11 شتنبر من وجهة نظر أخرى


رفيق عبد الكريم الخطابي
2014 / 9 / 20 - 23:44     

11 شتنبر من وجهة نظر أخرى*
وككل شائخ ، النظام الرأسمالي يأبى أن يقضي ايامه الأخيرة في دعة وسكينة ( بل بالعكس مثله مثل بعض أوغاد البشر) ، تدفعه الشيخوخة إلى مضاعفة العنف القمع والإرهاب (وحتى الخسة والنذالة) . بالأمس كتب لينين في مؤلفه الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية التالي:" لقد آلت الرأسمالية إلى نظام عالمي لظلم الأكثرية الكبرى من سكان الأرض استعماريا وخنقها ماليا من قبل حفنة من البلدان (المتقدمة) . ويجري اقتسام هذه (الغنيمة) بين ضاريين أو ثلاثة ضوار أقوياء في النطاق العالمي ومسلحين من الرأس حتى أخمص القدمين ( أمريكا إنجلترا اليابان) يجرون الأرض برمتها إلى حربهم من أجل اقتسام غنيمتهم.."


11 سبتمبر 2001 كان ، في البداية، الذكرى السنوية للانقلاب الذي نظمته الامبريالية الامريكية ضد النظام الوطني والسلطة الديمقراطية في تشيلي بقيادة الليندي. منذ 11 سبتمبر 1973، وبتحريض من الولايات المتحدة ، تدفقت واجتاحت موجة من الإرهاب كل البلاد ، مما أسفر عن مقتل 30 ألف من الشيوعيين الثوريين ، ومن الوطنيين التشيليين.
ولكن 11 سبتمبر 2001 أصبح أخيرا ، اليوم الذي تقول فيه الجماهير، في آسيا وأفريقيا وأمريكا، أن الجرائم الوحشية البشعة والفظيعة التي ارتكبتها الإمبريالية في حقهم ،عاجلا أو آجلا ، لن تمر دون انتقام ...
في ذلك اليوم، ضربت القوة العظمى الوحيدة الغاشمة، الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي تنتحل وتدعي الحق في الوصاية على عرش العالم أجمع، بسلسلة من الأعمال الحربية لم تعرفها من قبل طيلة التاريخ الأميركي. سيتم تدمير رمزي السيادة والسيطرة الاقتصادية للإمبريالية الأمريكية على العالم، برجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن ، خلال الاعتداء، البنتاغون الذي عبر300 مليار دولار سنويا، يقوم بتخطيط وتصميم الحروب والتدخلات والعمليات السرية التي تشنها الولايات المتحدة في العالم، سيتم ضربه في القلب من قبل قوة تدميرية كبيرة.
لو اقترح أحد السينمائيين المشهورين هذا الحدث كفكرة اولية لسيناريو ما ، فسيلقى رفضا من جميع دور الإنتاج السينمائي الأمريكية بمبرر :" هكذا سيناريو ليست له أية مصداقية !" . ويبقى السؤال أيضا مطروحا ، والشك سيزداد ،إن كان تنفيذ هكذا سيناريو ممكنا بدون تواطؤ عدد من مصالح الاستخبارات الأمريكية.
كنت [ المقصود هنا المناضل الشيوعي ليدو مارتنز] في الكونغو ذلك اليوم. حوالي الساعة H0017 ، في الشارع التقيت أحد البرلمانيين كان نشيطا ومتحفزا ، عانقني وصاح بحماس: "انه يوم جميل، جميل جدا !" في تلك الليلة بكينشاسا، في حي فقير بدون كهرباء في بارومبو، الناس جلسوا خارج منازلهم في الظلام، يعلقون على هذا الحدث :" بن لادن، أصبح أقوى رجل في العالم الأميركيون يرتجفون ... "
جوفينال سيبومانا، كونغولي يعيش في فرنسا ، تواجد يوم 11 سبتمبر في بوكافو، مدينة الشهداء احتلت من طرف الجيش الرواندي بدعم من الولايات المتحدة. سيبومانا قال : " عند الإعلان عن الهجوم، هرع الجميع إلى المنازل وتسمروا أمام جهازهم التلفزيوني. في مواجهة الصور وأمام المشاهد ، كثير منهم لم يستطيعوا منع أنفسهم من التصفيق وكذلك الإنشاد.. جميعهم كانوا مسيحيين ومع ذلك استمروا في الشماتة :" الأمريكيون سيشعرون أخيرا بما نشعر به عندما كانت تسقط علينا القنابل الرواندية " . في مساء اليوم نفسه، استمرت الأخبار في الانتشار في عمق الأدغال كالنار في الهشيم ... و كان الأمر يبدو وكأنه انتصار. "
في كينشاسا، وصلتني رسالة الكترونية تصف لي رد فعل الفنان الإيطالي الكبير داريو فو Dario Fo ، جائزة نوبل في الأدب 1997 : "إن المضاربين الكبار يكرسون ويتمرغون في اقتصاد يقتل كل عام عشرات الملايين من البشر بسبب الفقر، ماذا يعني 20 ألف قتيل في نيويورك؟ بغض النظر عمن ارتكب هذه المجزرة، فهذا العنف هو الابن الشرعي لثقافة العنف وللمجاعة والاستغلال اللاإنساني".
نيوزويك، مجلة مقربة من البرجوازية الكبيرة الأمريكية ، أشارت في 8 أكتوبر، أنه في أنحاء كثيرة من عالمنا ، " كان الناس سعداء بأن القوة العظمى عالميا قد طرحت أرضا " . في مظاهرة سلمية في ريو دي جانيرو، سنقرأ على لافتة النص التالي :" 150 ألف قتيلا في هيروشيما : من فعل ذلك ؟! " لافتة أخرى نقرأ: دقيقة صمت من أجل القتلى الأميركيين ، 59 دقيقة لضحايا السياسة الأمريكية". أندريس هورتادو، صحفي مشهور في كولومبيا ، نشر رسالة مفتوحة إلى الولايات المتحدة في تيمبو (الوقت) Tiempo جاء فيها :" لتساعدكم السماء على تعلم شيء من الإنسانية ". روزماري ماريرو ، نسوانية برازيلية ، قارنت الهجمات ضد الولايات المتحدة مع ثورة العبيد ".
مركز القوة العسكرية الأمريكية ضرب في القلب مباشرة ، والبرجين اللذين يرمزان للهيمنة الاقتصادية على العالم عن طريق الدولار تحولتا إلى ركام وحطام : إن كان القرن 21 ابتدأ بفعل رمزي acte symbolique ، والقرن 20 كان بروفة للنضال العالمي ضد الإمبريالية والرأسمالية، من أجل الاستقلال والاشتراكية، فإن القرن 21 سيعرف تصفية الإمبريالية، وخاصة الإمبريالية الأمريكية على الصعيد العالمي . هذه هي الموضوعة التي دافعنا عنها في عام 1997 بمناسبة الذكرى الثمانين لثورة أكتوبر العظيمة.
ما يسمى اليوم " عولمة أو كوكبة La globatisation" هي في جوهرها مرحلة جديدة من الأزمة العامة للنظام الإمبريالي العالمي، الذي تتميز بتعمق وتوسع كل التناقضات التي تميزه منذ ولادته في أوائل القرن العشرين .
هذه الحقبة الجديدة التي ابتدأت مع انتصار الثورة المضادة بالاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية في أوروبا في الفترة 1989-1990 ، والتي تميزت على الفور بالتصفية الفعلية للقانون الدولي (ميثاق الأمم المتحدة) الذي اعتمد في أعقاب الانتصار في الحرب ضد الفاشية ، وشن سلسلة من الحروب العدوانية وعلى نطاق واسع . وانخراط الولايات المتحدة في حرب على نطاق عالمي .
هذا الطور من الأزمة اتسم ايضا بتزايد حدة الأزمات الاقتصادية التي تزعزع الاقتصاد الرأسمالي وبانحصار " سبل الإنقاذ أو طرق الهروب " المحتملة بالنسبة للنظام الرأسمالي.
وحدها الطبقة العاملة متحالفة مع جميع الطبقات المنتجة يمكن أن تقود الثورة المعادية للامبريالية والثورة المعادية للرأسمالية إلى نهاياتها وتهييء شروط الانتقال المستقبلي نحو الاشتراكية ، التي من شأنها القضاء على أي شكل من اشكال استغلال الانسان للانسان . اكثر من أي وقت مضى ، في البلدان الراسمالية ، الاشتراكية ضرورة للبقاء وللتنمية الثقافية والنفسية للجماهير الشعبية ، وأكثر من أي وقت مضى التطورات والانجازات التكنولوجية تجعل من الاشتراكية ممكنة وتجعل من خوض نضال أممي مبدئي ضد الرأسمالية والامبريالية على الصعيد العالمي الاقليمي والمحلي أمرا ممكنا وتلاقح التجارب والتواصل بين الشيوعيين أمرا سلسا. لقد ولت الأيام التي كان فيها جزء من جماهير البلدان الامبريالية تستفيد من جزء من فائض الأرباح المتحققة أو المجلوبة من البلدان المهيمن عليها. الاستغلال المفرط والبطالة ، القمع العنصرية والفاشية تجعل من حياة الجماهير معاناة دائمة بل جحيم دائم بالمعنى المباشر للكلمة ، توجه مراتب عديدة من البرجوازية الكبيرة نحو الحرب يحمل مخاطر خطيرة للغاية بالنسة للعمال وكل الكادحين .
وحدها البروليتاريا المنظمة والواعية قادرة على تجنيب الانسانية 11 شتنبر جديد أو 11 شتنبر المستمرباستمرار نظام النهب والقهر الرأسمالي .. وحدها البروليتاريا القادرة على وقف الإرهاب الفعلي للامبريالية العالمية ونظامها الرأسمالي..ووحدها القادرة على تدمير ديكتاتورية البرجوازية وتشييد واحتها الديمقراطية الحقيقية أي ديكتاتوريتها، ووحدها القادرة على جعل الحياة على كوكبنا ممكنة.
(*) ترجمة خاصة وبتصرف لجزء من مقال لليدو مارتنز كتب سنة 2001 سنعمل على نشره كاملا في المقبل من الأيام