عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 10


سلام ابراهيم عطوف كبة
2014 / 10 / 3 - 10:25     

في 26/10/2014 يكون قد مضى عقد كامل على رحيل الدكتور ابراهيم كبة،العالم الاقتصادي المعروف والباحث الاكاديمي والمربي الاجتماعي والوزير السابق في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958.ولاطلاع الرأي العام العراقي على دوره السياسي والاقتصادي والاكاديمي في بلادنا نلقي الاضواء على جوانب هامة من نشاطاته ومؤلفاته!


-;- صورة‌ من وفاء وامانة قيادات الحزب الديمقراطي الكوردستاني
-;- شهادة عراقية للباحث الاقتصادي والأكاديمي د. سليم علي الوردي: أصبح أخي الأكبر حسين من زوار السجون في العهد الملكي
-;- حول نظرية القيمة الماركسية وقضايا اخرى – تعليق على بعض من آراء د. كاظم حبيب الاقتصادية.
-;- حول النظرية العامة لجون مينارد كينز



-;- في مقالة من اعداد آدم محمد معنونة"صورة‌ من وفاء وامانة قيادات الحزب الديمقراطي الكوردستاني"منشورة في موقع"البيت الكردي- مالي كورد"جاء ما يلي:"نظراً للمسيرة النضالية الطويلة للحزب الكوردي العريق(الحزب الديمقراطي الكوردستاني)،فلابد ان يمر الحزب ببعض الاخفاقات والصعوبات،وان يتعرض اعضاؤه لضغوط وظروف صعبة،مما يصعب على البعض اكمال المسيرة بأي شكل من الاشكال.
هنالك نقاط مضيئة كثيرة في هذا السفر،نورد منها هذا النموذج الراقي لما تعرّض له المناضل الشهيد صالح اليوسفي من ضغوطات،فضلاً عن تقديم المغريات المتنوعة له من اجل التخلي عن نشاطاته وعمله في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
لم تنقطع زيارت صالح اليوسفي لعدد من الشخصيات الوطنية والقومية العربية والديمقراطية في العراق،التي كانت الحكومة العراقية تفرض حصاراً عليها،وكان نائب رئيس ما يسمی-;-(مجلس قيادة الثورة في العراق)آنذاك صدام حسين،يتلقى التقارير عن نشاطات صالح اليوسفي وزياراته المتكررة الى منزل(حسين جميل)احد اقطاب الحزب الوطني الديمقراطي،و(ناجي طالب) رئيس وزراء العراق الاسبق،والدكتور(ابراهيم كبة) الوزير الاسبق،و(صديق شنشل) احد قادة حزب الاستقلال..."...

-;- في "شهادة عراقية للباحث الاقتصادي والأكاديمي د. سليم علي الوردي: أصبح أخي الأكبر حسين من زوار السجون في العهد الملكي"وحوار وتحرير توفيق التميمي في صحيفة الصباح الغراء بتاريخ 26/1/2014،ورد ما يلي:
" لابد من الاشارة هنا الى ان د. سليم الوردي واجه ظلما لايستحقه في انحسار شهرته ومحدودية توزيع كتبه وانتشارها المحدود التي لاتستحقه ولاتستحق ما يثار فيها من اسئلة ومثابات يمكن اعتبارها منهاج عمل وطريقة انقاذ لكثير من الاوضاع والحالات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية التي تتطلب اصلاحا او تدخلا اجرائيا من الباحث الاكاديمي ،لاسيما ان الوردي ينتمي لجيل من الاكاديميين او امتداد له ، من امثلته استاذه علي الوردي والعلامة حسين محفوظ والدكتور مصطفى جواد والعلامة الدكتور جواد علي وعالم الاقتصاد ابراهيم كبة وكل هؤلاء كانوا لايبخلون على توظيفهم معارفهم الاكاديمية التخصصصية في انقاذ ما يمكن انقاذه من خراب بلادهم مع اداء واجباتهم الاكاديمية والمهنية في الدوائر والجامعات."

-;- "حول نظرية القيمة الماركسية وقضايا اخرى"

نشرت هذه الدراسة في مجلة (الاقتصادي) العدد الثاني حزيران عام 1970،وهي مجلة كانت تصدر دوريا عن جمعية الاقتصاديين العراقيين في بغداد.

اطلعت على مقال الاخ الدكتور كاظم حبيب المنشور في العدد الاخير من مجلة (الاقتصادي)- عدد آذار 1970 "حول مفهوم ومصدر الريع العقاري في القطاع الزراعي".ورغبة في دفع الالتباس الذي قد تثيره بعض الصياغات غير الدقيقة الواردة في المقال المذكور،مما يضر بالغرض العلمي السليم الذي استهدفه الكاتب المحترم،رأيت ان اعلق على بعض الصياغات المذكورة باختصار فيما يلي:
اولا – اصل نظرية قيمة العمل
ينسب الدكتور نظرية قيمة العمل الى آدم سميث وريكاردو.ولكن في الحقائق المعروفة في تاريخ الفكر الاقتصادي ان الرائد الحقيقي لهذه النظرية في العصر الحديث هو الاقتصادي الانجليزي (وليم بتي)(1) William Petty 1623-1687،الذي اعتبر العمل Labour مصدر القيمة Source ومقياسها على السواء Measure،وحلل مجموع النظام الاقتصادي وخاصة نظرية القيمة والاسعار،استنادا لهذا المفهوم الاساسي.وقد استحق لهذا السبب بالذات لقب مؤسس علم الاقتصاد السياسي الحديث،لا من قبل الماركسيين(2) وحدهم،بل من قبل بعض اقطاب المدرسة التاريخية الالمانية ايضا(3).
ثانيا – بداية الردة ضد نظرية قيمة العمل
كذلك يعزو الدكتور كاظم حبيب بداية الردة ضد نظرية قيمة العمل لمؤلفات مالتس وساي،ولكن من المعروف في تاريخ الفكر الاقتصادي ان نظرية قيمة المنفعة لها تقاليد اصيلة في كتابات الكثير من الاقتصاديين طيلة القرن السابع عشر،وقد طورها في فرنسا وجعلها القاعدة لمجموع فكره الاقتصادي،الاب كوندياك Condillac في كتابه "التجارة والحكومة في علاقتهما ببعضهما،1776"(4).واستنادا لهذه النظرية حلل كوندياك مشاكل التبادل والاسعار والتوزيع،وقد كان تأثيره حاسما بصور مختلفة في افكار جميع اقطاب المدرسة الذاتية الحديثة في القيمة،وفي مقدمتهم بالطبع جان باتيست ساي.
ثالثا – نظرية وظائف المنظم
بصدد عرضه لنظرية عوامل الانتاج البورجوازية ينسب الدكتور كاظم حبيب عامل(المنظم) Entrepreneur في النظرية المذكورة الى الاقتصادي الانكليزي الفريد مارشال.ولكن من الثابت في تاريخ الفكر الاقتصادي ان اول من افرد مركزا اساسيا لوظيفة المنظم في عملية الانتاج الرأسمالي هو الاقتصادي الفرنسي جان باتيست ساي وذلك في كتابيه(5) الرئيسيين "المطول في الاقتصاد السياسي،في جزئين،1803"و"المحاضرات الكامنة في الاقتصاد التطبيقي،في 7 اجزاء،1828-1833،بالفرنسية".
ان نظرية المنظم هذه هي النظرية المحورية في نظام ساي الفكري،وهي مرتبطة بسائر نظرياته الاخرى،كنظرية قيمة المنفعة ونظرية الخدمات الانتاجية ونظرية انتاجية الرأسمال ونظرية الاسواق ونظرية التحليل التوازني للعملية الاقتصادية..الخ،وكذلك فهي مرتبطة بمنهج ساي الوضعي،الذي يؤكد على الطبيعة الفيزيائية للقوانين الاقتصادية،كما انها(اي نظرية الكم)مرتبطة بصورة خاصة بنظريته في التوزيع.فالمنظم هو الذي يمثل حلقة الوصل،في نظر ساي،بين سوق المنتجات وسوق عوامل الانتاج،او حسب تعبيره حرفيا يقوم المنظمون بدور (الوسطاء الذين يطلبون الخدمات الانتاجية Services Productifs الضرورية لأي منتوج حسب الطلب الواقع عليه)(6).ومن الواضح ان جميع هذه النظريات لساي هي مرحلة اساسية من مراحل الردة الاكاديمية البورجوازية ضد تفسيرات ريكاردو لنظرية القيمة لآدم سميث واحتمالاتها السياسية المعادية للرأسمالية،كما انها تعبر عن تصميم منظري الرأسمالية على التخلص من نظرية قيمة العمل ومبدأ (الفائض) كمفسر للاستغلال الرأسمالي،والاصرار على الاحتفاظ بفلسفة الانسجام الاجتماعي والنظرية الليبرالية،وفي كل ذلك يمكن اعتبار ساي الاب الروحي الحقيقي للاقتصاد الاكاديمي المعاصر،ذي الطبيعة الشكلية(منهج التحليل القائم على التوازن)،والمسحة الرجعية المتطرفة.ولهذه الاسباب جميعا اعتبره ماركس بحق نموذجا للفكر الاقتصادي الفج او المبتذل Vulgar بالمعنى الهيغلي لهذا المفهوم(اي الذي ينظر لسطح الظواهر الاجتماعية دون النفاذ الى جوهرها اي الى ما تنطوي عليه من علاقات اجتماعية).
اما الفريد مارشال فانه لم يعالج وظائف المنظم(اي مدير المشروع)كعامل مستقل من عوامل الانتاج بل عالجه ضمن اطار اوسع بكثير هو اطار(التنظيم الصناعي) Organization الذي خصص له 5 فصول طويلة(8 – 12)من كتابه الرئيسي (مبادئ الاقتصاد)(7).
رابعا – نظرية القيمة الماركسية
واخيرا،في عرضه لنظرية القيمة الماركسية،استعمل الدكتور كاظم حبيب عددا من الصياغات غير الدقيقة،قد تبعث على الاضطراب وسوء الفهم.من ذلك مثلا قوله(ان قوة العمل هي الخالقة الوحيدة للقيمة)و(ان قيمة البضاعة هي قيمة قوة العمل)و(ان الاجر لا يعبر عن قيمة قوة العمل بل عن سعرها)و(ان سعر قوة العمل هو باستمرار اقل من قيمة قوة العمل)و(ان الفرق بين سعر قوة العمل وقيمتها هو ما يدعى بفائض القيمة)و(ان الفائدة والربح والريع هي اسماء متعددة لشئ واحد هو فائض القيمة)و(ان الريع العقاري هو فائض الانتاج المنتج مباشرة من قبل الشغيلة في القطاع الزراعي)...الخ.وواضح ان جميع هذه الصياغات – اذا اخذت بمعناها الظاهر – صياغات مخالفة للنظرية الماركسية،وان كان من المؤكد ان الدكتور كاظم حبيب مستوعب للاقتصاد الماركسي ولكنه لم يختر صياغاته بشكل دقيق.
انني لا اريد هنا ان اعيد عرض نظرية القيمة الماركسية،فهي معروضة بشكل رائع في الرأسمال وفي آلاف الكتب الماركسية الاخرى،ولكنني سأكتفي بأستعراض مكثف للقضايا التي يوردها الدكتور كاظم حبيب وتصحيح صيغها بما يتفق وتحليلات ماركس.
5. نظرية القيمة الماركسية والمنهج الماركسي:
من المعلوم ان ماركس بدأ عمله الكبير(راس المال)بدراسة (السلعة) Ware واعتبر (القيمة) Wert المقولة الرئيسية في النظام الرأسمالي(8)،فما هو السبب في ذلك؟
ان الاجابة على هذا السؤال تقتضي استعراضا سريعا ل(المنهج)الماركسي في حقل الاقتصاد.من المؤكد ان (موضوع)دراسة علم الاقتصاد،في نظر ماركس،يختلف تماما عن موضوعات علم الاقتصاد البورجوازي.فبينما يدرس الاقتصاد الاخير مواضيع من قبيل اسباب الثروة(سميث)او قوانين توزيعها(روبنز) او الاسعار(ديفنبورت)..الخ،يركز ماركس على دراسة(9)(القانون الاقتصادي لحركة المجتمع الحديث)،اي انه لا ينظر للاقتصاد كهدف بحد ذاته،بل كميدان يتقرر فيه الدافع Impetus للتغير الاجتماعي،ذلك لأن اهتمامه كان منصرفا (للمجتمع)ككل،ولعملية(التحول الاجتماعي)بوجه خاص.فالاقتصاد السياسي،بكلمة،يركز على (تحليل) المجتمع.ان هذا لا يعني بالطبع،تحويل كل شئ لتعابير اقتصادية- كما يكرر مزورو الماركسية-بل محاولة تحديد (العلائق)بين العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية في مجموع الكيان الاجتماعي.وبالنظر لأن المجتمعات انما تقوم على بنى مادية،تتجسد في (انماط انتاجية)معينة،اصبح علم الاقتصاد ،بالضرورة،هو علم دراسة المجتمعات من زاوية (القوانين التي تحكم التغير في انماطها الانتاجية)(10).وقد اعتبر ماركس- متأثرا بالجدل الهيغلي- بأن العناصر الاساسية في هذا الصدد هي(التناقضات)بين القوى الاقتصادية،معبرا عنها في (الكفاح الطبقي).او بعبارة اخرى،استنتج ماركس بأن (الطبقات)داخل نمط الانتاج هي ما يؤلف (جوهر)النظام الاقتصادي،وهي الجديرة بعملية(التجريد)كخطوة اولى لغرض التحليل الاقتصادي.وبتطبيق هذا المنهج العلمي الصارم في دراسة النظام الرأسمالي،اعتبر ماركس العلاقة الطبقية بين الرأسمال والعمل الاجير هي العلاقة الطبقية الاساسية في الرأسمالية،وخرج بذلك عن منهج ريكاردو مثلا،الذي ركز في عمله الكبير (مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب 1817)(11)على العلاقة بين ملاكي الارض والرأسماليين.وبما ان هذه العلاقة الطبقية تأخذ شكلا تبادليا (خاصا)،مهد ماركس لدراستها بدراسة(النوع العام)للتبادل،الذي يشمل جميع علائق التبادل،ولهذا السبب بالذات بدأ ماركس (الرأسمال)بدراسة ظاهرة التبادل العامة،اي دراسة السلعة،وكرس الجزء الاول كله لدراسة العلاقة بين الرأسمال والعمل بشكلها النمطي المجرد.
من الملاحظ ان هذا المنهج(المادي التاريخي)يختلف جذريا عن المنهج (الطبيعي)الكلاسيكي ويؤدي الى نتائج مختلفة تماما.فبينما ارسى آدم سميث مثلا (تقسيم العمل)على اساس الطبيعة البشرية،او ما سماه (الميل للمقايضة) Provensity to truek،معتبرا هذا الميل الميزة الاساسية التي تميز الانسان عن الحيوان،واستنتج من ذلك ان (الانتاج السلعي)هو اساس اي اقتصاد بشري،مهما تنوعت النظم الاجتماعية،وعرف علم الاقتصاد بأنه علم الانتاج السلعي،ونظر لجميع مشاكل الاقتصاد،وكأنها مشاكل(كمية)فحسب،تبدأ بظاهرة (التبادل)اي ب(العلاقة الكمية الاساسية بين السلع)التي تقوم خلال عملية التبادل،اقول بينما فعل آدم سميث كل هذا،ادى المنهج الماركسي بماركس الى نتائج مختلفة بالمرة.لقد انكر ماركس الاساس(الطبيعي)للاقتصاد البشري،واعتبر(تقسيم العمل)مجرد شرط Bedingung للانتاج السلعي،ولكن الاخير ليس شرطا للاول،وبهذا انكر الارتباط الضروري بينهما،وبالتالي،انكر ان يكون الانتاج السلعي هو الشكل الوحيد للحياة الاقتصادية،او انه التعبير المزعوم عن الطبيعة البشرية.وتوج ماركس جميع ملحوظاته السابقة باستنتاجه التاريخي الهام،وهو ضرورة امتداد البحث الى ما وراء العلاقات الكمية بين السلع اي الى ما وراء (الظواهر)الاقتصادية السطحية،بغية استكشاف العلائق البشرية الاجتماعية،المختفية وراء السلع،اي العلائق النوعية(12)بين منتجي السلع.ويظهر من كل ما سبق،بأن المنهج الماركسي يركز على الجوانب النوعية للعلائق الاجتماعية،بدل الجوانب الكمية للعلاقات السلعية.وانطلاقا من هذا المنهج النوعي،درس ماركس مشكلة(القيمة)في الاقتصاد الرأسمالي،مميزا بدقة ووضوح بين(انواعها)الثلاثة المعروفة.
استبعد ماركس منذ البداية دراسة(قيمة الاستعمال)- اي منفعة السلعة-لأنها تقع في نظره خارج نطاق علم الاقتصاد،بسبب كونها مجرد علاقة طبيعية بين المستهلك والسلعة،ولا تتضمن اية علاقة اجتماعية.ان هذا لا يعني بالطبع عدم اهمية هذه القيمة لعلم الاقتصاد،لأنها الشرط الضروري للاستهلاك،وهي بهذا تدخل في السلسلة العلية(سلسلة العلل والاسباب)للظواهر الاقتصادية،مثلها في ذلك كمثل الارض او الطبيعة،فهي ليست مقولة اقتصادية ولكنها شرط الانتاج.
اما (القيمة) فهي مجرد التعبير عن حقيقة كون المنتجين(الفرديين)لا ينتج كل منهم على انفراد،وانما ينتج بعضهم للبعض الآخر،وعليه فأن هذه القيمة وان كانت تظهر للناظر من الخارج وكأنها(علاقة بين منتجات)،الا انها في الحقيقة مجرد مظهر(للعلاقة الاجتماعية)بين البشر المنتجين،مجرد تعبير عن كون السلع انما هي منتجات(العمل الاجتماعي)في مجتمع يقوم الانتاج فيه على اساس فردي مستقل،وتملك خاص لوسائل الانتاج.ان ماركس يرى ان كل سلعة تملك بالضرورة (القيمة).اما (القيمة التبادلية)فهي القيمة عند ظهورها (كميا)اثناء عملية التبادل.

الخلاصة ان ماركس يميز بين القيم على الاساس التالي:
a) (القيمة) Wert – وهي جوهر كل سلعة – هي التعبير عن علاقة اجتماعية بين البشر.
b) (القيمة الاستعمالية) Gebrauchwert – وهي منفعة السلعة – هي التعبير عن علاقة طبيعية بين الانسان والسلعة.
c) (القيمة التبادلية) Tauschwert – وهي الظاهرة في عملية التبادل – هي التعبير الكمي عن القيمة،فهي اذن علاقة كمية بين القيم المتبادلة.
ومن الجدير بالذكر ان السلعة كقيمة استعمالية (اي كبضاعة)موجودة في كل الانظمة.اما السلعة كقيمة،فهي لا توجد الا في شكل تاريخي معين للنظام الاجتماعي يتميز بتطور تقسيم العمل والملكية الخاصة.ومعنى ذلك ايضا ان مفهوم القيمة يتعارض مع النظام الاشتراكي النمطي،المحكوم بمبدأ التخطيط لا بقانون القيمة،خلاف ما يرى بعض الكتاب في السنوات الاخيرة في بعض البلدان الاشتراكية.

2. عملية خلق القيمة بالعمل Wertbildungspruzess:
يقول ماركس في (الرأسمال)(13):"ان العمل هو بالضبط استعمال قوة العمل" Der Gebrauch der Arbeitskraft ist die Arbeit Selbsويقول كذلك :"ان عملية العمل هي عملية استهلاك قوة العمل".وفي عملية العمل هذه – او عملية الانتاج – تتم 3 عمليات مترابطة ولكنها متمايزة من الناحية الاقتصادية:العملية الاولى هي عملية خلق(القيم الاستعمالية) او المنافع المتجسدة في منتجات العمل،اي البضائع.وفي حالة النظر لعملية الانتاج كوحدة بين عملية العمل وعملية خلق قيم الاستعمال،تكون عملية الانتاج هذه(عملية انتاج البضائع) Produktionsprozes von Guetern.والعملية الثانية هي عملية (خلق القيم)المتجسدة في السلع.وفي حالة النظر لعملية الانتاج هنا كوحدة بين عملية العمل وعملية خلق القيم،تكون عملية الانتاج هذه)عملية انتاج السلع)Produktionsprozes von Waren،وهذا ما يحصل في نظام الانتاج السلعي.اما العملية الثالثة فهي عملية(خلق فائض القيمة) Verwertlichungsprozess،وفي حالة النظر لعملية الانتاج هذه المرة كوحدة بين عملية العمل وعملية خلق فائض القيمة،تكون عملية الانتاج هذه(عملية الانتاج الرأسمالي)او الشكل الرأسمالي لانتاج السلع Kapitalistische Form der Waranproduktion.
يتضح من ذلك اذن بأنه ليست (قوة العمل)كسلعة،هي الخالقة للقيم بل ان(استهلاك)او استعمال السلعة من قبل مشتريها الرأسمالي هو الذي يخلق القيم،او بصيغة ماركس الدقيقة(14)"ان عملية استهلاك قوة العمل هي بنفس الوقت عملية خلق القيم وعملية انتاج السلع".صحيح ان قوة العمل هي (مصدر) القيم،ولكن هذا المصدر لا يمنح القيم بصورة تلقائية بل لابد من تشغيله و(استهلاكه)- بالعمل - .يقول ماركس:"ان القيمة الاستعمالية او البضاعة انما تكون لها قيمة لأنها تجسيد او موضعة للعمل البشري المجرد"وكذلك يصف العمل بأنه"الجوهر الخالق للقيم"(15) Wertbildende Sulbstanz ،ويعرف القيمة بانها "الشكل الموضوعي للعمل الاجتماعي المبذول في انتاجها".
اما المقصود ب(العمل)كجوهر للقيمة،فهو العمل(المجرد) Abstrakte اي انفاق (قوة العمل)بوجه عام بصرف النظر عن اغراضه الخاصة.اما العمل(المحدد) Konkrete اي انفاق قوة العمل بوجه خاص(اي لغرض خاص)فهو يخلق قيم الاستعمال اي المنافع.ان العلاقة بين قيم الاستعمال والقيمة في حالة السلع،هي نفس العلاقة بين العمل المحدد والعمل المجرد في حالة النشاط الانتاجي.
يشيد ماركس بسلسلة طويلة من الاقتصاديين الكلاسيكيين(من وليم بتي الى ريكاردو)لاسهامهم في اكتشاف(العمل عامة)كجوهر للقيمة.ولم يدع ماركس انه (واضع)نظرية العمل للقيمة،بل على العكس اكد استعارته لعناصرها من الاقتصاد الانكليزي الكلاسيكي.ولكنه جلاها واوضحها وطورها ثم استخدمها في تحليل العلاقات الاجتماعية بأسلوبه العميق النفاذ.ان سبب اهتمام ماركس بالعمل المجرد هو ان المهم في النظام الرأسمالي من وجهة نظر الاقتصاد ككل هو(قوة العمل الاجتماعية)ومستواها العام،لأن طاقة المجتمع الانتاجية تتوقف على ذلك ،ولأن مرونة العمل"اي قابلية انتقال العمل من مهنة الى اخرى"بلغت في الرأسمالية مبلغا لم تصله في اي نظام اجتماعي سابق.
ان الذي يجعل (القيمة) – التي تفترض قيمة الاستعمال وتنعكس في قيمة التبادل – المقولة الرئيسية في الاقتصاد الرأسمالي هو بالضبط – كما يقول – بول سويزي – كونها تمتص جزءا من (قوة العمل الكلية) المتوفرة في المجتمع Available total labour force.
يمكن تلخيص العلاقة النوعية بين العمل والقيمة بالشكل التالي(16):"من جهة،كل عمل هو من الناحية الفيزيولوجية انفاق لقوة عمل بشرية،وهو بصفته هذه كعمل مجرد متشابه،يخلق ويشكل قيم السلع،ولكن من الجهة الاخرى،كل عمل هو انفاق لقوة عمل بشرية بشكل معين ولهدف خاص،وهو بهذه الصفة كعمل محدد نافع،ينتج قيم الاستعمال".
ومن الجدير بالذكر ان مفهومي(العمل البسيط) Einfache و(العمل الضروري اجتماعيا) Gesellschaftlich Notwendige كما يستخدمها ماركس في تحليله،انما يعودان للجانب(الكمي)من نظرية القيمة،اي توزيع قوة العمل الكلية على فروع الانتاج،وليس للجانب(النوعي)منها،اي العلاقة الاجتماعية الكامنة وراءها.ولهذا السبب نجد نقاد الماركسية يركزون عادة على هذه الجوانب الكمية من نظرية القيمة(الثانوية بالنسبة لتحليل القيمة بالرغم من اهميتها بالنسبة لتحليل نسب التبادل)ملتزمين جانب الصمت تجاه الجوهر الاجتماعي(النوعي)للنظرية المذكورة.

3. الرأسمالية وانتاج فائض القيمة Verwertlichung:
قبل الانتقال للشكل الذي يتخذه قانون القيمة وطريقة عمله في النظام الرأسمالي،لابد من استعراض خاطف للجذور التاريخية لهذا القانون،وذلك بالاشارة للتطور التاريخي التالي:
a) في جميع المجتمعات مهما كانت بدائيتها،لابد من (عمل)الانسان،لتحويل الطبيعة وانتاج المنتجات،وتوزيع العمل الاجتماعي بالكميات والنسب المطلوبة لانتاجها،اي ان العمل ضرورة حياتية لا غنى عنها في اي مجتمع كان،او بعبارة اخرى ان قانون العمل قانون فيزيولوجي،وهو بهذا الاعتبار من اهم القوانين الطبيعية،وكل ما في الامر ان(اشكال عمله)هي التي تتبدل بتبدل اشكال المجتمعات،اي تبدل اشكال تنظيم وتوزيع النشاطات الانتاجية والتوزيعية بين افراد المجتمع.ان ظاهرة(تقسيم العمل)اذن،او ظاهرة (تبادل النشاطات)ظاهرة لصيقة بكل المجتمعات.
b) اما في المجتمعات القائمة على نمط الانتاج السلعي،اي المتميزة ليس بتبادل النشاطات فقط بل بالتبادلات (الخاصة) بين (منتجات العمل)،العائدة لمالكين فرديين،فان الشكل الذي يتخذه تقسيم العمل الاجتماعي وترابطه ووحدة اجزائه،انما يتجسد بالضبط في(قيم التبادل).ان هذه القيمة التبادلية اذن هي مظهر للقوانين التي تحكم توزيع النشاطات الانتاجية في مجتمع منتج للسلع.وما يسميه ماركس(قانون القيمة)Wertgesetz ما هو الا تلخيص لمجموع القوى الفاعلة في المجتمع السلعي من اجل تحديد(نسب التبادل)بين السلع،وتحديد الكميات المنتجة من كل منها،وتوزيع كل قوة العمل الاجتماعية على فروع الانتاج المختلفة.والشرط الاساسي لظهور قانون القيمة هو وجود مجتمع مؤلف من منتجين خاصين يسبعون حاجاتهم عن طريق تبادل المنتجات.ويتلخص قانون القيمة هذا في ان السلع تتبادل ببعضها بنسبة ما تجسده من كمية العمل الضروري(17)اجتماعيا لانتاجها،اي الضروري في الشروط الاجتماعية الاعتيادية المتوفرة،وبالمعدل الاجتماعي المتوسط من مهارة العمل وكثافته(حدته).اما مقياس (كمية العمل)هذه،فتقاس طبعا بالوحدان الزمنية Zeitteilen او بتعابيرها النقدية.
ان هذه الفرضية التي يفترضها ماركس من وجود مساواة تامة او توازن دقيق بين نسب تبادل السلع ونسب اوقات العمل المنطوية عليها،هي مجرد فرضية اولى اختارها ماركس للتبسيط،ولابد لدراسة تفاصيل نظرية القيمة من الجانب الكمي ومدى انطباقها على الواقع،من الرجوع لكتابات ماركس الاخرى،مما لا حاجة للدخول في تفاصيله الآن.
c) واما المجتمع الرأسمالي فهو مجتمع سلعي متطور،يتميز نمط انتاجه عن النمط السلعي البسيط(الصغير)بانفصال العمل عن وسائل العمل وتركز وسائل العمل بيد الرأسماليين،وتحول المنتجين الى بروليتاريا لا تملك الا قوة العمل،وبالتالي تحول قوة العمل هذه(فضلا عن وسائل العمل)الى سلع،اي منتجات للتبادل تحمل قيم تبادلية،او بعبارة اخرى تتميز الرأسمالية بأن علائقها التبادلية لم تعد تقتصر على العلائق بين المالكين بل تشمل حتى العلائق بين المالكين وغير المالكين اي بين الرأسمال والعمل.ان السمة المميزة للرأسمالية هي شراء وبيع سلعة(قوة العمل).ففي الاقتصاد السلعي الصغير يبيع المنتج سلعته مقابل النقود لغرض شراء سلع اخرى مختلفة لسد حاجاته.ان السلع (كقيم استعمال)تكون هنا بداية العملية ونهايتها.انها عملية تحويل نوعي لقيم الاستعمال.ما في الاقتصاد الرأسمالي،فيشتري الرأسمالي وسائل العمل وقوة العمل،ثم بعد انتهاء الانتاج،يبيع السلع المنتجة للحصول على رأسمال اكبر. ان النقود(كراسمال)تشكل هنا بداية العملية ونهايتها.انها عملية توسع كمي لقيم التبادل. وهذه(الزيادة)بين رأس مال الابتداء ورأس مال الانتهاء هي بالضبط ما يسميه ماركس(فائض القيمة) Mehrwert،وهي بالضبط دافع الانتاج الرأسمالي وهدفه على السواء،كما انها تكون جميع مدخولات الرأسماليين على اختلاف اشكالها.وحول هذا الفائض وتوزيعه يدور الصراع الطبقي.
ولكن ما هو (مصدر) فائض القيمة؟
ان الاجابة على هذا السؤال تقتضي تحليل طبيعة هذه السلعة المميزة للنظام الرأسمالي،سلعة(قوة العمل) Arbeitskraft.ان هذه السلعة التي يشتريها الرأسمالي من العامل الاجير،هي،كسائر السلع الاخرى،لها قيمها الثلاث:قيمتها(كتجسيد للعمل)،وقيمتها التبادلية(التعبير الكمي لقيمتها)وقيمتها الاستعمالية(اي قابليتها للاستهلاك).
اما عن (قيمتها)فانها تخضع للقانون العام الذي يحكم قيم جميع السلع Gesetz der Werte اي انها تجسيد للعمل المبذول Arbeitgewand في انتاجها.
وتقاس (قيمتها التبادلية)بوقت العمل الضروري اجتماعيا لانتاجها وتجديدها(حسب تعبير ماركس"Erzeugung – Erneuerung"،اي اللازم لانتاج وسائل المعيشة Lebensmittel الضرورية لاشباع الحاجات الحيوية والاجتماعية للعامل وعائلته.والرأسمالي يشتري هذه السلعة بقيمتها المعبر عنها بالاجور،او حسب عبارة ماركس Zu ihrem im Arbeitslohn dargestalten Wert ويدفع هذه القيمة بكاملها der volle wert لبائعها،العامل الاجير،اي ما يساوي نفقات معيشة العامل وعائلته عموما.ويحتفظ الرأسمالي لنفسه بالسلعة التي يخلقها العمل اثناء عملية الانتاج.والفرق بين هاتين القيمتين،قيمة السلعة المنتجة وقيمة قوة العمل،هي بالضبط فائض القيمة.
اما(قيمة الاستعمال)،او منفعة قوة العمل،بالنسبة للرأسمالي،فهي سمتها التي تميزها عن اية سلعة اخرى،وهي ان تشغيلها او استعمالها او استهلاك منفعتها(بالعمل)يخلق قيمة(في السلع المنتجة)اكبر من قيمة السلعة نفسها(اي اكبر من الاجور).يقول ماركس (18) ان سلعة قوة العمل لا تتميز بانها مصدر للقيمة فقط Wertquelle بل انها مصدر لقيمة اعلى من القيمة التي تملكها Mehr Wert als sie selbest hat.
وهكذا يمكن تقسيم يوم العمل،بالنسبة لتحليل القيمة في النظام الرأسمالي الى قسمين متميزين:العمل الضروري والعمل الاضافي(او غير المدفوع) Mehrarbeit.ان منتجات العمل الضروري،في شروط الانتاج الرأسمالي،يتقاضاها العامل بشكل الاجور،بينما يستحوذ الرأسمالي على منتجات العمل الاضافي بشكل فائض القيمة.وهكذا تكون طبقة العمال الاجراء (البروليتاريا)هي المصدر الوحيد لفوائض القيم،وتتحقق هذه الفوائض بالرغم من دفع كامل قيمة(قوة العمل)للعمال المذكورين،ويتم ذلك بحكم آلية السوق الرأسمالية نفسها،وليس بطريق الضغط او الخدعة او المناورة او المخالفة لمبدأ المساواة في قيم التبادل من قبل الرأسماليين.

4. السعر والاجور ونظرية القيمة:
هذه هي نظرية(القيمة)،وهذا هو(العمل)الخالق للقيم،ولكن الدكتور كاظم ادخل في عرضه لنظرية الاجور الماركسية مفهوم(السعر)،في حين ان السعرـبالمفهوم الماركسي هو مجرد تعبير نقدي للقيمة،وعلى ذلك فتحليل الاسعار لا يدخل ضمن نظرية القيمة،بل ضمن نظرية النقود.ان السعر،بصيغة ماركس نفسه،مجرد(تعبير بسيط بالنقود عن القيمة النسبية لسلعة معينة).انه مجرد(شكل نقدي) Geldform للقيمة.ويقول ايضا(19)ان ما يسمى ب(سعر العمل)في الاقتصاد الكلاسيكي او الفيزيوقراطي ما هو الا (قيمة قوة العمل)معبرا عنها بالنقود Geld ausgedruckter Wert.بالطبع قد يحصل بعض الانحراف بين السعر والقيمة،ولكن الانحراف هذا لا يسير في اتجاه واحد،بل قد يسير في اتجاهي الصعود او الهبوط على السواء(20).يقول ماركس(21)"اذا كانت قيمة قوة العمل تبقى ثابتة فان سعرها قد يرتفع او ينخفض عن قيمتها بسبب العلاقات المتغيرة بين العرض والطلب"ويرى ماركس(22)ايضا ان الشكل الرأسمالي للاجور،اي(اجر العمل)في النظام الرأسمالي،باظهاره قيمة وسعر(قوة العمل)وكأنهما سعر وقوة (العمل)انما يخفي(العمل غير المدفوع)تحت سطح(العلاقة النقدية) Geldverhaltnis المميزة للاجور،وبهذا ينطمس فائض اليمة اي جوهر الاستغلال.
اما الربح والريع والفائدة،فهي مجرد(اشكال)مختلفة Formen وعناصر متميزة Bestandteile لفائض القيمة(23).
صحيح ان ماركس في الجزء الثالث من (الرأسمال) يستخدم احيانا مفهوم (الربح) Profit وكأنه مجرد (اسم جديد)لفائض القيمة،ولكنه اشار الى انه انما فعل ذلك لاظهار العلاقة بين المظهر والجوهر،بين الشكل والمحتوى.ففي الانتاج الرأسمالي تغطي دائما(الظاهرة)(العلاقة الجوهرية):يغطي (اجر العمل) مثلا (العمل غير المدفوع)ويبدو كما لو انه – اي الاجر – نابع من الرأسمال وليس من العمل،ومن مجموع الرأسمال،وليس من الرأسمال المتغير.وكذلك الامر في العلاقة بين (الربح)و(فائض القيمة).ان الربح في الحقيقة ما هو الا الظاهرة السطحية لجوهر فائض القيمة.ان استيعاب (الجدل)الهيغلي شرط اساسي لاستيعاب (جدل)الرأسمال(24).
5. خلاصة و ملاحظة:
يمكن الآن،على ضوء الملاحظات السابقة،الرجوع ثانية لصياغات الدكتور كاظم لنتبين:
ان العمل (وليس قوة العمل)هو خالق القيمة.
وان(قيمة السلعة)تجسيد(للعمل)الاجتماعي المبذول في انتاجها ولا تساوي قيمة(قوة العمل)،وان الاجر يعبر عن (قيمة)قوة العمل،وليس عن سعرها.
وان الفرق بين قيمة قوة العمل والقيمة التي يخلقها استهلاكها،وليس الفرق بين سعرها وقيمتها،هو الذي يدعى فائض القيمة.
وان الفائدة والربح والريع هي(اشكال وعناصر)- وليست اسماء متعددة- لفائض القيمة.
وان الريع العقاري لا يكون فائض الانتاج في الزراعة الا في النظام الاقطاعي،بينما هو جزء منه فقط في النظام الرأسمالي،وهكذا...الخ.
ان الملاحظات السابقة ليس من شأنها ان تقلل طبعا من اهمية دراسة الدكتور كاظم،او من سلامة اتجاهها العام،او من نجاحها في اثبات تفوق النظرية الماركسية على النظرية البورجوازية السطحية.والواقع ان نشاط الدكتور العلمي المستمر يصح ان يكون قدوة لبعض الاساتذة الجامعيين المحسوبين على الفكر الماركسي في الوقت الذي لا نجد لمنهجهم العلمي اي صدى ولو من بعيد في محاضراتهم او فيما يكتبون.

هوامش الدراسة

1. راجع “W. Petty-A Treatise on Taxes and Contributions,1662” المنشور في "الكتابات الاقتصادية للسير وليام بتي،طبعة هيل،ص (43- 90)".
2. اعتبر كارل ماركس وليام بتي مؤسس Begrunder علم الاقتصاد السياسي الحديث ورائد نظرية قيمة العمل ومن اكثر الاقتصاديين اصالة والمعية.راجع على سبيل المثال:
Marx- Das Kapital,Diez Verlag,1959.
Marx – Zur Kritik der Politishen Okonomie Diez,1958.
Marx – Theorien uber den Mehrwert,Diez,1956.
Engles- Anti-Duhring,translated by Burns,1943,P(257).
3. راجع
Brentano- Ethik und Volkswirtschaft in der Geschichte,s.32.
4. A. Condillac –Le Commerce et le Gouvernment relativement 1 ,un a 1,autre ,1776.
5. J.B. Say – Traite d,economie Politique, 6 Edition.Vours complet d.economie pratique,1828.
6. J.B. Say - Trait,P. 349,Edition,1841. ويشير الاستاذ الالماني شتافنهاكن في كتابه"تاريخ النظرية الاقتصادية ،بالالمانية،1957،ص(94-97)"الى ان كتابي ساي المشار اليهما في المتن ترجما عن الالمانية بعيد صدورهما بالفرنسية من قبل الاقتصادي الالماني L.H. Jakob ،وهو يرجع الى هذه الترجمة في تحليله لفكر ساي.
Stavenhagen- Geschiehte der Volkswirtschaftslehre.
7. A. Marshal – Principios de Economia Politica,traducide por Figueroa,1948.
8. يستعمل الدكتور كاظم كلمة (البضاعة)بدل (السلعة)في مقاله المعقب عليه،بعكس الحال في دراسات سابقة له"مثلا مقالته في عدد شباط من مجلة دراسات عربية،1970"واعتقد ان هذه خطوة في غير الاتجاه الصحيح.
9. راجع"الرأسمال،مقدمة ماركس للطبعة الثالثة،المكتوبة عام 1874".
10. راجع حول تفاصيل هذه الفقرة،الفصل الاول من الكتاب القيم للاستاذ الامريكي بول سويزي"نظرية التطور الرأسمالي،طبعة 1962،ص 11 – 22".
Paul Sweezy – Theory of Capitalist Development,PP 11- 22.
11. Ricardo – Principles of Political Economy and Taxtaion,1817.
12. ولهذا اطلق الاقتصادي الالماني(بيتري)على نظرية القيمة الماركسية اسم مشكلة القيم(النوعية)تمييزا لها عن نظرية القيمة الكلاسيكية التي يسميها مشكلة القيمة (الكمية).
Petry – Der Soziale Gehalt der Marxschen Werttheorie 1926.
13. ماركس "الرأسمال،الجزء الاول،الطبعة 1959،ص 185"بالالمانية.
14. ماركس"الراسمال،المرجع نفسه،ص 206"بالالمانية.
15. ماركس"الرأسمال،تفس المرجع،ص 184 – 207،يحسن قراءة الفصل الخامس كله.
16. سويزي،المرجع السابق ،الفقرات المتعلقة بالعمل المجرد وخاصة الصفحات 30 – 31.وهذه الفقرة المنقولة عن سويزي تكاد تكون ترجمة حرفية لفقرة يوردها ماركس في الصفحة 50 من "الرأسمال،الجزء الاول،الاصل الالماني،طبعة 1959".
17. يستعمل ماركس احيانا عبارة"العمل الوسطي"بدل عبارة العمل الاجتماعي المعروفة Im Durchschnitt "الرأسمال،نفس المرجع،ص43".
18. الرأسمال،نفس المرجع،ص 202،بالالمانية.
19. الرأسمال،نفس المرجع،ص 204،بالالمانية.
20. ان ماركس،كما هو معروف،يرفض قانون الاجور الحديدي ل(لاسال وامثاله)الذي من شأنه ان يسد على الطبقة العاملة امكانية تحسين اجورها وظروفها المعيشية،ولكنه مع ذلك يؤكد على وجود اتجاه عام في الاقتصاد الرأسمالي نحو تحقيق التوازن بين سعر وقيمة(قوة العمل).راجع اوسع دراسة عن نظرية القيمة الماركسية وعلاقتها بنظرية الاسعار في الكتاب القيم "دراسات في نظرية قيمة العمل"للاستاذ الانكليزي (ميك)،1955،ص 121 – 242.
Meek,Studies in Labour Theory of Value,PP. 121-242.
21. الرأسمال،نفس المرجع،ص 76،بالالمانية.
22. الرأسمال،نفس المرجع،ص 563،بالالمانية.
23. راجع ماركس "نقد منهاج غوتا،الترجمة الانكليزية ،ص 21 – 25".
24. راجع رسالة ماركس لانجلز،المؤرخة في 30 نيسان 1868 والمنشورة كملحق لكتابه"الرأسمال،الجزء الاول،طبعة 1959،بالالمانية،ص 832- 837".

-;- حول النظرية العامة لجون مينارد كينز

نشرت هذه الدراسة في مجلة (الجامعة المستنصرية) العدد الثاني عام 1971!

سوف نتناول في هذه الدراسة السريعة المركزة للفكر الكينزي الجوانب(العامة)من الفكر المذكور،دون التوغل في التفاصيل(التكنيكية)التي بدأها كينز وطورتها بعده المدارس الكينزية المختلفة.وقد اعتمدنا في الدراسة،فضلا عن كتب كينز نفسه،على عدد من المراجع العامة،وهي المشار اليها ادناه(1)،بالاضافة الى الكتب المعروفة في تاريخ الفكر الاقتصادي والمشار اليها اثناء البحث،وخاصة(هاني).وقد قسمنا الدراسة الى مباحث وفروع على الشكل التالي:(2)

المبحث الاول : مقدمة عامة
المبحث الثاني : تفاصيل المشروع الكينزي
المبحث الثالث : نقاد(النظرية العامة)لكينز
المبحث الرابع : اسباب تعاظم نفوذ كينز
المبحث الخامس : تقييم عام للفكر الكينزي
المبحث السادس : تقييمات خاصة للفكر الكينزي

الفرع الاول : تقييم شومبيتر لجهاز التحليل الكينزي
الفرع الثاني : تقييم جون ستراشي لكينز
الفرع الثالث : تقييمات ماركسية لكينز
الفرع الرابع : ملاحظات عامة حول نظرية كينز


المبحث الاول – مقدمة عامة

يرتبط اسم كينز بما يسمى بـ (الاقتصاد الكبير او الكلي)(3)Macro __ econmics تمييزا له عن(الاقتصاد الصغير او الجزئي)Micro __ econmics والاقتصاديات الاولى(الكبيرة)تهتم بالكليات الوطنية(4)اي بالاقتصاد الوطني ككل في تأثره بالانفاق او عدم الانفاق الكلي،في حين ان الاقتصاديات الثانية تهتم بتحديد القيم او الاسعار الخاصة او الجزئية.ان الفكرة الاساسية في الاقتصاد الجزئي هي فكرة التوازن Equilibrium بين القيم والاسعار والمدفوعات الخاصة،وتعتبر الانحرافات عنه اختلالات عابرة ومؤقتة،بينما يقوم الاقتصاد الكلي على فكرة الفيض او الجريان او الحركة Flow،جريان الدخل الكلي في قنوات الانفاق داخل مجموع الجسم الاجتماعي.ان الاقتصاد الجزئي يحلل ويعلل الاختيارات Choices (اقتصاد القيم) او الافضليات الفردية Preferences (اقتصاد الاسعار)بينما يعالج الاقتصاد الكلي مباشرة السياسات التي تؤثر في الكليات العامة كالدخل القومي والعمالة الكاملة للموارد القومية.
يسمي البعض الاقتصاد الكينزي بـ (الاقتصاد الجديد)(5)لان معالجته لمشاكل الاقتصاد الكلي شيء جديد بالنسبة للاقتصاد الاكاديمي الذي انصرف لمعالجة قضايا الاقتصاد الجزئي منذ اواخر القرن الماضي.ان هذه التسمية صحيحة اذا قصرنا الافق التاريخي على فترة تاريخية محدودة جدا،ولكن اذا وسعنا هذا الافق ليشمل مجموع الفكر الاقتصادي(الاكاديمي)لوجدنا ان الكينزية هي مجرد عودة لتقاليد المدرسة الكلاسيكية(سميث ومدرسته)التي عالجت بالدرجة الاولى المشاكل العامة للرأسمالية،تلك التقاليد التي اختفت مع سيادة الفكر الكلاسيكي الجديد،الذي ركز اهتمامه على مشاكل الاقتصاد الجزئي معالجاً اياها من زاوية المستهلك الفردي،وبذلك كانت المدرسة الكلاسيكية الجديدة ردة في الفكر الاقتصادي تعكس الردة في النظام الرأسمالي نفسه،واكتسابه طابعا رجعياً متزايدا مع دخوله المرحلة الامبريالية في اواخر القرن الماضي.اما اذا تجاوزنا الافق البورجوازي(الاكاديمي)الى الفكر الاشتراكي العلمي،فان الماركسية رفضت دائما النظرة التجزيئية لمشاكل الاقتصاد،ولهذا اعتبرت الفكر اللاحق للكلاسيكية(اقتصادا مبتذلا) vulgar economy وهي لا تكتفي بدراسة الاقتصاد من زاوية الاقتصاد الكلي،بل تضع الاقتصاد نفسه ككل في موضعه الحقيقي من مشاكل المجتمع،الامر الذي لم يجرأ عليه الفكر الكينزي.الخلاصة حول هذه النقطة هي ان الكينزية(اقتصاد جديد)بالنسبة الكلاسيكيين الجدد وهو لا يفعل الا القيام بمحاولات متواضعة للعودة لتقاليد الفكر الكلاسيكي،ولكنه بقى محصورا ضمن النظرة(الاقتصادية)الضيقة،ولا يخرج منها لاستشراف الدلالات الاجتماعية للاقتصاد.

1- خلفية كينز
تخرج كينز من كلية أيتن Eton وجامعة كمبرج الارستقراطيتين،وكان في البداية من اتباع مدرسة مارشال مؤسس مدرسة كمبرج كما كان ابوه ايضا – وهو استاذ للمنطق والاقتصاد – من اتباعها.وبعد عامين فقط ( 1906 – 1908 ) من العمل في وظيفة حكومية في وزارة الهند India Office بدأ تدريس الاقتصاد في كمبرج عشرين عاما حتى 1929 على الاسس المارشالية.وبالاضافة الى عمله الجامعي اختير ناشرا للمجلة الاقتصادية البريطانية المعروفة economic journal عام 1911 كما اصبح في نفس الوقت تقريبا سكرتيرا(للجمعية الاقتصادية الملكية) وفي عام 1915 التحق بوزارة الخزانة البريطانية British Treasury وعمل فيها بضع سنوات حتى استقالته عام 1919 بسبب عدم موافقه على سياسة الحكومة المالية،ثم اقتحم كينز ميدان الشركات المالية الكبرى بعد الحرب العالمية الاولى،واستطاع جمع ثروة مرموقة في هذا الميدان(6).ان الفترة التي عاشها كينز هي من اكثر الفترات قلقا واضطرابا وتحولا في الاقتصاد البريطاني والعالمي على السواء،وكان لذلك قطعا التأثير الحاسم على تشكيل وتطوير وتقلب افكاره الاقتصادية خلال حياته العلمية،هذا بالاضافة الى شخصيته وقدراته الخاصة،وسنعود لهذه النقطة مرارا اثناء الدراسة.
نشر كينز قبل الحرب العالمية الاولى كتابا عن(العملة والمالية في الهند)عام 1913.(7) وبالرغم من انه يبدي في هذا المؤلف المبكر بعض الميل لقاعدة نقدية موجهة managed الا انه بقي من انصار القاعدة الذهبية gold standard حتى عام 1923.وفي عام 1919 نشر كتابه الاول الهام الذي جذب اليه الانظار وهو(النتائج الاقتصادية للسلم)(8) وقد هاجم فيه الشروط الاقتصادية لصلح فرساي وخاصة التعويضات الالمانية،كما اكد فيه على ان المسألة المالية والاقتصادية هي جوهر السلم وليست المسألة السياسية والاقليمية(مسألة الحدود)،وفي عام 1922 نشر كتابا آخر بعنوان(تعديل المعاهدة)(9)،وكلا الكتابين المذكورين كانا من نتائج عضويته في الوفد البريطاني لمؤتمر الصلح في باريس.وقد اكتسب كينز شهرة واسعة بعد ان ثبت عجز الحلفاء فعلا عن تطبيق شروط فرساي منذ حوالي 1931.ان الفكرة الاساسية التي تكمن في كتاب(الشروط الاقتصادية للسلم)هي ان الادخار saving – thrift هو مجرد عادة بورجوازية وانه يقوم على تفاوت في توزيع الثروة،وانه وراء دخول الرأسمالية حالة هبوط وانحدار declining state .وبين عامي 1918 و 1930 واجه العالم الرأسمالي وخاصة بريطانيا مشاكل مالية واقتصادية معقدة منها مسألة ديون الحرب والاختناقات التجارية،والبطالة،واستفحال التضخم ..الخ وقد عمل كينز في تلك الفترة الحرجة مستشارا للحكومة البريطانية في احيان كثيرة،كما كان عضوا في لجنة مكملان التي دققت في السياسات النقدية والمصرفية البريطانية بين الحربين العالميتين(10).وقد كان لكل ذلك أثر في تطوير افكار كينز وبنائها على فرضية الدور الحاسم للسياسات النقدية(انطلاقا من معالجة اسعار الفائدة)في تقويم سياسة الاقتصاد القومي.وقد بدأ كينز يدافع بقوة(11)عن تخفيض سعر الفائدة وعن فرض ضريبة على رأس المال capital levy لتخفيف اعباء الدين العام،ثم دعا الى الغائه جملة.كذلك دعا الى سياسات تدخلية مباشرة لضبط اسعار التحويل الخارجي وتخفيض اسعار التصدير لتمكين بريطانيا من تعديل ميزانها التجاري وتحسين مركزها التنافسي في التجارة العالمية.وعندما احتدم الجدل في بريطانيا بين انصار الاستمرار في التضخم Inflation وانصار الانكماش Deflatior (سياسة اسعار واجور مخفضة)،وبين انصار العودة لقاعدة الذهب بعيار ما قبل الحرب وعدم العودة اليها البتة،كان كينز من ابرز واقوى انصار التضخم وخصوم القاعدة الذهبية للباون(12).اما آراؤه في سياسة الاجور،فيشوبها كثير من الغموض،وقد كرس الكثير من مقالاته بين 1923،1931 لمعالجة هذه المسألة.والظاهر انه في البداية لم يعترض على تخفيض الاجور النقديةMoney wages بشرط تخفيض الفائدة،لان مقاومة العمال لهذا التخفيض مصدرها حسب رأيه اعتقادهم بان ذلك يتم لحساب الرأسمالية غير المنتجة(rentiers class) اي التي تعيش على الفوائد بسبب ارتفاع اسعارها.ولكنه بعد فترة اصبح من انصار تخفيض الاجور الحقيقية Real wages بواسطة التضخم،تجنبا لمقاومة العمال.وفي بداية الحرب العالمية الثانية دافع كينز عن سياسة الادخار الاجباري forced S. كوسيلة لتجنب ارتفاع الاسعار،ولكنه – حسب رأي الكثيرين(13) – لم يدافع عن تخفيض الاجور لمجرد تحسين وضع التجارة الخارجية لبريطانيا.وفي عام 1930 نشر مؤلفه الكبير(المطول في النقود)(14)،متأثراً مباشرة بالاقتصادي السويدي فكسل wicksel والبريطاني هوبزن Hobson،وفيه طور فكرته الاساسية في اهمية(سعر الفائدة)،وفي الآثار السيئة( للادخار الخاص) Private S. لعدم ارتباطه المباشر بقرارات(الاستثمار)Investment ،وفي ان النقود تمثل مجموع النشاط الاقتصادي.
وفي هذا الكتاب أيضاً انتقد كينز عودة بريطانيا لقاعدة الذهب واستعرض بتفصيل القاعدة الدولية"التي تتضمن الاحتفاظ بأسعار ثابتة للصرف(التحويل الخارجي)بين العملات المشاركة"وهو توفير الاستقرار في العلاقات التجارية والمالية والدولية.ولكن القاعدة الذهبية الحرة(غير الموجهة)لم تحقق تاريخيا اي استقرار في القوة الشرائية للعملات،كما انها لم تحقق بعد الحرب العالمية الاولى اي استقرار في العمالة،ولهذا فقد دافع كينز في هذا الكتاب عن قاعدة نقدية موجهة دوليا،ولكن في حالة غياب ذلك،دافع عن قاعدة نقدية موجهة وطنيا(اي من بريطانيا).وقد كان لآراء كينز هذه أثر كبير في توجيه السياسة النقدية في بريطانيا وامريكا ليس فقط خلال الثلاثينات،بل خلال مناقشات(برتن وودس)حول السياسات واجبة الاتباع بعد الحرب العالمية الثانية،وخاصة الفكرة القائلة،بأن ثبات سعر الصرف الدولي يقيد مستوى الاسعار الوطني بمستواه الدولي وبذلك يعرض الاقتصاد الوطني للتقلبات الدولية(15).وفي نفس الكتاب المذكور نجد تأثير المدرسة السويدية واضحا جدا وخاصة فكسل،بالنسبة لمفهوم سعر الفائدة الموحد unique الذي هو نفس السعر الطبيعي Natural لفكسل،ودوره في موازنة جانبي العرض والطلب لرأس المال(الادخار والاستثمار).وقد عدل كينز عن هذا المفهوم وشجبه في(النظرية العامة)،ومع ذلك فان آراءه الشهيرة في انخفاض سعر الفائدة وفي الادخار واضحة في هذا الكتاب(16).
وبعدد فشل بريطانيا(والدول الاخرى)في الاحتفاظ بسياسة انكماشية بعد العودة للقاعدة الذهبية عام 1925 والاضطرار لاتباع سياسة تضخمية عشوائية(غير موجهة)،دافع كينز عن منهاج واسع(للاشغال العامة)public works عام 1929،وتركز موقفه كداعية للاصلاح النقدي لغرض تخفيض نفقات العمل labour costs للمساعدة على تحسين تجارة بريطانيا الخارجية(17) وعندما حل(الكساد الكبير)(18)The great depression -ازمة الثلاثينات– وجد فيها كينز مصداقا لآرائه السابقة،وعزا ظاهرة البطالة العامة للادخار الخاص،ودعا بقوة الى(عملية موجهة)managed currency ،كما تبنى نظرية(افضلية السيولة النقدية)Ilquidity preference لتعليل الفائدة،وعلل الركود depression باعتباره ظاهرة من ظواهر(الركود الطويل الاجل)Long __ term stagnation الذي لازم الاقتصاد البريطاني،وان محاربته تستلزم اتباع منهاج متكامل يقوم على تخفيض اسعار الفائدة،وعلى توسيع الطلب العام(طلب الدولة)socialized demand وعلى تخفيض العملةDevaluation .
اما اهتمام كينز بالاقتصاد الامريكي فانه يعود لعام 1931 عند مناقشته لاسباب الركود العالمي،ثم كتب خلال عامي 1933(19) و 1934 عدة مقالات عن الاقتصاد الامريكي وخاصة عن تجارب روزفلت في السياسة الاقتصادية.وقد نتج عن ذلك بضعة نتائج يشير اليها كما يلي:النتيجة الاولى هي تعاظم أثر الفكر الكينزي في صياغة السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة وذلك في اتجاه(الاقتصاد الموجه).وقد تبنى روزفلت كامل المنهاج الكينزي لسياسة(الانفاق على اساس العجز) deficit – spending كحافز للتغلب على الازمة واستعادة الوضع الطبيعي Recovery .والنتيجة الثانية هي تعاظم هيبة الفكر الكينزي بعد تبنيه عمليا في امريكا.والنتيجة الثالثة هي ازدياد كراهية كينز لما يسميه(الرأسمالية الفردية والمنحطة)Individual and decadent capitalism بما يلازمها من المنافسة الحادة والمضاربة في البورصة .. الخ.

2- مركز كينز في تيار الفكر الاقتصادي
يمكن تسجيل النقاط التالية – متابعة للاستاذ هاني – في هذا الصدد:-
1- ان النظرة العامة لكينز تختلف جوهريا عن نظرة الاقتصاد الكلاسيكي المبني على نظام الاسعارprice system وكفاءة المشروع الخاص private enterprise وتأكيد مفهوم(نفقات الانتاج العينية)realeost of produltion وان كان كينز لم يهاجم الكلاسيك مباشرة واحتفظ بعدد من مذاهبهم الاساسية.وهنا يمكن تسجيل الملاحظات التالية:-
أ- هاجم كينز بعض الاقتصاديين المعاصرين الذين اعتقد انهم يمثلون الفكر الكلاسيكي،وخاصة الاقتصادي البريطاني بيكو Pigou .
ب- كذلك تتفق كتاباته مع خط الاقتصاديين المعروفين بخصومتهم للفكر الكلاسيكي،مثلا لودرديل Lauderdale و(رى)Rae وسيسموندي وبرودون وماركس وهوبزن.كذلك فان اتفاقه مع آراء مالتس حول(نقص الاستهلاك)Underconsumption معروفة جدا.
جـ - تبني كينز صراحة آراء بعض الاقتصاديين الراديكاليين المعاصرين(مثلا كيزل Gesell)،كما ان بعض هؤلاء تبنوا صراحة مذاهبه(مثلا كلاين Klein وليرنرLerner)،والاقتصادية البريطانية جون روبنسن Robinson (في دراستها المشهورة عن الاقتصاد الماركسي عام 1942).
2- ان افكار كينز تتفق في كثير من النقاط مع(الماركنتيلية)،فان التأكيد على القومية،وعلى النقود كعامل فعال في النشاط الاقتصادي من العناصر المشتركة بين كينز وبين الماركنتيلين.كما انه كرس 17 صفحة من(النظرية العامة)لآراء الماركنتيلين مع التأييد،وقد اكد على الاخص افضليتهم على الكلاسيك من ناحية ادراكهم لدور الدولة في تقديم الحوافز للاستثمار عن طريق سياستها في خفض الاجور والفائدة وتحقيق الميزان التجاري الملائم باجراءات شاملة تشمل الحماية الكمركية والتخفيض النقديDevaluation واصدار قوانين تحرم الرباUsuary laws .وحيى كينز على الاخص(عناية الماركنتيلين بالنظام الاقتصادي ككل)،واهتمامهم(بالاستخدام الامثل Optimum employment لمجموع موارد النظام)و(حكمتهم العملية Practical wisdom التي نسيها ثم طمسها تجريد ريكاردو)(20).
3- لاحظ بعض الاقتصاديين ايضا(شارل ريست مثلا)(21)بعض اوجه الشبه بين افكار كينز وبين الفيزيوقراط(خاصة الدكتور كني،ودونمور،وكانتيون)وعلى الاخص في طريقة معالجة الدخل الوطني كمجموع،وفكرة الدورة الاقتصادية Circuler flow وضرورة عدم قطعها بالادخار.
4- لاحظ اقتصاديون آخرون(22) اوجه الشبه بين كينز وبعض الاقتصاديين الاشتراكيين والشيوعيين وخاصة برودون وماركس.وسنعود الى هذه النقطة فيما بعد.
5- اكد هاني على ان اهم ما يجلب النظر في صلة كينز بتيار الفكر الاقتصادي هو:
أ- تعاطفه مع سلسلة طويلة من الاقتصاديين الناقدين للكلاسيك الذين هاجموا الادخار باعتباره مؤديا لنقص الاستهلاك وللركود،ابتداء من لودرديل وسيسموندي ومالتس،ومرورا بـ Chalmers و Krocker وروبرتسون ثم هوبزن ودوكلاسDouglas (23) في انكلترا وفوستر وCatchings في امريكا(24)وانتهاء بسلفيوكيسل في المانيا.على ان صلته بهوبزن(25)تستحق التأكيد،وقد حيي كينز(نقداته ونظراته الثاقبة intuitions )حول(الادخار المفرط)Over Saving واثره في(نقص العمالة)under –employment .
ب- تعاطفه ايضا مع سلسلة اخرى من الاقتصاديين الناقدين للكلاسيك من زاوية التأكيد على دور النقود والائتمان،ابتداء من هيرمان Hermann وارفنك فيشر(26)(183)وماكليود Macleod وكسيل(27)وهو ترى وسوديSoddy (28)وفوستر وكاجنكس(29) وهان Hahn (30) وليدرLederer .ان هذه السلسلة من الاقتصاديين طوروا فكرة كون النقود هي مجرد ائتمان لا يحتاج لقاعدة موضوعيةObjective Standard ،فقطعوا كل صلة لها بالجوانب التكنيكية من الانتاج ونظروا للقيم باعتبارها اسعارا تتحدد بالطلب المتبادل Reciprocal demand ،بل ان بعضهم اعتبر الائتمان اضافة حقيقية للثروة وليس مجرد ادعاءات او حقوق عليها،كما ان آخرين قطعوا كل صلة بين الادخار والاستثمار.واعتبروا وظيفة الفائدة تحقيق التعادل – Equalisation بين الائتمان والاستثمار،ان جميع المفكرين السابقين اثروا بوضوح في بناء الفكر الكينزي.

3 – كينز والمعاصرون
1 – تأثر كينز مباشرة بالمذهب الكلاسيكي الجديد Neo-Classicism لمارشال.وفي(النظرية العامة)اشارات متعددة للاقتصادي المذكور.لقد كان تأثير مارشال على كينز مزدوجاً:ايجابياً من جهة،بمعنى قبوله وتطويره لبعض ايحاءات مارشال،مثل تأكيده على(سعر الفائدة) rate of interest الذي يميل الى احلال الاموال funds محل سلع الانتاج Capital goods،وكذلك فكرة مارشال عن(نفقة الاندثار) depreciation cost التي أثرت جزئياً في فكرة كينز عن(نفقة الاستعمال) User cost التي تدخل في مفهوم نفقات الفرص Opportunity costs. كذلك ميل مارشال الى اخذ(التوقعات) Expectations بنظر الاعتبار.والاهم من ذلك معالجته العامه للنقود وعامل الزمن،التي فتحت الابواب للمبادئ الكينزية.ولكن الجانب السلبي لأثر مارشال على كينز لا يقل اهمية عن الاثر الايجابي.فقد انتقد كينز الكثير من(فرضيات) assumptions مارشال،وافراطه في تبسيط الامور.مثال ذلك فرضية انفاق مجموع الدخل،وفرضية تعادل الادخار والاستثمار،ودور سعر الفائدة في التعادل المذكور،ونقاط الضعف في معالجة مارشال(للانتاجية الحدية)Marginal productivity.
2 – اما علاقة كينز بمعاصره الكبير بيكو Pigou فأنها على العموم علاقة خصومة شديدة.صحيح ان بيكو قدم بعض التنازلات التي يمكن اعتبارها خروجاً عن الخط الكلاسيكي(خاصة فيما يتصل بالائتمان والفائدة،والصلة بين الادخار وتراكم رأس المال(31)الا ان الخصومة تركزت حول المسألة الهامة،مسألة العلاقة بين الاجور في تحقيق العمالة الكاملة(32)في حين هاجم كينز ومدرستة هذا الموقف بشدة.
3 - تأثر كينز ايضا،لدرجة قليلة بـ (مدرسة لندن للاقتصاد)التي درس فيها في باكورة حياتة العلمية،وهي مدرسة اسست لمعارضة الاقتصاد الكلاسيكي،مؤكدة على العوامل المؤسسة Institutions وبعض الافكار الاشتراكية.
4 - الا ان تأثره كان اعمق بكثير بزملائه من اساتذة كمبرج الشباب Cambridge young school .وكينز نفسه يعترف بدينه الثقيل لروبرتسون،وللنقد البناء الذي وجهه اليه كان Kahn (33)،والعون المستمر من روبنسون وهو ترى وهارود(خاصة في المناقشة التي ثارت بينهم وبين كينز حول علاقة الادخار بالاستثمار عام 1933 في مجلة(الايكونوميك جورنال).وربما كان روبرتسون(34)-وهو مفكر مستقل عن كينز – اكثر هولاء استحقاقا للاهتمام،لانه منذ عام 1926 عالج مشاكل الاقتصاد الحركي Dynamics وابتعد عن الفرضيات الكلاسيكية في تعادل الادخار والاستثمار،وتعادل قرار الامتناع عن الانفاق abstention بقرار الاستثمار،واكد دور الانفاق النقدي كحافز للاستثمار،ونظرية الفائدة كمقابل للنقود المقرضة Ioanable funds .ويرى شمبيوتر(35)ان اثر(كان)في صياغة الكينزية هو من الاهمية بحيث يمكن ان يقال انه(شريك) في مؤلفة الكبير.كما انه يشيد بانجازين آخرين لكان:الاول هو مساهمته في نظرية(المنافسة غير الكاملة) imperfect competition في احداث التطورات الطويلة الامد.
5 - واخيرا لابد من الاشارة الى تأثر كينز بمدرسة التوازن الاقتصادي(فالراس وباريتو)والمدرسة السويدية التي بنت عليها.والواقع ان هذه المدرسة اثرت على كينز وروبرتسون على السواء.فآراء فكسل في اعتماد الاستهلاك على الدخل،والعلاقة بين الفائدة والادخار والاستثمار،كانت احد مصادر كلا الاقتصاديين بوضوح،كما ان(الاقتصاد النقدي)money – economics المعارض للكلاسيك،للاقتصادي السويدي كاسل Cassel ،ومحاولته صياغة نظرية عامة للتوازن الاقتصادي بتعابير نقدية صرفة،كانت معروفة لدى كينز ويشير اليها صراحة في(النظرية العامة)كما ان باريتو و (ويكستيد)Wickstead اللذين خرجا صراحة على الاقتصاد الكلاسيكي ومحاولة ويكستيد الغاء عامل الزمن من النظرية الاقتصادية وبالتالي الغاء اي دور حقيقي لرأس المال،لابد انها اثرت ايضا في الفكر الكينزي وان كان كينز لا يشير اليهما في(النظرية العامة).
ويؤكد شومبيتر على اهمية الدرسة السويدية في الفكر الكينزي وانها توصلت الى كثير من الآراء الكينزية قبل كينز،ويستشهد بمثالين:الاول هو مؤلف(اريك لندبرغ)Eric Lundberg ( دراسات في نظرية التوسع الاقتصادي 1937)Studies in the theory of sec. expantion وهو مؤلف ضخم صدر بعد عام واحد من مؤلف كينز الكبير،فلا يمكن أن يكون مدينا(للنظرية العامة)في صياغة مبادئه خلال عام واحد،هذا فضلا عن ان تأثره بفكسل اوضح واشد،وهو يختلف عن مؤلف كينز في كثير من مناهجه ونتائجه بحيث يمكن التأكد على طابعة المستقل عن كينز،ولا يتردد شومبيتر في تأكيد(تفوقه)على مؤلف كينز من عدة زوايا(36)كذلك يستشهد شومبيتر بمؤلف آخر من انتاج المدرسة السويدية هو كارل فول Karl Fohl(خلق النقود والدورة الاقتصادية 1937)والذي انتهت مسودته عام 1935(Geldsche pfung und wirtschiaftskreislauf) .لقد كان لهذا الكتاب تأثير واسع في المانيا والدانمارك وهو يلقي الضوء على الكثير من المشاكل الكينزية وخاصة مشكلة التوازن في وضع(نقص العمالة).

4 - الفرضيات الكامنة وراء الفكر الكينزي
يقوم الفكر الكينزي على عدة فروض اقتصادية يجدر استعراضها قبل تحليل آلية الفكر المذكور،على غرار ما فعل الاقتصادي الامريكي هاني:
1. اقتصاد استهلاكي Consumption Economics
اول ما يلاحظ ان العنصر الاول الكينزي هو(الاستهلاك)،وانه يمنحه اهمية اكثر من الانتاج.ان اقتصاد(اقتصاد منافع)Utilities وضمن هذه الفرضية الاساسية يمكن تفصيل افكاره مثل كون الاستهلاك يحدد-limit-s الانتاج(لا العكس كما ذهب الكلاسيك)،ومثل اعتبار(الميل للاستهلاك)كعامل مستقل اساسي Independent variable (متغير مستقل)،لانه يسبب الطلب،والطلب يوجد الانتاج ورأس المال.فالاستهلاك اذن(مع الاستثمار)يكون قاعدة(الطلب الفعال).ان هذه هي فكرة( هوبزن)ولكن كينز وضعها في تعابير نقدية،فاستعمل(الاستهلاك)بمعنى البيع للمستهلكين النهائيين،او بعبارة اخرى بمعنى(الانفاق على السلع الاستهلاكية).
وفي رأي كينز فان الاستهلاك يتوقف على عاملين:الاول هو مستوى الدخل النقدي الكلي Aggregate money income.والثاني هو الميل للاستهلاك Propensity to consume اي ان كينز يميل لمعادلة(الاستهلاك) بـ (الطلب)وانه لا يعير اهمية للانتاج ونفقة الانتاج،وهو بالتالي يعالج مسألة(الدورة الاقتصادية)باعتبارها مسألة(نقص الاستهلاك)Underconsumption.
2. اقتصاد ركودي Economics - Depression
ان هذا التأكيد على الاستهلاك،يمكن تفسيره بسهولة،نتيجة الجو الذي صاحب صياغة(النظرية العامة) بين 1930،1936،اي في وسط الجو العام المتأثر مباشرة بـ (الركود الكبير)الذي اصاب الاقتصاد الرأسمالي عامة في الثلاثينات.ولقد كان من آثار هذا(الركود الكبير)ان سقطت اغلب حكومات النظام الرأسمالي لتحميلها – من قبل الناخبين – مسؤولية الازمة العامة (37).ان هذا الجو الاقتصادي الخانق هو الذي اكد لدى كينز فكرة(العمالة)وفكرة(الركود الطويل الامد) Secular Stagnation ويرى هاني ان جميع النظريات التي تفسر الدورة بنقص الاستهلاك وجميع المشروعات التي تجد علاج الدورة في نوع من الاقتصاد الموجه المبني على(تشريك الطلب) Socialization اي جعله جماعيا،اشتراكيا،نشأت في مثل هذا الجو.ولولا هذه الفرضية الاساسية(الركود الشديد،البطالة الشديدة،انخفاض اسعار الفائدة ... الخ.)لما امكن لكينز بسهولة مهاجمة المبادئ الكلاسيكية في أثر تخفيض الاجور في زيادة العمالة،وأثر هبوط الفائدة في زيادة الاستهلاك وبالتالي انكار الصلة بين الادخار واسعار الفائدة،ذلك لان فرضية(الركود)استتبعت فرضية(انخفاض الطلب على النقود)وهذا وحده مكن افتراض امكانية تسبب زيادة الانفاق في زيادة العمالة،دون احداث أثر معاكس ناجم عن ارتفاع اسعار الفائدة.وهكذا فيمكن اعتبارا الاقتصاد الكينزي(اقتصادا لنقص الاستهلاك في وضع الركود)Economics of Underconsumption in depression .
3. فرضية عدم انسجام المصالح Disharmoney of Interests
بينما يؤكد الاقتصاد الكلاسيكي على فرضية(انسجام المصالح)وعلى امكانية ايجاد(التوازن)في الامد الطويل بين مختلف القوى الفعالة في الاقتصاد بنتيجة التحليل القائم على دور المنافسة Competition analysis فان كينز يرى عدم جدوى هذه الفرضية في وضع(الركود الطويل).وبينما قام اقتصاد آدم سميث على فرضية(الميل للتعامل والمقايضة)Propensity to truck and barter التي تؤدي – في جو المنافسة – لتقسيم العمل والتعاون،وتشمل السلع الانتاجية والاستهلاكية على السواء،فان الاقتصاد الكينزي قائم على فرضية(الميل للاستهلاك)التي تقتصر على المستهلكين وحدهم،وتتعارض مع الميول الاخرى،وبالتالي فان الميول السايكولوجية الحديثة لا تؤدي لنظام مستقر(38)،بل على العكس فان اتجاه الاقتصاديات الحديثة القريبة من النضوج نحو(الادخار المفرط)Ofersaving اتجاه متزايد عموما،وبهذا تصطدم مصالح المدخرين بمصالح المستثمرين(وهم اشخاص مختلفون حسب كينز)،وهذا الاصطدام يؤدي الى اصطدام مصالح المستثمرين بمصالح المستهلكين(خاصة العمال)،وتحول المستثمرين(الرأسماليين الفرديين حسب كينز)الى مستغلين للعمال،او عديمي الكفاءة او الاثنين معا.ان كينز لا يجد في حركة الدخل والانفاق كمجموع،انعكاسا لمجموعة من القوى المنظمة او القوانين الموضوعية بل يعتبرها،اساسا،نتيجة للصدف المحضة،ولا يمكن تحليلها الا في ضوء نظرية(الاحتمال) Theory of probability ولا يمكن ضبطها الا بالسياسة التدخلية للدولة(39).
4. اقتصاد تدخلي Interventionism
ومن هنا نصل للسمة الرابعة للاقتصاد الكينزي وهو تأكيده على ضرورة التوجيه المركزي(من قبل الدولة)وذلك لامكان العودة للوضع الاقتصادي العام المرغوب فيه ومن اجل الاحتفاظ بالوضع المذكور.انه(ماركنتيلي)في هذه النظرة للاقتصاد من وجهة السياسة الاقتصادية economic policy وذلك بغية توفير فعالية الاقتصاد الكلاسيكي بالذات.ان كينز يلجأ الى الدولة للحماية داخليا وخارجيا.داخليا هو يؤيد زيادة الضرائب لتوفير تأمين جماعي للعمال دون زيادة الاجور،وخارجيا يؤيد الحماية الكمركية لتشجيع التصدير.ان فكرة الاقتصادي قائم على فرضية كون(الميل للادخار) – اي عدم الاستهلاك – اشد من(الميل للاستثمار) في الاقتصاد الرأسمالي المتقدم،وان فرص الاستثمار وحوافزه تبقى متخلفة،في الوقت الذي يتزايد فيه الادخار،مما يترك هوة بين الدخل والانفاق الاستهلاكي يصعب على الاستثمار ملؤها،وهذا يقلل من الطلب الفعال،مما يؤدي بدوره الى انخفاض الانتاج والعمالة.صحيح ان النتيجة الاخيرة تؤثر سلبيا في الدخل والاستهلاك،اي انها تخفض الادخار(اي الزيادة على الاستهلاك)فتعيد بذلك التوازن بين الادخار والحافز على الاستثمار.ولكن هذا التوازن المؤقت والجزئي هو توازن دون مستوى العمالة الكاملة،فهو غير مرغوب فيه وليس ثابتا او مستقرا.ان النتيجة التي يصل اليها كينز من مجموع تحليله هو عدم كفاية الاعتماد على(المشروع الخاص).ان مفهوم(التوازن)Equilibrium اذن مختلف لدى كينز عنه لدى الكلاسيك والكلاسيك الجدد(مارشال والمدرسة النمساوية):فهو لدى هؤلاء توازن حقيقي بين القوى المتعارضة قابل للملاحظة والتحليلي العلميين،اما لدى كينز فهو مجرد(استقرار متواضع ومعتدل)(41)،لا يمكن بلوغه الا بـ (التوجيه)Managemnt على ضوء(التحليل والحدس المبني على الخبرة)(42) Practical intuition،ومن ذلك يتضح بأن هدف(النظرية العامة)ليس مجرد تحقيق التوازن في اي مستوى من مستويات العمالة،بل تحقيقه في مستوى العمالة الكاملة،او بعبارة اخرى ليس الهدف مجرد الغاء الدورة الاقتصادية،بل تحقيق اكبر مقدار ممكن من الدخل القومي(43).
5. هدف العمالة الكاملة Full employment
ان(العمالة الكاملة)هي(المقياس)والهدف)في نظر كينز لنجاح(التوجيه)الاقتصادي.وفي وضع العمالة(ما عدا البطالة الارادية والبطالة الاحتكاكيةFrictional الناجمة عن العوامل التكنيكية)تتعادل الاجور الحقيقية مع(الجهد الحدي للعمالة)Marginal disutility of employment .والى جانب هذا الهدف(النهائي)توجد اهداف قريبة للنظام الكينزي منها(التوزيع العادل للثروة والدخول)(44)ولكنها لا ترقى الى الهدف الاساسي المذكور كمقياس للتوجيه الاجتماعي الناجح.

5 – الخصائص العامة للنظام الكينزي
وللوصول الى الهدف النهائي المذكور عبر سياسة التوجية،وضع كينز نظرية مبسطة للاقتصاد الكلي(ماكرو مكرسة ل(الكليات)اي لبيان الشروط التي تحكم الانتاج والعمالة ككل.وبهذا فقد اتخذ النظام الكينزي السمات العامة التالية:
1 – سمة الاقتصاد الكلي:
ان(المتغيرات)Variables الكبرى في(الاقتصاد الكلي)الكينزي هي الاستهلاك الكلي،الاستثمار الكلي،الدخل الكلي،لبلد ما،والصيغة المقترحة تتضمن كون الاستهلاك الكلي + الاستثمار الكلي = الدخل الكلي.ان مثل هذه الصيغة تنطوي بوضوح على خطر اهمال القضايا التالـــية:
أ – تعقيدات العمليات الفعلية(الواقعية)للحياة الاقتصادية.
ب – الفروق بين دخول الافراد والطبقات التي تتكون من مجموع دخولها ونفقتها الكليات العامة المذكورة.ان فروقا واسعة بين عناصر كليين متساويين تجعل هذين الكليين غير قابلين للمقارنة في الواقع،ولكن كينز مع ذلك كان يبحث وراء التبسيط والفاعلية.
ج – كذلك فان كلية(الاستثمار)تخفي اختلاف النسب بين الرأسمال الجامد والرأسمال الدائر fixed---circulating (الثابت والمتغير حسب ماركس Constant-variable )وهي المشكلة التي شغلت الكثير من الاقتصاديين الكلاسيكيين مثل ريكاردو.
2 – سمة الاقتصاد النقدي:
كان الاقتصاد الكلاسيكي اقتصادا طبيعيآ أو عينياreal economics يعتبر النقود محايدة،وينظر الى الدخول والنفقات من الزواية العينية.مثلا الاجور الحقيقية(العينية)،النفقات الحقيقية جهد العمل،او الامتناع .. الخLabour-pain,abstention .اما(كليات)كينز فلطابعها المعقد،ما كان يمكن أن تدرك بتعابير عينية،ولهذا فوسيلة ادراكها الوحيدة هي التعابير النقدية،وبهذا المعنى كانت اقتصاديات كينز اقتصاديات نقدية.ويعتقد بعض الاقتصاديين بوجود تعارض اساسي بين نظرية كينز النقدية هذه(نظرية النقد الفعال)active money والنظرية الكلاسيكية(نظرية النقد المحايد)فبينما كان الكلاسيك يرون في النقود مجرد(وسيلة للتبادل)و(قياس للقيمة)يرى كينز في النقود(محركا)للنشاط الاقتصادي من جهة،لتوجيهها المباشر لسعر الفائدة،الذي يدخل بدورة في مقرر determinant (الحافز على الاستثمار)،و(عائقا)frein امامه من جهة اخرى،بتعطيله،في حالة الاكتناز،جزءا من(الدخول)عن التسرب في قنوات الدورة الاقتصادية(45).ولكن من الواضح ان كلا من الكلاسيك والكينزيين يتكلمون عن شيء مختلف،الاوائل عن الوظيفة النقدية،والآخرين عن وظيفتها الرأسمالية(الاستثمارية).ومن الواضح ان هناك فرقا كبيرا بين النظر الى التراكم الحقيقي لرأس المال باعتباره الفرق بين الانتاج والاستهلاك الحقيقيين،وبين النظر اليه باعتباره الفرق بين المدفوعات والمدخولات(النقدية).كذلك فان ادوات السيطرة الحكومية للحصول على العمالة الكاملة واعادة توزيع الثروة حسب نظام كينز،هي النقود والاسعار النقدية money rates والضرائب النقدية.ولهذا ايضا فقد اعتمد كينز على زيادة(الطلب الفعال)بزيادة كمية النقود وزيادة استعمالها على الاخص،وذلك بزيادة الاستثمار،وكل ذلك دفع كينز اما الى افتراض ثبات القوة الشرائية للنقود او افتراض عدم تأثر عوامل الانتاج بالدخل الحقيقي،اي العيني المستلم فعلا(46).كذلك من الجدير بالذكر ان هذا الاقتصاد النقدي لكينز هو(اقتصاد اسعار)price economics اي انه يفترض السعر السوقي(او أي سعر ثابت)باعتباره مسلمة Datum من المسلمات.وهذه الحقيقة تؤدي بكينز – كما هي الحال في الاقتصاد الكلاسيكي،ايضا – الى النوع من التفكير الدائري المغلق Circular – السعر يتوقف على السعر -،كما انه يفترض ان عدد وحدات العمل Iabour units يتغير مع تغير سعر العمل(وحدات الاجور)Wage units .
3 – سمة الاقتصاد الدخلي : Income –economics
على ان السمة المذكورة(سمة الاقتصاد النقدي)لا تعني التحليل القائم على مجرد النظرية الكمية للنقود،او مجرد تنظيم الاسعار بواسطة المعدلات او الاسعار النقدية،بل انها،بالاحرى،تكون ما يمكن تسميته(بالاقتصاد النقدي القائم على الدخل)Monetary income economics .والواقع ان النظريات الكمية للنقود(فيشر،كاسل ...الخ)كانت تلقي قبولا كبيرا قبل(الركود الكبير)عام 1931 بسبب الثبات النسبي لكمية النقود،وامكان اعتبار(سرعة تداولها)velocity عنصرا ثابتا،ولتسبب تغيراتها عموما لتغيرات مماثلة في الاسعار.على انه ظهر بوضوح منذ 1936 عجز الاجراءات النقدية الكمية(معالجة النقود واسعار الفائدة)في السيطرة على الاقتصاد الوطني،بسبب ظهور ان التغيرات الكبيرة في كمية النقود تؤدي لنتائج معقدة،خاصة تخفيض سرعة تداولها.ومما زاد الامر صعوبة مشكلة ادارة ديون الحرب الضخمة،مما صرف الانظار للاهتمام بمسألة(استعمال النقود)اي بمسألة(سرعة التداول)بواسطة زيادة الانفاق spending ،في ذلك الاستثمار.ومن هنا فقد حلت وجهة النظر الدخلية محل وجهة النظر الكمية Income – quantity approach .ان وجهة النظر هذه تتظمن النقاط التالية:يعتبر(الدخل النقدي)قائما بصرف النظر عن الشروط التي تحدد ظهور الدخل الحقيقي،اي بصرف النظر عن حوافز الانتاج،ثم بعد ذلك يركز النظر على الائتمان المصرفي Bank Credit باعتباره نقدا حقيقيا،ولكنه يختلف عن العملة ذات القاعدة الذهبية،بالرغبة الملحة في اقراضها بكميات كبيرة وبفوائد منخفضة مما يشجع المشاريع على الاقتراض.
4 - اقتصاد فيضي : Circular-flow
ولتحقيق الهدف السابق تلجأ الدولة لعدة اجراءات:-
أ‌- تحقيق تعادل الانفاق بالدخل وبهذا تمنع مساويء الادخار العاطل.
ب‌- تزيد من الحجم الكلي للدخل المنفق،الى المدى الذي يحقق العمالة الكاملة.
ويمكن تلخيص طريقة تفكير الكينزية كما يلي:
أولا- يقدر الانتاج الوطني المكورgross national product :قيمة الانتاج – بالنقود،تحت شروط العمالة الكاملة،في بداية فترة معينة.
ثانيا- يجري بعد ذلك تقدير مجموع نسب المدفوعات المنفقة على السلع الاستهلاكية والمدخرة خلال الفترة المعينة.
ثالثا- ثم يجري بعده تقدير المنافذ outlets الممكن تحديدها للادخارات.
رابعا- وفي حالة ازدياد الادخار على فرص الاستثمار(وهي الحالة التي يميل كينز الى تصورها)،فعندئذ تتدخل الدولة لخلق فرص جديدة للانفاق الاستثماري.اي انه في حالة عدم كفاية مجموع الدخل النقدي لتوفير العمالة الكاملة فان الدولة تزيده عن طريق انفاق العملة الائتمانية Credit currency.ان كل ذلك يتخذ فيضا دائرياCircular Flow في نظام اقتصادي مغلق:فالدخل يساوي الانفاق والانفاق يساوي الدخل،والنقود المضافة للاقتصاد تزيد من امكانية التكييف Adjustment.ولكن طالما لا يزيد الادخار على الاستثمار فان مجموع الدخل ينفق(على سلع استهلاكية او رأسمالية)،ويتم انغلاق الدورةCircuit (47).والنقطة الاساسية هي ضرورة انفاق مجموع الدخل النقدي حال تسلمه،مما يقتضي تدخل الدولة.
5- اقتصاد خارج على الزمن : Timeless Economics
والمقصود بهذه السمة العامة للاقتصاد الكينزي هي افتراضه امكان اجراء التكييفات المطلوبة في التوازنات الاقتصادية على الفور وبدون تخلفات زمنية Time Iags.ان هذا الموقف الكينزي جاء نتيجة للنقد الذي تعرض له كينز في مؤلفه السابق(المطول في النقود،1930)من قبل مدرسة ستوكهولم(روبرتسون واولين Ohlin )من ناحية عدم تعرضه لمسألة الزمن،على اساس افتراضه ان فرق الزمن بين سعر الفائدة السوقي وسعرها الطبيعي كاف لانتاج الفروقات في الربح Variations in profits،فانتقد من قبل الاقتصاديين السويديين على اساس عدم تحديد الفترة الزمنية التي يمكن ان تكون(توقعات)Expectations المشاريع خلالها فعالة،وتجاهله بذلك مسألة الدورات الاقتصادية(التجارية)Business cycles .فكان على كينز الرد على هذا النقد الهام في احدى صورتين:اما قبول(التحليل الزمني)Period analysis الذي طوره روبرتسون وهيكس Hicks واما اهمال عامل الزمن والنفقات التي ينطوي عليها اهمالا تاما،فأختار السبيل الثاني.ان الدخل الكلي Aggregate income يساوي الانفاق الكلي Aggregate spending (الاستهلاك زائدا الاستثمار)الآن،ان كل هذا يفترض تكيفا فوريا اي فيضا دائريا Circuit flow على الفور.ان كينز يفترض ان(توقعات)المشاريع تتحقق فورا،وبهذا تختفي الفروق الزمنية بالغاء بعضها البعض.وهنا يمكن تعليل مصدر اهتمام كينز بنظرية الاحتمال(48)،لان(نظريته العامة)تحتاج لمبدأ يقينيPrinciple of certainty من نوع ما.
يبدأ تحليل كينز بالدخل،عندئذ يفترض انه يساوي الانفاق،ويصبح الادخار مجرد عدم الانفاق Not-spending على الاستهلاك الجاري،اي عدم الانفاق الآن وعلى الفور.وبهذا فقط امكن لكينز تجنب مشاكل حوافز الانتاج،وتوجيه وظائفه،مع نفقات الادخار والانتظار،اي الافضلية الزمنية time preference .ان نظام كينز يتجاهل كل هذه المشاكل وبهذا وحده امكنه افتراض ان الادخار يساوي او يجب ان يساوي الاستثمار.وفي مثل هذا النظام لا حاجة تقريبا بالمرة(للفائدة)لتلعب دور الحافز لتكوين واستعمال رأس المال في الانتاج،كما لا حاجة للاهتمام بمشاكل الاخطار risks واحتمالات فشل التوقعات uncertainties التي ينطوي عليها الانتاج في النظام الرأسمالي.
ان هذه السمة الاساسية للاقتصاد الكينزي تتضح بشكل بارز في تحول كينز من الاقتصاد النقدي القائم على معادلة التبادل equation of exchange (في مطوله النقدي)الى الاقتصاد النقدي القائم على(معادلة الدخل والانفاق)في(النظرية العامة).في الاقتصاد الاول تبدو V (سرعة التداول velocity)عنصرا من عناصر المعادلة،وهي عنصر زمني لانها تقاس بوحدة زمنية unit of time،اما معادلة الاقتصاد الجديد فيجري التعبير عنها غير زمنية.ان الرمز V يختفي ليحل محله الرمز K المارشالي(نسبة للاقتصادي الكبير مارشال)،وهو يعبر عن النقد العاطل،اي عن(افضلية السيولة)النقدية Iiquidity preference مقابل الافضلية الزمنية في المعادلة السابقة.وهكذا يتحول الدخل المتكون بالضرورة عبر الزمن(K – I)الى مجرد مساو لا زمني للانفاقTimeless equivalent .وهكذا نجد ان نظام كينز اللازمني يستلزم افتراض عدد من الشروط تنطوي على(تجريد)Abstraction لا يختلف من حيث الطبيعة عن تجريدات الكلاسيكيين(مثلا:المنافسة الكاملة)،وهو من حيث الجوهر وبمعنى من المعاني نظام سكوني(ستاتيكي)في الواقع.

المبحث الثاني - تفاصيل المشروع الكينزي
الميول واجراءات السيطرة PROPENSITIES &CONTROLS

(1) يتركز مشروع التحليل الكينزي حول هدف(العمالة الكاملة).ولكن،بما ان كينز اقتصادي نقدي،فقد اصبح الهدف المذكور يعني في رأيه الاستخدام الكامل للنقود funds او بتعبير آخر اصبح الهدف هو تحقيق الفيض المستمر الدوري للنقود،اي الانفاق الكامل full spending،وهكذا اصبح الدخل = الانفاق = مجموع الاسعار المدفوعة او قيمة الانتاج Value of output.
قد يظهر ان المشروع الكينزي هو محاولة لوضع قانون سي Say في تعابير نقدية(49)،وكما ان هناك تحديدات لفعل القانون المذكور،فهناك ايضاً تحديدات لفيض الاموال(النقود)الدوري.ان الانفاق ينقسم حسب كينز الى تحديدات لفيض الاموال(النقود)الدوري.ان الانفاق ينقسم حسب كينز الى فرعين رئيسين:الاول هو الانفاق على السلع الاستهلاكية وهو مايسميه(الاستهلاك).والفرع الثاني هو الانفاق على السلع الانتاجية او الرأسمالية وهو مايسميه(الاستثمار).وهكذا يصوغ المعادلة التالية:الدخل – الاستهلاك = الاستثمار.الا ان كينز ينظر للأنفاق الاستهلاكي كعلاقة ثابتة نسبياً بالدخل،اي انه لايزيد بنسبة زيادة الدخل،ولهذا فهو ينظر اليه بأعتباره(ميلاً) propensity،كعامل ثابت constant.وبهذا يكون العنصر الآخر في الانفاق(الاستثمار)هو العنصر الحاسم الذي تنشأ حوله الاضطرابات في الدورة النقدية.وهذه الاضطرابات جميعها انما تنتج عن عدم الانفاق على الاستثمار مما يسبب عطالة الاموال(النقود).وبما ان العمالة الكاملة هي مقياس نجاح الاقتصاد الموجه في نظر كينز،فأنه يقترح الاجراءات التالية لتحقيق النجاح المذكور:-
1 – حجم متسع من الاستثمار في السلع الرأسمالية،يكفي لاعالة نسبة معينة من السكان العاملين في هذا القطاع تكفي لتحقيق مايلي :
2 – جعل حجم الطلب الفعل مساوياً للعرض الكلي للسلع النهائية finished goods(بما في ذلك السلع الاستهلاكية والسلع الرأسمالية).وهذه الفكرة الاساسية لكينز انما تعني ان مجموع الادخار(اي كل ذلك الجزء من الدخل الذي لا يجري في الانفاق الاستهلاكي)يجب ان يسثمر في السلع الرأسمالية.وهكذا فأن المشكلة التي تشغل ذهن كينز تصبح هي التالية:لماذا تظهر ظاهرة(نقص الانفاق الاستثماري) Under – investment spending ؟.ان الجواب الكينزي،بالاستناد الى عدد من المفاهيم والقوى التي يسميها الميول والحوافز والافضليات،يقدم مشروعاً عملياً يحقق انفاق مجموع الادخارات المتوفرة للأستثمار وبهذا يحقق الانفاق الكامل،ويساهم لحد كبير في تحقيق العمالة الكاملة.
ان العمالة في نظر كينز،تساوي ساعات العمل الاعتيادي،مقاسة بوحدات الاجور(50) وهكذا،وبحكم التعريف نفسه اصبح الدخل والعمالة شيئاً واحداً.وبما ان الانتاج Output حسب نفس الفرضية،يتوقف على العمالة،اصبح الانتاج والدخل والعمالة تتحدد جميعاً بالطلب الفعال،اي بالانفاق،كل ذلك يقرره التعريف نفسه وعلى هذا الاساس يتحقق الانسجام والتماسك في النظرية الكينزية.ولكن هل هذا التماسك يتفق مع الوقائع؟


(2) المقررات determinants في النظام الكينزي :
ان(القوى)المحددة او المقررة في النظام الكينزي(المقررات)هي التالية:
1 – الميل للأستهلاك : Propensity to consume
ويأتي هذا العامل بالدرجة الاولى من الاهمية،ويعتبره كينز كعامل(ثابت)ويسميه(مبدأ نفسانياً) – سايكولوجيا -.ولكن بعد التحليل،لا يظهر هذا المفهوم اكثر من كونه(تلك النسبة من مجموع الدخل الوطني السنوي لبلد ما،التي يميل ذلك البلد الى انفاقها في السلع الاستهلاكية)(51).ان هذا اذن هو مجموع احصائي،وهو عبارة عن نسبة مئوية من الدخل السنوي النقدي الوطني،وينظر اليه كنتيجة او دالة -function- للدخل،اي ان نسبته تميل للأنخفاض مع نمو الدخل الوطني.
2 – الحافز للأستثمار : Inducement to investment
واحياناً يسميه كينز(التوقع)او(فرصة الاستثمار).وهو بصورة عامة(الميل للاستثمار)اي الميل للانفاق النقدي في الموجودات الرأسمالية Capital assets ،تمييزاً لها عن السلع الاستهلاكية.كذلك يتضمن هذا المفهوم عدم الادخار notsaving اي عدم تعطيل اية اموال معدة للاستثمار.والمهم في كل هذا الموضوع هو ان هذا الميل للاستثمار(سواء انظر اليه بأعتباره قوة او ميلاً،او نظر اليه باعتباره نسبة الاستثمار الفعلية)لا يتوقف في نظر كينز على الدخل .انه ليس(دالة)للدخل،بل يتوقف على عاملين:فرعيين،الاول هو كمية النقود،والثاني هو الرغبة في الحصول على النقد الجاهز cash او مايسميه كينز(افضلية السيولة).وهذا معناه ان نظرية كينز في الفائدة تجعلها منفصلة عن سوق الرساميل marche-des capitaux بعكس النظرية الكلاسيكية التي كانت تعتبر الفائدة(سعراً)من الاسعار،سعر توازنياً prix d’equilibre يحقق التعادل في عرض وطلب رأس المال.
ان كينز يعتبر الفائدة مكافأة bonus مقابل التنازل عن السيولة النقدية(52)،وهي تتوقف على العاملين المذكورين اعلاه،الاول عامل كمي،والثاني عامل سايكلوجي(53).كذلك يتوقف العامل الاول،اي الربح الصافي المتوقع anticipated net yield او ما يسميه كينز(الكفاءة الحدية لرأس المال) marginal efficiency of capital،وهو عنصر معقد في نظره – على العوامل التالية :
أ - المخزون القائم للموجودات الرأسمالية Current stock
ب - الطلبات الجارية current demand للاستهلاك.
جـ - الطلبات المستقلة future demand ونفقات العمل(54) Iabour costs
ومن الجدير بالذكر ان كينز يعلق اهمية حاسمة على(الكفاءة الحدية لرأس المال)ويعلل الدورة الاقتصادية بالضبط(بالانهيار المفاجيء)في هذه الكفاءة،نتيجة التوقعات المتغيرة مما قد يجعل اي تخفيض في سعر الفائدة لعلاج الوضع غير ذي جدوى.(55)

3 - افضلية السيولة : liquidity preference
وهذا المفهوم يعني في رأي كينز ميلا مفترضا للاحتفاظ بالنقد الجاهز عاطلا.انه يعني(ميلا للادخار)بمعنى(عدم الانفاق)على الاستهلاك السابق او الاستثمار المستقبل.ويشير كينز الى ذلك تحت اسم الميل للاكتناز(56) Propensity to hoard.ويمكن التعبير عنه بفكرة(افضلية النقد الجاهز) Preference for cash .وبالرغم من الاهمية القصوى لهذا المفهوم في مجموع المشروع الكينزي،الا ان الغموض يكتنفه من كل جانب.انه الجانب السلبي لمفهوم ايجابي معقد هو مفهوم(الانفاق).وهكذا فقد يعني هذا المفهوم عدم الانفاق على الاستهلاك(وهو المعنى الاعتيادي والشعبي للادخار).ولكنه قد يعني ايضا عدم الانفاق على الاستثمار،الامر الذي يكتسب اهمية مختلفة عن المعنى الاول.ان المفهوم الكينزي(لأفضلية السيولة)يكتسب وضوحا كافيا اذا اخذ بمعنى الرغبة في تعطيل النقود،اي بمعنى الاكتناز،انه يعني عدم الانفاق(على الاستهلاك) + عدم استعمال المدخرات في الاستثمار.وهذا المعنى المزدوج ينعكس على الاسباب التي يعطيها كينز لهذه الظاهرة:ان الاسباب المذكورة تشمل دوافع ثلاثةmotives - دافع يتصل بالمعاملات الجاريةtransactiins ودافع يتصل بالاحتياط للمستقبل precautionary (مثلا ضد التقلبات في القوة الشرائية(للنقود)،والثالث يتصل بالمضاربة Speculative (اي الاستفادة من جو الارتفاع العام في الاسعار).ومن الواضح ان الدافعين الاول والثاني يتعلقان مباشرة بالاستهلاك،بينما يتصل الدافع الاخير اكثر بما يعتبره كينز(الاستثمار)(57).من هذا يتضح ان(افضلية السيولة)باعتبارها احد(الميول)في النظام الكينزي،تؤثر حتما في الميلين الآخرين وترتبط بهما:فهي تدخل في(الميل للاستهلاك)عن طريق دفع المرء للتشبث اكثر بالنقد الجاهز،وهي تدخل في(الميل للاستثمار)عن طريق زيادة الطلب على النقود وبالتالي زيادة سعر الفائدة الجاري،وهو احد العوامل المقررة للحافز على الاستثمار(58)،كما رأينا.


4 - المضاعف Multiplier
ينبثق مفهوم(المضاعف)(59)الشهير في المشروع الكينزي،من مفهوم(المقررات)السابق الذكر.انه يشتق من(الميل للاستهلاك)،ويؤكد دور(الاستثمار) في النظام الكينزي.انه يعني(نسبة الدخل للاستثمار في حالة معينة من الميل للاستهلاكratio )،ويؤكد فكرة اعتماد التغيرات في العمالة والدخل على الاستثمار .فزيادة الاستثمار تؤدي الى زيادة العمالة في صناعات السلع الرأسمالية،الامر الذي يميل لانعاش الصناعات الاستهلاكية مما يؤدي في النهاية الى زيادة العمالة الكلية،الى حد العمالة الكاملة.اما اذا تجاوزت العمالة الحد المذكور،فان زيادة الاستثمار تؤدي فقط الى التضخم في الاسعار.وهكذا فان زيادة الانفاق الاستثماري عند توفر الشرطين الاساسيين،الاول نقص العمالة Underemployment والثاني مقدار محدد من الدخل ومن الانفاق الاستهلاكي،قد يؤدي الى اثر مضاعف multiplied effect .وهكذا يصل كينز الى الاستنتاج بان الحكومة،بانعاشها الانفاق على الاستثمار – مع افتراض عدم التعرض لآثار معاكسة تنتج عن التغيرات والتعديلات في الاستهلاكIeakages قد تستطيع ان تحقق زيادة في العمالة،مضاعفة اي اكثر من النسبة المنفقةmore than proportional fourfold increase ،ربما اربعة اضعاف.

(5) التبسيط المفرط للانفاق :Oversimplification
يلاحظ هاني بحق ان كامل البناء الكينزي يستند الى افراط في تبسيط الانفاق.ان تنفق او لا تنفق،تلك هي المسألة.(اشاره الى مقولة الكينونة)المشهورة لشكسبير.ان(مصدر)الدخل المعد للانفاق يكاد يختفي تماما من الصورة.ان كينز لا يشير الى اي ميل(للتوفير)Propensity to be thrifty .ان ميوله الثلاثة جميعها تتصل بالانفاق.الاول والثاني يتصلان بالجانب الايجابي للانفاق(على الاستهلاك والاستثمار)،والميل الثالث(افضلية السيولة)ما هو الا الجانب السلبي لنفس الانفاق.انه يلعب الدور المانع للانفاق المفرط – انه يعني مجرد الميل لعدم الانفاق Propensity to not-spend ،وليس للتوفير.انه ينصب على(استعمال)الاموال وليس على مصدرها.فلا عجب ان يأتي المشروع الكينزي مفرطا في التبسيط،فلا تظهر فيه انواع الاستهلاك المختلفة(ضروري،ترفي،تبذيري،اموال معمرة،وغير معمرة .. الخ)كما لا تظهر فيه انواع الاستثمار المختلفة.ويمكن ان يشمل المفهوم حتى عناصر من امثال المضاربة،الحرب،المقامرة .... الخ،لانه يتسع ليشمل كل الانفاق على غير الاستهلاك(الاستثمار = الدخل – الاستهلاك).ومن اهم ما يجب التأكيد عليه في هذا المشروع هو عدم تعليقه اهمية نظرية على الفروق بين الرأسمال الثابت او الجامد والرأسمال الدائر fixed,circulating،وهي المسألة التي شغلت اذهان ريكاردو وماركس مثلا.وهذا الاهمال مرتبط طبعا بالطابع اللازمني للاقتصاد الكينزي.كذلك يلاحظ ان(الميول)في مفهوم كينز،تتداخل فيما بينها،بشكل يدعو للالتباس.فمثلا تؤثر(افضلية السيولة)على الاستهلاك والاستثمار معا،على الاول عن طريق تأثيرها في سرعة تداول velocity الانفاق والعمالة،وتؤثر على الثاني عن طريق تأثيرها في الاسعار الجارية للفائدة،وكل ذلك يجعل من الصعوبة اعتماد صيغ ومعادلات تقوم على اساس هذه الميول او القوى،باعتبارها عوامل او متغيرات مستقلة.

(6) الركود الطويل واجراءات السيطرة Secular Stagnation and controls
والان ماهو الهدف الذي تتجة اليه هذه الميول او القوى في النظرية الكينزية؟ان كينز يؤكد في مقدمته لمؤلفه بأن المهم في تلك الميول هي تأثيراتها على الانتاج الكلي والعمالة الكلية،وهما ظاهرتان يعتبرهما كينز ظاهرة واحدة من الناحية العلمية.ان تلك الميول لا تتجه في نظر كينز الى اي توازن ثابت او مرغوب فيه،وخاصة في مستوى العمالة الكاملة،ويعلل كينز ذلك بعوامل مختلفة،منها ميل الادخار والاستثمار لعدم التوازن،بصدورهما عن دوافع مختلفة والقيام بهما من قبل فئات بشرية مختلفة،ومنها عدم المساواة في توزيع الدخل الامر الذي يؤثر في كلا الاستهلاك والادخار.ان كينز يعتقد بأتجاه فرص الاستثمار للتناقص في التحليل الاخير،وبالنظر لاستمرار الادخار في مستواه فأن(الكفاءة الحدية لرأس المال)قد تهبط الى ادنى من مستوى السعر المشهور في(الركود الطويل).
ومن هنا كان تدخل الحكومة ضروريا وذلك لخلق(قوة شرائية)وبالتالي(تشريك الطلب)Socializing demand .وبهذه الطريقة يمكن زيادة الانفاق الاستثماري الى الحد الذي يمنع(الادخار المفرط)من عرقلة(التكييف الدوري)Periodic adjustment المطلوب،اي تكامل الدورة الاقتصادية معبرا عنها بالتعابير النقدية.
ويقترح كينز بضعة انواع من وسائل السيطرة الاقتصادية:
1 – السيطرة على عرض النقود وخاصة الائتمان المصرفي،مما يمكن من السيطرة على الدخل وبالتالي على الانفاق.
2 – السيطرة على سعر الفائدة مما يمكن من السيطرة على الاستثمار وبالتالي على البطالة(60).
3 – السيطرة على الضرائب وذلك لاغراض مختلفة أهمها تحقيق المساواة في توزيع الثروة والدخول الفردية مما يؤثر على الادخار(61).
4 – واخيرا ما يسميه كينز(تشريك الاستثمار)Socializing investment بدرجة من الشمول تكفي لتحقيق حسن استخدام وتوزيع الموارد.
وهكذا فان كينز،بعد عرض اسباب عدم اكتمال التوازن الاقتصادي والعمالة الكاملة،يؤدي به فكره الى اقتراح مشروع للسيطرة الحكومية على الحياة الاقتصادية،يشبه نفسه بالمركنتيلية،وشبهه بعض انصاره فيما بعد بالاشتراكية الماركسية،وفضل البعض الآخر(هاني مثلا)تشبيهه بنوع من(القومية الاقتصادية).وسنعود لهذه النقطة(اي فلسفة كينز الاجتماعية)فيما بعد.

( 7) آراء كينز في القيمة والتوزيع :
ماهو دور(نظرية القيمة والتوزيع) – اي التحليل الاقتصادي من زواية الاقتصاد الجزئي – في نظام كينز؟ان النظام الكنزي لا يعتبر اي دافع بشري فردي بأعتباره النشاط الاقتصادي الاساسي،فهو يرفض كلا المفهومين:مفهوم المنفعة بأعتبارها تمثل حدة الرغبة utility-desire ،ومفهوم الجهدdisutility باعتباره يمثل النفقة الحقيقية(العينية).ان الكمية الاقتصادية هي في نظر كينز(وحدة الاجر)wage unity ،ولهذه الوحدة الاجرية وجهان:وجه السعر ووجه العمالة.او بتعبيرآخر ان(وحدة الاجر)تمثل السعر(الاعتيادي)Ordinary او هي معدل الاجر النقدي الاعتيادي لساعة من العمل(63)Ordinary money wage rate per hour .
وهكذا يمكن القول بان النظام الكينزي يقوم على ساقين:النقود(الائتمان)وساعات العمل البشريMan – hours ،ولذلك فلم يحاول كينز وضع نظرية عن القيمة،بل ان هذا المفهوم لا يظهر حتى في فهرست(النظرية العامة)كذلك لم يحاول معالجة نظرية للتوزيع بالمعنى النظري لذلك،ولم يضع نظرية للاجور.
أما فيما يتعلق بموقفه من النظرية الكلاسيكية(64)،وخاصة بصبغتها المارشالية التي يشير اليها احياناً،فالرأي مختلف.لقد كتب عام 1946(65)،يؤكد عدم امكان الاعتماد على الطلب الكلاسيكي كانت دائماً مصحوبة بعدد من التحفظات والاستثناءات،وخاصة رفضه للنظرية الكلاسيكية عن مشكلة التوفير Thrifting.ان هم كينز منصرف الى(المستوى العام للأسعار)،منظوراً اليها كمدفوعات نقدية لمختلف انواع السلع.وقد اعتبر الاسعار متوقفة على عاملين:الاول هو المدفوعات الحدية لعوامل الانتاج،والثاني هو حجم المنتوج(66) Volume of product.
على ان مستوى الاسعار،منظورا اليه من هذه الزاوية(كمعدل او كسعر كلي لجميع السلع)يتأثر بـ (الطلب)منظوراً اليه من نفس الزاوية.او بعبارة اخرى ان كينز يتكلم عن العرض والطلب العامين general وينقد هاني هذا المفهوم لـ (القيمة الكلية) total value ويرى انه يستند لفروض غير واقعية،مثل فرضية(المعدات والتكنيك الثابتين) constant،وفرضية(نسبة ثابتة بين الاجور الاعتيادية – مايسميه الوحدة الاجرية – واي من المدفوعات لعوامل الانتاج الاخرى).وهكذا استناداً لهذه الفروض العريضة استطاع كينز الزعم بأن مستوى الاسعار العام يمثل العلاقة بين النقود وبين وقت العمل Iabour time في جميع البضائع.والواقع ان وراء جيمع هذه المفاهيم الكينزية عن الطلب العام والعرض العام والكميات الكلية،يمكن تبسيط مفرط لشروط الانتاج والاستهلاك.انه يميل الى ارجاع جميع عوامل الانتاج الى(العمل) او (الملكية)،وينظر الى النقد الائتماني بأعتباره مجرد حقوق او ادعاءات للتملك.انه يؤكد على ان(وحدة العمل هي الوحدة المادية الوحيدة التي نحتاجها في نظامنا الاقتصادي)(67)،بالاضافة الى الوحدات النقدية والزمنية Units of money and time.وهو يشير دائماً الى(الوحدة الاجرية)كما يسميها،كقاعدة للنظام.واستناداً لذلك يطلق كينز عادة على رأس المال كلمة(الموجودات) Assets مشيرا الى انه عبارة عن نوع من(ملكية)المشاريع Business of property وليس سلعة انتاجية تكنولوجية او وظيفية -function-al.وقد اكد مراراً انه يفضل وصف رأس المال بانه ما يدر واردا يزيد عن النفقة،على وصفه بانه منتج(68)،وانه يتعاطف مع المفهوم،السابق للكلاسيك(في اعتبار ان العمل ينتج كل شيء بمساعدة نتائج العمل السابق المتضمنة في الموجودات).ويمكن ان يقال ان هذا التعريف يمثل مفهومة النهائي لرأس المال.
وبالارتباط بهذا المفهوم لرأس المال والمشروع،يعالج كينز مسألة(حصتيهما)المتمثلين في الفائدة،والربح.ان رأس المال هو(موجود)يتمثل في النقود،وهو يحصل على قيمته من الخدمات المتوقعة في المستقبل(69).والسبب الوحيد الذي يدفع لتقديم فائدة اعلى من السعر الادنى الذي تقتضيه(افضلية السيولة)يكمن في نوع من(قيمة الندرة) scarcity value غير الضرورية الامر الذي يمكن رأس المال من استغلال الآخرين بممارسة(قوة قهرية متراكمة) Cumulative oppressive power (70)ويستنتج كينز من ذلك عدم وجود عوامل داخلية تبرز ندرة رأس المال.اما المشروع(او ما يسميه البعض بالادارة او المدراء) Enterprise – ادارة الانتاج – فيعرفه كينز بانه(النشاط الذي يتضمن التوقعات عن وارد الموجودات خلال حياتها الكاملة)(71).ولكن ليس من الواضح ربط كينز لهذا النشاط بعامل(العمل)او بعامل(الاستثمار).فأحياناً يربطه بالعمل(بأعتباره عامل الانتاج الوحيد)(72)،واحياناً اخرى ينظر لمدير المشروع باعتباره مستثمراً،وينظر لـ (ارباحه)كجزء من(الفائدة)المدفوعة(73).وهكذا فأن الفائدة تميل الى الارتفاع قليلاً عن الصفر،بسبب افضلية السيولة.اما الربح الصافي فيميل الى الصفر،وبهذا لا يعود للربح الصرف(الزائد على اجور الادارة)اية ضرورة،ما عدا الحد الادنى الضروري لمواجهة الاخطار risks.واذا تذكرنا فرضية كينز عن الاتجاه نحو الركود الطويل،يمكن الاستنتاج بانه يفضل في الواقع اختفاء الفئات والعناصر الاقتصادية التالية:
1 – اولئك الذين يعيشون على فوائد ادخاراتهم.
2 – قيمة رأس المال الناتجة عن ندرته والمدفوعات المقابلة لها.
3 – اية ارباح تقدم للمشروع الخاص تزيد عن(اجور الادارة) ما عدا السماح اللازم مقابل الاخطار.ان جميع هذه الافكار الكينزية هي نتيجة سمة(التشاؤم)الناتجة عن اعتقاده بوجود(تحديدات طويلة الاجل)من شأنها ان تحدد استخدام رأس المال،واننا مقبلون على الاقتراب منها.وليست بنا حاجة هنا للتأكيد بان جميع هذه المفاهيم الكينزية عن ادوار رأس المال والعمل والادارة في نظام الانتاج الرأسمالي ماهي الا صدى لتأثره ربما من دون وعي كامل – بالمفاهيم الاشتراكية العلمية.


هوامش الدراسة

1. :
J . Eaton – Marx against Keynes , 1951 .
D . Dillard – La Teoria economica . de j. M. Keynes. ، ترجمة اسبانية للأستاذ Gercia.
L . Klein – La Revolucion Keynesiana. ، ترجمة اسبانية للأستاذ Osset ،نيويورك 1953.
A . Hansen – A guide to Keynes,1953. ، ترجمة فرنسية 1948.
Y . Robinson – Introduction a La theorie de I employ، نيويورك 1948.
S . Harris – The New Economics, ، فيلادلفيا 1949.
H . Ellis – A Survey of contemporary Economics .
R . Harrod – The life of Keynes،نيويورك 1951،نيويورك 1966.
R . Leckachman – The age of Keynes.
B . Iyimin – Theories of regulated capitalism , Moscow .
J . Robinson – An essay on Marxain economics , 1942 .
M . Dobb – on economic theory and socialism , London , 1968 .
O . Lange – einfuhrung in die okonometrie , kinge , 1968 .
E . Mosse – Marx et le probleme de la croissance , paris , 1956 .
2. يضم القسم المنشور هنا المبحثين الاول والثاني فقط من الدراسة،وستطبع الدراسة الكاملة في كتاب مستقل في نهاية عام 1971.
3. يرى شمبيتر(تاريخ التحليل الاقتصادي،طبعة 1955 بالانكليزية،ص 1170)انه يجب ان يدرس(اعظم نجاح ادبي في عصرنا) – اي مؤلف كينز عن(النظرية العامة للعمالة والفائدة والنقود) 1936 – من زاوية الاقتصاد الكلي،فاذا درس من اية زاوية اخرى فأن ذلك يلحق به الاجحاف.
4. هاني(تاريخ الفكر الاقتصادي)،طبعة 1960،بالانكليزية،ص734 – 735 ،وقد اعتمدنا هذا المصدر بصورة اساسية في هذا القسم من الدراسة.
5. ارك رول(تاريخ الفكر الاقتصادي)،الطبعة الخامسة،ص477،بالانكليزية.
6. يذكر هارود(Harrod – Life of Keynes)في مؤلفه المعروف عن حياة كينز انه جمع نصف مليون باون من اعمال مضاربة مختلفة في البورصة،وفي عام 1942 منح لقب اللورديه واصبح البارون تلتون Tilton .
7. (1913) Indian curreney and finace
8. Economic consequences of peaee , 1919
9. A revision of Treaty – 1922
10. وتيكر،مدارس وتيارات الفكر الاقتصادي،بالانكليزية،ص353،المرجع السابق.
11. في كتابه(A tract on monetary reform,1923) الذي يظهر فيه قلق كينز من هبوط القوة الشرائية للعملة البريطانية.
12. في كتابه(النتائج الاقتصادية لسياسة المستر شرشل 1952).(The economic conslquences of Mr. Churehil–1925)،ويرى هاني(ص 737 المرجع المذكور)ان كينز منذ تاريخ نشر كتابه هذا،كان من خصوم القاعدة الذهبية،خلاف رأي البعض.
13. راجع هاني،ص758،المرجع السابق بالانكليزية.
14. A treatise on Money,1930
15. وتيكر،المرجع المذكور،ص 354 – 355،بالانكليزية.
16. راجع بييتر(الفكر الاقتصادي والنظريات المعاصرة)،المرجع المذكور،بالفرنسية،الطبعة الثانية،1961،ص313.
17. يؤيد هاني(ص 738)هذا التفسير،الذي يتناقض مع تفسيره الاول في نفس الصفحة من مؤلفه.
18. كتب ليونيل روبنز Robbins كتابا شهيرا بهذا العنوان عام 1934 عزا فيه استمرار وقسوة ازمة 1930 لسياسات الاسعار الحكومية وفق الخط الليبرالي العتيق.
19. كتب كينز في نفس العام(1933)مؤلفه(وسائل الرخاء) Means of prosperity.
20. ان العبارات الموضوعة بين اقواس مقتبسة حرفياً من(النظرية العامة)لكينز.
21. راجع جيد وريست في كتابهما(تاريخ المذاهب الاقتصادية)،المرجع المشار اليه سابقاً بالفرنسية.
22. راجع على سبيل المثل كلاين(الثورة الكينزية،1947،بالانكليزية) Klein – The Keynesian Revolution , 1947
وروبنسن(مقالة في الاقتصاد الماركسي،1947 بالانكليزية) Robinson – An essay on Marxian Economies .
ومقالة Dilsard في مجلة(جورنال اوف ايكونوميك هستوري)1946.
23. راجع كينز(النظرية العامة)،ص 370 – 371 بالانكليزية.
24. راجع مقالة Fetter عن نظرية الادخار المفرط لدى لوردر ديل،في مجلة(اميركان ايكونوميك رفيو)1945.
25. يشير كينز بأعجاب شديد لهوبزن في(النظرية العامة) ص 365 – 366 بالانكليزية.
26. يعزو كينز فكرة(الكفاءة الحدية لرأس المال)لفيشر في كتابه(نظرية الفائدة،1930) ( J. Fisher – Theory of interest )
27. في كتابه(النظام الاقتصادي الطبيعي)بالاصل الالماني 1916 والترجمة الانكليزية 1930.
28. في مؤلفيه(دور النقود،1935)و(النقود ضد الانسان،1933) Soddy – The role of money – Money versus man .
29. في مؤلفه(الطريق الى الوفرة،1928) Catchings – The road to plenty
30. على ان هان غير آراءه ابتداء من الطبعة الثالثة من مؤلفه(النظرية الاقتصادية للأئتمان المصرفي،الاصل الالماني 1924)
Volkwirtschaftliche Theorie de Bankkredits واصبح من اشد نقاد كينز مهتما اياه بسرقة افكاره القديمة(بما في ذلك اثر السياسة النقدية في تحقيق الرخاء واعتبار الفائدة تعويضا للسيولة النقدية وليس رأس المال)والتي تخلى عنها وخطأها بشدة فيما بعد مبديا أسفه في انتشار افكاره العتيقة(1920)عن طريق كينز ومدرسته(راجع هاني،حاشية ص 742).
31. في مؤلفيه(اقتصاد الرفاه 1912 – طبعة ثالثة – ص 63) ec. Of welfare
و(نظرية التقلبات الصناعية،1927، ص251 – 253) Theory of industrial fluctuations
32. عدل بيكو موقفه في هذه النقطة عام 1945 في دراسته(انحرافات عن العمالة الكاملة) Lapses from full – employment اذ وضع شروطاً شديدة لتحقيق العمالة(منافسة كاملة بين العمال،استقرار في الاحوال،مرونه كاملة،غياب الاحتكاكات Frictions ... الخ).
33. ينسب كينز(خطأ في رأي البعض)فكرة(المضاعف)لمقالة(كان)عن العلاقة بين الاستثمار الداخلي والبطالة التي كتبها في(الايكونوميك جورنال)عام 1931.
34. وذلك في مؤلفه(السياسة المصرفية ومستوى الاسعار 1936، Banking policy and price level،وفي عدة دراسات لاحقة في الثلاثينيات(راجع تعدادها في هاني حاشية ص744،المرجع المذكور).
35. شومبيتر،المرجع المذكور،ص1173 بالانكليزية.
36. شومبيتر،المرجع المذكور،ص1174 بالانكليزية.
37. راجع ويتكر(مدارس وتيارات الفكر الاقتصادي،1959،ص353 بالانكليزية). Whittaker – Schools and streams of economic thought
38. انظر:(النظرية العامة)،ص250،بالانكليزية.
39. راجع مقالة( فلنر)في المؤلف الجماعي(استعراض الاقتصاد المعاصر)1948. Fellner – A survey of contemporary economics
40. راجع النظرية العامة،ص 31،63،210.
41. نفس المرجع،ص 250.
42. نفس المرجع،ص 249.
43. ويتكر،المرجع المذكور،ص 356 بالانكليزية.
44. راجع النظرية العامة،ص 372 بالانكليزية.
45. راجع بيتر(الفكر الاقتصادي والنظريات المعاصرة)،المرجع المذكور،ص 323 بالفرنسية.
46. يرى كينز مثلاً ان اغلب الناس في العادة لايهتمون بدخولهم الحقيقة قدر اهتمامهم بدخولهم النقدية،خاصة اذا كانت التغيرات ليست كبيرة.
47. النظرية العامة،ص 61-63 بالانكليزية،يقول كينز(الدخل = قيمة المنتوج = الاستهلاك + الاستثمار).والاستهلاك،حسب كينز هو الانفاق على الاستهلاك اي(قيمة السلع المباعة للمستهلكين).
48. كتب كينز عام 1921(مطول في الاحتمال) A Treatise on Propability
49. هاني،المرجع المذكور،ص753.ويرى الاقتصادي الفرنسي بيتر(المرجع المذكور سابقا ص318 – 319 بالفرنسية)ان كينز شجب قانون سي(الانتاج يخلق الاستهلاك)،وفي هذا رجع الى مالتس،ولكنه تجاوز مالتس بالتأكيد بانه ليس الطلب الحالي بل الطلب المستقبلي(المتوقع من قبل المستثمرين)هو الذي يحفز الانتاج،وهذا بالضبط معنى الطلب الفعال(أي المتوقع)لدى كينز.
50. راجع كينز(النظرية العامة،ص 39 بالانكليزية).
51. نفس المرجع،ص183 – 184.
52. كينز(النظرية العامة،ص 390 بالانكليزية).
53. بييتر،المرجع المذكور،ص322 – 323 بالفرنسية.
54. كينز(النظرية العامة،ص 147 – 149 بالانكليزية).
55. كينز(النظرية العامة،ص 330 بالانكليزية).
56. كينز،المرجع المذكور ص 174.والواقع ان هذا المفهوم هو نفس مفهوم فالراس عن(الرغبة في الاكتناز) desir d’encaisse
57. كينز( النظرية العامة ص 171 بالانكليزية).
58. يحدد بعض الشراح(المقررات)الكينزية بالشكل التالي:
1 – الميل الحدي للأستهلاك ،وهو نسبة المنفق على الاستهلاك من آخر وحدة نقدية(الوحدة الحدية)توفر للأنفاق،فمثلاً يكون الميل 80% ان صرف 800 فلس من آخر دينار ينفق.
2 – الكفاءة الحدية لرأس المال،وهي تمثل المقدار الذي تضيفه آخر وحدة رأسمالية مستثمرة(الوحدة الحدية)الى الانتاج.
3 – سعر الفائدة،ويعبر عادة عن العلاقات في هذه(المقررات)في نظام كينز بتعابير جبرية او خطوط بيانية،لا جدوى من الدخول في تفاصيلها التكنيكية(راجع في كل ذلك وتيكر،المرجع المذكور ص 356-360).
59. ينسب كينز(خطأ في رأي بعض الاقتصاديين)مفهوم المضاعف الاقتصادي (كان) Kahn في مقالة كتبها عام 1931.ولكن هذا المفهوم في الواقع قديم،والجديد هو استخدامه من قبل كينز كعنصر في آلية(ميكانيزم)نظريته العامة – انظر في ذلك مقالة اندرسون Anderson في مجلة(ذي جورنال اوف بوليتيكل ايكونومي)1944.
60. لم يشر كينز الى نوع (الفائدة) التي يقصدها بصورة محددة،ولهذا شغلت هذه المسألة اذهان اتباعه فيما بعد،وهم يتكلمون عادة عن (نظام) لأسعار الفائدة.
61. النظرية العامة،ص 372 – 373 بالانكليزية.
62. نفس المرجع،ص 378 بالانكليزية.
63. يعلق هاني(حاشية ص 759،المرجع المذكور،بالانكليزية)ساخرا على هذه الحقيقة بما يلي:من الطريف التأمل في ان الاقتصاد الكينزي اللازمني يستند هكذا الى جوهر زماني،فالنقود تعني الائتمان(وهو دفع مقابل الزمان)،والعمل العيني هو استنفاد الزمن بالعمل.
64. يرى الاقتصادي الفرنسي بييتر((ص 316 – 317)المرجع المذكور بالفرنسية)بأن الاقتصاد الكينزي يقوم على معارضة تامة للاقتصاد الكلاسيكي في اسسه الرئيسية الثلاثة وهي:
1- مبدأ التوازن العام الذي يتم ذاتيا دون تدخل،على غرار التوازن الطبيعي.
2- آلية التوازن(آلية الاسعار)التي تحقق التوازن في اعلى المستويات اي في مستوى العمالة الكاملة لكل عوامل الانتاج،اي انه التوازن الامثل.
3- حياد النقود،اي انها بمثابة(الزيت)للآلة ولا تتدخل في فعل الآلة نفسها.ومقابل هذه الاسس الكلاسيكية يقوم النظام الكينزي – في تفسير بييتر – على الاسس المعاكسة تماما وهي:
(1) مبدأ التوازن المنفصم dissocie .
(2) آلية(الدخل)بدل آلية الاسعار.
(3) النقد الفعال بدل النقد المحايد.
ويستعرض بييتر كامل الاقتصاد الكينزي وفق هذا المنهج(الفصل الاول من القسم الثاني في كتابه المشار اليه سابقا).
65. مقالته في(الايكونوميك جورنال)،1946،عن ميزان المدفوعات.
66. راجع(النظرية العامة) ص294 بالانكليزية.
67. نفس المرجع،ص 489 – 490.
68. نفس المرجع ص 213.
69. ويرى كينز ان النقود هي الحلقة التي تربط الحاضر بالمستقبل.
70. نفس المرجع،ص 376،بالانكليزية.
71. نفس المرجع،ص 158، بالانكليزية.
72. نفس المرجع،ص 213 – 214،بالانكليزية.
73. يلخص الاستاذ هاني(المرجع المذكور،حاشية ص 762 بالانكليزية)انطباعه عن(النظرية العامة)بالشكل التالي:هناك أولا العمل،وهناك أولا العمل،وهناك ثانياً الملكية للأرض وللموجودات الرأسمالية،مع صنفين من ملاكين:
الاول هم المستثمرون من اصحاب المشاريع Entrepreneurs investors
والثاني هم المستثمرون الذين لا يقومون بأية وظيفة اجتماعية -function-less investors (اصحاب الاسهم والسندات rentiers)،ووظيفة الصنف الاول هي توقع وارد الملكية بالنسبة لكل انواعها بما في ذلك الامول المقترضة من الصنف الثاني.

بعض مراجع الدراسة

( 1 ) مراجع باللغة الانكليزية

1 – كينز – العملة والمالية في الهند ، شركة ماكملان
2 – كينز – النتائج الاقتصادية للسلم ، 1919 ، شركة هاركورت
3 – كينز – إعادة النظر في المعاهدة ، 1922 ، شركة هاركورت
4 – كينز – بحث في الاصلاح النقدي ، 1923 ، شركة هاركورت
5 – كينز – الناتج الاقتصادي للمستر جرجل ، 1925 ، شركة هاركورت
6 – كينز – المطول في الاحتمال ، 1921 ، شركة ماكملان 7 – كينز – نهاية التسيب ، 1926 ، شركة وولف
8 – كينز – التسيب والشيوعية ، 1926 ، شركة نيوربيلك
9 – كينز – المطول في النقود ، 1930 ، شركة ماكملان
10 – كينز – مقالات في الاقناع ، 1932 ، شركة ماكملان
11 – كينز – مقالات في التراجم ، 1933 ، شركة ماكملان
12 – كينز – وسائل الرخاء ، 1933 ، شركة هاركورت
13 – كينز – النظرية العامة في العمالة والفائدة والنقود ، 1936 ، شركة هاركورت
14 – كينز – كيف تمول الحرب ، 1940 ، شركة هاركورت
15 – ايتون ، ماركس ضد كينز ، 1951
16 – هاسن – دليل لكينز ، 1953
17 – هاريس – الاقتصاد الجديد ، 1948
18 – هارود – حياة كينز ، 1951
19 – ليكخمان – عصر كينز ، 1966
20 – بليومين – نظريات الرأسمالية المنظمة ، موسكو ، بدون تاريخ
21 – دوب – حول النظرية الاقتصادية والاشتراكية ، 1955
22 – الس – استعراض الاقتصاد المعاصر – 1949
23 – كالبريت – الكراس الكبير - 1961
24 – شومبيتر – تاريخ التحليل الاقتصادي ، طبعة 1955
25 – ارك رول – تاريخ للفكر الاقتصادي ، الطبعة الخامسة
26 - وتيكر – مدارس وتيارات الفكر الاقتصادي 1959
27 – روبنز – الكساد الكبير ، 1934
28 – كايلان – الثورة الكينزية ، 1947
29 – روبنسن – مقالة في الاقتصاد الماركسي ، 1947
30 – فشر – نظرية الفائدة ، 1930
31 – كسل – النظام الاقتصادي الطبيعي ، الترجمة الانكليزية ، 1930
32 – سودي – النقود ضد الائتمان ، 1933
33 – سودي – النقود ضد الائتمان ، 1933
34 – كاجنكس – الطريق الى الوفرة ، 1928
35 – بيكو – اقتصاد الرفاه ، الطبعة الثالثة
36 – بيكو – نظرية التقلبات الصناعية ، 1927د
37 – كاسل – السياسة المصرفية ومستوى الاسعار ، 1936
38 – ليكخمان – تاريخ موجز للأفكار الاقتصادية ، 1959
39 – أوزر – تطور الفكر الاقتصادي ، 1963
40 – كون – تطور الفكر الاقتصادي ، 1963
41 – شبيفل – تطور الفكر الاقتصادي ، 1963
42 – تيلر – تاريخ للفكر الاقتصادي ، مع مقدمة لهاريس ، بدون تاريخ
43 – روجن – معنى وشرعية النظرية الاقتصادية ، 1956
44 – هايمان – تاريخ المذاهب الاقتصادية ، 1945
45 – شوميتر – عشرة اقتصادين كبار – 1956 ، طبعة ثانية
46 – هازلت – فشل الاقتصاد الجديد ، 1956
47 – بن سيلغمان – التيارات الرئيسة في الاقتصاد الحديث ، الطبعة الثانية ، 1963
48 – فارغا – المشاكل السياسية الاقتصادية للرأسمالية ، 1963
49 – دوب – الاقتصاد السياسي والرأسمالية ، 1944
50 – ستراشي – الرأسمالية المعاصرة ، 1955 ( توجد ترجمة عربية مصرية ) .

( 2 ) مراجع باللغة الفرنسية

1 – جيدوريست – تاريخ المذاهب الاقتصادية ، طبعة 1947
2 – بودان – تاريخ المذاهب الاقتصادية ، طبعة 1947
3 – كلنار – تاريخ المذاهب الاقتصادية ، طبعة 1947
4 – نوكارو – تطور الفكر الاقتصادي ، 1945
5 – اندريه بيتر – تاريخ الفكر الاقتصادي ، 1961
6 – هنري دنى – ازمة الفكر الاقتصادي ، 1951 ( ترجم من قبل كاتب المقال عام 1953 )
7 – هنري دني – تاريخ الفكر الاقتصادي ، 1966
8 – هنري دني – تشكيل الفكر الاقتصادي ، 1966
9 – أميل جام – تاريخ النظرية الاقتصادية ، 1950
10 – أميل جام – تاريخ الفكر الاقتصادي للقرن العشرين ، 1955
11 – أميل جام – موجز تاريخ الفكر الاقتصادي ، 1959
12 – موسيه – ماركس ومشكلة النمو ، 1956
13 – بنيار – النظرية الماركسية لرأس المال ، 1955
14 – لاجوجي – المذهب الاقتصادي ، 1949
15 – روبنسن – مقدمة في نظرية العمالة ، مترجم عن الانكليزية ، 1948

( 3 ) مراجع باللغة الالمانية

1 – لانكه – مقدمة في الايكونومتريا ، ترجمة كونتزه ، 1968
2 – شفانك – نظرية اللورد كينز ، 1961 ( رسالة دكتوراه )
3 – هان – النظرية الاقتصادية للأئتمان المصرفي ، 1924
4 – زمرمان – تاريخ النظرية الاقتصادية ، مترجم عن الهولندية ، 1969
5 – شتافنهاغن – تاريخ النظريات الاقتصادية ، 1957
6 – براور – الموجز في تاريخ النظرية الاقتصادية ، 1957
7 – مجموعة من الاساتذة ( الاقتصاد البورجوازي في الرأسمالية الحديثة ) 1969 .
8 – آلتر – انهيار نظرية الرأسمالية المخططة ، مترجم عن الروسية 1960 – ترجمه كاتب المقال الى العربية عام 1961 .

( 4 ) مراجع باللغة الاسبانية

1 – ديلارد – النظرية الاقتصادية لكينز ، ترجمة كارثيا ، مدريد 1952
2 – كلاين – الثورة الكينزية ، ترجمة اوست ، مدريد ، 1953

( 5 ) المقالات :

يصعب الاشارة اليها لكثرتها ، وقد أشرنا الى بعضها في ثنايا الدراسة.