وطن الطفل؟


يوسف عبدالله مرزوك
2014 / 10 / 8 - 15:24     

وطن الطفل ؟
مبتسما يلاعب اباه طفلا ذات ثمان، وديع ، البراءة على وجنتيه ،تبتسم عند ابتسام شفتيه . لا يعرف من دنياه شيئ سوى الفرح و اللعب كما هو الحال لدى اطفال العالم ، يقبل اباه بعينيه فوق وجنته التي ترك الزمن آثار محراثهي فوقها . ذلك الاب البعيد بفكره ، القريب بقلبه من قلب ابنه ، الاب الذي يعتز بجنديته ، يعتز بالدفاع عن وطنه . يحب اداء واجبه يذهب له كل يوم مرفوع الرأس بين اقاربه ، مخيفا لأعداءه .
تقول السيدة نور زوجته ان زوجها ابو مجيد (نورا على نور) . علاء تزوج من نور منذ ما يقارب التسع سنوات لكنه لا ياتي الى البيت الا كل خمسة عشر يوما ، والسيدة نور تفرح وتهلهل عند مرأى زوجها بعد عودته من جبهات القتال . اما الابن الوحيد يتنفس هواء اباه المعطر بتراب الوطن ،لا يقول اني فرحا بعودتك لان الافراح التي تعم دنياه لا توصف في تلك اللحظة . علاء يحب طفله الوحيد يحب اسمه مجيد المجد المجيد ، وهو ذو الثالثة والثلاثون خريفا ، يريد لابنه حياة هانئة ، حياة ربيعية مطمئنة ، ربما لانه ما رأى في حياته ربيع .
بقى الطفل فرحا مثل فرح اباه به ، الى ان جاء ذاك اليوم الاسود المظلم الذي اغلق الابواب بوجه الطفل ، يوم غزا السواد حياة النوارس ،وزغزغة العصافير صارت نواح و بكاء ، يوم بكى الاموات قبل الاحياء ، يوم تغيرت حياة الطفل .
يوم استشهاد اباه ، يوم ترك الطفل للجوع ، وزوجته لكرم المتكرمين ، يوم نسى العالم ذلك المقاتل الذي رفض الهرب و اصر على القتل ، من اجل ان يبني وطنا لابنه ، ويغير حياة العالم وطفله ، فهو يعرف ان الاطفال لا يحيو ن بلا اوطان ، ولا الاوطان تحيا بلا اباء ، فالاباء هم حماة الوطن و اوطان الاطفال .
مات الاب، فراح الطفل يسأ ل عن اباه ( ابي اي الاوطان تسكنها انت يا ابتي الان ، قتلوك يا ابي وما ارادو سوى قتل الوطن ) ما من احد يجيبه سوى الصدى _ابتي ابتي وطني_ في الطرقات راح يمشي و ينوح ، صفرة وجنتاه و حمرة عيناه ، جفت منابع دمعه ، وتمنى ان تتخلى عنه روحه ، فاليوم وسادته الاسى بينما يتذكر يد اباه التي كانت وسادته دوما ، اليوم يرتشف البؤس بينما كان يرتشف القبلات عسلا وماء صافيا من عيني اباه .
قضى اليال وهو يتأمل اباه يقاتل عداه ، يحرر الاوطان ،و يزرع الابتسامة على وجه الصبيان، فتذكر قولا لاباه (( الرجال الطيبون لا يهزمون ، لا تهز عروشهم ، فان سقطو فهم شهداء ))
ابتسم الطفل و عاد الامل الى قلبه ، فتسلل الطفل الى غرفة اباه ولبس ملابس الجندية ثم قبل العلم الذي حمله الاب على كتفه مدى الحياة ............ علم العراق ...........