القحطُ والنفطُ


عبدالله خليفة
2014 / 9 / 21 - 08:16     


عاشت دولُ الخليج والعراق وإيران مثل بقية الدول النامية ذات ظروف فقر عامة متقاربة وتخلف اقتصادي، لكن مع الثروة النفطية المتفجرة حدثت تحولات كبيرة.
لم يكن اكتشاف وتطور الثروة النفطية يقوم على هياكل اقتصادية مسبقة راسخة فجاءت تطورات عفوية كثيرة معتمدة على هياكل سكانية محدودة فاحتاجت الى عمالة أجنبية واسعة، وبدت الثروة النفطية للدول الغربية مجالاً للاستغلال الكبير من دون أن تكون لديها مثل تلك الهياكل الاقتصادية القادرة على استيعاب الثروة النفطية بشكل واسع، فازدهرت عمليات إغراق السوق بالبضائع.
كانت أهم المنافذ لاستنزاف الثروة هي الحروب، فوقعت خلال بضع سنوات قليلة مجموعة من الحروب الطاحنة التي كانت تعني شراء كميات هائلة من السلاح وإعادة أعمار المدن.
في حين لم تشهد الدول الأخرى مثل هذه الكثافة الحربية الواسعة.
تفجرت حروبُ العراق إيران وغيرها وكانت المجال الخصب للدول الغربية والأكبر لاستنزاف الثروة.
في بداية ما سُمي الحقبة النفطية تفجرت آمال كبيرة بغرق المنطقة في النعيم والسلام والعلاقات الاقتصادية المتبادلة المتطورة لكن ما حل هو بخلاف ذلك.
الهياكل السياسية الشمولية والعداوات القومية والدسائس راحت تَستغل واقع السلطات والخلافات لكي تفتح المجال الأكبر للنهب.
أخذت هذه الدول تُستنزف من كل جيرانها وبقيت الهياكل الاقتصادية الاجتماعية من دون تحولات بنيوية عميقة تحدثها وتغيرُ من الطبيعة السكانية البيروقراطية والأعمال اليدوية البسيطة.
كان يقال في بداية الحقبة النفطية كلام كثير عن الانفجار الحضاري المتوقع وعن قفزة هذه الدول الى مصاف الدول المتقدمة، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
واقع العراق وإيران انقلب حتى عن تطوراتها فيما قبل النفط والاستقرار والتطور التدريجي الإصلاحي الذي كان يجري تبدل بعواصف.
النفط تحول الى قحط والثراء استبدل بالمجاعات والهجرات وبدا واقع إيران والعراق مناقضا أشد التناقض للآمال المعقودة عليهما.
بعض دول الخليج الأكثر حصافة وبعد نظر مثل إمارة دبي أقامت نهضة هائلة واستقراراً منتجاً فاضت خيراتها على المجاورين لها!
يمكن أن نفسر بعد النظر لدبي بروح التجارة السلمية فيها على مدى عقود والعلاقات الوطيدة بين الحكام والأهالي وخاصة التجار منهم بحيث فاضت الخيرات على الجميع.
فكان نفط وكان خير عميم!