ولم يشعر بها. ولكن تطور قوى الانتاج في نطاق العلوم كان يعني اكتشاف الانسان كل مرة لاحدى هذه الحركات فتتحول الى علم. ولكن اكتشافها لا يؤدي الى قدرة الانسان على التدخل في الحركة او تغييرها او تغيير اتجاهها. بل ان العلم يسمح للانسان فرصة محاولة معالجة الاختلال الذي يطرأ على الحركة ويعرقل جريانها. وعلى سبيل المثال فقط اشير الى حركة الدورة الدموية. كانت الدورة الدموية تجري في جسم الانسان منذ نشوء اول انسان على الكرة الارضية ولم يكن يعرف ذلك الى ان اكتشف الانسان الدورة الدموية فاصبحت علما. ولكن العلم لم يجعل في مقدور الانسان ان يتلاعب في الدورة بل استمرت الدورة الدموية تجري في الجسم بالاستقلال عن ارادة وفكر ووعي وشعور الانسان وتستمر حتى اخر نبضة في قلب الانسان حين يعود بعدها الى الطبيعة التي انجبته ليتحول الى (سطل مي وشوية صوديوم بوتاسيوم). وما زال العلم يكتشف حركات اخرى في جسم الانسان اشير فقط الى اكتشاف خارطة الجينات لانها من اواخر الاكتشافات التي اكتشفها العلم.
"عندما سألتُ حسقيل قوجمان: "متى ستتحول علاقات الانتاج الراسمالية الى علاقات انتاج شيوعية؟ أجابني: "حين تتخلص الطبقة العاملة من الفئات الانتهازية المثبطة لنضالاتها وتحقق شعار ماركس يا عمال العالم اتحدوا".(وانا طبعا لن اجيب على اسئلة يعقوب لانني قاطعته ولكني اكتب الى قرائه وقرائي لاطلاعهم على جهله). "على ضوء ما يجري في العالم اليوم ... يبدو لي إن تحقيق ذلك بعيدٌ جداً." ثم يثرثر طويلا عن ان عدم تحقق ذلك يدل على ارادة الانسان وعلى ان الراسمالية قادرة على التكيف. ونحن نرى كيف استطاعة الراسمالية ان تتكيف في افغانستان والعراق والباكستان في ارجاء العالم وتحويل الانتاج الراسمالي من انتاج ما يفيد الانسان الى انتاج ما يبيده. ويجهل يعقوب ان الصراع الطبقي يجري بين طبقات بشرية يناقض بعضها البعض وان تحقق التحول فيها يعتمد على قوى النقيض النامي ضد النقيض المسيطر وليس على ارادتهم وان الصراع وتطوره هو الذي يجري وفقا للقوانين الديالكتيكية بتغيراته الكمية والنوعية خلال مدة الصراع.
ويتوصل يعقوب الى انه "ليس هناك حتمية تاريخية مفروضة على الإنسان رغم إرادته. هذه خرافة." فليستمر يعقوب على خرافته ولكن التاريخ يسير بالاستقلال عنه.
"يغضب حسقيل قوجمان عندما نقول له إنه يتكلم بلغة لا يفهمها أحد. لغة من اختراعه هو. أنا أطلقتُ عليها اسم: اللغة القوجمانية.
انا لم ولن اغضب لكل اتهامات يعقوب المتواصلة طوال سنوات كتابته وتعليقاته ضدي لانها كلها لا قيمة علمية او ادبية او اخلاقية لها. هنا ايضا يكذب يعقوب لان اللغة التي لايفهمها احد هي عبارة مرادفة لقوله ليست لغة البشر. ان تواضع يعقوب الفائق والنادر يجعله يعتقد انه اذا لم يفهم اللغة القوجمانية فليس في البشرية من يفهمها. وان اطلاق اسم اللغة القوجمانية كان لتغطية فضيحة قوله الذي يتعدى نطاق التهجم الشخصي المعتاد في كل كتاباته عن حسقيل الى حد الشتيمة او السبة. وما هي اللغة التي لا يفهمها احد؟ اليكم الجواب:
"خذوا على سبيل المثال غولاً ذا رأسين يسميه حسقيل قوجمان: علم المادية الديالكتيكية. في أي لغة من لغات العالم المتحضر سمعتم أو قرأتم أو رأيتم مخلوقاً كهذا؟"
الجواب هو ان الغول ذا الراسين موجود فقط في دماغ يعقوب. والعالم لم يقرأ او يرى مخلوقا كهذا الا باللغة الابراهامية. وهو يفتريه على حسقيل مع سبق الاصرار والترصد. ويعقوب هو الذي يعتبر المادية الديالكتيكية غولا ذا راسين يقض مضجعه وينغص عليه حياته ويريد من حسقيل ان يجاريه في لغته هذه. اما البشرية فلديها علم عظيم، اكتشفه ماركس من الطبيعة وعلمهم اياه ليكون لهم دليلا للعمل في كل بحوثهم العلمية بلا استثناء. ان يعقوب يتحدث كآن حسقيل قوجمان هو الشخص الوحيد في البشرية الذي يتحدث عن علم المادية الديالكتيكية.
ان النقاش عن الديالكتيك انتشر قبل ان يكتشف كارل ماركس المادية الديالكتيكية بحيث قال ان النقاش عن الديالكتيك اصبح الموضة واعتبر انه لذلك سمى نفسه تلميذ هيغل رغم ان ديالكتيكه لا يختلف عن ديالكتيك هيغل وحسب بل هو نقيضه. وما زال النقاش حول ما اذا كانت المادية الديالكتيكية علما ام فلسفة ام خرافة حتى يومنا هذا ونقاشنا اليوم برهان على ذلك.