كوباني رمز للمقاومة


غياث نعيسة
2014 / 10 / 7 - 21:42     

كوباني , رمز للمقاومة

غياث نعيسة

منذ اسبوعين تتعرض المدينة الكردية كوباني ( عين العرب ) الى هجوم عنيف وحصار من القوى الرجعية للدولة الاسلامية المعروفة باسم داعش, وقد وصلت قوات الاخيرة الى ابواب المدينة.
وكانت قد شهدت كوباني نزوحا واسعا لسكانها, وخاصة نحو تركيا التي اغلقت قواتها , في بداية النزوح, حدودها عليهم. لكن كوباني تقاوم ببسالة بطولية في مواجهة القوات الكبيرة والمدججة بالسلاح لداعش.

نموذج للمقاومة

تثير هذه المقاومة الاعجاب وتعتبر نموذجا يحتذى,لانها صورة مناقضة لما جرى في مدن أخرى مثل الموصل في العراق والرقة في سوريا اللتين سقطتا بسهولة وسرعة بايدي داعش. وقد عبرت العديد من المظاهرات التي جرت في عدة مدن سورية عن تضامنها مع كوباني المقاومة.
ينظم المقاومة في هذه المدينة, ذات الغالبية الكردية, حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني و وحدات حماية الشعب الكردي التابعة له , كما يشارك فعليا في الدفاع عن المدينة عدد من الكتائب للمقاتلين السوريين العرب المتواجدين فيها مثل لواء «  ثوار الرقة » وكتيبة «  شمس الشمال » وكتيبة «  جرابلس », وفي 4 ت1 اعلن الجيش السوري الحر عن قراره بارسال الف مقاتل للدفاع عن كوباني.
والحال, فان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة كان قد بدأ بقصف مواقع داعش منذ 23 آيلول الماضي , دون أن تكون له تأثير أو جدوى, حتى الآن. فداعش التي كانت تبعد 60 كم عن كوباني, عند بدأ التحالف لقصفه عليها, أصبحت بعد اسبوعين من القصف على ابواب المدينة.
وقد صرح زعيم الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في 30 ايلول 2014 أن حزبه طلب تسليحا من الدول الغربية لكن «دعواته للحصول على اسلحة لقيت رفضا حتى الان من الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي » والقى باللوم على تركيا لعرقلتها ذلك.
كوباني, اذن , تقاوم حالها كحال الشعب السوري الثائر, وحيدة.

اضرابات ومظاهرات

ان تشكل داعش يأتي كأحد نتائج الاحتلال الامريكي للعراق والدمار الاجتماعي الذي اصابه, وهي ايضا نتيجة لاندماج حصل ما بين تيار من الجهاديين القريب من تنظيم القاعدة وضباط بعثيين من النظام السابق للدكتاتور صدام حسين, وهو ما يضفي عليها خصوصية مقارنة بالتيارات الجهادية والتكفيرية الاخرى, ويعطيها طابعا فاشيا. وهجومها العسكري لم يتباطئ او يتوقف منذ بدأ قصف التحالف الدولي عليها, بل , على العكس, ان الاخير اوقع ضحايا مدنيين عديدين.
وردا على ذلك, عرفت المدن السورية نحو مائة مظاهرة في 26 ايلول 2014 تحت شعار « المدنيين ليسوا بحاجة لقتلة دوليين ! » تعبر الجماهير, من خلالها, عن شعورها بلا جدوى القصف وعن شعور « قومي » ومعادي للامبريالية ناهض وملحوظ منذ العدوان الصهيوني الاخير على غزة. هذه الارهاصات في تحول جاري في مزاج الجماهير السورية يتجلى ايضا بالعودة الى جذور الحراك الشعبي الاصيل والثورة, ويمكن ملاحظته في اناشيد وشعارات واعلام المظاهرات التي جرت في 3 ت1 2014.

وفي هذا السياق, اضافة الى وقائع سنذكرها لاحقا,من الجدير الاشارة الى حدثين هامين هما الاضرابين الذين حصلا في المناطق « المحررة » من حلب. الاول هو اضراب عمال النظافة في 20 ايلول 2014 ضد الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني المعارض . والثاني هو اضراب عمال الدفاع الوطني في نفس المناطق ضد نفس الحكومة في 21 ايلول 2014 . كما اعلن عن تشكيل حملة مستقلة للفضح والملاحقة القضائية ضد الفساد والفاسدين في هيئات المعارضة السورية…

عودة الى الجذور؟

اما من جهة المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام, ولا سيما ما يعرف بالمناطق « الموالية », فانه لمهم التنويه الى المظاهرة الكبيرة التي جرت في 2 ت1 2014 في حي عكرمة « الموالي » في مدينة حمص , اثر التفجير الارهابي فيه الذي اودى بحياة العشرات من الاطفال, رفع فيها المتظاهرين شعارات ضد المسئولين الحكوميين وشعار « الشعب يريد اسقاط.. المحافظ »!. وفي اليوم نفسه خرجت مظاهرة في حي « معارض » هو حي الوعر من مدينة حمص نفسها تضامنا مع اهالي الضحايا. وهذه الحادثة تأتي بعد شهر تقريبا من اعتقال اجهزة الامن لناشطين يعتبرون « موالين » لمجرد اطلاقهم لحملة بعنوان « وينون؟ » - أين هم؟- احتجاجا على تخلي الطغمة البرجوازية الدموية عن مئات الجنود البسطاء في مطار الطبقة وغيره من المواقع ليبقوا فريسة سهلة لداعش.
كما عرفت المناطق التي تقبع تحت سيطرة النظام حملات احتجاجية واسعة في شهري تموز وآب من هذا العام بعنوان « بدنا نعيش » و « صرخة » ووزعت بيانات ولافتات مكتوب عليها «  الكرسي الك والتابوت لولادنا ».
ولعل من المفاعيل غير المباشرة للتدخل الامبريالي في سوريا هو انبعاث جديد لوعي مناهض للامبريالية واجتماعي.

انها العودة الى جذور الثورة الشعبية الأصيلة.

7 ت1 2014
________________
مقال سينشر بالفرنسية بعد يومين في جريدة انتي كابيتاليست للحزب الجديد المناهض للرأسمالية الفرنسي