أهمية التعديلات في قانون الجمعيات السياسية.. مهمة وطنية نيابية وسياسية


فاضل الحليبي
2005 / 8 / 21 - 12:02     

شكل الانفراج السياسي الذي حدث في البلاد في فبراير من عام 2001، حدثاً تاريخياً مهم في تاريخ البحرين السياسي الحديث، عام التصويت على ميثاق العمل الوطني وكانت النوايا طيبة من جميع الأطراف (مؤسسة الحكم و المعارضة) وكان عام 2001، عام الفعل السياسي لبناء دولة القانون والمؤسسات، حيث بدأ الجميع يتنفس نسيم الحرية، بعد سنوات القمع والتنكيل والرعب والسجون والمنافي، ليعمل في فضاء العلنية ويبدأ في جمع الصفوف، وتأسست الأطر السياسية الجديدة، حراك سياسي كبير وهام كان في عام 2001.

فبراير – عام 2002، عام عاماً مختلف ، ففي هذا العام برز الجميع لسطح وتم إصدار دستور مملكة البحرين وتحديداً في 14فبراير من ذلك العام وتحول مسمى الدولة إلى مملكة والأمير إلى ملك، هذا الدستور الجديد احدث إشكالا كبيراً في صفوف القوى السياسية ولا زالت تداعياته مستمرة حتى هذه اللحظة.

لن ندخل في تلك التفاصيل التي يعرفها شعب البحرين جيداً، من الانتخابات، لمجالس البلدية في مايو 2002، إلى الانتخابات النيابية في أكتوبر2002، وبروز الثنائية المعروفة، المشاركة والمقاطعة. والآثار السلبية التي تركتها على الوضع السياسي في البلاد، وبروز قوى اجتماعية سياسية محافظة في مجلس النواب وتشكيل الأغلبية الساحقة من مجمل تلك التكتلات الموجودة في المجلس، كتلة الوطنيين الديمقراطيين الذين يعبرون عن نهج سياسي مغارٍ عن ما هو موجود في المجلس.

من المعروف بأنه صدرت حزمة من القوانين قبل انعقاد مجلس النواب في ديسمبر من عام 2002، وكانت في معظمها قوانين مستعجلة لا تتعاطى مع الواقع السياسي الجديد، بقدر يختلف عن الماضي السيئ الذي ساد فيه قانون أمن الدولة، واستمراراً لذلك النهج الخاطئ في التعاطي مع القضايا السياسية الساخنة، والذي تتحمل مسئوليته أطراف عديدة في البلاد، طرحت حزمة جديدة من القوانين المعيقة للحريات العامة والديمقراطية، ونحن اليوم بصدد مناقشة إحداها وهو (قانون الجمعيات السياسية) الذي تم إقراره وبصورة مستعجلة من قبل مجلسي النواب والشورى والتصديق عليه من قبل ملك البلاد، شكل هذا القانون بالشكل الذي جاء عليه تراجعاً واضحاً في مسار التحول الديمقراطي الذي بدأ في البلد منذ عام 2001، بدل من تطوير آليات العمل الديمقراطي بسن قوانين متطورة تواكب العصر ولا تشكل عائقاً أمام تطور الديمقراطية النسبية في البلاد، يؤزم الوضع السياسي من خلال إقرار قوانين معيقة للحريات العامة والديمقراطية وتتعارض مع الدستور وميثاق العمل الوطني.

فالسؤال، لماذا التسرع بإقرار قانون الجمعيات السياسية، ولماذا وضع عقبات أمام القوى السياسية في البلاد من خلال تلك المواد المعيقة في القانون، ماذا يريد أن يقول الذين أعلنوا موافقتهم على ذلك القانون من النواب الأفاضل وأعضاء مجلس الشورى؟!

وقبل استعراض المواد المعيقة للعمل السياسي، أود الحديث عن أول مقترح بمشروع لقانون الأحزاب السياسية، قدم في ديسمبر من عام 2003، في مجلس النواب من قبل كتلة الوطنيين الديمقراطيين، وفي يناير من عام 2004، كان البديل مقدماً من قبل كتلة المستقلين باسم (قانون الجمعيات السياسية) والذي تم تسميته في حينه بقانون العقوبات نظراً لما يحتويه من عقوبات اكثر من آليات تنظيمية أو أسس تنظيمية لبناء مقومات العمل السياسي المنظم، وكانت اشد عقوبة فيه تصل إلى السجن المؤبد.

والقوى السياسية المقاطعة لم تعط اهتماماً لمشروع قانون الأحزاب السياسية المقدم من قبل كتلة الوطنيين الديمقراطيين ، ولم تبد بآرائها أو اقتراحاتها حول ذلك المشروع، وهذا يؤكد على شيء واحد، بأن القوى السياسية تتعامل بردة الفعل ولا تعمل وفق استراتيجية واضحة في العمل السياسي تستطيع من خلالها أن تؤسس لواقع سياسي مغاير في البلاد بعيداً عن التجاذبات السياسية المضرة بالعمل السياسي ما بين القوى السياسية المختلفة.

ففي فبراير من عام 2004،بدأت اللجنة القانونية في المنبر بالاعداد لمشروع آخر، يأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات التي حدثت بعد طرح مشروع كتلة الوطنين الديمقراطيين، فتم طرح (قانون التنظيمات السياسية) وكانت أول ورشة عمل للمنبر في 22 سبتمبر من عام 2004، بحضور العديد من الجمعيات السياسية في البحرين المشاركة والمقاطعة وأعضاء من مجلسي النواب والشورى، وشخصيات وطنية، والورشة الثانية بتاريخ 7/10/2004، التي قدمت من خلالها مرئيات الذين حضروا في الورشة الأولى، تم التوصل إلى قانون يجمع عليه الجميع من تلك القوى السياسية، بما فيها القوى التي وقفت ضده فيما بعد في مجلس النواب وصوتت على إقراره، واليوم لها رأي آخر.

تم تقديم (قانون التنظيمات السياسية) إلى مجلسي النواب والشورى، وأصبح يمثل تسع جمعيات سياسية، وأخذت اللجنة التشريعية بالمجلس ببعض من المواد الموجودة في قانون التنظيمات السياسية، وأجرت العديد من اللقاءات مع أعضاء اللجنة التشريعية، وفيما بعد مع رئيسي مجلسي النواب والشورى من قبل ممثلي بعض الجمعيات السياسية مثل المنبر المحامي حسن إسماعيل عضو مجلس الإدارة ورئيس اللجنة القانونية الذي قام بجهد كبير مع بعض زملائه في اللجنة القانونية، من أجل أن يكون القانون متطوراً يؤسس لوضع العمل الحزبي المنظم بالشكل الإيجابي وليس بالشكل السلبي مثلما يراد له.

ملاحظات سريعة حول القانون:-

- توجد في قانون الجمعيات السياسية أكثر من سبع مواد تقيد عمل التنظيمات السياسية في البلاد.
- هناك عشرة بنود تتداخل في المواد أيضاً تعيق نشاط التنظيمات السياسية وتتدخل في شؤونها.
- المادة الرابعة (من شروط تأسس الجمعية)

في البند:- أ – مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدراً رئيسياً للتشريع، تتناقض مع المادة السادسة في البند الثالث – فقرة (ب) مبدأ التعددية السياسية في الفكر والرأي والتنظيم، في الأصل موجودة في الدستور وميثاق العمل الوطني.

المادة الخامسة :-
شروط العضو المؤسس أو العضو الذي ينظم إلى الجمعية.

في البند الثاني: أن يكون قد بلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة وقت التقدم بطلب التأسس أو يوم الأنظمام إلى الجمعية.
نقترح التعديل الآتي:-
تبدأ نفس الفقرة وأن يحق للبحرينية أو البحريني الذي بلغ من العمر الثامنة عشر حق الإنظمام إلى التنظيم أو الجمعية. ( وهو حل وسطي وتوفيقي )

المادة الثالث ة عشر:-

يحظر على الجمعيات السياسية أو أي من أعضاء مجالس إدارتها التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى أو القيام بأي نشاط من شأنه الإساءة إلى علاقة المملكة بهذه الدول.
( بمعنى لا يحق لنا التضامن من مع الاصلاحين والديمقراطيين في الخليج والوطن العربي إذا تعرضوا للاعتقال والسجن بسبب آرائهم السياسية والفكرية ).

نقترح إلغاء هذه المادة .

المادة (20):-

يضع وزير العدل القواعد المنظمة لإتصال الجمعية بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي، ولا يجوز لأية جمعية التعاون أو التحالف مع أي من هذه الأحزاب أو التنظيمات إلا وفقاً لهذه القواعد.

ويحظر فتح فرع لأي جمعية سياسية أو حزب سياسي آخر من خارج مملكة البحرين بغير ترخيص من وزير العدل.

هنا توجد فقرتان، الأولى تفرض رأي الوزارة في موضوع التعاون مع الأحزاب الشقيقة والصديقة وتحظر على التنظيم إقامة علاقات رفاقية أو حضور مؤتمرات أو اجتماعات إلا بأذن من وزير العدل.

( لابد من إلغاء هذه الفقرة)-

الفقرة الثانية: تتعلق بالأحزاب الأجنبية وفتح مقرات لها، بالرغم لها معنى آخر.

المواد 22و23و24و25، أعطت صلاحيات واسعة لوزير العدل، هذه المواد يتطلب إلغائها، حتى لا تعطي سلطة مطلقة لوزير العدل في شئون التنظيمات السياسية.

هذه ملاحظات أولية على القانون، فمن خلال الديمقراطية النسبية في البلاد على القوى الوطنية النضال من أجل ديمقراطية حقيقية.

النص لندوة أقيمت في مقر المنبر الديمقراطي التقدمي في يوم الأحد الموافق 14/8/2005


فاضل الحليبي

- مسؤول الشئون الثقافية والاعلامية بالمنبر الديمقراطي التقدمي