أمريكا و الزيف في الحرب على الإرهاب ( داعش )


علاء الصفار
2014 / 9 / 26 - 23:45     

لا يمكن لا أحد واعي أن يغفل عن دور أمريكا و زيف سياستها و خاصة بتخبط أوباما الأخرق ليفضح كل الساسة في أمريكا و كل حلفائها المشاركين في الجريمة و على مدى عقد ونيف و لنقل منذ بدء غزو العولمة الأمريكية للعراق و لليوم.

جندت أمريكا جيش عرمرم من دول الغرب (النيتو) و العرب لأكذوبة تحرير العراق, و سبقه طبعا أعلام ووعود معسولة في القضاء على نظام صدام حسين و إقامة أفخر ديمقراطية, لتكون نموذجا لكل المنطقة و فاتحتٌ لعصر جديد بعد القضاء على العدو اللدود لأمريكا ( الاتحاد السوفيتي ). فوعدت أمريكا على نشر الديمقراطية الغربية في مناطق نفوذها بعد السيطرة على العراق و تحرير الكويت بما صاحبها من احتيال و أكاذيب و تخلله الكثير من الجرائم تجاه الشعب العراقي , أهمها القصف باليورانيوم وتلويث تراب و أجواء العراق و جرائم الحصار الاقتصادي التي راح ضحيتها مليون إنسان.

إذ العراق كان قد خرج من الحرب على إيران في خدمة لأمريكا و السعودية و كل الخليج, و هو مدين بمليادات كثيرة فاصطدم مع سياسة الكويت و السعودية النفطية, و التي كانت أساسا بداية اللعبة الأمريكية في الهجوم على العراق, و التي لَم يستوعبها العميل الأمريكي صدام حسين. فهو كأي عميل تصور أنه صديق كبير قدم الكثير لأمريكا سواء بالقضاء على الشيوعيين و الأكراد و الشيعة في الداخل أم بالحرب على إيران و الخميني عدو أمريكا اللدود. فكان يتصور أن أمريكا ستصنع له تمثال تجليلاً لخدماته, فلَم يحلم بأن أمريكا ستصنع منه سخرية و سيكون بداية أول إعدام لعملاء أمريكا.

إذ بدء العهد الأمريكي الذي دشنه جورج بوش الأب, فقد كتب ونظر له الصهيوني هنري كيسنجر عن بداية لتأسيس خارطة الشرق الأوسط الحديث. و هو أيضا من كتب عن طبول الحرب التي تقرع و الأصم الذي لَم يسمها, هكذا بدء العصر الأمريكي الحربي و البربري بعد سقوط دولة السوفيت.

بدأت أمريكا الحرب على العراق و كانت إيذانناً بضرب الشرعية الدولية و بدء شوطاً في البربرية السياسية, إذ كَذَبَ رئيس الأمم المتحدة أيكاروس أدعاء أمريكا بوجود أسلحة الدمار الشامل أو وجود علاقة بين صدام حسين و القاعدة. لكن العصر الأمريكي بغزو العولمة ( الاستعمار الحديث ) لتقسيم الشرق الأوسط لا بد أن يمر رغم أنف الأمم المتحدة و روسيا و فرنسا التي عارضت الحرب.

ما قبل العصر الأمريكي و وجود السوفيت, كان العملاء الكلاسيكيين هم معمر القذافي و حسني مبارك و صدام حسين وزين العابدين وهم قوى بأحزاب قومية برجوازية طفيلية عميلة, و بعد انتصار أمريكا على الاتحاد السوفيتي و احتلال أفغانستان بدء العد العكسي لكل هؤلاء العملاء, فأمريكا أصبحت قوة استعمارية غازية بصيغتها المستهلكة محررين لا فاتحين, فطبلت له كل القوى الليبرالية الحديثة و اليسار و اليمين العربي, فصار العراق مستعمرة أمريكية وحصل الجيش الأمريكي على الزهور و العناق. هكذا كانت البداية فلا بد من عملاء أشد غباء و بلا أدنى أرادة أو قوة سياسية أم قوة عسكرية إذ أمريكا بجيشها ستلوذ عن مصالحها العابرة للقارات.

فبرز دور السعودية و قطر على مسرح التاريخ, ثم بدء يلمع دور الأخوان في مصر و خاصة بحضور الرئيس الأسود والمسلم أوباما, ولتستمر إدارة أوباما تمارس السياسة الغبراء في ضرب الشرعية الدولية و مفاهيم النظام العالمي و القانون الدولي, أنه القرن الأمريكي و بدون منازع. فهكذا صار الهجوم على ليبيا و مقتل معمر القذافي كأوضح أشكال التهور الأمريكي, إذ أن صدام حسين على الأقل قد حظا على طقم و رباط و جلس محاكم مهزلة العدالة الأمريكية.

ثم ليُفضح دور أمريكا عبر مسلسل الهجوم على سوريا من قبل السعودية و قطر و الحركات الإسلامية المشبوهة و ليتبلور أخير شكلها البربري بما يدعى جيش الدولة الإسلامية في الشام و العراق و ليكون مصطلحها الأخير ( داعش ), فهي الشكل الأخير من القوى التي تعتمد عليها أمريكا في السيطرة على شعوب المنطقة في سابقة متطورة عن شكل العملاء السابقين بظهور تنظيم بربري يعمل على تحطيم الشعوب و لتحقيق خارطة الشرق الأوسط الحديثة, ال ( سايكو _بيكو ) الأمريكي.

و إذعاناً في خرق القوانين الدولية و أهانت الشعوب العربية تلجأ أمريكا اليوم على قصف قوات داعش في سوريا خارج إطار النظام الدولي و دون احترام سيادة الدولة السورية على أراضيها, و كانت بداية هذه القرصنة من سني قصف أمريكا لبيت معمر القذافي, لتسود اليوم البربرية الأمريكية مع تشكيل قوة حرب إرهابية و بربرية, فالقاعدة سابقا صارت داعش اليوم. و مع إدعاءات أن نظام بشار الأسد غير ديمقراطي و ليس كما نظام السعودية, فلا يمكن العمل معه, و أن إيران دولة إسلامية تحاول العمل في مشروعها الذري لا يمكن العمل معها كما إسرائيل.

داعش اليوم تحتل ثلث الأراضى السورية و هو من خيرات الدعم الخليجي و خاصة السعودية و قطر عملاء أمريكا, ولتحتل داعش أخيراً ثلث الأراضي العراقية. استطاعت أمريكا أن تحتل العراق و تدمر كل مدنه و تحطيم البنى التحتية في شهور, لكن أوباما يعلن أن ستراتيجيا أمريكا هو إضعاف داعش فى خلال ثلاث سنوات. فهكذا صارت قوات داعش ومدينة الموصل و بعض القصبات في العراق و سوريا فجأةً عصية و أصعب من مدينة ستالينغراد على أمريكا!!

المسخرة الدامية في العراق و سوريا ترعها أمريكا و يسكت عنها الغرب, و الرجعية العربية تنفذ المخططات الأمريكية فالجميع من هؤلاء هم من ساعد أمريكا في غزو العولمة و أمريكا هي من خلقت القاعدة. فبعد احتلال العراق عملت أمريكا على رعاية فلول البعث و القاعدة و عقدت صفقات التلاقح من اجل تأسيس داعش. وهكذا أمريكا اليوم و بعد فضيحة تأسيس داعش وعلى لسان هيلاري كلنتون, عجلت أمريكا بمشروعها الأعرج في محاربة داعش, و بدعوة كل عملائها العرب في السعودية و قطر للمشاركة لمحاربة الإرهاب!!

الجميع يعرف أن السعودية دولة ساهمت في تأسيس القاعدة و الجوامع كانت محطات لتوريد رجال القاعدة إلى أفغانستان والجميع يعرف ن السعودية وقطر عملت على إدخال رجال التفجير للعراق بعد دخول أمريكا للسعودية و الكويت, و الجميع يعرف أن داعش هي أمريكية الصنع و بدعم خليجي و حاربوا لمدة عامين وأكثر في سوريا.
احد الروابط تحكي قصة داعش!

https://www.facebook.com/video.php?v=10152276677601401

ماذا سيفعل كل هؤلاء الأقزام, من دول الخليج و السعودية و قطر في الحرب على الإرهاب في العراق و سوريا!
الدور المناط للدول أعلاه هو مجرد غطاء للشرعية الأمريكية للهجوم على سوريا, إذ أنه مشابه للهجمة على العراق من اجل إسقاط صدام حسين, حيث دخلت السعودية و الخليج و مصر الحرب من اجل إضفاء البعد العربي و الإسلامي للهجوم على العراق. اليوم يعاد الفلم ذاته من اجل تحطيم سوريا و تقسيم العراق, و لإنجاز مشرع خارطة الشرق الأوسط الحديثة, تفتيت سوريا و العراق و ضرب إيران و تدميرها و جعل إسرائيل سيدة الشرق الأوسط.

دولة الأخوان بزعيمها محمد المرسي و المدعومة من أمريكا و الرجعية العربية, أسقطها و هزمها الشعب المصري العظيم. الحرب الأمريكية على داعش و بجحافل السعودية و قطر هي امتداد للبربرية الأمريكية في القرصنة الدولية. و داعش هي تجسيد للقوى العميلة البربرية في القرن الأمريكي. أن إسقاط داعش يتم بنضال الشعوب العربية و كما ناضل المصريون ضد حزب الأخوان و هزموا دولة ( الأخوان ), التي عملت أمريكا على حذفهم من قائمة الإرهاب بعد أن صاروا عملاء بدلاً عن حسني مبارك.

أمريكا لا ترغب و لا تريد أن تقضي على البعث أو داعش أم القاعدة فهى حصان طروادة الأمريكي الذي يبرر و يستنفذ طاقات الشعوب فى حروب عبثية لتقسيم سوريا و العراق, كما العمل على تسليح الأكراد لجرهم إلى مواقع داعش في العمالة لأمريكا. فقد وعى رئيس ديوان رئاسة إقليم كوردستان فؤاد حسين لشكل المؤامرة, فصرح بعد غزوة داعش للموصل, وزحفها و تهديدها لأربيل " تركيا خذلتنا اليوم و لم تقف معنا حين تقدمت داعش نحو أربيل" في إشارة لوجود أتفاق بين مسعود بارزاني لتواجد الجيش التركي في كرودستان!

في زحمة كل هذا الضجيج نرى أن أمريكا و الغرب يميط اللثام عن دور تركيا و الصعلوك أوردغان في توريد الإرهاب لسوريا و العراق, في محاولة لإشعال المنطقة بحروب طائفية سنية و شيعية و عنصرية عرب و تركمان و شبك و أكراد ومسيحيين و أيزيدية وموارنة و دروز, وعلى نصائح الصهاينة في إسرائيل حول كيفية تدمير العرب و إيران. فهنا يكمن العقل الإجرامي لحرب العولمة الأمريكية, و اعتماداً على تركيا و السعودية و داعش.

وليعمل الغرب الغبي أخطائه السياسية المميتة سواء بالسكوت عن جرائم أمريكا في سوريا و العراق أم بالسير مع أمريكا ضد روسيا اليوم. هذا ليس خارج الموضوع أو ليس له صلة بالأحداث الجارية في المنطقة و العالم. فبعد أن استعادت روسيا قوتها وعملت على أدانت أعمال القرصنة سواء في ليبيا أو سوريا أم مصر عبر دعم أمريكا للأخوان في مصر وداعش في سوريا, قامت أمريكا بالإخلال بكل المواثيق التي عقدتها مع روسيا, وهو عدم التدخل في شؤونها الداخلية لتنجر كل دول الغرب في معاداة روسيا من خلال افتعال أزمة أوكرانية. لتقوم أمريكا بتنفيذ تهديد الحصار الاقتصادي و ليصرخ كل الغرب في العقيرة ضد روسيا, حيث صارت روسيا قوة تقف بوجه الهيمنة الأمريكية.

فالغباء الأمريكي ينسحب اليوم على دول الغرب و ليستنهض الغرب كل العداء التاريخي ضد روسيا الحديثة فهي اليوم ليست شيوعية بل بنظر الغرب أنها دولة ليست أوربية بل أنها لا تختلف عن دول آسيا و مجاهل أفريقيا أي أن روسيا بنظر الغرب العنصري التراث و الثقافة, بنظرة اليهود إلى الشعوب الأخرى و الحط من قيمة البشر, دولة تقع ضمن مشروع الابتزاز و الغزو و النهب الغربي و الأمريكي. ففي الذاكرة الغربية أن روسيا دولة متخلفة و شعبها من جنس العبيد يجب استعمارها.

لينسى الغرب و أمريكا كل حقائق التاريخ بأن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من روسيا, و أن روسيا نجت من الغزو الروماني لقساوة الصقيع الروسي و بأس شعبها, فباءت كل محاولات العثمانيين و الصليبين و الجرمان و السويديين و البولويين الكاثوليك لأستعباد الروس و القوزاق و الأوكرانيين بالفشل.

فالحصار على روسيا اليوم بقيادة أمريكا هو بداية لجر أوربا لصراعات عبثية. فأن البوادر باتت مؤشر لضحالة التفكير الأمريكي و حماقة الغرب, إذ أن روسيا تملك أوراق جمة و هي قوة ليس ممكن اللعب معها أو ليُستهان بها, فالشتاء قادم والغاز الروسي وحدة يمكن أن يدفئ الغرب و أن روسيا سوق لكثير من البضائع الغربية و أن الأزمة الاقتصادية الغربية ستفرك أنف الغرب ليرعوي لطيش سياسة العداء و الحصار على روسيا. لا سيما تمرغ أنف الأمريكان من عدم إسقاط سوريا الصغيرة فكيف الحال مع اللقمة الكبيرة, الدب الروسي.

ينسى الغرب و يتنكر لدور الروس السوفيت في القضاء على النازية الألمانية و تحرير أوربا ليتعامل الغرب مع أمريكا ولمساعدة العنصريين الأوكرانيين ضد الشعوب الروسية التي ناضلت ضد البربرية الهتلرية.

كانت السياسة الروسية الحديثة متمسكة بمبادئ التعاون و المشاركة مع أوروبا ليس من موقع ضعف بل من موقع متواضع ألا أنها لا زالت تصطدم بالعقل العنصري الغربي و ليفسر تواضع روسيا على أنه ضعف و حاجة و ينسى الغرب أنهم بحاجة إلى روسيا سواء بتحريرهم من العنصرية أم بتزويدهم بالغاز أو شراء بضائع الغرب, و أن روسيا قوة حربية لا يمكن خذلانها و سمائها ممرات للطائرات الغربية كلها فهي من تستطيع أن تحاصر الغرب و ليس العكس.

و بدأت تتجلى العقوبات الروسية في الشارع الأوروبي أفادت ال(بي بي سي) ان مزارعي الفاكهة أضرموا النار في بناية مكتب الضرائب في مدينة مورليه الفرنسية, احتجاجا على انخفاض الأسعار بعد أن حرموا من تصدير بضائعهم إلى روسيا
فبدء بعض الأوروبيون يقدمون المعذرة لروسيا و فلاديمير بوتين, لسخف مواقفهم تجاه روسيا.

من هذه الصورة القاتمة نرى شكل السياسة الأمريكية في إشعال بؤر التوتر و الحرب و العمل مع داعش والتعامل مع العناصر العنصرية و الفاشية في أوكرانيا, حيث تفتك بأرواح البشر قوات داعش في العراق وسوريا و قوى العنصرية الجديدة تقتل البشر في جنوب شرق أوكرانيا وهذه العصابات تحصل على الدعم المالي و السياسي الغربي و الأمريكي.

أن المشهد الكالح بكل أجزائه في روسيا و العراق هو تداعيات للسياسة البربرية الأمريكية في العالم التي تعمل على معاداة كل الشعوب التي تطمح للعيش بسلام و حرية. أن أمريكا لا ترغب برؤية أي دولة أو قوة تقف معارضة لسياستها العدوانية على الشعوب العربية, لذا كان انتقام أمريكا من روسيا هو الخنجر الأوكراني. فعسى هذا الحدث و هذا الصراع بين أمريكا وروسيا, يقود لبداية تأسيس لعلاقات عربية ( عراقية و سورية ) مع روسيا. لتكون بداية و خطوة أولى للتحرر من خرافة أمريكا جاءت لتحرير العراق أو ليبيا أم سوريا, إذ لا بد من اصطفاف عالمي جديد بعد كل هذا العبث و الدمار و الجنون الذي تتخبط أمريكا فيه مع الرجعية السعودية و قطر و كل الخليج و قوى داعش و عنصريي أوكرانيا.