الطبقة العاملة والتحزب الشيوعي-القسم الثاني


كورش مدرسي
2014 / 10 / 15 - 15:31     

ترجمة: فارس محمود
ندوة في جمعية ماركس-حكمت
السبت 20 تشرين الثاني 2010

مرة اخرى حول مفاهيم اجتماعية واجتماعية- طبقية

اشرت الى اعتقادي بامر الا وهو اما ليس للمجتمع والمفهوم الاجتماعي عند اليسار في ايران مكان اساساً او يفهمه كشهرة، ومشهور ومعروف مثل فنان، مطرب، رياضي وغيره، وفي كل الاحوال غير طبقي ويتعلق بمجتمع بدون طبقة او شعبي. انظر الى الشخصيات المسماة معروفة، وحسب زعمه اجتماعي، لليسار. ليس لهم حضور ولامنهمكين في الحياة والنضال القائم والموضوعي للطبقة العاملة. ان شهرتهم ناجمة عن اعمال اخرى ومنفصلة عن المجتمع والحياة الاجتماعية للطبقة العاملة.

التحزب العمالي مقولة تربط مفهومين او فونكسيونين اجتماعيين وطبقيين. اولاً اجتماعي وثانياً طبقي.

اجتماعي يعني بالاساس تجمع اناس يتجمعوا بصورة واعية الان بابعاد اجتماعية (بغض النظر عن كبر وصغر نطاق تدخلهم) كي يقوموا بنشاطهم الاجتماعي بصورة اكثر تمركزاً وتنظيماً ويغيروا المحيط الذي هم ناشطين فيه. ان هذا التجمع والتمركز ليس من اجل حملة. بل من اجل تنظيم نشاط سياسي واجتماعي مستمر وشامل.

طبقي لانه يرتبط بالطبقة العاملة. ان موضوع عمله (اي التجمع-م) هو الطبقة العاملة وهدفه تقليص الفرقة داخل صفوف الطبقة العاملة واعدادها وقيادتها لانتزاع السلطة السياسية.

التحزب الشيوعي للطبقة العاملة هو اجتماعي كذلك، ولكن ليس بوصفه اجتماعي على العموم بحيث لايكون معلوماً الصلة الطبقية لهذه الاجتماعية او لايمكن التعبير عنه بصورة تحليلية او ايديولوجية. انه ليس تشكل اناس تتمثل صلتهم الوحيدة بالطبقة العاملة صلة ايديولوجية، ايديولوجية وفق زعمهم. انه تشكل قادة وناشطين موجودين فعلاً في الطبقة العاملة، وساتناول هذا الامر بالتفصيل لاحقاً. ان هذا التشكل او التحزب، ليس تشكل او تحزب طلبة، تجمع اناس طيبين وجيدين، تجمع اناس قليلي التاثير في محيطهم الاجتماعي، تجمع اناس مشهورين او مناصري هذا الحزب او ذاك.

حين يتحدث اليسار عادة عن التحزب الشيوعي، يذهب الى تنظيم مؤيديه ويسعى الى احلالهم كبديل للقادة والناشطين القائمين للطبقة العاملة، وان نتيجة هذا العمل هي ليست عدم النجاح، بل انه يضعف التنظيم داخل الطبقة كذلك. التحزب، مثلما هو متعارف لدى اليسار، هو تجمع اناس لادور لهم في محيط اطرافهم، وبالتالي، لايتمتع بفكرة كيفية تنظيم الجماهير العمالية. ولهذا لايحتاج الى صلاحيات محلية، ليس هذا وحسب، ولكن ليس بوسعه ان يعيش دون ان يغذى بملعقة السياسة والتوصيات التي تاتيه من فوق. اذا لم تاتيه يوماً ما تعليمات، فانه اما يقوم باعمال عجيبة وغريبة او يبقى لايعرف اي عمل ينبغي ان يقوم به.
حين نتحدث عن تحزب الطبقة العاملة، فاننا نتحدث عن التحزب داخل الطبقة العاملة وليس بين البرجوازيين الصغار، الطلبة او المجتمع بصورة عامة. ان اشكال التنظيم بين سائر فئات واقسام المجتمع لها مكانها ومهمة دون شك، بيد ان الموضوع يتعلق هنا باساس التحزب الشيوعي. بوجود مثل هذا التحزب فقط في اكثر الصعد اساسية، يمكن المضي صوب اشكال التنظيم الاخرى ومناقشتها.

التحزب الشيوعي: حوار مرة اخرى مع موضوعة اللجان الشيوعية.

ان بحث اللجان الشيوعية (1) كان بالاساس مسعى للرد على معضلات تمسك بصورة مزمنة بخناق التحزب الشيوعي داخل الطبقة العاملة، وقد تناولناها في الاقسام السابقة. في موضوعة اللجان الشيوعية، انطلقنا بضرورة بناء الحزب الشيوعي للطبقة العاملة على اساس فونكسيون اجتماعي وطبقي، وقد وضحنا ان هذا الفونكسيون هو بالاساس ليس سوى نشاط القادة والمحرضين الشيوعيين للطبقة العاملة، ولايمكن ان يكون غير ذلك.

ان مقالات "اللجان الشيوعية" و"تقييم تجربة عامين" الواردتين في اخر الموضوع كملحق، وهنا وبدل ان اكرر تلك المواضيع، ينبغي بدءاً ان اتناول بصورة موجزة النقاط الاساسية، وبعدها، اتناول المكانة الراهنة والخطوات التي ينبغي اتخاذها.

ماهي اللجان الشيوعية؟

اللجان الشيوعية هي جمع واعي من القادة، المحرضين والناشطين الشيوعيين الموجودين الان في الطبقة العاملة، في منطقة جغرافية محددة بهدف قيادة نضال الطبقة العاملة في مجمل اوجهه. اود ان اؤكد هنا على هذه الخصائص والسمات. سمات تلعب دور محوري في اضفاء هوية على هذه اللجان.

الف- ان هذه اللجان هي ليست جمع اناس طيبين، معارضين للجمهورية الاسلامية، يعتبرون انفسهم شيوعيين، يحبون "ان يقوموا بنشاط"، يتحدثون بكلام جميل، سياسيين اجمالاً، دعاة حقيقة في الانترنيت او صرفاً اعضاء ومؤيدي هذا الحزب السياسي الخاص او ذاك. اللجان الشيوعية هي تجمع قادة وناشطين شيوعيين منهمكين وراسخين للطبقة العاملة، ناشطين في رحم وسياق الشبكات القائمة للقادة، الناشطين والمحرضين الشيوعيين، وخبروهم الاخرين وجرّبهم ورافعة وحدة ونضال قسم معلوم من الطبقة العاملة في النضال ضد الراسمالي والراسمالية. يمثل هؤلاء "الاشخاص" طيف واسع جداً من القادة والناشطين الحاليين للطبقة العاملة، وهم موجودين اليوم اساساً على شكل حلقات عمال شيوعيين داخل الطبقة العاملة في ايران. ان هذا الطيف هو المادة الاساسية لاي نوع من التحزب الشيوعي للطبقة العاملة.

ب- ان اعضاء هذه اللجان هم اناس يتجمعوا بصورة واعية حول بلاتفورم شيوعي معين ويتعهدوا ان في كل حالة اتخاذ قرار ما، عبر تصويت الاغلبية، بان تقوم مجمل اللجنة بتنفيذه. ان هذا التعهد هو اساس اي نوع من التنظيم الحزبي واساس اختلافه مع سائر الاشكال "المتحولة" او مايسمى الاكثر مطاطية من التنظيم، مثل الحلقات، التي تعد حياتيتها واهميتها امر في مكانه.

ت- واختلافاً عن شبكة الحلقات القائمة داخل الطبقة العاملة، ترتبط اللجان الشيوعية بجغرافية معينة معلومة، مثلاً معمل ما، محلة ما (والتي يمكن ان تتضمن معمل او عدة معامل او مصنع ايضاً)، مدينة، او اي نطاق جغرافي اخر. ان هذه اللجان، وفي حالة عدم ارتباطها وانتمائها لجغرافية معلومة، يمكن ان تتحول الى شكل اخر من الحلقات او من المحتمل كثيرا ان تنفصل اقدامها عن الارضية الطبقية التي هي نقطة قدرتها.

ث- ينبغي ان تغطي اللجان الشيوعية مجمل اوجه النضال الطبقي. تشرع الطبقة العاملة بصورة تلقائية من النضال الاقتصادي، والذي هو احد اكثر ركائز اوجه النضال لاي لجنة شيوعية كذلك دون شك. ولكننا اشرنا في الاقسام السابقة الى ان هجوم البرجوازية على الطبقة العاملة، وقبل ان يكون القمع الفيزيقي، يستند الى التبليه السياسي، الثقافي والاجتماعي. وذكرنا ان هذا الافق البرجوازي وحرمان الطبقة العاملة من نيل المكتسبات الفكرية، الثقافية والسياسية للمجتمع هو اساس اكثر اهمية في تامين تشتت الطبقة العاملة وفرقتها وسيادة طبقة الراسمال. ان سمة القمع بالنسبة للبرجوازية هو، قبل كل شيء، يضم ويؤمن سيادة هذه الافق، وهذا الرضا بالعالم القائم داخل الطبقة العاملة.

وعليه، اذا اراد نشاط اللجان الشيوعية ان يخرج عن النطاق المحدود والمفروض على نشاط الشبكات العمالية، ينبغي عليه ان يشمل مجمل اوجه نضال الطبقة العاملة وحياتها. بدون تصفية الحساب مع المعطيات السياسية للبرجوازية، بدون النضال ضد النزعة الرجولية في تفكير وعمل العمال، بدون تبيان دور الدين في بث الفرقة والتشتت بين العمال، بدون النضال ضد المعطيات القومية من اي شكل ونوع كانت، بدون الصراع مع محدودية الرؤية والنزعة المحافظة القائمة داخل الطبقة العاملة وناشطيها، بدون النضال ضد الشعبوية التي يضخها اليسار غير العمالي بصورة مبرمجة داخل الطبقة العاملة، بدون النضال من اجل ان تتعلم الطبقة العاملة امر ان تنظر الى اي ظاهرة، سياسة وتحول اجتماعي وفق محك طبقي، بدون معرفة اختلاف مصلحة الطبقة العاملة عن باقي الطبقات الاخرى وغير ذلك لايمكن تعميم وتوسيع الوعي الذاتي الطبقي داخل الطبقة العاملة، ولايمكن المضي صوب محاربة التفرقة القائمة داخل الطبقة العاملة.

ح- لاتشمل هذه اللجان العمال فقط، وعليها ان لاتكون كذلك. ينبغي ان تتضمن شيوعيين هم في جغرافية معلومة ولهم دور في وحدة الطبقة العاملة ووعيها ونضالها. لقد اشرت سابقاً الى امر وهو: بدون وجود المثقفين الشيوعيين، بدون وجود جمع اناس اخرين بوسعهم ان يغطوا مجمل اوجه النضال الطبقي، لن تكون الطبقة العاملة قادرة على مجابهة البرجوازية.

في بحث اللجان الشيوعية، ذكرنا:
"ان هذه اللجان هي تجمع "انهم كوادر او قادة جماهيريين واجتماعيين او منظمين جماهيريين من الطراز الاول او منظمين حزبيين من الطراز الاول، او مسؤوليين عسكريين من الدرجة الاولى، او استناداً لدور اي لجنة خاصة، متخصصين اخرين ايضاً يمنحون اللجنة امكانية لعب دور سياسي، نضالي، فكري، عملي وتنظيمي اجتماعي وحزبي سوية. انهم اناس ينظمون بصورة متحدة وسوية هذه التحركات. بدون دمج القادة الاجتماعيين والمنظمين الجماهيريين والاجتماعيين مع القادة والمنظمين والمتخصصين التنظيميين الحزبيين في مؤسسة واحدة، سيحيل امر القيادة الاجتماعية الى مماهاة هزيلة واستعراض سياسي وتنظيمي وامر التمركز التنظيمي الى تنظيم غير واقعي وغير اجتماعي بصورة لاندحة عنها.
اننا بحاجة الى تنظيم يكون اساس تمركزه نموذج جديد من تمركز ينطبق مع مجمل ابحاث اسلوب العمل واسلوب تنظيم شيوعيتنا، شيوعية منصور حكمت. تمركز يعد بعده الاجتماعي مَعْلَمِهِ الاساسي. تمركز يعجن المجتمع والحزب سوية ويجعلهما امراً واحداً فيه. تمركز بمقدوره ان يجعل التفاعلات الاجتماعية والجماهيرية وكذلك التفاعلات التنظيمية الحزبية امراً ممكناً معاً، ويخلق فعلاً تمركز حزبي في حيز ما او جغرافية ما."

وفي تقييم تجربة عامين من نشاط هذه اللجان، اكدنا على:
" ان اختلاف مهم في التحزب الشيوعي هو طبقيته، وفي الوقت ذاته، لاصنفيته. صحيح ان بوسع حزب شيوعي ان يشكل منظمات غير حزبية وبعض الاحيان حزبية ذا صلة بهذا القسم او الفرع او ذاك، بيد ان الحزب نفسه، وارتباطاً بالثورة الشيوعية العمالية، هو ظاهرة اجتماعية بالضبط مثل احزاب الحركات البرجوازية التي هي طبقية ولكنها ليست صنفية. الحزب الشيوعي طبقي كذلك ولكن ليس صنفياً. الحركة الشيوعية العمالية هي رد على مجمل مسائل المجتمع، ومن بينها المسائل الصنفية للطبقة العاملة.
وبالتالي، فان سمة محورية ومهمة لنشاط الشيوعية العمالية هو انه ينظم شيوعيي مكان ما، وليس شيوعيي هذا الصنف او الفرع او ذاك. وعلى هذا الاساس، فان منظمة وتنظيم الحزب الشيوعي ليس صنفياً. وكان هذا جدل قديم مابين الشيوعية العمالية والشيوعية البرجوازية وتصاعد بالاخص في جدالات الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي في اوائل القرن العشرين.
وحسب قول لينين، الحزب الشيوعي في مكان ما ليس مجموعة تنظيمات شيوعية لاصناف وجنسيات او امم مختلفة مثل العمال الرجال، العمال النساء، المستخدمين، الطلبة، بائعات الجنس، الجنود وغيرهم. انها منظمة شيوعيين مكان ما. ان الحزب الشيوعي في مكان ما ينظم ويوظف العامل الشيوعي، الطالب الشيوعي، الجندي الشيوعي، المراة او الرجل الشيوعي، بائعة الجنس الشيوعية، وبكلام محدد الناس الشيوعيين سوية في منظمة واحدة في لجنة شيوعية واحدة.
تكمن قدرة المنظمة الشيوعية هنا بالضبط. الشيوعية حركة اجتماعية تخص كل المجتمع. وعليه، ينبغي على اللجنة الشيوعية لمعمل الحديد او المصفى الفلاني ن تنظم شيوعيي ذلك المحيط (القادة، المنظمين و.... لذلك المحيط) بمعزل عن صنفهم. يمكن وينبغي ان يكون هناك مكاناً في هذه اللجان للعامل، للموظف، الشاب، والمراة "ربة البيت" وغيرها الذين ذا صلة بهذا المحيط. مثلما ان على اللجنة المتعلقة بجامعة طهران ان تشمل الطالب، الاستاذ، الموظف، الحمال، عامل النظافة والتقني الشيوعي وغيره لتلك الجامعة، وتسعى لاطلاق ايديها في هذا المحيط.
وفي الحقيقة ان لجاننا الشيوعية بقيت صنفية في اغلب الاحيان. ويصح هذا بالاخص على اللجان الناشطة بين العمال وكذلك اللجان الناشطة في المحيط الجامعي. توجه هذه المحدودية كثيراً ضربة للسمة الحركية-الاجتماعية ولقدرة وامكانية هذه اللجان. انها في المعامل تسوق هذه اللجان نحو الانحباس في تشكيلات ونشاطات سنديكالستية، وتقصرها في الجامعات في اطار محيط المثقفين وتبث انعدام الثبات فيها. وامتداداً لهذا، تتحول اللجان الشيوعية النشطة بين العمال الى لجنة نقابية واللجنة الناشطة في الجامعة والمدرسة والحلة الى لجان قليلة امكانيات، قليلة تجربة وقليلة التجذر".
اللجان الشيوعية- من اين ينبغي ان نبدء؟
لقد تم طرح بحث اللجان الشيوعية بوصفه سياسة تنظيمية للحزب الحكمتي، ولازال لحد الان سياسة رسمية للحزب كذلك. وعليه، يعني بوصفه سياسة تنظيمية لحزب خاص ومعين، ولهذا فان سمة "ما فوق" واضحة عليها بالضرورة، اي ان هذا الحزب ينظم مثل هذه اللجان بوصفها امتداده التنظيمي.
ان الحزب الحكمتي او اي حزب اخر يعتبر هذه السياسة صحيحة وسعى الى اتخاذها هو امر ايجابي دون شك ويساعد في تنظيم هذه اللجان بوصفها جزء من تنظيم الحزب هو امر ضروري وينبغي الترحيب بذلك.
بيد ان موضوعتي هنا هو ان اقتصار تشكيل اللجان الشيوعية الى نشاط تنظيمي لحزب هو محدودية غير ضرورية. لعدة اسباب:
الف- مثلما وضحنا في القسم الاول من البحث، ان مدى ونطاق وصول الاحزاب اليسارية للطبقة العاملة هو امر محدود جداً. وعليه، فان قصر اللجان الشيوعية على ذلك القسم فقط من الطبقة العاملة الذي للحزب الحكمتي او اي حزب اخر لها صلة معه، يعني عملياً قصر مدى ونطاق تنظيم هذه اللجان وقصر التحزب الشيوعي في الطبقة العاملة على مايمكن ان تقوم به الاحزاب اليسارية في هذه المرحلة.
ب- مرة اخرى، لقد وضحت في الفصل السابق انه بغض النظر عن المحدودية العملية لوصول الاحزاب اليسارية للطبقة العاملة الناجمة عن ضغط "القمع"، فان هذه الاحزاب من زاوية خطها ومن حيث الحركة لديها "معضلة" فيما يخص الارتباط بالطبقة العاملة. ان اغلبية ناشطي الطبقة العاملة متاثرين بالمعطيات، المفاهيم، التقاليد والخرافات البرجوازية. ان قصر مدى ونطاق عمل وتشكيل اللجان الشيوعية والتحزب الشيوعي على محدوديات اليسار على صعيد الحركة والخط هو اطلاق النار على اسفل القدم. ان معلمينا ومنظمينا في اليسار هم بحاجة اكثر من ناشطي الطبقة العاملة للتربية والتغيير.
يستلهم هذا التغيير دون شك من النقاشات، المساعي، والتجارب الداخلية لحزب مثل الحزب الحكمتي. ان هذه المساعي مخلصة وينبغي القيام بها. ان الاداة الاهم في تحقيق مثل هذا التغيير او الانتقالة الطبقية والاجتماعية هو وجود ضغط وواقع قائم من "اسفل" ايضاً. اذا كانت شبكات الحلقات الشيوعية في الطبقة العاملة تتشكل بموازاة هذه المساعي التي "من اعلى"، فان بوسع قفزة وطفرة في احزاب مثل الحزب الحكمتي كذلك ان تعجّل وتسرّع بالامر. وان هذه الطفرة تؤثر بصورة مقابلة على عملية تشكيل وتنامي التحزب الشيوعي للطبقة العاملة.
ت- ثمة عنصر اخر وهو: انها لحقيقة ان التجزء والاصطفاف على صعيد الخط بين الناشطين الشيوعيين للطبقة العاملة لم يجري لحد الان. ان قصر اللجان الشيوعية والتحزب الشيوعي في الطبقة العاملة على مؤيدي هذا الحزب او ذاك او هذا الخط او ذاك يحدد ويضيق من نطاق وجود هذا التحزب الشيوعي في الاوضاع القائمة. في الواقع ان بوسع القادة والناشطين الشيوعيين في الطبقة العاملة في الاوضاع الحالية ان يخلقوا اتحاد اوسع واكثر تركيزاً وعمقاً، بين انفسهم، مثلما يتحدث عن ذلك البيان الشيوعي، ويؤثر مباشرة على اتحاد الطبقة العاملة ووعيها. ان خطّية (أي انتمائها لخط واحد-م) هذه اللجان هي ظاهرة يجب ان تجري وستجري بمعزل عن ارادة اي شخص. بيد ان القفز من زاوية الاوضاع الراهنة ووعدم السماح بتبلور هذا الخط لدى اللجان على اساس نضالها وتجربتها النضالية في خضم نضال سياسي-طبقي في المجتمع هو بضررنا بصورة مباشرة. ان وجود لجان شيوعية، وحتى ببلاتفورم وبرنامج عمل شيوعي منفتح بالنسبة لخط شيوعي فعلاَ يوفر افضل امكانية الى تعميق خطه بوصفه الخط السائد. ينبغي عدم الخوف من هذه الظاهرة.
ث- نظراً لضعف تجربة النضال ضد الشرطة او التوفيق الصحيح بين العمل العلني والسري والقانوني وغير القانوني بين الناشطين الشيوعيين للطبقة العاملة، فان الانتماء الرسمي للجنة شيوعية لحزب خاص هو مكبّل كثيرا لايادي هذه اللجان من الناحية الامنية. ان تاسيس اللجان الشيوعية، بدون الانتماء الرسمي لحزب خاص معين، ونشاط هذه اللجان هي افضل حمالة وخط ناقل للتغلب على نقطة الضعف هذه. ان هذا يوفر المجال للجان ان تتعلم خبايا وفن النضال ضد الشرطة وتوفيق العمل العلني والسري باقل ثمن ممكن.
وبالتالي، فان موضوعتي هنا هي: ينبغي ان يتخطى تشكيل اللجان الشيوعية السياسة التنظيمية لحزب خاص، وتحوله الى نداء واقعي وعملي ويمكن تطبيقه واتخاذه من قبل فئة واسعة من الناشطين الشيوعيين. ينبغي السعي لتنظيم حركة حول مثل هذا النداء. لاينتمي طليعيوا الدفع بحركة اللجان الشيوعية الى حزب خاص بالضرورة.
البلاتفورم (برنامج العمل)
ثمة سؤال من الطبيعي ان يطرح هنا الا هو: ماهو البلاتفورم والبرنامج الذي تتشكل هذه اللجان حولها؟ هل ينبغي ان تتشكل هذه اللجان عموماً من قبل اناس يعتبرون انفسهم شيوعيين او ان يكون لها برنامجاً محدوداً اكثر؟
نظراً لكون كلمة شيوعي اليوم لها تعاريف مختلفة ومشوشة كثيراً، فان التجمع صرفاً حول كلمة شيوعي لايفيد بشيء. زد على ذلك، ان تشكيل شيوعيين على العموم في قالب شبكة الناشطين الشيوعيين هو موجود الان وان هيكل جديد في اطار القالب نفسه من الصعوبة ان يكون قادراً على ان يتعدى نطاق نشاط هذه الشبكة. ولهذا، ينبغي ان يكون لهذه اللجان بلاتفورم اكثر تحديداً.
ان افضل بلاتفورم يمكن الانطلاق منه هو الذي يحدده البيان الشيوعي نفسه. تشمل هذه اللجان شيوعيين متشكلين من اجل وحدة الطبقة العاملة من زاوية تنظيم الثورة الاشتراكية والاطاحة بحكومة طبقة الراسمال. ومثلما يتحدث البيان الشيوعي، ينبغي ان تتعهد هذه اللجان بـ:
• في نضال الامم المختلفة، تضع امام الانظار المصالح المشتركة لمجمل البروليتاريا بغض النظر عن قومايتهم وتدافع عنها،
• في المراحل المختلفة التي يمر بها الصراع الاقتصادي والسياسي للبروليتاريا والبرجوازية، يمثلون دوماً مصالح مجمل الحركة الاشتراكية للطبقة العاملة،
• ان يكونوا عملياً اكثر اقسام الاحزاب العمالية عزماً في مجمل البلدان ومحركاً دوماً للحركة للامام، ان يكونوا طليعة ومنظم واكثر اقسام الطبقة العاملة عزماً في النضال الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي، والسياسي للطبقة العاملة.
• محرك ومحور الاتحاد الداخلي للطبقة العاملة، ليس العمال العاملين في هذا القسم او ذاك فحسب، ليست هذه الامة او تلك، ولا هذا الجنس او ذاك، بل مجمل الطبقة العاملة سواء اكانوا عاملين اوعاطلين، نساء اورجال، كرد اوفرس اوترك اوغيرهم ومجمل العوائل العمالية في مجمل ميادين حياتها ونضالها.
• ان اقرب هدف لهذه اللجنة هو تشكيل البورليتاريا بوصفها طبقة، الاطاحة بسلطة البرجوازية وانتزاع السلطة السياسي الحاكمة للبروليتاريا.
ان مثل هذا البلاتفورم هو منفتح بحد كاف بحيث ان بوسع القسم الطليعي والناشطين الشيوعيين للطبقة العاملة ان يجدوا مكان لهم هناك وان يكون محدداً بصورة وافية بحيث لاتكون هذه اللجان مرنة اكثر من اللازم.
التعهد التنظيمي
تبقى هذه اللجان محدودة في اطار الشبكات الحلقية ذاتها ان افتقدت للتعهد التنظيمي والانضباطي. يشمل التعهد التالي:
1- تتم مناقشة الامور وتبادل الراي حولها، وما ان يتم التوصل الى قرار ما عبر قرار الاغلبية، على الجميع القيام بتنفيذه.
2- يتعهد الجميع بصيانة اسرار وامان اللجنة. يتعهد الجميع بمبدأ الحد الادنى من المعلومات (يعرف كل امرء بقدر ما يدفع بنشاطه، وبدونه لايتقدم للامام). يتعهد الجميع بتقسيم عمل داخل اللجنة.
المهام
ان التعريف والتحديد الدقيق لمهمة هذه اللجان هو احد المحاور الاساسية لاختلافها عن الشبكات الحلقية. لهذا التعريف والتحديد بعدين:
1- لهذه اللجان جغرافية معينة لعملها ومسؤولية عامة. ينبغي تحديد هذه الجغرافيا. في خلاف ذلك، ستبقى هذه اللجان عملياً في الاطار ذاته للحلقات، وان نطاق عملها غير المحدد يضعها امام مهام لاتتمتع بالقدرة على الرد عليها، وتقتصر في افضل الاحوال على النقاش المجرد والنشاط في النضال الاقتصادي للطبقة العاملة.
يمكن ان تكون هذه الجغرافيا معمل، محلة او مصنع. في اوضاع خاصة يمكن تحديد اطارات اخرى او اطارات مؤقتة. مثل اطار العمل بين العمال العاطلين في صناعة معينة او....
2- لاتقتصر مهمة هذه اللجان على نطاق النضال الاقتصادي للطبقة العاملة. وان تكن هذه المهمة حياتية. يمكن ايجاز مهام هذه اللجان بالتالي:
الف- على اللجنة الشيوعية مهمة تنظيم نضال الطبقة العاملة بمجمل ميادينه وقيادته. تامين وضمان التفوق الفكري للشيوعية على سائر التيارات الفكرية والحركية في المحل. يمكن ذكر هذه الميادين اجمالاً: النضال الاقتصادي، النضال ضد التمييز الجنسي بين الرجل والمراة، النضال ضد التمييز والفرقة الدينية، القومية، الصنفية، مابين العمال والعاطلين وغير ذلك. النضال ضد الخرافات البرجوازية فيما يخص المجتمع، الدولة، الدين، النزعة الرجولية، الظلم على المراة، اضطهاد الطفل واخيراً النضال السياسي الجاري للمجتمع.
ب- عقد الصلة باللجان المشابهة سواء في نطاقها الجغرافي او ببعد أوسع.
ج- المساعدة في تشكيل لجان جديدة، المساعدة في تربية وتنشئة القادة والناشطين الجدد والشباب داخل الطبقة العاملة.
ان شاخص ومَعلَمْ تقدم ونجاح هذه اللجان لايكمن في عدد سايتاتها ومواقعها الالكترونية وبياناتها واجتماعاتها، بل في نجاحها في هذه الميادين المحددة وفي نجاحها في التغلب على الفرقة مابين الطبقة العاملة والوعي والوحدة الداخلية الطبقية بين الطبقة العاملة.
التركيبة
مع هذه المهام للجان الشيوعية لايمكن ان تكون صنفية او متشكلة من العمال فقط.
يحرم المجتمع الراسمالي الطبقة العاملة من نيل المكاسب الفكرية، الثقافية والتكنيكية للمجتمع المعاصر الى حد كبير. من لايعلم ان الفقر المادي يبعث على الفقر العلمي والثقافي؟ بدون وجود المثقفين الشيوعيين للطبقة العاملة، لايكون لها فرصة تذكر في النضال الشامل ضد البرجوازية. لم يكن ماركس عاملاً، ولا لينين، ولا روزا لوكسمبورغ وتروتسكي او منصور حكمت وجيل عريض من المثقفين الشيوعيين في تاريخ النضال الشيوعي للطبقة العاملة. بدون هؤلاء المثقفين، فان هذه النضالات الثورية للطبقة العاملة غير ممكنة بقدر عدم وجود الطبقة العاملة نفسها. لقد تحدثت في بحث مباديء النشاط الشيوعي عن وجود شقوق وفصل ماهويين فيما يخص صلة العامل والمثقف بصورة تفصيلية تقريباً وبوسع المهتمين الرجوع الى تلك المواضيع.
بالاضافة الى ان جعل هذه اللجان صنفية يحول دون وصولها لمجمل الطبقة العاملة، وعملياً يحبسها في اطار التيارات السنديكالستية. وهنا ينبغي الرجوع للينين ايضاً: التنظيمات الشيوعية ليست تنظيمات اصناف او جنس او قوميات مختلفة مثل العمال الرجال، العمال المساء، الموظفين، الطلبة، بائعات الجنس، الجنود وغيره. انه تنظيم شيوعيي محلة معينة. ان حزب شيوعي في محلة معينة ينظم العامل الشيوعي، الطالب الشيوعي، الجندي الشيوعي، المراة والرجل الشيوعي، بائعة الجنس الشيوعية، وبايجاز، الناس الشيوعيين سوية في تنظيم واحد ولجنة شيوعية واحدة ويدفع نشاطه بهم. بهذه التركيبة فقط يمكن المضي في محاربة البرجوازية.


اختلاف اللجان الشيوعية عن شبكة الحلقات الشيوعية داخل الطبقة العاملة

ليست اللجان الشيوعية تنظيمات بمجابهة شبكة الحلقات الشيوعية داخل الطبقة العاملة، ليس هذا وحسب، بل ان اللجان الشيوعية اساساً عاجزة عن القيام بالاعمال التي ينبغي ان تقوم بها دون وجود هذه الشبكات والاستناد الى هذه الشبكات.
لاتلعب هذه الشبكات، في الاوضاع الراهنة، دور جسد حزب بالنسبة لهذه اللجان (وان يكون بدون انضباط حزب)، ليس هذا وحسب، بل انها افضل محيط لكسب القادة والناشطين الشباب الشيوعيين للطبقة العاملة، وهي افضل محيط للتربية الفكرية والعملية لهؤلاء الناشطين وكسبهم للنشاط الشيوعي في مستوى اعلى.
ان اللجان الشيوعية هي شكل اكثر تمركزاً، واكثر تقدماً واكثر تنظيما للفونكسيون ذاته الذي تقوم به شبكة الحلقات. ان مجابهة هذه اللجان لهذه الشبكات وسائر الاشكال التنظيمية للطبقة العاملة لايؤدي الا الى السكتارستية والفئوية التنظيمية وانعزال هذه اللجان. ان هذه الشبكات وسائر التشكيلات العمالية ليست محيط نشاط هذه اللجان فحسب، بل ان دورها كدور الماء بالنسبة للسمكة، بدونها لاتعيش.

الصلة مع سائر التشكيلات العمالية

ان صلة اللجان الشيوعية بسائر التشكيلات العمالية هي من الشاكلة ذاتها. ان الطبقة العاملة، سواء في محيط عملها او محيط معيشتها، تخلق اشكال مختلفة من التشكيلات لتوسيع وحدتها الداخلية ولاضفاء قدرة على مجابهة البرجوازية او حتى من اجل حياتها اليومية. ان هذه التشكيلات تتضمن من المجالس الى النقابات، من التجمع العام الى التعاونيات، من النوادي الى المراكز الرياضية وغيرها. ان نكون على سبيل المثال مناصري حركة التجمع العام، لاينبغي ان نكون عائق غسل ايادينا من هذا النوع من التشكيل.
ان هذه التشكيلات هي اشكال معينة، وعلى الاغلب تلقائية وعفوية للاتحاد الداخلي للطبقة، اليات ربط الفرد بالعائلة العمالية والطبقة العاملة في لوحة اكثر عمومية. انها رافعة تجعل الطبقة اكثر تشكلاً وتنظيماً ووعياً. ينبغي ان تشد اللجنة الشيوعية على يد اي عامل يخلق اي حد من الاتحاد بين العمال، وتنظر لنفسها بوصفه جزءاً من هذا السعي، وطليعة ذلك الاتحاد، وان على ذلك الناشط العمالي ان يرى اللجنة الشيوعي بوصفها دعماً وسنداً له، عنصر اكثر وعياً وتجربة في طبقته وليس منافساً له.
لايستلزم قسم مهم من هذه التشكيلات اطلاقاً ان تتغير الى شيء اخر، انها جزء حياتي من حياة الطبقة العاملة، طالما هذه الطبقة موجودة. وان ماينبغي تغييره فيمكن ان يتم فقط في عملية الحياة والنضال والاقناع على اساس التجربة والنشاط الفكري للجنة.

اللجان الشيوعية، الامور الامنية وتامين ديمومة العمل

ان المحور الحياتي لتامين ديمومة عمل اللجنة هو، اولاً، التربية الدائمة لجيل العمال الشباب، المفعمين بالحماس والشيوعيين للطبقة العاملة، وثانياً، صيانة امان اللجنة والناشطين والقادة الموجودين وقدرة الصراع مع الشرطة.
للنضال ثمن (سجن، اعتقال و....) دون شك. ان كل عامل يعرف هذا. المسالة تتعلق بتقليص هذا الثمن والتحلي باداة لتعويض تبعات هذا الثمن.
تربية وتعليم البدائل والجيل المقبل للقادة والناشطين العماليين. لايستلزم هذا توضيح اكثر. ان هذه العملية هي احد العمليات الجارية في مجمل الحلقات العمالية. على اللجان ان تقوم بهذا العمل كذلك بصورة واعية.
ان ميدان الامان ذا نطاق واسع كثيراً، ولايسعنا هنا ان نتظرق الى جميعها او حتى بعضها. انها مهمة كراريس، كتابات، وسائر الادوات التعليمية ونقل التجارب. ان ماينبغي التاكيد عليه هنا هو الاهمية الحياتية لتامين الامان من قبل لجنة شيوعية. ينبغي على اللجنة الشيوعية ان تكون ملمة بفن الصراع مع الشرطة عبر تقسيم العمل والتربية الداخلية.

لحسن الحظ تعلم التجربة اليومية الكثير من رموز ودهاليز النضال ضد الشرطة وبالاخص فيما ميدان التوفيق بين العمل العلني والسري او العمل القانوني وغير القانوني لاي عامل ناشط. ان اي عامل عركته الايام يعرف كيف يحافظ على الهدف عبر صيغ مايسمى قانونية او كيف انه لايدفع الجماهير العمالية نحو حرب ليست مستعدة لها بعد. بيد ان الوضع الامني والنضال ضد الشرطة ابعد من ذلك ايضاً وينبغي تعلمهما والتعليم بهما بشكل اكثر علمية. ويدرك دوماً ان ليس بوسع اي تربية ان تحل محل التجربة في محيط حي. ان التربية العملية للقادة قليلي التجربة للطبقة عملياً، ومثل اي ميدان اخر، هو امر حياتي.

فيما يخص الوضع الامني، ومن بين مجمل المباديء والفنون، نؤكد على ثلاث مباديء هنا:

1- الاساس والمبدأ هو الحد الاقل من المعلومات والاطلاع: وفق هذا المبدأ، ينبغي ان يتحلى كل شخص بمعلومات سرية لاداء مهمة كلفته بها اللجنة، انه بحاجة لهذه المعلومات، وبدون التحلي بهذه المعلومات لايستطيع القيام بعمله. ويقف هذا المبدأ في كثير من الاحيان بمجابهة الصلات الحلقية التي تتبادل فيها مجمل اشكال المعلومات او الاستناد الى ان هذا الشخص جيد او يمكن الثقة به، ولهذا يمكن قول كل شيء له. في اجواء مثل هذه يعد عدم البوح بمعلومات الى شخص ما عدم الثقة به! ينبغي النضال ضد هذه الاجواء والقبول بامر وهو ان اطلاع الاخرين على معلومات او عدم اطلاعهم لايعني ولايدلل على الثقة او عدمها. ان ضرورة العمل والنضال ضد الشرطة وصيانة الوضع الامني هي امر الجميع. المبدأ هو الحد الاقل من المعلومات، بالاضافة الى جانبين اخرين يمثلان تهديداً متواصلاً كذلك:

الف- ان افشاء المرء لمعلوماته او الاسرار للاخرين هو قناة لكسب نفوذ ومكانة او ترسيخ اهمية مطلق المعلومات، ان هذا ياتي دوماً من قبل اناس قليلي النفوذ، عديمي التجربة، وهو قناة يمكن وصول الشرطة في اغلب الاحيان من خلالها الى الصلات الداخلية للعمال الناشطين او اللجان الشيوعية. ينبغي ترسيخ مبدأ ان اي شخص يزودك عملياً او رسمياً بمعلومات ليس من الضرورة معرفتك بها، فانه امرء لايمكن الوثوق به والاعتماد عليه.

ب-فضول الناشطين عديمي التجربة. الفضول غريزة طبيعية. ولكن تعد مهلكة في هذا الخصوص. الكثيرون من الناشطين قليلي التجربة او البرجوازية الصغار لا يمكنهم، نظراً لما يطلق عليه فضولاً، ان يتحكموا بانفسهم، ويسعون الى البحث في اي شيء. ينبغي ان يكون المرء حساساً تجاه هذه الظاهرة.

2- التوفيق السليم بين العمل السري والعلني: نضال العمال، مثل اي نضال جماهيري اخر، علنياً طبقاً للتعريف. يصبح القادة والكثير من الناشطين الشيوعيين للطبقة العاملة قادة في خضم النشاط العلني ذاته، ويكونوا مبعث ثقة جماهير الطبقة. وبالتالي، ان التوفيق بين هذا النشاط العلني مع النشاط السري هو امر حساس وحياتي الى ابعد الحدود. ان القادة والناشطين العلنيين للطبقة العاملة، وطبقاً للتعريف، معروفين للشرطة وجاسوسي النظام وتحت انظارهم ويكونوا في كل صراع عمالي مبعث هجوم واعتقال واستجواب. يمكن وينبغي ان نبحث المستويات المختلفة للمسالة، ولكنه يعد امراً حياتياً ان اشير هنا الى بعض النقاط:

الف- على القادة والناشطين العلنيين دوماً، وفي اطار قابل للانكار، في توازن قوى قائم ان يبدو رايهم او يقوموا بتحريضهم العلني، بشكل بحيث اذا تم التحقيق معهم بشاته، بوسعهم ان يبرروا كلامهم في قالب معقول. ان التحريض الذي لاياخذ توازن القوى بنظر الاعتبار سيكون دعوة للقمع والاعتقال وتدمير التشكيل العمالي. ينبغي ان يُربى بالاخص العمال الشباب والقليلي التجربة بهذا.

ب- ينبغي افراغ محل معيشة او عمل اي ناشط او قائد علني من اي ادبيات او وثائق سرية.

ت- على الناشطين والقادة العلنيين ان لا يكونوا مطلقاً مسؤولي قيام باعمال غير قانونية، وينبغي التحكم بمعلوماتهم من اجل صيانتهم. لايمكن استنطاق معلومات من امرء ليس لديه معلومات، وتكون مبرر ادانته. ان عدم التحلي بمعلومات هو افضل غطاء دفاعي لقائد وناشط علني امام الشرطة.

3- تعلم فن النضال ضد الشرطة: لكل لجنة شيوعية او اي تشكيل غير قانوني اتصالاته الحضورية، الهاتفية، الانترنيتيه، او الكتبية بين اعضائه. ناهيك عن ان يكون لديه مطبعته ومؤسسه تكثير الادبيات وغيره. بالاضافة الى ذلك، ينبغي افتراض انه يمكن ان تكون تحت اعين الشرطة. يستخدم الشرطة اكثر الادوات تقدماً للقيام بهذه الاعمال. ان هذه الادوات هي عصية علينا في اوقات كثيرة. بيد ان ناشطي الطبقة العاملة هم اسماك في الماء وتسبح وتعوم الشرطة بمؤسسة غواصين في هذا الماء. ولهذا، في الحياة الواقعية، بممهدات واساليب بسيطة يمكننا صيانة انفسنا من الشرطة. ينبغي تعلم هذه الاساليب.

هل تقوم اللجان الشيوعية باعلان وجودها علنياً؟

ان وجود اللجان الشيوعية او جموع تناضل من اجل وحدة الطبقة العاملة ومناهضة مجمل انواع التفرقة لن تبقى لمدة طويلة بعيدة لا عن انظار الادارة والراسمالي ولا انظار الحكومة والجامع والمؤسسات الحكومية. على اللجان ان لا تقوم بما من شانه، او اذا قامت بنشاط ما، يمكن تخمين وجودهم نتيجة هذا العمل. لا ندحة للجنة من انتاج وتوزيع ادبيات عمالية وشيوعية، لابد ان تكون اللجنة رافعة تشكل انواع تقارب واتحاد بين العمال من ابسط العلاقات العمالية الى الحلقات العمالية ومن الاتحادات والنقابات الى التجمع العام. ينبغي ان تكون هذا اللجان، ان كانت لجان فعلاً، قد انعجنت بالحياة اليومية والنضال اليومي للطبقة العاملة سواء في المعمل والمصنع ام في المحلة. وعليه، فان الاعتقاد والركون الى مسالة انهم لا يعرفوا او لا يتوقعوا وجود لجنة هو خطأ فاحش، يؤدي الى اما الى تعامل انفعالي او التساهل في اخذ موضوعة الوضع الأمني بجدية.

ان ماينبغي ان يبقى سرياً هو اي اناس تشمل اللجنة، كيف تعمل، اين تعقد جلساتها، ماهي صلاتها بسائر اللجان الاخرى سواء في المعامل او المحلات. وطبقاً للتعريف، تتمتع اللجان بحق تنظيم اي شكل من سياسة او توزيع ادبيات او وسائل ارتباط عامة. ولكن كيف، وفي اي قالب واطار، يقام هذا العمل، فانه ينبغي ان يُحال الى التشخيص السليم للجنة.

يصح امر التوفيق بين العمل السري والعلني على اللجنة كذلك. على اللجنة ان تنشر الادبيات، الجرائد، الكتب، الأقراص المدمجة، او اي انواع وسائل الاتصال العامة، بصورة شبه علنية او سرية. من الضروري ان تقيم التجمعات السرية، شبه السرية اوالعلنية، ولكن على اية حال، ينبغي الوضع في الحسبان مبدأ التوفيق بين العمل العلني والسري ومبدء صيانة امان وديمومة عمل اللجنة.

صلة هذه اللجان باحزاب اليسار وبالخطوط الموجودة في اليسار

اذا تشكلت مثل هذه اللجان، السؤال الذي سيطرح نفسه هو ماهي صلة هذه اللجان بالخط والخطوط الموجودة فيما يعتبر نفسه شيوعياً في مجتمع ايران؟
يمكن فصل هذه الصلة في صعيدين: الصلة الخطية (الخط السياسي-م)-السياسية والصلة التنظيمية

1. الصلة الخطية والسياسية

مثلما ذكرنا ان الخط والبلاتفورم (البرنامج-م) السائد على هذه اللجان هو بلاتفورم عام يستند الى احكام لاتتخطى احكام البيان الشيوعي. او بالاحرى ان عبور وتخطي مثل هذا البلاتفورم العام هو امر سابق لاوانه ويبعث على الفرقة بين العمال.

بيد ان الطابع العام لايعني وينبغي ان لايعني انه لاينبغي مناقشة وبحث السياسات والخطوط المختلفة في هذه اللجان، والاسوأ من هذا ان لاينال من يميل لهذا الخط او ذاك امكانية السعي لاقناع الاخرين بصحة خطه. ان سلب هذه الامكانية يقتل اللجنة. يسلب عنها امكانية التطور وتوضيح الرؤى. ليس بوسع اي سد تنظيمي ان يحول، على المدى البعيد، دون نفوذ فكرة او خط. اذا لم يحس اعضاء اللجنة ان بوسعهم في اجواء سالمة ورفاقية ان يجعلوا ممايروه صحيحاً الى عقلية الاخرين، فستتساقط اللجنة مثل اوراق الخريف. تفقد اللجنة امكانية جذب الكثير من افضل الشيوعيين في الطبقة العاملة.

ينبغي ان يقام هذه المسعى بصورة صبورة، بعيدة عن التقليد الشائع لليسار القائم وبتامين توسيع الاتحاد الداخلي للطبقة العاملة. لاشيء يعوض التجربة. ان امرء يعتقد انه على حق، ينبغي ان يكون قادراً على ايراد براهينه في خضم التجربة اليومية، ويبين انه على حق.

سيحدث انشقاق في اللجنة عاجلاً ام اجلاً دون شك، سيبين اليمين واليسار ويكشف عن نفسه دون شك، وسيجري في اللجنة دون شك اصطفاف عاجلاً ام اجلاً. بيد ان مابين هذا الاصطفاف حتى الانفصال او المجابهة مرحلة وشوط كبيرين، ولا ينبغي القفز على الواقع الموضوعي الاجتماعي. ينبغي ان لايفوتنا ان الانفصال التنظيمي للبلاشفة والمناشفة قد حدث بعد الانشقاقات في الابعاد الاجتماعية في خضم تحول سياسي واجتماعي هائل في مجتمع روسيا. وينبغي ان لايغيب عن بالنا كذلك ان احد موضوعات لينين الدائمة في شيوعية مابعد ثورة اكتوبر التي تشكلت في المانيا وبريطانيا هو الصراع ضد فرض مثل هذه الانفصالات قبل اوانها، وبالتالي، انزواء الخط الشيوعي بين جماهير الطبقة العاملة. الاهم من هذا، ينبغي ان لاتكون الاتحادات والانشقاقات في اليسار غير العمالي نموذجاً لهذه اللجان مطلقاً. انها اتحادات وانشقاقات غير اجتماعية وفئوية، وهي افضل مَعْلَمْ على لاعمالية هذه التيارات.

2- الصلة التنظيمية

الصلة التنظيمية هي مقولة اخرى اجمالاً. من الواضح ان الناشطين والقادة المنظمين في هذه اللجان يقيمون علاقات اوثق مع منظمات او افراد يمثلون خطوطهم. ان هذا امر لامفر منه. ولكن ينبغي النظر بدقة لمسالتين بهذا الخصوص:

الف- ينبغي ان يكون معلوماً ان مثل هذه الصلة، في اوضاع القمع، يمكن ان تكون منفذ تلقي ضربة امنية وتوجيه ضربة للجنة. وعليه، اولاً، على الرفاق ان يتحلوا بوعي كيفية هذه الصلة وعدم سريان الضربة الامنية على الاخرين، وان يعملوا بمسؤولية. ثانياً، على اللجنة نفسها ان تكون واعية وذا انتباه ان لا يواجه اعضائها ذلك لانعدام تجربتهم او امتداداً للنزعة الاكسيونية السائدة على اليسار في نشاطاتها العلنية او النشاط الذي يقام باسم اللجنة، وان لاتجابه مخاطر امنية. في الحقيقة يصعب تحديد ضوابط بهذا الخصوص. ولهذا، لاندحة من احالتها الى العقل السليم للجنة واعضائها.

ب-الصلة الرسمية للجنة ما بحزب او افراد غير قانونيين. من الممكن ومن المؤكد ان تقيم اللجنة في مراحل معينة من حياتها صلة خاصة بحزب او افراد وذلك لقربها من خط ما. ينبغي ان يُراعى اعلى درجات الانضباط الامني في هذه الصلة. ينبغي افتراض ان الشرطة تسعى لوضع الصلات مع هذه الاحزاب والافراد تحت اشد اشكال الرقابة الامنية، بالاضافة الى ان الصلة مع هؤلاء الافراد او الاحزاب ليست مثل الصلة مع الافراد القانونيين في المجتمع. انها ذات عواقب امنية وخيمة جداً. ولهذا ينبغي القيام بهذه الصلات عبر قنوات مبررة وامنه، وسرية بالتاكيد. لتجربة الحزب الحكمتي دروس غنية بهذا الخصوص.

اي من بين اليسار يتمتع بحظوظ؟

حين نتحدث عن صلة هذه اللجان بالاحزاب اليسارية، فان قصدنا هي الصلة بالاحزاب القائمة. ان هذا الفهم هو محدود ويستند الى اساس وهو ان الشيوعية المتحزبة هي هذه الموجودة الان فقط، وان على العامل الشيوعي ان يحسم مصيره وتحزبه مع ماهو موجود. ان هذا تصور ستاتيكي (غير حركي-م) وثابت ومتاخر. برايي ان الاجواء مفتوحة امام تشكيل احزاب جديدة اخرى في ايران، وبالاخص في سياق لجان شيوعية بطور التشكل. من اعطى حكماً ان الشيوعية هي فقط اناس بوسعهم ان يكونوا متحزبين، وهم حصيلة ثورة ايران 1979، وعلى الاغلب عملياً وذاتياً هم منفيين؟

لقد طرح الحزب الحكمتي، ولحد الان، افضل بلاتفورم لتشكيل حزب شيوعي للطبقة العاملة برايي. وحيثما يبقى فيه خطه وانهماكه على الاقل على الصعيد الرسمي بهذا الشكل، ينبغي ان يكون ذا حظوظ اكبر. ولكن مع الوضع الذي فيه الاحزاب اليسارية، وقد اشرت اليه، فان هذا الميدان مشرع الابواب تماماً. ولهذا، حين نتحدث عن صلة هذه اللجان بالاحزاب اليسارية، فان بوسع بديل مستقل عن ارادة اليسار القائم ان يتشكل، وهو احزاب شيوعية جديدة للطبقة العاملة.
يجب النظر الى صلة اللجان الشيوعية بالاحزاب اليسارية القائمة على انها صلة متحولة وثنائية الاطراف. لقد ذكرت امر وهو ان تشكيل اللجان الشيوعية او اساساً اي شكل لتحزب شيوعي للطبقة العاملة يتمثل بان هذا التحرك ذا وجهين برايي. ان طرف من هذه المسالة، من جهة الحزب الحكمتي مثلاً، وامل ان تنظم احزاب اخرى الى هذا التحرك. والطرف الاخر هو بوسع تبلور خطي للجان ان يحدث على شكل جذب احد من الخطوط القائمة للجنة او تشكيل حزب جديد (او تركيبة من الاثنين).

وفق الدلائل التي ذكرتها، ان حركة جانب، اي من قبل الاحزاب القائمة، ليست كافية، وليست رد اطلاقاً. ينبغي ارساء هذا التحرك في الاساس على صعيد شبكات الناشطين والقادة الشيوعيين للطبقة العاملة. وذكرت ان الصلة التنظيمية او الانتماء الخطي بهذا الحزب او ذاك، سواء في الداخل او في الخارج، لاينبغي ان يكون شرطاً مسبقاً سواء عملياً اورسمياً لتاسيس هذه اللجان. واشرت الى ان توضيح خط وتوجه اللجان هذه، امراً ضرورياً ولايمكن القفز فوقه وعبر عملية سياسية، فكرية واجتماعية وعبر تامين الحد الاكبر من الاتحاد الداخلي للطبقة العاملة. السؤال المطروح هو: اي من الاحزاب اليسارية الحالية يتمتع بحظوظ ان يلفت انتباه هذه اللجان، وتنجذب هي له على الاقل من زاوية الخط؟

ان هذه ليست عملية تحرك هذه اللجان نحو الاحزاب السياسية او الخطوط الموجودة في اليسار الايراني فحسب. بل انها تحرك طرفين، وبرايي الاكثر من طرف اليسار القائم. من الصحيح ايضاً ان هذه اللجان تواجه عملية تغيير او صياغة خطها، ولكن الاحزاب اليسارية تواجه كذلك تحدي تغيير نفسها. ان الحزب الذي يتمتع بحظوظ بهذا الخصوص هو الذي يدرك ضرورة هذا التحول والانتقالة الطبقية والاجتماعية في ميدان المجتمع في ايران، لا بالكلام، بل بالعمل، ويغيّر نفسه. ان هذا الميدان مفتوح برايي. وتنجذب هذه اللجان الشيوعية، وقبل اي طرف اخر، الى حزب ينظر للعالم من زاوية الطبقة العاملة، وانهماكاته، لغته، دعايته، وتحريضه، ونظرياته هي سبيل تضعه امام اقدام الناشطين الشيوعيين وان انضمام هذه اللجان من حيث الخط الى ذلك الحزب الذي يكون ذا صلة بهم يعاظم اقتدارها في ميدان صراع هم ناشطين فيه.

بالاضافة الى ذلك، ينبغي الانتباه الى واقع وحقيقة اخرى كذلك. ان الاحزاب اليسارية القائمة، سواء في الخارج او في الداخل، حصيلة ثورة 1979 لا من حيث الخط، بل حتى من ناحية الافراد. ان القسم الاكبر من هذا اليسار هو في منفى طيلة سنوات، وان متوسط اعمار افراده اعلى بكثير من متوسط اعمار المجتمع في ايران.

ان ظاهرة الثوريين في المنفى (révolutionnaire émigrés)في الحركة الشيوعية، على الاقل من مرحلة كومونة باريس، هي ظاهرة معروفة ، جربّها لاحقاً الثوريون الروس، قبل ثورة 1917، وبعد مجمل الثورات المهزومة وثوريون اخرون.

يترك النفي اثار مخربة على جميع الثوريين. ان مقارنة اجواء الثوريين المنفيين الايرانيين مع الكومونيين المنفيين في بريطانيا والثوريين المنفيين لثورة 1905 الروسية في اوربا، مفعمة بالتجارب. ان التشابه يبعث على الحيرة.

ان قطع الصلة الاجتماعية لهؤلاء الثورين بالمجتمع من قبل الدول الحاكمة، يتحولوا فيه الى اسماك في بحر مغلق امامهم. يتحولوا الى اسماك بركة، اهتماماتهم وانهماكاتهم واتحاداتهم وانشقاقاتهم هي كلها غير اجتماعية ومتخلفة كثيرة عن المجتمع.

لايمكن ان تعالج هذه الظاهرة بالنصيحة او الدعاية. ان وجود عنصر اجتماعي قوي في رحم الطبقة العاملة فقط بوسعه ان يخلق تحول لهؤلاء الثوريين. يزود الاحزاب الثورية بامكانية تجديد القوى ومدها بطاقة شابة وجعلها راهنية. لقد تمثلت المعضلة دوما بان اشكال حصار ذاتية وتقاليد سائدة على ذهنية هؤلاء الثوريين والخوف من التغيير خلقت وتخلق اكبر مقاومة بمجابهة هذا التحول.

ان تاسيس اللجان الشيوعية في الطبقة العاملة يخلق اكبر اداة ضغط فكرية وحركية على الشيوعية القائمة في ايران، تشد ساعد الشيوعيين العماليين الحقيقيين في هذه الاحزاب وتوفر امكانية ان يقوم هؤلاء الذين يتمتعون فعلا باستعداد وقدرة على القيام بهذه الوثبة.

الختام:
حين كنت اطبع هذه السطور، كانت تنطلق الثورة في مصر. اني على ثقة ان اي عامل شيوعي في ايران قد دخل قلبه الرعب من ان تندلع ثورة في ايران (ومن المؤكد انها ستندلع عاجلاً ام اجلاً) والطبقة العاملة في ايران مشتتة بهذا الحد وعديمة الخط الى هذا الحد تدخل اكبر تحدي تاريخي لها وتتحول الى جيش احتياطي للبرجوازية. حذّر طيب الذكر يد الله خسروشاهي قبل ايام من رحيله فيما يخص حركة الخضر الطبقة العاملة وناشطيها الشيوعيين من تكرار مصيبة ثورة 1979.

لايمكن للطبقة العاملة في ايران. ان تدخل الثورة المقبلة لايران بنفس الدرجة من الوعي والتنظيم الشيوعي الذي دخلته في ثورة 1979. سيُلحق بها الهزيمة.

ينبغي التحرك. ينبغي الارتقاء بالوعي والوحدة الداخلية للطبقة العاملة الى حد بحيث لايستطيع الخميني ولا البرادعي والاخوان المسلمين ولا اي حزب وناشط برجوازي اخر ان يفرض نفسه في الثورة المقبلة لايران.

الثورة المقبلة لايران يكون لها حظوظ فقط بوصفها مقدمة للثورة الاشتراكية للطبقة العاملة والتي تقف مجمل البرجوازية والاحزاب البرجوازية الصغيرة والكبيرة منها بصورة واعية ومبرمجة ضدها. انها تتمتع بتجربة جميع الثورات في العالم. ان الحظ الوحيد للطبقة العاملة هو تحليها بتحزبها الشيوعي.
رفاق! ينبغي ان نتحرك. ليس لدينا وقت كثير.

كورش مدرسي

فورية 2011

ملحق 1: اللجان الشيوعية

المنظمة واسلوب العمل الشيوعي


(القسم الاول)
اللجان الشيوعية
(طرح البحث)

توضيح:
ان النص الذي بين ايديكم هو خلاصة واعداد لبحث قد طرح في جلستين لندوتين حزبيتين في كانون الثاني 2006. ويمثل جانب لطرح بحث، وعليه ينبغي التعامل معه وفق هذا العنوان.

استهلال

رفاق!
كان من المقرر ان اطرح البحثين الذين اقدمهما في هذه الندوة، اي بحث اللجان الحزبية وبحث المنظمات غير الحزبية، بصورة اكثر تفصيلية في جمعية ماركس-حكمت تحت عناوين "الحزب الشيوعي والمنظمات غير الحزبية والمنظمات الجماهيرية" و"مباديء اسلوب العمل الشيوعي- التنظيم، القيادة ومسالة حزب سياسي-جماهيري". ونظراً لكون هذه الابحاث في الوقت الراهن ذا صلة بالمسائل المطروحة في لجنة تنظيم القطر حول فعالية الحزب في ايران، فرض علي ان اطرحها في هذه الندوة بشكلها الراهن بصورة اكثر تكثيفاً ومحدودية.
ان البحث الاول ، اي اللجان الشيوعية، هو امتداد لبحث سياستنا التنظيمية. في هذا البحث، طرحنا ضرورة استناد التنظيم الحزبي الى "لجان شيوعية". اما البحث الثاني فيتعلق بالمنظمات غير الحزبية وماتسمى بـ"المنظمات الجماهيرية". في هذا البحث، ساتناول تعامل اليسار الراديكالي مع هذه المنظمات وسبب عجزه عن تشكيل اي منظمة اجتماعية واسس الاسلوب الشيوعي في التعامل مع هذا النوع من المنظمات.
ان كلا البحثين ليسا ابحاث "تنظيماتية"، تنظيمية، فنية ولاتتعلق باصلاح الاساليب القائمة. انهما بحثاً يخص اسلوب العمل ويرتبطان باساس سياستنا وفلسفتنا السياسية. انهما بحث لايتعلق باصلاح اسلوب العمل الراهن، بل بتغييره. بحث يتعلق بانفصالنا عن اسلوب عمل لايلبي متطلبات حركتنا. ان اسلوب العمل والنمط التنظيمي الشائع بين الشيوعيين، والشائعان بيننا كذلك، هما ميراث حركات اخرى، يجب نقدهما واركانهما جانباً
برايي، ان هذه الابحاث هي امتداد للابحاث التي قمنا بها خلال 20 عام المنصرمة في الحزب الشيوعي الايراني والحزب الشيوعي العمالي والتي طرحها منصور حكمت اساساً حول اسلوب العمل الشيوعي. ان بحث نظريتنا الحزبية مابعد تاسيس الحزب الشيوعي العمالي قد خطت للامام من عدة جوانب وتغيرت، ولكن من ناحية النظرية التنظيمية على وجه الخصوص لم نعد لتناولها اساساً. وكان يتوجب تمحيص ونقد مشكلات وابعاد اخرى من النشاط الشيوعي والتي ساسعى الى تناولها ايضاً. وارحب بالطبع بتدخل الرفاق الاخرين وبالاخص "العاملين في هذا الميدان" و"اصحاب الخبرة" في هذا البحث.

*****

القسم الاول

مسالة التنظيم-في خضم سياق جديد
ان تغير الاوضاع السياسية في ايران، هزيمة الثاني من خرداد*، تجابه التقاليد السياسية المختلفة الموجودة في الحركة الساعية للاطاحة بالنظام من اجل تامين قيادة الحركة الاحتجاجية للجماهير، وضعت الاحزاب الجدية امام مسالة بناء تنظيمات حزبية بالمعنى الخاص للكلمة. ان جميع الاحزاب تمر بمرحلة انتقالية من اسلوب عمل على صعيد حركة الى اسلوب نشاط اكثر تنظيمية. جر هذا " الانهماك" اقدامنا بصورة لاندحة عنها الى نظرية التنظيم الحزبي وضعتنا امام مسائل جديدة تسلتزم الرد عليها.
فيما يخص تنظيم الحزب في الداخل، بحثنا سابقاً في الحزب الشيوعي الايراني** وفي الحزب الشيوعي العمالي الايراني*** قضايا شبكة الحلقات الشيوعية، شبكة حلقات العمال الشيوعيين، القادة العلنيين، المحرضين الجماهيريين ومكانتهم في التنظيم ونظرية تنظيم حزب شيوعي-عمالي. (1)
ينبغي العودة اليوم مرة اخرى الى هذه الابحاث ونتناول مسالة التنظيم بصورة اخص. وان لم نعطي في هذه المرحلة رداً مناسباً ووافياً للحاجات التنظيمية لحركتنا وحزبنا، سنبقى عديم الفعالية امام النشاط المنظم للاحزاب الاخرى، وفي سياق تقليدهم واسلوبهم.

*****
التمركز في اي شيء؟ الحزب والمجتمع من رؤية اخرى
التنظيم يعني تمركز. ان بحثي لايتعلق حقيقة بدرجة التمركز و مستواه او محل الانفصال التنظيمي. ان بحثي يتعلق بالتمركز نفسه. التنظيم يعني اناس يتجمعون في مكان ما وبهيئة صلة خاصة يمركزوا فعاليتهم. السؤال المطروح هو اي نوع من الفعالية في تنظيم شيوعي نمركزها بالاساس؟ في اي شيء ننشد التمركز ؟ وعلى وجه الدقة، اي شيء نبغي مركزته؟
يمكن الرد على هذا السؤال بجوانبه المختلفة. اذا نشرع بالمسالة من التنظيم بالشكل الذي يفهمه اليسار الراديكالي نبلغ، مع اول خطوة، نوع من التمركز الذي يمثل اكثر اشكاله نموذجية خلية الاعضاء. من المقرر ان نمركز فعالية ونشاط الاعضاء. لو اننا حزب برلماني، والذي يعد انتخابنا الى البرلمان محور فعاليتنا، سنصل الى نوع اخر من التمركز. واذا انطلقنا من تمركز فونكسيون (هيئة-م) خاص للطباعة، او عسكري او... سنصل الى نوع اخر من التمركز.
ان جميع هذه الاوجه ذات صلة بالتمركز. بيد ان كل واحدة منها تشكل نوع خاص من التمركز وبفلسفة خاصة من ذلك التمركز. وعليه، ينبغي ان نرد على السؤال التالي: ان تنظيم حزبنا يتكيء على اساس التمركز في اي شيء؟ وان نوع التنظيم الذي ننشد بناءه هنا يستمد بصورة مباشرة من تصورنا للحزب وكيفية نشاطه. بهذا المعنى، قلت ان البحث ليس تقنياً، بل ذا صلة بالحركة (اي حركة الشيوعية العمالية-م) وهو امر اكثر جوهرياً.

*****

ان اخر بحث تنظيمي، بمعناه الخاص، هو بحث الخلايا الحزبية الذي يعود لاعوام 84-1985 في الحزب الشيوعي الايراني. لقد ناقشنا آنئذ ان الخلية هي النواة والاساس التنظيمي للحزب. اذ تعلمون ان الخلية تتألف من جمع من اعضاء الحزب في محيط او جغرافيا معينة.
يجب ان تنتبهوا بالطبع الى ان بحثنا في ذلك الوقت حول الخلايا ذا اختلافات ملحوظة مع التصور الجاري لليسار الراديكالي وغير الاجتماعي. ففي تقليد اليسار، كانت الخلايا (تنظيم الاعضاء) مربوطة اساسا بالاعمال والفعاليات الداخلية للحزب. كان عمل الخلايا هو النقاشات، توزيع البيانات، النمو الميكروسكوبي (التدريجي البطيء-م) والتدريجي للتنظيم. الخلية مركز سري، "غيبي"، فكري وفئوي للتوعية والقيادة.
ان بحث الخلايا في الحزب الشيوعي الايراني كان خطوة مهمة للامام مقارنة بتقليد اليسار غير الاجتماعي لتلك المرحلة. في بحث الخلايا، ادخلنا عنصر المجتمع في الفعالية الشيوعية. كان من المقرر للخلية ان تقوم بفعالية خاصة في المجتمع. وعلى النقيض من تصور اليسار في ذلك الوقت، كانت مناقشاتنا حول الخلايا في تلك المرحلة تؤكد على عنصر المجتمع وصلة الفعالية الشيوعية بالمجتمع والطبقة. كان الدور البارز لخسروداور**** في بحث الخلايا في الحزب الشيوعي الايراني ايضاً التاكيد على هذه الصلة الاجتماعية والسعي لتنظيمها.(2)
ولكن حين تؤكد على الدور الاجتماعي للحزب، ستطرح عاجلاً ام اجلاً، موضوعة القيادة في المجتمع وليس في تنظيمنا. جرى الامر على نفس الغرار لنا. ينبغي ان أُذَكّرْ بابحاث منصور حكمت حول اليات القيادة الاجتماعية التي جاءت على هيئة ابحاث اسلوب العمل والمحرض الشيوعي. ان هذه الابحاث كانت انعكاس نظراتنا الى الاليات الاجتماعية في النضال الطبقي والسياسي. وعليه، توجب علينا ان نوضح صلة القيادة الاجتماعية بالخلايا الحزبية والتنظيم الحزبي.
ان بوسع الخلية، في منظومة اليسار الراديكالي وغير الاجتماعي، ان تقوم بنشاطها وتحيا دون ان يكون لها صلة بالمجتمع. ان النشاط الشيوعي الذي ننشده ليس له معنى دون الارتباط بالمجتمع. اذ يعتبر اليسار الفئوي القيادة مفهوم ايديولوجي وفئوي. وعليه، فان عنصر المجتمع وقيادة المجتمع والاليات الاجتماعية لهذه القيادة محذوفة من منظومته. ولهذا يعتبر نفسه، طبقاً للتعريف، قائداً المجتمع انطلاقاً من التحليل والاحقية الايديولوجية، والذي هو يطلقها على نفسه. وعليه، على سبيل المثال، ان اليسار الراديكالي وغير الاجتماعي لايملك الامكانية لاحلال القادة الاجتماعيين في منظمته وتحويلها الى اطار طبيعي لفعالية القادة الاجتماعيين. بالنسبة لنا، وكما أشرت، ان مفهوم القيادة قد دفع الامر الى بحث الاليات الاجتماعية للقيادة وبحث القادة العمليين للعمال وبحث المحرض البروليتاري.
لقد ذكرنا في بحث المحرض البروليتاري ان الطبقة العاملة والمجتمع هما ليسا بجموع هلامية الشكل وعديمة الهيئة والتنظيم. ان الاحتجاج والنضال جزء من الحياة اليومية للانسان في المجتمع وجزء مسلم به من حياة الطبقة العاملة. قلنا ان الطبقة العاملة، وفي الحقيقة كل اقسام المجتمع، ومن اجل تنظيم سعيها نحو حياة افضل حتى في اكثر الاوضاع قمعية كذلك، ذات قادة عمليين وشبكة روابطها الاجتماعية والطبيعية. وذكرنا ان شبكة العمال الاشتراكيين والقعادة العمليين للعمال هم جزء معطى من الطبقة العاملة. ليس بوسع حزب شيوعي اجتماعي ان يقود بمعزل عن هذه الشبكات وبمعزل عن هؤلاء القادة. واكدنا على وجوب ان يكون حزبنا حزب الشيوعيين داخل هذه الشبكات النضالية وقادة العمال العمليين والاجتماعيين قبل اي شيء اخر.
انها لخصيصة اليسار الراديكالي عدم صلته بالمجتمع وهذه الشبكات النضالية وعجزه عن جذب القادة الاجتماعيين بنفس الامكانية والوضعية والحال الاجتماعي الذي هم عليه. ان المنظمة واسلوب عمل" اليسار غير الاجتماعي والفئوي يناسب نشاط المثقفين غير الاجتماعيين والطلبة والمتعلمين المنفردين والخياليين، وان قائد اجتماعي وقائد عمالي ، بل حتى قائد واقعي لاحتجاجات الطلبة والمثقفين، لايستطيع القيام بنشاطه في مثل هكذا منظمة.
لقد كان بحثنا آنئذ هو تغيير السمة الاجتماعية للحزب وتحويله الى اطار طبيعي لنضال العمال والقادة العمليين وبالاخص طيف العمال الراديكاليين والاشتراكيين.
قلنا لقد دفعت بنا ابحاثنا تلك الى بحث ضرورة توضيح صلة هؤلاء القادة وهذه القيادة بالخلايا، اي كيفية ادارة القادة، كيفية قيام الخلايا بالقيادة والتغذية الفكرية للقادة العمليين والمحرضين. بهذا الخصوص، لم تجد ابحاثنا المتعلقة بصلة الخلايا بهؤلاء القادة والتي اوضحها لاحقاً طريقها للتحقيق بسبب من عدم حل التناقض الاساسي بين ذلك الشكل التنظيمي مع هذه الفعالية الاجتماعية.
على اية حال، بعد هذه الابحاث التي جرت في 84-86 في الحزب الشيوعي الايراني، لم نعد مرة اخرى للبحث في مسالة تنظيم الحزب في الداخل. ان مسار الاحداث والجد في البحث عن الاولويات اخرجت مسائل اخرى عملياً هذا البحث من جدول اعمالنا. في هذه الفترة، انشغلنا بتعديل واصلاح في نظرية الخلية- النواة اساس الحزب وسعينا الى ازالة تناقضاتها، واغلب شيء عبر الالتفاف على هذا المفهوم التنظيمي، وصببنا جهدنا على النشاط الاجتماعي.
لقد سعينا في خارج البلد الى اجراء تغييرات اكثر جدية بالطبع. من جملة ذلك بحث البيوت الحزبية واللجان الحزبية، ومنذ بدء تاسيس الحزب الشيوعي العمالي أُركِنَتْ الخلية عملياً جانباً لمراحل بشكل واعي. بيد انه لم يتم التعامل مع هذه العملية بشكل عميق وشامل قط. وعليه، حتى في الخارج لم تضع فعاليتنا الحزبية اقدامها على اسس صحيحة.، انحلت هذه الفعالية ونظمنا انفسنا على غرار اقرب للفعالية على شكل حركي-اكسيوني (حركي هنا من حركة وليس بمعنى التحرك واكسيوني هنا تعني اعمال على شكل تحركات-م) وهو الامر الذي لازال مستمرا ولازلنا ندفع ضريبته.
كلما تم طرح البحث المتعلق بتنظيم الحزب طُرِحَتْ للبحث مسالة اساس فلسفة التحزب بالنسبة لنا. ان اخر بحث صاغه منصور حكمت هو ضرورة ارساء حزب عريض تكون العضوية فيه امراً سهلاً. بوسع اي شخص مستعد للقيام بنشاط منظم للحزب، وباي درجة يستطيع، ويعد نفسه شريك الاهداف العامة للحزب ويدفع بدل العضوية ان يغدوا عضواً في الحزب(3). وهناك بالطبع حددنا مرة اخرى ان الخلية هي اللبنة الاساسية للحزب.
ان هذا النوع من العضوية يختلف كلياً عن التعريف المتداول للعضوية في منظمات اليسار الراديكالي. ان التصور الذي يراودنا هو ان كل امرء في المجتمع يعاني من انعدام العدالة ويسعى للنضال ضدها، وان اي امرء ينشد ان يلعب دوراً فعالاً في التنظيم الانساني للمجتمع بوسعه الانخراط في صفوف الحزب (4). على الحزب ان ينظمه في مثل هذا النشاط تحت راية شيوعية. ينبغي ان يكون بوسع مثل هذا الشخص مبدئياً وفي اوضاع غير قمعية، ان يراجع بيت الحزب في اي مكان، ان يغدوا عضو حزب وان يضع الحزب يده بيد اناس اخرين يقومون بنضالهم. ان هذا هو اخر تصور لمنصور حكمت عن الحزب، وعلى هذا الاساس سهلنا العضوية في الحزب، بل وحتى حذفنا شرط تزكية شخصين اخرين كذلك. ان الحزب، طبقاً لهذا التصور، هو منظمة جماهيرية او بوسعه ان يكون كذلك. ان هذا الحزب هو حزب سياسي جماهيري.
بهذا الصدد، طرحنا بحث الكوادر بوصفهم العمود الفقري وهيكل الحزب على صعيد الحركة والمنظمة. اكدنا ان في مثل تنظيم جماهيري كهذا، فان مصير الحزب ومستقبله يحددهما الكوادر وصلة القيادة بالكوادر. كقاعدة، يقتدي اعضاء الحزب بالكوادر. ولايتمتع هؤلاء الكوادر باي امتيازات في التصويت والانتخاب مقارنة بالاعضاء. ولكن في العالم الواقعي، فان مصير الحزب يحدده الصلة المعنوية للكوادر مع الاعضاء والصلة السياسية المعنوية للقيادة مع الكوادر. ان اعتبار ونفوذ الكوادر معنوي. وان هذا نابع من الدور الذي يضطلع به الكادر في حياة الحزب وتحمل المسؤولية التي يضعها على عاتقه.
وعليه، طبقاً لهذا التصور، اننا امام شبكتين او نوعين من الصلة: شبكة الاعضاء وشبكة الكوادر. تنظيم الاعضاء وتنظيم الكوادر، صلة الاعضاء بقيادة الحزب وصلة الكوادر بقيادة الحزب و....
ان هذه الابحاث هي نظرية تحزب مختلفة عن اليسار الراديكالي. ان اختلاف مثل هذا الحزب مع احزاب اليسار الراديكالي ليس اختلاف يتعلق بحالات ما. انها اجمالاً نظرية تحزب اخرى تختلف عن التصور السائد لليسار حول الحزب على انه حزب الطليعة، حزب النخبة ... وغير ذلك (5).

الخلية والمجتمع
ليس بوسع هذه النظرية الحزبية الانسجام مع بحث الخلية ذاك. لو كان من المقرر ان تكون الخلية اللبنة الاساسية للحزب، والتي تحفظ، من جملة ذلك، صلة الحزب بالقادة العمليين والنضالات الاجتماعية، عندها سيكون مثل هذا التطلع امراً في غير مكانه من تنظيم جماهيري يكون اعضاءه الناس العاديين للمجتمع ومن المقرر ان ينهمكوا بالفعالية المنظمة للحزب باي حد يستطيعون.
ان وضع مثل هكذا مهمة على عاتق اللبنات الاساسية لحزب جماهيري اما يضيّق اطار الحزب ويقصره مرة اخرى على "طليعيين" ويبعده عن متناول الجماهير العمالية والكادحة والتحرريين "العاديين" للمجتمع او في حمية عجز الفروع الحزبية عن لعب دور قيادي، تسلب الحزب حقاً امكانية لعب دور اجتماعي. يذوب الحزب في منظمات جماهيرية اخرى ويحولنا الى ملحق وذيل للحركات الاخرى. نتحول الى فيمنستيين عند الفعالية في الحركة النسوية، وسنديكاليستيين في الميدان العمالي و...
ان الخلية التي صغنا، في منتصف الثمانينات، اكثر اشكالها طليعية وتقدماًن واضفينا عليها بعداً اجتماعياً وقيادياً ووضحنا مهامها فيما يتعلق بالمحرضين لايمكن تحقيقها (اي هذه المهام-م) من قبل اللبنة الاساسية لحزب جماهيري. ان خلية الاعضاء العاديين لحزب جماهيري ليست قادرة على القيام بالاعمال المنشودة في بحث الخلايا.
في هذه المنظومة، اما تصبح الخلية حقيقة اطار لجلسات بحث ومناقشات غير اجتماعية لليسار الراديكالي غير الاجتماعي او لبنة حزب "طليعيين غير اجتماعيين". ليس بوسع هذه الخلايا ان تكون وسيلة ربط منظمة شيوعية جماهيرية بالمجتمع.
خلال الاعوام 83-86، قمنا ببحثين مهمين من نوع اخر. الاول، بحث التنظيم المنفصل، والثانين بحث الاتكاء على الشبكات النضالية الطبيعية والاجتماعية. كان الاول سياسة تنظيمية هدفها الرد على القمع والضغط البوليسي ولم يكن له بالنسبة لنا معنى يخص صلب هويتنا الشيوعية. طبقاً لهذه السياسة، ابقينا تنظيم الحزب منفصلاً، ولم نقيم اي هرم تنظيمي اعلى من الخلية او فوقها لاسباب امنية و...
البحث الثاني، كان بحث يتعلق بهويتنا، ومايطلق عليه اسلوب العمل. مبدئياً، ينبغي علينا، وفي اي وقت كان، ارساء تنظيم الحزب في خضم شبكات اجتماعية ونضالية. في واقع الحال، تم استنتاج خلاف هذا في الحزب الشيوعي الايراني، وتبين لاحقاً ان هذا الاستنتاج كان سارياً في الحزب الشيوعي العمالي ايضاً. اذ استخلص من التنظيم المنفصل سواء في الحزب الشيوعي الايراني ام في الحزب الشيوعي العمالي، استنتاج مفاده ان هذا البحث يخص هويتنا وماهيتنا، كما استخلص استنتاج امني من بحث ضرورة الاستناد الى شبكة الصلات الطبيعية والاجتماعية. كما لو ان تنظيمنا منفصل مبدئياً، وكما لو ان الاتكاء على الشبكات النضالية الكبيعية والاجتماعية هو للصيانة النفس والتنظيم امام الضغط البوليسي. وعليه، مع اي تغير ايجابي في ميزان القوى يعيد هذه الاحزاب تلقائياً الى خلايا عديمة الجذور.
في ذلك الوقت خاض منصور حكمت جدلاً ضد مثل هذا النوع من الاستنتاج. ولكن، وللاسف، لم يطرأ تغير على التصور العام في الحزب.
بهذه المقدمات، اود ان اؤكد على ان علينا الانطلاق في بحث نظرية التنظيم من تمركز فونكسيون اجتماعي. ان هذا الفونكسيون الاساس لاينبع من ضرورة تنظيم الاعضاء من اجل جلسات النقاش والبحث. ان هذا الفونكسيون ينبغي ان ينصب امام عينه مسالة تمركز تنظيم قيادة اجتماعية. قيادة المجتمع وليس فرقته، قيادة حزب او قيادة منظمتنا. ان جمع افراد يتشاطرون النظرات في المجتمع ليس فناً. ان توحيد وجمع القادة الاجتماعيين تحت سقف شيوعي هو فن.
في العالم الواقعي، ان الخلايا التي شكلناها في الحزب الشيوعي، وبالرغم من كل هذه الابحاث، هي سلسة من الخلايا غير الاجتماعية بدون استثناء، والتي اخفق سعيها الى الاضطلاع بدور قادة فكريين وعمليين وبدور منظمين وقادة جماهيريين وهو الامر الذي لامعرفة كبيرة لهم به بالطبع.
ان السؤال المطروح امامنا اليوم، أينبغي علينا العودة الى سبل الحل الناقصة والانتقائية؟ أينبغي علينا مرة اخرى ان ندخل اصلاحات على بحث الخلايا ودورها الاجتماعي ام نتعمق اكثر في المسالة مرة اخرى وبصورة كلية وشاملة؟
اذا شكلنا الخلايا بالخصائص نفسها، عندها ماذا يبقى من بحث حزب سياسي وحزب جماهيري؟ كيف نحل، وباكثر المستويات جذرية واساسية، التناقض مابين التنظيم وتركيب هذه اللبنات بانخراط الحزب والقيادة الاجتماعية للحزب؟
ان النقطة التي اود التاكيد عليها هي ان بحث الخلية ياتي من نظرية تنظيمية اخرى وان زرق العنصر الاجتماعي فيها لايحل تناقضاتها فحسب، بل يزيد منها.
ان التجربة تبين ذلك ايضاً. في ثورة اكتوبر، لم تكن الخلايا اطار تنظيم الحزب. بعد ذلك، وارتباطا بحاجات السيطرة على تنظيم الحزب، شكلوا الخلايا. في تجربتنا كذلك، حين تمكنا من تشكيل هذا الفونكسيون الحزبي-الاجتماعي، لم يكن لدينا خلية. ان تجربة تنظيم الاول من ايار في مدينة سنندج للاعوام 1987-1989 ما هو الا نموذج واحد على ذلك. في مناسبات الاول من ايار تلك استطعنا، وفي اوج الاجواء القمعية، تنظيم تجمعات جماهيرية عمالية عظيمة بشعارات يسارية واشتراكية. اذ لم تكن حركات عابرة وعفوية. بل كانت فعاليات مبرمجة ومخطط لها خططنا لها بدقة في لجنة تنظيمات المدن في كومه لا*****.
ان التحركات والمنظمات العمالية الجماهيرية التي تشكلت حولها مثل نقابة الصناعيين هي ثمرة الفعالية الجماعية لشبكات ومراكز القادة الشيوعيين الاجتماعيين والمنظمين الشيوعيين والتي ليس لها اي وجه شبه وصله بالخلية، وقمنا بشكل واعي بتنبيههم الى عدم تاسيس منظمات ومراكز غير اجتماعية. ان مثل اخر على اوضاع لعب فيها الشيوعيون دور جماهيري واجتماعي يعود مرة اخرى الى تجربتنا في اعوام 78-61 في مرحلة الثورة الايرانية. لقد نظمنا هجرة جماهير مريوان، ونظمنا مسيرة جماهير سنندج نحو مدينة مريوان، ونظمنا مقاومة جماهير سنندج لحملة الجمهورية الاسلامية والتي استمرت لـ 28 يوم.
لم تكن الخلية اساس اي من هذه الفعاليات. آنئذ كانت تنظيمات طهران مليئة بالخلايا ولم تتمكن من لعب اي دور اجتماعي. ولكننا شكلنا، في قمة اجواء الاستبداد، تحركات اجتماعية وجماهيرية عظيمة تحت قيادة وتنظيم الشيوعيين. ان رفاق جالسين هنا كانوا منهمكين بهذه الحركات، وكتاباتنا في جريدة بيام (البلاغ-م) التي اصدرتها منظمة كومه لا في حينها وابحاثنا في اذاعة صوت الثورة الايرانية تبين كيف كنا منخرطين لحظة لحظة وخطوة خطوة بتنظيم وتنفيذ هذا الحدث.
ان نفس تجربة العام المنصرم في الحزب الحكمتي، مقارنة بسائر التيارات الاخرى، تبين نفس الحكم فيما يخص درجة نجاحنا في تنظيم التحركات الاجتماعية مرة اخرى. وهنا لا اتطرق للتفاصيل لاسباب امنية، ولكن نفس مقارنة نتائج اسلوبنا مع اناس يعتقدون بتنظيم حركات اجتماعية عبر الامسيات التلفزيونية، الاستعراض السياسي او عبر الخلايا والنواتات التنظيمية التقليدية تبين ذلك ايضاً.ان ماجعل هذه التحركات امراُ ممكناً هو تمركز قادة اجتماعيين وجماهيريين ومنظمين حزبيين وجماهيريين من الطراز الاول في مؤسسة واحدة اطلق عليها "اللجنة الشيوعية".

القسم الثاني

اللجنة الشيوعية والتمركز "انطلاقاً من المجتمع"

لقد ذكرنا ان مايجعل التحركات الاجتماعية والسياسية للحزب امراً ممكناً هو تمركز الفونكسيونات (الهيئات-م) القيادية الاجتماعية، بالاضافة الى القيادة والتنظيم واللوجستية الحزبية في كائن تنظيمي واحد. اي ادغام القادة الاجتماعيين والجماهيريين والمنظمين الحزبيين والجماهيريين من الطراز الاول في مؤسسة واحدة اطلقت عليها اسم "اللجنة الشيوعية".
ان التمركز في مسالة القيادة والتنظيم، من حيث البعد الاجتماعي والحزبي، هو الامر الذي يمنح اللجنة معنى. وباستنادها الى هذه الخصائص، بوسع اللجنة ان تلعب مثل هذا الدور المحوري في المعمل، المحلة، المدينة والمدرسة والجامعة. انها تتمتع بمادة وامكانية لعب هذا الدور، وان فلسفة وشاخص تراجعها وتقدمها اساساً هو لعب مثل هذا الدور.
على النقيض من الخلية التي يعد تجمع الاعضاء والامور الناجمة عن ذلك هي نقطة انطلاقها، فان تمركز هذه اللجان ينبع من الحاجة الى خلق تمركز في النضال والقيادة والتنظيم الحزبي والاجتماعي لهذا النضال. اذ ليس اعضاء اللجنة، بالطبع، الاعضاء العاديين للحزب. انهم كوادر لاينشدون انجاز هذه الاعمال وان يغدوا "قادة" فحسب، بل انهم اناس بينوا عن ان بمقدورهم لعب مثل هذا الدور.
انهم كوادر او قادة جماهيريين واجتماعيين او منظمين جماهيريين من الطراز الاول او منظمين حزبيين من الطراز الاول، او مسؤوليين عسكريين من الدرجة الاولى، او استناداً لدور اي لجنة خاصة، متخصصين اخرين ايضاً يمنحون اللجنة امكانية لعب دور سياسي، نضالي، فكري، عملي وتنظيمي اجتماعي وحزبي سوية. انهم اناس ينظمون بصورة متحدة وسوية هذه التحركات. بدون دمج القادة الاجتماعيين والمنظمين الجماهيريين والاجتماعيين مع القادة والمنظمين والمتخصصين التنظيميين الحزبيين في مؤسسة واحدة، سيحيل امر القيادة الاجتماعية الى مماهاة هزيلة واستعراض سياسي وتنظيمي وامر التمركز التنظيمي الى تنظيم غير واقعي وغير اجتماعي بصورة لاندحة عنها.
اننا بحاجة الى تنظيم يكون اساس تمركزه نموذج جديد من تمركز ينطبق مع مجمل ابحاث اسلوب العمل واسلوب تنظيم شيوعيتنا، شيوعية منصور حكمت. تمركز يعد بعده الاجتماعي مَعْلَمِهِ الاساسي. تمركز يعجن المجتمع والحزب سوية ويجعلهما امراً واحداً فيه. تمركز بمقدوره ان يجعل التفاعلات الاجتماعية والجماهيرية وكذلك التفاعلات التنظيمية الحزبية امراً ممكناً معاً، ويخلق فعلاً تمركز حزبي في حيز ما او جغرافية ما.
ان نموذج تنظيم اليسار الراديكالي غير الاجتماعي يعمل بشكل "حسن" في مرحلة الاستبداد والقمع. يعقدون جلسة، يتناقشون، يصدرون بيانات وهم سريين. ان مثل هذه التنظيمات، هي تنظيمات اناس لايعرف حتى اصدقائهم، جيرانهم او زملائهم ايضا انهم اشتراكيين او شيوعيين. وعليه، ليس لهم دور في المجتمع بهذه الصفة. ولهذا فانهم تحت رحمة الملا والقومي والفاشي دوماً في محل تواجده.
مع انفتاح اوضاع المجتمع وتقلص القمع، اي عندما تصبح الاجواء الاجتماعية امراً حاسماً، وبوسع السياسة ان تولج الميدان بابعاد اجتماعية، يصبح هذا اليسار ضعيف ويبرز بوضوح عجزه وهامشيته بصورة تامة. انظر الى كل اليسار والشيوعيين التقليديين: حين يكون القمع قائماً، يتنامون، ولكن حين تنفتح الاجواء يضمحلون الى محافل صغيرة وعديمة التاثير. ان سبب هذه الوضعية المقلوبة راساً على عقب هي نتاج نفس الرؤية التنظيمية-غير الاجتماعية للحزب والحزبية. ان هذه قصة الحياة الهامشية وعديمة التاثير والمنفعلة لليسار الراديكالي في اوربا والغرب.
ولكن اللامبالاة والتخلي عن البعد التنظيمي والتحزب السياسي ينبع من ذيلية اخرى. اذا تتحرك فقط انطلاقاً من البعد الاجتماعي ستصل التصفوية الحزبية، السنديكاليستية او الاناركو سنديكالية (النقابية الفوضوية-م). في هذه الحالة تحل الحزبية السياسية في حركات اخرى. ان مركز الحزبية السياسية هي الاقتدار والسلطة السياسية. ان هذا الميل، وعبر اركانه للنضال السياسي من اجل استلام السلطة السياسية جانباً، يقلص دوره الى جماعة ضغط في اطار السلطة السياسية البرجوازية. اذ يغدوا في ميدان النضال والاحتجاج الاقتصادي للعمال سنديكاليستياً، و فيمنستياً في حركة تحرر المراة، وفي قضية اللاجئين ناشط للاعمال الخيرية و...الخ. انه تحزب يستند الى شبكات حركية ونضالية، تحزب بدون حزب. انه اسلوب نشاط تيارات يقتصر دورها اساساً على لعب دور جماعة ضغط على البرجوازية فقط، وليس بديلها انتزاع السلطة السياسية. انهم متخصصوا منظمات ماتسمى بكمبينية (حملات سياسية-م) فقط. ان مثل هذه التنظيمات، وهي وحتى وان كانت جماهيرية واجتماعية فعلاً وتستند الى المحرضين والقادة الجماهيريين والاجتماعيين، فانها تفتقد الى الية توحيد النضال بابعاد سياسية وحركية، لاضفاء افق، لقيادة ولتنظيم التحرك لانتزاع السلطة السياسية وتنظيم بديل للمجتمع، للثورة الاشتراكية.
مثلما اشرت، اذا انطلقت من الحزب والمنظمة الحزبية، فانك ستصل الى الخلايا غير الاجتماعية والايديولوجية لليسار التقليدي. انها تمركزات تنظيمية وعديمة النفوذ لاشخاص بغض النظر عن درجة المهامهم بالماركسية او لايتمتعون بدور اجتماعي، او لوكانوا يتمتعون بمثل هذا الدور الاجتماعي المذكور ، .... دورهم هذا خارج تمركزهم التنظيمي هذا. وعليه، تبقى المنظمة على هامش المجتمع. ليس بوسع مثل هذا النوع من التنظيم تنظيم ثورات واحداث اجتماعية وجماهيرية. ان بوسع هذه المنظمة توزيع البيانات، ان تقوم باعمال المراسلة الاخبارية، تقوم بالدعاية ولكن ليس بوسعها ان تحرك الجماهير بابعاد اجتماعية وتبقى قاصرة عن لعب دوراً يخص الحركة ودور اجتماعي.
اود ان اؤكد هنا على البعد الذي يخص الحركة لاننا نبغي جر المجتمع تحت مظلة السلطة الاجتماعية لحركتنا، الحركة الشيوعية. لسنا متطوعي تقديم الخدمات لحركات اخرى او منظمة مصلحين اجتماعيين او منظمة تقديم خدمات اجتماعية. ليس لنا صلة بثورة جماهيرية لحركات اخرى.
ولكن اذا لم نتمتع بمنظمة بالخصائص الاجتماعية والحزبية والحركية المذكورة اعلاه سنفتقد امكانية وافق تنظيم ثورتنا، وسنتحول الى تابع للاوضاع وبوق للمنظمات والحركات الاخرى. انظر الى كل اليسار غير الاجتماعي. ان هذا هو مصيرهم. انهم ليسوا قادرين على عمل اي شيء بانفسهم، كما انهم قاصرين عن لعب دور اجتماعي كذلك.
وبوجه هذه الرؤية، لدينا رؤية تحزب سياسي-اجتماعي تعود نقطة انطلاقه الى ابحاث المؤتمر الاول لاتحاد المناضلين الشيوعيين والخاصة بنقد اسلوب العمل الشعبوي، بحث مباديء واسلوب عمل الخلايا الحزبية لخسروداور وكذلك ابحاث اسلوب العمل التي طرحها منصور حكمت.
ان اللجنة الشيوعية هي مجاميع تتمثل مهمتها بقيادة اجتماعية-جماهيرية وتنظيم حزبي جماهيري وتامين سيادة السياسة الشيوعية للحزب في المنطقة او نطاق عمل هذه اللجنة. انها في الحقيقة تمركز كوادر. ان مهمة هذا التمركز هي تنظيم النضال الاجتماعي تحت سياسات الحزب وشعاراته واهدافه وتكتيكاته. ينبغي ان يتمكن هذا التمركز، وعبر تقسيم العمل داخله، من القيادة الاجتماعية والقيادة السياسية والجماهيرية، القيادة التنظيمية والتحضيرية والامنية والعسكرية لفعالية الحزب وكذلك تامين وضمان التفوق الفكري لشيوعيتنا على سائر التيارات الفكرية والحركية في مكان فعالية اللجنة.
ينبغي ان تصيغ هذه اللجان الادوات اللازمة للعب مثل هذا الدور. ان تتحول نفسها الى محرضين وقادة اجتماعيين و/او تجذب القادة والمحرضين الاجتماعيين الموجودين اليها؛ ان تصبح هي متخصصاً في التنظيم والاعداد والامنية والنظامية الحزبية والاجتماعية و/ او ان تجذب هؤلاء المنظمين و المتخصصين اليها. ان اللجان مجبرة على حل التناقض او المنافسة مابين الكاتب والمحرض الجيد وبين القائد الاجتماعي المقتدر؛ التناقض والمنافسة مابين المنظمين المقتدرين (والذين في الاغلب ليسوا كتاب جيدين ولا محرضين مقتدرين) مع دور القادة الاجتماعيين. اذ لايتقدم عمل هذه اللجنة .. كلا الخاصيتين. بنفس القدر الذي يحتاج حزب شيوعي اجتماعي الى قائد ومحرض اجتماعي، يحتاج الى مختص تنظيمي جيد.
من الناحية الحزبية، ان هذه اللجان مسؤولة وقائد الفعالية الحزبية في محيط عملها. ان مَعْلَمْ نجاحها وموفقيتها هو ليس عدد البيانات التي وزعتها، ولاعدد الاخبار التي اوصلتها، بل ان المعلم الموضوعي لنجاح هذه اللجان وموفقيتها هو مدى الدور القيادي والموحد الحزبي والاجتماعي الذي لعبته، وكم تحول الحزب الى تيار سياسي، اجتماعي وفكري وعملي سائد في نطاق عملها. وللقيام بهذا العمل، فان هذه اللجان، بالطبع، بحاجة الى اقامة تنظيم مناسب، توزيع البيانات، جلب الاعضاء، المراسلة الاخبارية وغيرها. ان الشاخص الاخير هو كم تمكنت هذه اللجان من ان تجعل النضال متحداً، كم تمكنت من جعله منظماً، كم تمكنت من جعل هذا النضال يقاد حول سياسات الحزب، وبهذه العملية، كم بنت الحزب. ان هذه كلها هي ابعاد ظاهرة واحدة. برايي، ان الخطوة اللاحقة في نظريتنا التنظيمية وفي بناء الحزب هي تشكيل اللجان الشيوعية.
ياتي تنظيم الاعضاء، الذي هو مهم بدربه، تحت جمع اللجنة الشيوعية وتابع لها. ان تنظيم الاعضاء هو تنظيم غير مستقل ولامعنى له لوحده، ليس بوسعه الحياة بوحده. ولهذا، ينبغي ان لايكون نقطة انطلاق توجهنا التنظيمي. برايي، ان التنظيم الاساس للحزب هو تلك الوحدة الاساسية التي تقوم بالنشاط والحياة الحزبية في اطار محيط عملها وان جنسها ونوعها مثل الحزب نفسه.
لايمكن اللجنة الشيوعية ان لاتضم في محيط عملها قائدأ اجتماعياً ولا منظماً اجتماعياً وحزبياً مقتدراً وان تكون فقط تركيبة من "الناس الجيدين" الايديولوجيين. ان هذا يتناقض مع هدف وفلسفة وجود اللجنة. ان اللجنة الشيوعية هي تركيبة من اناس يقومون سوية بعمل قيادي وتنظيمي اجتماعي وحزبي. اعمال لاتاتي من شخص واحد، ليس هناك اي شخص بمفرده يتمتع بكل هذه الصفات.
ان عدم فصل هذين النوعين من الفعالية الاجتماعية والحزبية ودمجهما الصحيح في منظمة حزبية سليمة خلق لنا مشكلة. على وجه الخصوص، يتمتع حزبنا بقادة بوسعهم، وبابعاد اجتماعية، ان يجلبوا اناس بالالاف كاعضاء للحزب، لدينا قادة بوسعهم ان يدبوا الحركة في المجتمع والجماهير لقضيتهم. ولكننا نطلب منهم ان يكونوا منظمين حزبيين مقتدرين وان يكونوا كتاب بارزين ايضاً. من جهة اخرى، نطلب من المنظمين البارزين الحزبيين وكتابنا المقتدرين ان يلعبوا دور قائد اجتماعي. سيبلغ كلاهما افاقاً مسدودة، ولا تلعب منظمتنا الحزبية دور القائد الاجتماعي بصورة صحيحة ولانقيم تنظيم صحيح اساساً.

ان اناس يجلبون الناس بابعاد جماهيرية للحزب وسياساته ليسوا عادة وبالضرورة ان يكون بوسعهم انفسهم تنظيم الناس بصورة صحيحة، وان يكسبوا من يتم جذبه، ينظموهم، ينموونهم ويربوهم ويرتبوا امورهم، ويؤمنوا التحضيرات الحزبية، ويوصلوا الجريدة للاخرين، ينظموا ويرشدوا الوحدات والعمليات النظامية، او ان يكون متخصصي تنظيم وادارة شبكات ومنظمات حزبية وغير حزبية، متخصصين امنيين وغيرها والذين يمثلوا اجمالاً مايطلق عليهم اسم القادة الصامتين (quiet leaders).

القسم الثالث

اللجنة الشيوعية-محل الاندغام التنظيمي للحزب والمجتمع

لقد ذكرنا ان ليس لاي من القادة الاجتماعيين-الجماهيريين او القادة التنظيميين الذين يطلق عليهم بالصامتين اهمية تفوق الاخر. ان مصير حزب سياسيي شيوعي والثورة الشيوعية الفناء بدون اي من هذين النوعين من الكوادر الحزبية، بدون هذين الركنين. اذ تتشكل اللجنة الشيوعية اساساً بهدف دمج كل هذه الخطط ومن اجل ضمان تنفيذها. اذا سعيت ان تبني الحزب على ركن من هذه الاركان اما تتحول الى تيار بدون حزب، مثل الحملات، جماعات الضغط التي لايتمتع التحزب السياسي بتلك الاهمية والمكانة لديها. او بحذف او تقليص دور واهمية القادة الاجتماعيين والجماهيريين، تتحول الى منظمة منضبطة ومتينة، ولكن فئوية ومقطوعة من المجتمع.
ان العجز عن ادغام ودمج كلا الدورين هذا هو احد المعالم الولادية لليسار الراديكالي الهامشي. من المهم ان نكن مدركين لحقيقة ان من النادر في الحياة الواقعية ان تجد اناس بوسعهم ان يلعبوا كلا الدورين في ان واحد. تتمثل اهمية الحزب والمنظمة، وعبر وضع هؤلاء الناس ذوي القدرات المتباينة جنب الى جنب ودمجهم في كائن ثالث، بان يكون بوسعها صياغة تحركات في المجتمع بحيث يغطوا هذين الصعيدين كلاهما.
اوصيكم بالحصول على رواية نينا وان تقرأوها، وان تدققوا وتتعمقوا بهذا الجانب من الحركات التنظيمية للبلاشفة. اما بقية جوانب نينا، ومن بينها دور الابطال او خط ومسار الرواية، فانها ليست موضوع بحثي. انظروا كيف نظموا الاول من ايار. تمعنوا في اسلوب عمل اللجنة الحزبية في باكو، عملية انضمام شخص (اجدر) للجنة باكو وغيرها. سترون تركيبة المنظمين والقادة الاجتماعيين.
في 1 ايار، جمعنا، في اوج الاجواء القمعية، عدة الاف من الناس وعملنا على غرار ذلك. مع اختلاف وهو ان مصير من يُعتَقَلْ من الفعالين الحزبيين في روسيا النفي، وفي منتصف الطريق يفر اغلبهم الى اوربا، اما في حالتنا فيعدم فوراً.
على اية حال، يتمثل بحثي بان الخطوة اللاحقة في نظريتنا التنظيمية هي تشكيل اسس تنظيمية للحزب تتمتع بقدرات اجتماعية من ناحية، وبوسعها تحريك المجتمع، ومن ناحية اخرى، تتمتع بماكنة حزبية لاتجعل هذه الحركة امراً ممكناً وتنظمها فحسب، بل يتحول اي تقدم يطرأ الى تعاظم القدرة التنظيمية وازدياد التحرك الاجتماعي والسياسي للحزب وبوسعها (اي الماكنة الحزبية-م) ان تحول اي تقدم الى خندق متراص بحيث يجعل تقهقر المجتمع والحزب عن هذا الخندق امراً عويصاً. ماكنة يكسب فيها اعضاء واصدقاء الحزب الذين تم جذبهم ويتم ادغامهم في تنظيم الحزب و... ان هذا الاساس التنظيمي هو اللجنة الشيوعية. ان بحثي يتمثل بضرورة استناد تنظيم الحزب الى مثل هذا الفرع الاجتماعي-التنظيمي، اي الى اللجان الشيوعية.

اما فيما يتعلق بمهام اللجان الشيوعية، يمكن الحديث عن هذا الامر بالتفصيل. ولكن قبل الحديث باسهاب عن مهام هذه اللجان ، يجب ان تكون اهدافها واضحة.

ينبغي ان يكون امراً جلياً امامنا الا وهو ان هدف هذه اللجان هو جانبين لايمكن فصلهما عن بعض.

1- ينبغي على اللجنة ان توحد وتقود، في ميدان فعاليتها (في مدينة، محلة، معمل، جامعة، مدرسة و...)، مجمل جوانب النضال سواء الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي او الفكري والعملي تحت راية سياسات الحزب. ان معلم النجاح في هذا الميدان هو ليس عدد البيانات التي تم توزيعها او المقالات التي اصدرتها اللجنة. ان المحك الملموس والمادي هو النضال نفسه. ان لجنة اصدرت الاف الكتابات والمقالات ولكن لاتتمتع بنفوذ في محيط فعاليتها، وليست قادرة على حشد وتعبئة القوى، وان قيادة النضال في محيط نشاطها بايدي التقاليد والحركات السياسية الاخرى، هي لجنة لازالت تفصلها اشواطاً بعيدة عن هدفها. ويجب ان يكون المرء مدركاً ان تامين هذه المسالة ليس ظاهرة وليدة ليلة وضحاها. اذ يستلزم بلوغ هذا الهدف عمل هادف ودؤوب من قبل اللجنة، كسب قادة ومنظمين مقتدرين للحزب او للشبكة المحيطة بالحزب، خلق النفوذ السياسي والمعنوي لاعضاء اللجنة والحزب في ذلك المحيط و...
2- ينبغي ان توحد وتنظم اللجنة محيط فعاليتها بابعاد واسعة وجماهيرية. ان توحيد موافقي الحزب او حتى "اليسار" ليس بامر كافٍ. ينبغي ان توحد في المعامل العمال، وفي المحلة الجماهير و... ينبغي ان تؤمن اللجنة وجود تنظيم حزبي محكم في رحم هذه التنظيمات او الاتحادات الجماهيرية.
وبالتحلي بهذه الاهداف، يمكن استنتاج المهام، الاعمال والامور الروتينية.
قيادة نضال الجماهير والطبقة العاملة، تغيير توازن القوى السياسي تحت سياسات الحزب في ميدان نشاط لجنة ما وخلق تنظيم حزبي ملائم ومتناسب معه. وعليه، يعد توحيد الناس، كسب الاعضاء، النضال النظري مع العقائد المغايرة، تربية الاعضاء، الوضع الامني، تنظيم صلة القادة العلنيين بالتنظيمات السرية، حمع المساعدات المالية، خلق الكوادر وغيره امراً حياتياً.
اذا سالتني اللجنة الشيوعية في معمل فولاذ مثلاً ماهي مهمتي؟ اجيب ان وظيفتكم هي تنظيم النضال في الفولاذ تحت سياسات الحزب، خلق تنظيم حزبي مقتدر. واقول للجنة ينبغي ان تكون قائد عمال الفولاذ. وبالتالي، انها مجبرة على جذب القادة الموجودين والمنظمين المقتدرين اليها وهضمهم في صفوفها وكذلك ان تخلق من الشيوعيين الموجودين قادة او منظمين مقتدرين.
حيث هناك نضال، هناك قادة وشبكات نضالية ايضاً. ان النضال الاجتماعي يستحيل دون وجود قادة ودون وجود شبكة نضالية. لقد كان بحث اسلوب عملنا في اعوام 81-82 هو ان على تنظيم الحزب ان يقوم بفعاليته في هذه الشبكات وان يجلب هؤلاء القادة اليه. ان اللجنة الشيوعية هي المكان الذي يتمركز فيه هؤلاء القادة وهؤلاء المنظمين تحت راية سياسات الحزب. وعليه، يعتبر العمل مع القادة الجماهيريين والعمل من المنظمين الاكفاء وجلبهم هو في مقدمة اولويات اللجنة.
اللجنة الشيوعية هو تحرك حي داخل المعمل، في المحلة او في اية اجواء وشبكات نضالية. انها قلب الحزب الذي ينبض دوماً في مكان تواجدها.
لو ارادت لجنة شيوعية ان تلعب هذا الدور، ينبغي ان تُؤسس على الصلات الاجتماعية والطبيعية للاشخاص. ان ربط جمع من الناس سوية استناداً الى كون ايديولوجيتهم واحدة يخلق جمع غير اجتماعي. من الممكن ان نقوم بمثل هذا العمل ايضاً في اوضاع ما، ولكن هذا الاسلوب هو ليس الاسلوب الروتيني لتاسيس لجان شيوعية. من الممكن نقل هذا الشخص او ذاك، هذا المسؤول او ذاك الى لجنة ما، ولكن اساس والبنية الرئيسية للجنة يجب ان تكون متجذرة في المجتمع، ولهذا يجب ان ترتكن استناداً الى الصلات الطبيعية، الاجتماعية والنضالية في مكان او محيط ما.
بالاخص، في الاوضاع التي نمر بها اليوم، يعاد بناء التحزب الشيوعي في سياق تقليد غير اجتماعي وهامشي الى حد كبير. يجب الانتباه الى هذا الجانب.انها المرة الاولى بعد عقد الثمانينات التي نعود بها لتناول تنظيم الحزب في الداخل، ونسعى لبناء الحزب مرة اخرى وفق الرؤية الجديدة التي شكلناها في 20 سنة المنصرمة.
يجب ان ننتبه الى اننا نبغي بناء حزب في سياق وجود تقليد ما الا وهو ان اؤلئك الاشخاص يتم ربطهم مع بعض بمعزل عن محيطهم الاجتماعي، وان نشاطهم يتمثل اساساً بعقد الجلسات، وفي اقصى الاحوال توزيع البيانات او المشاركة في التحركات الاكسيونية. اذا انتزعت التحركات الاكسيونية والاعداد للتحركات الاكسيونية من هذا التقليد، لايبقى لديه مايعمله. ان التصوير المعطى اليوم عن النشاط في تنظيم يسار راديكالي هو هذا بالضبط. ان تصور اي شخص ينخرط في الفعالية المنظمة لليسار الراديكالي هو ذات التصور: نعقد جلسة، نبحث ونناقش، نعلن موقفاً، وابلاغ الجماهير بهذا الموقف ( والذي ظهر اخيراً نموذجه التلفزيوني ايضاَ) واقامة حركة اكسيونية.
تنظيمات ليس اماكنها راسخة وثابتة في اي مكان اطلاقاً، وشيوعيون يعد تبادل اطراف الحديث فيما بينهم امراً يسيراً مقارنة بالذهاب للناس والتحدث اليهم. شيوعيون ليس بوسعهم الحديث بلغة سائر البشر، ولايفهم احد غيرهم كتاباتهم وحديثهم، شيوعيون ليس بوسعهم جذب الناس وعاجزين عن ان يكونوا قائداً الجماهير.
اننا ننشد بناء حزبنا على هذا التقليد المعطى للمجتمع. وعليه، يجب ان نتحلى بحساسياتنا الخاصة.
يتوجب الانتباه لعامل اخر وهو ان ليس بوسع اللجنة الشيوعية ان تكون صنفية وقسمية (من كلمة اقسام-م). اذا ارادت لجنة شيوعية ان تلعب الدور الذي ذكرت، عندها ينبغي ان تكون لجنة الشيوعيين. اي ان اللجنة الشيوعية في مكان ما هي لجنة شيوعيي ذلك المكان. وحسب قول لينين، لجنة في مكان ما تضم في صفوفها العامل الشيوعي، بائعة الهوى الشيوعية، الطالب الجامعي الشيوعي، الجندي، الفلاح او اي انسان شيوعي اخر. مثلاً، في الجامعة، يجب ان لاتكون اللجنة الشيوعية لجنة الطلبة الشيوعيين فقط. يجب ان تكون لجنة الطالب، الاستاذ، الموظف، عامل التنظيف، واي بشر شيوعي اخر في تلك الجامعة. وعلى الغرار ذاته، ينبغي ان تكون اللجنة الشيوعية في المعمل، المحلة، المزرعة وغيرها، كل منها، لجنة شيوعيي ذلك المحيط. لايمكن ان تكون اللجنة الشيوعية لجنة صنف العمال الشيوعيين، الطلبة الشيوعيين، الفلاحين الشيوعيين والنساء الشيوعيات او غيرها.
ينبغي ان تلعب اللجان الشيوعية دور يضاهي دور العقد العصبية في الشبكات النضالية والاجتماعية وان تصبغ هذه الشبكات بصبغتها، وان تبث عبر ذلك الحركة في المجتمع من ناحيتها. ان المجتمع هو ظاهرة مدغمة ومندمجة. لايقوم العامل بنضاله في المعمل فقط. اذ يعيش العامل في محلة ايضاً، ولديه مشكلات تتعلق بالماء والكهرباء والهاتف، لديه مشكلة مدرسة اطفاله، لديه مشكلة خطر تعرض اطفاله للادمان، ابنه يدرس في المدرسة و الجامعة، يُفرض الحجاب على ابنته قسراً وتتعرض للتمييز الجنسي و... العامل انسان. انه ليس بصنف.
انه انسان يعيش في هذا المجتمع، وفي هذا المجتمع ينبغي ان يناضل من اجل كل شيء وحول كل شيء هذا تتشكل شبكات نضالية وشبكات دعم، وان هذه الشبكات متصلة ببعض في الحياة الواقعية، تتاثر من بعض سلباً ام ايجاباً، وتؤثر ايضاً. ان لامر محال ان يكون في مكان ما عامل اشتراكي او داع للعدالة ولايكترث لطالب او اناس اشتراكيين وشبكات نضالية محتجة في ذلك المحيط. ان الشبكات النضالية هي السلسلة العصبية للمجتمع ترتبط مع بعض في مكان ما. ان اللجان الشيوعية بوسعها ان تتشكل وتعمل فقط في سياق وخضم هذه الشبكات النضالية، وبالاخص شبكة الفعالين الاجتماعيين اليسار والشيوعيين. بوسع الشبكة النضالية التي تربط المعامل، الاقسام والفروع، الجامعات وهذا القسم او ذاك من المجتمع معاً بوسعها ان تحقق اهداف اللجان الشيوعية.
حين تنظر للمستقبل، اللجنة الشيوعية هي مركز كوادر الحزب. حين تعود الى رواية نينا ترى ان جميع كوادر الحزب البلشفي في باكو هم جزء من لجنة باكو. ان لجنة باكو عبارة عن مجمع للكوادر البلشفية في باكو. لديهم اعضاء كثر، لكنهم ليسوا في اللجنة، ولايعرفون من هم اعضاء اللجنة. لديهم علم بوجود لجنة، لان اللجنة تصدر بيانات وتبين عن نفسها، وساعود لاحقاً لتناول هذه المسالة. ان نينا اجمالاً هي قصة تحول عامل اسمه "اجدر" الى كادر حزب، وبالتالي انضمامه الى لجنة باكو البلشفية. يُربي كوادر اللجنة "اجدر"، يمتحنوه وبالمطاف الاخير يضموه الى عضوية لجنة باكو الشيوعية.
من الممكن ان لانُعَّرِفْ جميع الكوادر في الجامعة او المعمل مع بعض في لجنة واحدة لاسباب امنية. ولكن ينبغي ان ينظم هؤلاء الكوادر انفسهم في مجاميع مضاهية للجنة الشيوعية وننشد منهم فعالية على هيئة وشكل لجنة شيوعية.
في الخطوة الاولى، سواء لاسباب امنية وكذلك لاسباب تتعلق بكون هذا النمط من العمل جديد بالنسبة لنا، يجب ان نتخذ اسلوب التنظيم المنفصل. سنصون هذا الفصل على صعيد اللجان الشيوعية. بعدئذ، ومع اول فرصة تسنح لنا، ينبغي ان تتمركز لجاننا الشيوعية في اي مكان وان تضع على عاتقها مهمة قيادة ومسؤولية الحزب في تلك المنطقة او مكان ما بصورة تامة. ان المركز الذي يتخذ قرار في هذا النطاق هو اللجنة الشيوعية التي تتخذ القرارات في حدود واطار السياسة وسلسلة المراتب الحزبية وتنظم وتقود محيطها. في هذه اللجان ، يشارك القادة الاجتماعيين والجماهيريين والمتخصصين التنظيميين، المتخصصين في اعمال التزوير، الامنية، التحضيرات، المالية، النظامية، الدعاية، الادبيات والجرائد، التربية وغيره وغيره، اناس يقومون بدور اكبر من عضو عادي في الحزب ويحملون مسؤوليات ما.
اذا كان شاخص نجاح الخلية هو تقليدياً امور تتعلق بداخل الحزب، فان شاخص نجاح اللجنة الشيوعية يخص خارجه وفي المجتمع تماماً. ان الشاخص هو كم تم تغيير المجتمع؟ كم تم تنظيم الناس؟ كم اصبحت الطبقة العاملة اكثر اتحاداً؟ كم تحول الحزب الى قوة سياسية، فكرية ونضالية سائدة؟ و...
ماذا يحل بتنظيم الاعضاء؟ في المستقبل، سَيُنَظَّمْ الاعضاء حول البيوت الحزبية وفونكسيوناته. ولكن في الوقت الراهن، ينبغي ان يتم تنظيم الاعضاء في مجاميع و شبكة او مجاميع مختلفة نضالية، اجتماعية، سياسية، فكرية وغيرها حول اللجان، وان احد الاعمال المهمة للجنة الشيوعية هي جذب وتنظيم الاعضاء في هذه الشبكات والمجاميع والسعي الدائم للارتقاء بها وتوسيع اللجنة. ان الاعضاء ينتظمون ايضاً في هذه الصلات، ويتم توظيف والاستفادة من اي جهد يصرفونه، ويتم تربيتهم، ويتعلموا ويضاف المتطوعين المستعدين الى اللجنة او يشكلوا لجان جديدة. في داخل البلد، يجب المحافظة اليوم على الاعضاء في نفس الشبكات النضالية ويجب ان تولي اللجان حواسها لهؤلاء الاعضاء.
بوسع اللجان الشيوعية ان تتخذ اشكال متنوعة. ان اساس عمل اللجان الشيوعية يخص جغرافية معينة مثل معمل، محلة، مدينة، قرية، مدرسة، جامعة و... بيد ان اللجان لاتقتصر على هذه الاشكال. بوسع اللجان الشيوعية ان تكون متعلقة بمنظمة جماهيرية (نقابة، جمعية، منظمة غير حزبية وجماهيرية، مجلس و...) او لجان متعلقة بقسم خاص مثل النفط، الكهرباء وغيرها. حتى في الاوضاع الابتدائية والمحدودة الراهنة، من الممكن ان تكون هناك لجان متعلقة بشبكات نضالية قد تربط عدة جامعات ومعامل ومراكز فنية وغيرها. بوسع اللجنة الشيوعية ان تكون مرتبطة بميدان خاص من النضال مثل ميدان حركة المراة او الشبيبة او... ينبغي التعامل بابداعية عالية ومرونة بصورة تامة بهذا الخصوص.
المهم ان تصبغ اللجان المحيط الذي حولها بطابعها، تنظم هذا المحيط، مثل بلور الكريستال حين يوضع في سائل مشبع يتبلور المحيط الذي حوله بسرعة. حين تتشكل لجنة شيوعية في مكان ما، يتغير تعامل الجماهير، تناسب القوى السياسي، الثقافي والاجتماعي لصالح النزعة التحررية والمساواتية، ويكسب الحزب وسياسات الحزب نفوذاً اكبر، وتتغير الاجواء التي يقيموا فيها الفعالية.
ان التحزب الشيوعي يعني تنظيم نضال اناس من اجل حياة وعالم افضل، في كل بعد من ابعاده وبالاخص في البعد السياسي من اجل اقتدار وانتزاع السلطة السياسية بوصفه اهم ركن لسعي الانسان نحو عالم افضل. على هذا الاساس، يمكن ان ندرج جزء من مهام اللجان كالتالي:
تنظيم وتوحيد النضال تحت سياسات الحزب.
جر القادة الموجودين والمنظمين المقتدرين والمستعدين للحزب، كسبهم في الحزب وصيانة وجودهم في الحزب.
تامين السيادة السياسية، الفكرية والعملية للحزب على الاجواء النضالية المحيطة بفعالية اللجنة. وعليه، ينبغي على اللجنة ان لاتقود النضالات وتوحد الجماهير فحسب، بل ان تناضل ضد التصورات الخاطئة في نطاق فعاليتها، اذ بالاضافة الى استفادتها من ادبيات الحزب، تقوم هي نفسها باصدار ادبياتها الخاصة.
توسيع شبكات المحافل وتشكيل لجان شيوعية جديدة.
تامين وضمان اتحاد الحزب وتوحده حول خط في محيط فعاليتها.
ان مهمة جدية للجنة الشيوعية هي صيانة ارتباطها بالحزب. ان صيانة ارتباط لجنة معينة بالحزب هي مهمة تلك اللجنة.
يجب ان تتمتع اللجنة بحقوق وصلاحيات من اجل تحقيق هذه الاهداف.
1- ينبغي ان يكون للجنة حق القيام بالفعالية باسمها. اذ يستحيل ان تكون قائد امر ما بصورة سرية وبدون اسم. ولاسباب امنية، يجب ان تستشيرنا اللجنة بامر الظهور العلني للجنة ام عدمه قبل الاقرار عليه. ولكن، طبقا للتعريف، يجب ان تكون اللجنة الشيوعية لجنة ذا هوية وبوسعها الاستفادة من هذه الهوية. ينبغي ان يكون بوسعها ان تصدر بيان، جريدة، كراس، وان يكون لها صفحة الكترونية (سايت انترنيتي)، بريد الكتروني وعناوين الكترونية جماعية و... ان للظهور اشكال متفاوتة ومختلفة بوسع اي لجنة، وفقاً لامكاناتها ومحيط فعاليتها، الاستفادة منها.
ان بحثي هو اذا كان للجنة الشيوعية مهمة ما، ينبغي ان تتمتع بحق واتخاذ القرار ايضاً بما يتناسب مع تلك المهمة. ان اعلان وجود اللجنة باسمها وكسب الاعضاء للحزب هما جزء من اكثر هذه الصلاحيات اساسية وبديهية. بوسع الحزب حل لجنة او تنظيمات ما اذا ما راى ان هذه اللجنة تسير خارج نطاق سياساته ولم ينفع سعيه من اجل تطابقها معه. ان هذا عمل تقوم به جميع احزاب العالم.
2- ينبغي ان تمثل اللجنة الشيوعية في مؤتمرات الحزب وكونفرانساته. يجب ان تتمتع بحق التصويت بصورة متناسبة مع دورها واهميتها في المجتمع وفي الحياة السياسية للحزب. ان لم تمنح هذا الحق للجان، فانك تقلص ثقل لجنة حزبية في تنظيم الحزب الى ثقل جمع متفرق من الاعضاء في زاوية منسية من العالم. هناك معضلة من حيث الامور الامنية والانتخابات في الاوضاع السرية، ولكن ينبغي على اية حال اللجوء للابتكار والابداع وتامين تدخل هذه اللجان في الابحاث والمناقشات، صياغة السياسات، الانتخابات وقرارات الحزب ومقرراته. من الممكن مؤقتاً، بسبب الاوضاع البوليسية، ان تكون هناك منظومة انتخابية وافية ولكن ينبغي تامين تمثيل هذه اللجان على اية حال. وان هذا الامر قد لايمكن القيام بشيء اتجاهه فيما يخص الانتخابات، ولكن يجب ان لايشمل هذا مسالة التمثيل السياسي والتنظيمي للجان.

بعد النقاش والبحث الوافي بهذا الخصوص، سنقر قرارات وطروحات ضرورية ونعد وثائق ضرورية فوراً. ان تحقيق هذا الامر يتمتع باهمية عاجلة بالنسبة لنا.

توضيحات الكاتب:

راجع مثلا منصور حكمت "سياستنا التنظيمية بين العمال" و"حول سياستنا التنظيمية العمالية"، "الخلايا الحزبية والاكسيونات (الحركات) العمالية- بصدد اهمية المحرض والتحريض العلني"، الحزب الشيوعي الايراني والعضوية العمالية"، "المباديء التنظيمية للحزب الشيوعي العمالي"، "الحزب والمجتمع"، "الحزب والسلطة السياسية و... المنشورة جميعاً في مختارات منصور حكمت، المجلد 1 ، ويمكن الحصول عليها في سايت اثار منصور حكمت: http://www.hekmat.public-archive.net. كذلك راجع كورش مدرسي "ملاحظات حول النضال القانوني"، "التنظيمات العمالية بفروع نظامية"، "نقاط حول التنظيم الحزبي في ايران"، "حول مهام اصدقاء الحزب في ايران" و.... الموجودة في سايت كورش مدرسي http://www.koorosh-modaresi.com. ( ان ماتحته خط يمكن الحصول عليه بالعربي في سايت الحزب الشيوعي العمالي العراقي:http://www.wpiraq.net/arabic/mansor-hekmat/archive.mansor.htm -م)





2- راجع كراس خسرو داور "الحزب، نواة التنظيم، القيادة" المنشور في "العامل الشيوعي" (لسان حال الحزب الشيوعي الايراني) العدد 2، 83-1984، "مباديء عمل الخلايا الحزبية"، ملحق 1 للعامل الشيوعي العدد 9، 1984، وجول مهام مؤيدي الحزب الشيوعي" 1984.

3- راجع منصور حكمت، "المباديء التنظيمية للحزب الشيوعي العمالي"

4- راجع منصور حكمت، خطابات المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العمالي اكتوبر 2000.

5- وضحنا في بحث الثورة الروسية، احالة اليسار التقليدي لهذه النظرية حول التحزب الى لينين هو امر غير صحيح. راجع كورش مدرسي "اللينينية، البلشفية والمنشفية، تقييم تحليلي للثورة الروسيةhttp://www.hekmatist.com



توضيحات المترجم:

* الثاني من خرداد، وهي حركة قام بها احد اجنحة نظام الجمهورية الاسلامية، تمظهرت بشكل "اصلاحي" محدود وهزيل. كان هدفها هو امتصاص الحركة الساخطة والهادفة الى الاطاحة بنظام الجمهورية الاسلامية وانقاذه، عرفت هذه الحركة باسم شخصيتها الاساسية، محمد خاتمي رئيس الجمهورية في حينه. ولاقت هذه الحركة فشلاً ذريعاً.

**خسرو داور، احد قادة والشخصيات البارزة للحزب الشيوعي الايراني ومحرض جماهيري بارز في حينه. مسؤول سايت منصور حكمت.

*** الحزب الشيوعي الايراني، تاسس في عام 1982 بالدور الريادي والطليعي لمنصور حكمت، وتاسس من عدة منظمات وبالاخص اتحاد المناضلين الشيوعيين ومنظمة كومه له وفعالين يسار وشيوعيين.

**** الحزب الشيوعي العمالي الايراني، تاسس عام 1991 بعد استقالة منصور حكمت والمكتب السياسي واغلبية كوادر الحزب الشيوعي الايراني وتاسيس الحزب الشيوعي العمالي الايراني، كاتب المقال من بين مؤسسيه، وقد استقال مع اغلبية قيادة وكوادر الحزب لتشكيل الحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي .

***** كومه له، منظمة يسارية ماوية، تاسست في منتصف السبعينات من القرن الماضي، طرات عليها تغييرات كبيرة تحت تاثير ابحاث ودور منصور حكمت، اسست مع اتحاد المناضلين الشيوعيين الحزب الشيوعي الايراني في 1982 واغلبية كوادرها القيادية وشخصياتها الان في الحزب الحكمتي.

******

تمت الترجمة عن "حكمت"، المجلة النظرية-السياسية للحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي العدد 3 ابريل 2006. صدرت هذه السلسة لاول مرة في جريدة الحزب الشيوعي العمالي الحكمتي "سازمنده كومنيست" (المنظم الشيوعي) في الاعداد 8-10 والصادرة في شباط واذار 2006.

ملحق 2: اللجان الشيوعية-تقييم تجربة عامين (للأسف نظرا لضيق الوقت، لم تتسنى لي فرصة ترجمة هذا المبحث المهم، رغم ان الكثير فيه هي تاكيدات على موضوعة اللجان الشيوعية، أتمنى ان اجد فرصة للقيام بذلك يوم ما-المترجم).