ارادة الحياة


يوسف عبدالله مرزوك
2014 / 10 / 9 - 17:27     


جميلة ذات شعرا جميل ، اين ما مالت يميل ، يتموج خصرها على وقع الموسيقى ، ابتسامتا عريضتا على شفتيها ، نهداها يتموجن كتموج البحار بين مدا وجزر ، يتموجن على وقع الطبولي في داخل الملهى و على المرقص ، هي ترقص للاخرين ، هي تمتع المخمورين بجمالها ، تعطي نفسها الى الدرك الاسفل مع انين الاوتار ،كأنها تريد ان تقول ما في داخلها ، لكن الحياة تكابر على ان تنصت لها ، اسمها وداد شكلها ودود جسمها منحوت، كأنه عود تنبت الحياة من عروقة .
تستمر بالرقص هي وعاهرات الحياة هي و مومسات القدر ، يرقصن و من حولهن السكارى مخمورون ،لا شيئ سوى بالجنس يفكرون ، يقول احدهم (انها ذات خصرا كبير ونهدا سوى للر.... يصير ، شفتاها لا يصلحان الا للع....) لا تسمع ما يقال لانها تعرف ما يقال ، فهي تعرف انهم يتناسون اسانيتها دوما .
يومئ اليها بيده ، فتقول يائسة بيأس
_ لحلوين رزقهم موجود
فراحت على اصابع الالم تسير ، كانما نارا تشتعل في احشائها ، كانما وحشا يريد ان يلتهمها . فرأت سيدة الملهى العجوز مقبلتا عليها وهي مسرعة كانما الوزير جاء ليضاجع الجمال، فاحست برهبة في داخلها ، راحت تسأل في غرفة التساؤلات الازليه (هل من شيئ هناك ؟ هل من مسؤولون على الباب ؟ ماذا هناك ؟ ماذا هناك يا لهي )
وصلت السيدة العجوز و عيناها تقول بان هناك مصيبة ، لكن رأسها المرفوع يرفض الاعتراف بها . سألت وداد
_ ماذا هناك
اجابة العجوز
_ اخاك مات
_ ماذا
ثم سكتت و عيناها معلقتان بالعجوز ، اذنيها لا تفهم ما تسمع ،قدماها لا تقوى على حملها، غادرت العجوز وهي تقول
_ انه الموت العين
_ اذا مات اخي ، اذا مات الذي بعت نفسي من اجله ، لمن اعمل بعد اليوم ، وانا حتى نفسي لا املكها .
انطلق صوت بكائها ، صوت صراخها، صوت الالام التي عبت في داخلها ،تصدح في المكان ،رغم علمها بان لا شيء من هذا ينفع بعد الان ، فقد اظلمة دنياها وساد الوجوم محياها .
فنظر المخمورون اليها من دون اهتمام، من دون ان يفهموا شيئ ، فكل ما يهمهم هو الجنس ، فقامت من مرقصها الذي صار مبكى ،الذي صار منصتا للبؤس ، وهي تنوح وتصرخ عسى ان يخفف هذا من شدة الصدمة ، فراح صوتها يصدح صارخا بالموجودين
_ كلكم سفلة ، كلكم عاهرون ، كلكم ساقطون ، من الانسانية قطرتا لا تملكون ، فخرجوا ...... اخرجوا و اتركوني وحدي مع القدر ، عسى ان يجيب عن اسألتي .
لكن السيدة العجوز لا تتهاون في تجارتها ،فطردتها تصرخ في الطرقات ، عسى من منجدين ، من مواسين هناك.