أسطورة الامبريالية


محمد المثلوثي
2014 / 9 / 20 - 11:14     

الجزء الأول: ثنائية الخير والشر في الاقتصاد السياسي

جرت العادة لدى الاقتصاديين على تصنيف لوائحهم (catégories) الاقتصادية إلى صنفين: لوائح ايجابية وأخرى سلبية. ويعارضون الأولى بالثانية. فبالنسبة لهم مثلا، فإن المنافسة الحرة والاحتكار هما لائحتان متعارضتان. فقسم من الاقتصاديين يرى في المنافسة الحرة لائحة ايجابية، بينما يكون الاحتكار هو اللائحة السلبية، وهكذا فإنهم يعارضون الاحتكار بالدعوة إلى تحرير السوق. بينما يرى قسم آخر في الاحتكار لائحة ايجابية، لتظهر لديهم المنافسة الحرة كلائحة سلبية، وبذلك فإنهم يعارضون "وحشية المنافسة" بالدعوة إلى الإجراءات الاحتكارية مثل الحمائية الجمركية. وبطبيعة الحال فإن دعاة المنافسة الحرة يتحولون إلى دعاة احتكار حالما تدفعهم المنافسة من موقع الأفضلية إلى الانحدار والتقهقر نتيجة ظهور أقطاب أكثر قوة وأكثر قدرة على اجتياح السوق العالمية. بينما يتحول دعاة الاحتكار إلى مبشرين "بعدالة السوق" و "قدرتها العجيبة على خلق التوازن الذاتي"....الخ، وذلك حالما يجدون أن من مصلحتهم كسر التجمعات الاحتكارية القائمة، والتي تمثل بالنسبة لهم حجر عثرة أمام قدرتهم على اقتحام السوق الرأسمالية. يقول ماركس:La concentration du capital à l’intérieur d’un pays et l’effet dissolvant de cette concentration ne présentent à ses yeux (les économistes) qu’un bon coté. Mais le monopole du capital concentré anglais, et ses effets dissolvants sur les capitaux moins importants des autres peuples, est, lui, dysharmonieux (Grandriss p29)
[إن تمركز الرأسمال داخل بلد معين وآثار الامتصاص المصاحب لهذا التمركز (امتصاص بقية رؤوس الأموال الأخرى) لا يمثل بالنسبة لهم (أي الاقتصاديين) إلا الجانب الايجابي. أما احتكار الرأسمال الممركز البريطاني، وآثار الامتصاص على رؤوس الأموال الوطنية للبلدان الأخرى الأقل تطورا فهو، بالنسبة لهؤلاء الاقتصاديين، انحراف غير طبيعي (الجانب السلبي)]
كذلك الأمر بالنسبة للرأسمال "المنتج" (أو بتعبير آخر الرأسمال الصناعي) والرأسمال البنكي (وبتعبير أدق الرأسمال الحامل للفائدة)، فالاقتصاديين هنا أيضا يضع قسم منهم الرأسمال "المنتج" كلائحة ايجابية، بصفته "الخالق الحقيقي للثروة"، بينما يظهر لهم الرأسمال البنكي كلائحة سلبية، بصفته "رأسمال ربوي طفيلي" يبتز "المنتجين الحقيقيين للثروة" من خارج دائرة الإنتاج الفعلي. أما القسم الآخر فإنه يرى في الرأسمال البنكي (الرأسمال في شكله النقدي) المنبع الحقيقي للثروة (والثروة هنا تتماثل بالنسبة لهم مع الربح)، بينما تكاد تظهر لهم عملية الإنتاج كعائق خارجي.
وسلسلة اللوائح الايجابية والسلبية لا تنتهي. فهناك "الرأسمال الوطني" (لائحة ايجابية)، و"الرأسمال الأجنبي" (لائحة سلبية). والنقود، عندما تلعب مجرد دور الوسيط في التبادل، فهي لائحة ايجابية، بينما حالما تظهر في شكل رأسمال فإنها تتحول إلى لائحة سلبية. والتصدير من موقع البلد المصدر، فهو لائحة ايجابية. بينما التوريد لائحة سلبية. ومركزة الإنتاج لائحة ايجابية لأنها تطور قوى الإنتاج وتمكن الرأسمال من اقتحام مجالات إنتاجية جديدة ما كان يمكن اقتحامها بدون تلك المركزة، أما ظهور أقطاب إنتاج احتكارية فيظهر كلائحة سلبية، لأنه يمركز الثروة الاجتماعية في يد "طغمة مالية" بقدر مركزته للإنتاج. والنظام الاستعماري هو لائحة سلبية، من زاوية البورجوازيات الوطنية "الضعيفة"، بينما هو لائحة ايجابية بالنظر لكونه يطور السوق العالمية ويخلق ميادين جديدة للاستثمار بالنسبة للأقطاب الرأسمالية العالمية الكبيرة.
والأمر نفسه بالنسبة للمفاعيل الاقتصادية الناشئة بسبب قوانين تطور الأسلوب الرأسمالي في الإنتاج. فتحطيم التجمعات الحرفية مثلا، يظهر كلائحة ايجابية، لأنه يقود إلى تطوير الصناعات الحديثة، لكنه يصبح لائحة سلبية حالما يظهر كأحد مفاعيل السوق العالمية، أي حالما يقوم به قطب رأسمالي "أجنبي". يقول ماركس بهذا الصدد: C’est harmonieux quand, à l’intérieur d’un pays, la production patriarcale fait place à la production industrielle et que le procès de dissolution qui accompagne ce développement n’est compris que par son coté positif. Mais cela devient dysharmonieux dès lorsque la grande industrie anglaise (étrangère) dissout les formes de production nationales d’autres pays, qu’il s’agisse des formes patriarcales, petites bourgeoises, ou d’autres stades encore inférieurs (Grandriss p29)
]من الطبيعي (بالنسبة للاقتصاديين)، في داخل البلد الواحد، أن يخلي الإنتاج ذو الطابع البطريكي مكانه للإنتاج الصناعي ولا يظهر مفعول الامتصاص المصاحب لهذا التطور إلا في جانبه الايجابي. لكن يصبح الأمر غير طبيعي (جانب سلبي) حالما تقوم الصناعة البريطانية الكبيرة بحل أشكال الإنتاج الوطنية للبلدان الأخرى، سواء كان الأمر متعلقا بأشكال الإنتاج البطريركية أو البورجوازية الصغيرة أو الأشكال الأخرى الأقل تطورا]
كذلك فتدخل الدولة في الاقتصاد يظهر لقسم من الاقتصاديين في مرحلة محددة كعنصر ايجابي، بما أنه يحمي رأس المال الوطني من المنافسة العالمية، ويطور تمركز الإنتاج المحلي والقوى الإنتاجية عموما. بينما يظهر هذا التدخل الحكومي كمصدر للاختلالات، أي كعنصر سلبي، لأنه "يشوش السير الطبيعي لقوانين السوق المتناغمة". ولعل الاقتصادي الأمريكي كراي، الذي يتناوله ماركس بالنقد في مقدمة مؤلفه (الغروندريسة)، يمثل الجمع بين هذين القسمين المتعارضين من الاقتصاديين في رجل واحد. فهو يعتبر من جهة [L’effet perturbateur sur les rapports naturels de la société bourgeoise d’influences traditionnelles, qui ne sont pas nées d’elle, se réduit en dernière instance pour Cray en l’influence de l’Etat sur la société bourgeoise, en ses interventions et d’autres immixtions (Gandriss p27)
[الآثار المشوشة على العلاقات الطبيعية للمجتمع البورجوازي الناتجة عن تأثيرات علاقات الإنتاج التقليدية، والتي لم تنشأ من العلاقات البورجوازية نفسها، تظهر في الأخير عند كراي بما هي تأثيرات تدخل الدولة]
ومن جهة أخرى فهو يعتبر: [L’harmonie des rapports économiques, selon Cray, est basée sur la coopération harmonieux entre la ville et la compagne, l’industrie et l’agriculture. Cette harmonie fondamentale que l’Angleterre a dissoute en son propre sein, elle la détruit partout sur le marché mondial par sa concurrence, ce qui fait d’elle l’élément destructeur de l’harmonie universelle. La seule façon de s’en protéger, ce sont les protections douanières, le barrage national opposé violemment à la force destructive de la grande industrie anglaise, c’est pourquoi l’ultime refuge des « harmonies économiques » c’est l’Etat (Grandriss p28)
[ انسجام العلاقات الاقتصادية يرتكز، بالنسبة لكراي، على التعاون المنسجم بين المدينة والريف، بين الصناعة والزراعة. هذا الانسجام الأساسي الذي حلته بريطانيا داخلها، قد دمرته في كل مكان ضمن السوق العالمية من خلال المنافسة، وهذا جعلها تظهر بمظهر العنصر الهدام لهذا الانسجام العالمي. والطريقة الوحيدة للاحتماء هي الحمائية الجمركية، والمواجهة العنيفة للقوة الهدامة التي تمثلها الصناعة البريطانية. لذلك فإن ملجأ هذا "الانسجام الاقتصادي" هو الدولة]
وهكذا فهو (كراي) يعتبر تدخل الدولة (دولة بلاده طبعا) لائحة ايجابية في علاقة بالهيمنة البريطانية على السوق العالمية، بينما يعتبر هذا التدخل الحكومي لائحة سلبية عندما يظهر له بمظهر عوائق علاقات الإنتاج التقليدية، والتي لم تظهر بنظره كمفاعيل العلاقات "الطبيعية" لأسلوب الإنتاج الرأسمالي.
لكن إذا كانت هذه الثنائيات بين لوائح ايجابية وأخرى سلبية لا تظهر عموما بالنسبة للاقتصاديين بصفتها تناقضا في وجهة النظر الفردية لكل واحد منهم، بل بصفتها تعبيرا عن الموقع الذي يجد الاقتصادي نفسه يرى من خلاله الظواهر الاقتصادية، وبذلك فإن هذه الثنائيات تظهر، من زاوية كل اقتصادي على حدة، كنظرية منسجمة، لأنها تعبر عن مصلحة "منسجمة".
إذا كان هذا حال الاقتصاديين بصفة عامة، فإن لينين يتخذ من هذه الثنائيات بالذات حرفة ومنهجا في التحليل. فكل شيء بالنسبة له، قائم على وجود عنصر ايجابي وآخر سلبي، وأنه للتخلص من العنصر السلبي علينا أن نتمسك بالعنصر الايجابي ونواجه به العنصر الأول.
لكن ما يميز لينين هو أنه "يكتشف" ثنائيات جديدة، يعارض بها ثنائيات الاقتصاديين وحتى الفلاسفة. لكننا سوف لن نعرض هنا الا للجانب الاقتصادي في الموضوع.
ففي تحليله لما يسميه ظاهرة "الامبريالية"، فإن لينين يقيم التعارض القديم بين المنافسة الحرة والاحتكار، بل إنه يذهب بهذا التعارض إلى حده الأقصى، بحيث أن المنافسة الحرة لا تمثل لديه لائحة اقتصادية موازية للائحة الاحتكار، بل كمرحلة تاريخية مرت بها الرأسمالية، هذه المرحلة قد انتهت بنظره لتترك مكانها لمرحلة جديدة هي مرحلة الاحتكار. فهو يقول: [En d’autre termes, l’ancien capitalisme, le capitalisme de la libre concurrence, (..) disparait à jamais. Un nouveau capitalisme lui succède (Impérialisme… p16)]
]الرأسمالية القديمة، رأسمالية المنافسة الحرة قد اختفت إلى الأبد، لتعوضها رأسمالية جديدة]
ويؤكد: [Le remplacement du vieux capitalisme, ou régnait la libre concurrence, par un nouveau ou règne le monopole (Impérialisme….p15)]
]استبدال الرأسمالية العتيقة، حيث تسود المنافسة الحرة، برأسمالية جديدة، حيث يسود الاحتكار]
ويضيف: [L’ancien capitalisme a fait sont temps. Le nouveau constitue une transition (Impérialisme….p18)]
]الرأسمالية القديمة قد استوفت وقتها. الرأسمالية الجديدة تمثل مرحلة انتقالية]
وهو إذ يستشعر خطأ هذه الأحكام الاطلاقية التي يصدرها، فإنه في نفس كتابه (الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية) يتدارك في جملة يتيمة: [Les monopoles n’éliminent pas la libre concurrence dont ils sont issus -;- ils existent au dessus et à coté d’elle (Impérialisme….p37)]
]الاحتكارات لا تلغي المنافسة الحرة التي نشأت منها، إنها توجد فوقها وبجانبها]
وهنا لا يتعلق الأمر بتنسيب للأحكام الاطلاقية السابقة، بل كون لينين يعتبر أن الاحتكار والمنافسة الحرة بمثابة أسلوبين مختلفين في الإنتاج، الأول هو الأسلوب المهيمن الصاعد، بينما الثاني بمثابة أسلوب إنتاج في طور الاندثار. وهو يستعير في ذلك تحليلات ماركس حول الصناعة الرأسمالية الصاعدة والأشكال الحرفية التقليدية المترسبة من علاقات الإنتاج القديمة.
وبما أن الرأسمالية الاحتكارية قد تركت وراءها المنافسة الحرة، التي لم تعد تمثل سوى مخلفات قديمة للمرحلة السابقة من الرأسمالية، فإنه قد تم تجاوز ثنائية الاقتصاديين بين لائحة المنافسة ولائحة الاحتكار، وبالتالي كان لابد على لينين أن "يكتشف" الثنائية الجديدة داخل هذه الرأسمالية التي أعلن أن ولادتها كانت بالتحديد في سنة 1903، فهو يقول: [Essor de la fin du 18 siècle et crise de 1900-1903 : les cartels deviennent une des bases de la vie économique tout entière. Le capitalisme s’est transformé en impérialisme (Impérialisme….p8)]
]مع نهوض نهاية القرن الثامن عشر وأزمة 1900-1903، تصبح الكارتيلات واحدة من أساسات الحياة الاقتصادية كلها. والرأسمالية تتحول إلى امبريالية]
هذه الثنائية المكتشفة هي بين الطابع الاجتماعي للإنتاج الذي ينشئه الاحتكار، وبين الطابع الاحتكاري للتملك من طرف "الطغمة المالية" [La concurrence se transforme en monopole, il en résulte un progrès immense de la socialisation de la production (Impérialisme…p9)]
]المنافسة تتحول إلى احتكار، والنتيجة هي التطور العظيم للطابع الاجتماعي للإنتاج]
[Le capitalisme arrivé à son stade impérialiste conduit au portes de la socialisation intégrale de la production (Impérialisme…p9)]
]الرأسمالية وقد وصلت إلى مرحلة الامبريالية تقود نحو التعميم الكلي للطابع الاجتماعي للإنتاج[Il nous faut maintenant démontrer comment la « gestion » exercée par les monopoles capitalistes devient inévitablement (..) la domination : d’une oligarchie financière (Impérialisme…p19)]
]لابد لنا الآن أن نثبت كيف أن "التصرف" المدار من طرف الاحتكارات الرأسمالية يتحول حتميا إلى هيمنة الطغمة المالية]
وهكذا فإن الإنتاج بطابعه الاجتماعي يمثل لائحة ايجابية، بينما تصرف (la gestion) الطغمة المالية في هذا الإنتاج يمثل اللائحة السلبية.
هناك من يستغرب كيف أن لينين أصبح داعية "رأسمالية الدولة" حال وصول البلاشفة للحكم (أنظر كتابه: نقد مرض اليسارية الطفولي). وفي الواقع فإن لينين كان منسجما تماما مع نظرته للرأسمالية ومرورها للمرحلة الاحتكارية.فهو يعتبر أن المرحلة الاحتكارية هي مرحلة انتقالية بين المنافسة الحرة والاشتراكية، إذ يقول: [Le monopole est le passage du capitalisme à un régime supérieur (Impérialisme…p37)]
]الاحتكار هو المرور من الرأسمالية إلى نظام أرقى (والمقصود بالنظام الجديد هو الاشتراكية)]
[l’ancien capitalisme a fait son temps. Le nouveau constitue une transition (Impérialisme….p18)]
]الرأسمالية القديمة قد استوفت وقتها. الرأسمالية الجديدة تمثل مرحلة انتقالية (وما هي الاشتراكية بالنسبة للينين سوى هذه المرحلة الانتقالية بالذات؟)]
فإذا كانت الرأسمالية الاحتكارية، بالنسبة له، تخلق الطابع الاجتماعي للإنتاج (وسياق حديث لينين وأسلوب تعبيره يدل أنه يقصد الطابع الاشتراكي للإنتاج)، فإننا نستطيع أن نمر إلى الاشتراكية من خلال تحويل الملكية الاحتكارية للرأسمال من يد "الطغمة المالية" إلى يد "الدولة العمالية" أو "ديكتاتورية البروليتاريا". فالمشكلة، بالنسبة للينين، لم تعد أسلوب الإنتاج نفسه، الذي تم تحويله إلى "طابع اجتماعي" على يد الرأسمالية الاحتكارية بنظره، بل في من هو المالك والمتصرف (le gestionnaire) في هذا الرأسمال. حيث أن "الطغمة المالية" قد حولت تصرفها الاقتصادي إلى [l’utilisation des relations pour des transactions avantageuses sur le marché public…(Impérialisme…p26)]
]استعمال العلاقات (الحكومية) من أجل تحصيل صفقات مربحة]
وهكذا، فحالما نستعيض عن هذه الفئة الحقيرة من اللصوص المتحيلين، الذين يستغلون علاقاتهم المشبوهة بالحكومة، بمتصرفين مؤمنين حقا بالأهداف الاشتراكية، ومتشبعين بالعقيدة الماركسية اللينينية فيمكن للرأسمالية الاحتكارية أن تتحول من "امبريالية"، بكل ما ينبض به هذا المصطلح من سلبية، إلى (l’antichambre) للاشتراكية حسب تعبير لينين.
إن الطابع الايديولوجي في أسلوب عرض لينين لكل المسائل الاقتصادية التي يعالجها، يظهر من خلال إسرافه ومبالغته المقصودة في إبراز عنصر محدد (تطور الاحتكار مثلا الذي هو ناشئ في الواقع عن تطور المنافسة نفسها وليس على أنقاضها) من أجل تبرير وجهة نظر سياسية أو إيديولوجية مسبقة، في مقابل إخفاء أو التقليل من أثر العناصر الأخرى التي ستثير الشك في استنتاجاته.
فعلى طول كتابه (الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية) لم يذكر ولو لمرة واحدة قانون القيمة الذي يعتبره هو نفسه في مؤلفه (المصادر الثلاث للماركسية) أهم القوانين الاقتصادية التي وصل إليها الاقتصاد السياسي، بل وهو يعتبر "نظرية القيمة الزائدة تمثل حجر الزاوية في النظرية الاقتصادية لماركس" (نفس المصدر). ذلك أننا لو صدقنا ما ذهب إليه لينين، من حيث أن التجمعات الاحتكارية وصلت من الضخامة بما يجعلها هي من "يضبط الأسعار ويقسم الأرباح" (الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية)، فإننا نكون بذلك قد أعلنا نهاية قانون القيمة. ذلك أن هذا الأخير لا يجد تحققه إلا ضمن المنافسة، أي ضمن قانون العرض والطلب. يقول ماركس بهذا الصدد: [cette détermination du prix par les frais de production ne doit pas être comprise dans le sens des économistes. Les économistes disent que le prix moyen des marchandises est égal aux frais de production -;- que tel est la loi. Ils considèrent comme un fait de hasard le mouvement anarchique par lequel la hausse est compensée par la baisse -;- et la baisse par la hausse. On pourrait considérer avec au tant de raison, comme cela est d’ailleurs d’autres économistes, les oscillations comme étant la loi, et la détermination par les frais de production comme étant du hasard. Mais ce sont ces oscillations seules qui, regardées de plus prés, entrainent les dévastations les plus terribles et, pareilles à des tremblements de terre, ébranlent la société bourgeoise jusque dans ses fondements, ce sont ces oscillations seules qui, au fer et à mesure qu’elles se produisent, déterminent le prix par les frais de productions. C’est l’ensemble du mouvement de ce désordre qui est son ordre même. C’est au cours de cette anarchie industrielle, c’est dans ce mouvement en rond que la concurrence compense pour ainsi -dir-e une extravagance par l’autre (travail salarié et capital- p12)]
[ إن هذا التحديد للسعر بنفقات الإنتاج، لا يجب فهمه كما يفهمه الاقتصاديون. فالاقتصاديون يقولون أن السعر الوسطي للبضائع يوازي نفقات الإنتاج؛ وأن ذلك في رأيهم هو القانون. وهم يعتبرون أنها من قبيل الصدفة هذه الحركة الفوضوية التي يعوض بواسطتها ارتفاع السعر عن هبوطه، وهبوط السعر عن ارتفاعه. وعلى هذا الأساس، يكون بوسع المرء أن يعتبر بنفس القدر من الصواب أن تقلبات الأسعار هي القانون، وأن تحديد الأسعار بنفقات الإنتاج هو من باب الصدفة. وهذا ما يقول به بعض الاقتصاديين. ولكن الحقيقة هي أن هذه التقلبات التي تفضي، كما يتضح عند النظر فيها عن كثب، إلى أشد التدميرات إرهاب، وتزعزع المجتمع البرجوازي حتى أسسه، أشبه بالزلازل الأرضية، هي وحدها التي، بقدر ما تحدث، تحدد الأسعار بنفقات الإنتاج. إن مجمل حركة هذه الفوضى هو نظامها بالذات. وفي غمار هذه الفوضى الصناعية، وفي غمار هذه الحركة الدائرة على نفسه، تعوض المزاحمة، إذا جاز القول، عن تطرف بتطرف آخر.[
فتحول قيمة البضاعة (أي كمية العمل الاجتماعي المتبلور فيها، بحسب "النظرية الاقتصادية لماركس"، وسنعود لاحقا لهذا الموضوع لكن في إطار مغاير) إلى سعر البضاعة، والقيمة الزائدة إلى ربح، والربح إلى معدل ربح...الخ، كل ذلك مشروط بالمنافسة الحرة (وهي لم تكن حرة في أي لحظة من لحظاتها). ونهاية هذه الأخيرة ستحول كل أبحاث الاقتصاد السياسي، وحتى أعمال ماركس إلى مجرد هراء قديم. فلماذا يصمت لينين عن مصير قانون القيمة في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية (الامبريالية) التي يتحدث عنها بإطناب وبحشو مبالغ فيه لإحصائيات وجداول لا تثبت سوى كون الرأسمالية، هي بطبيعتها، نظام متناقض، كما سنبينه لاحقا لكن ليس من وجهة نظر لينين.
إن لينين يخفي الجوهري في الموضوع (هل انتهى قانون القيمة بانتهاء شرط سريانه، أي المنافسة الحرة؟)، والإشكاليات الفعلية التي تواجهنا بها الظواهر الاقتصادية، من أجل إبراز جانب واحد وتضخيمه ظنا منه أنه يخدم لصالح استنتاجاته اللاحقة.
فلو اقرينا بأن الأقطاب الاحتكارية هي من "يحدد الأسعار ويقسم الأرباح"، فما الذي يجعل هذه "الطغمة المالية" تختار سعرا محددا دون آخر ، طالما أن الأمر يعود لإرادتها؟ وطالما أنها قادرة، بإرادتها المطلقة، أن "تقسم الأرباح" فما الذي يمنعها من الاستيلاء على كل الأرباح لصالحها؟ وإذا كانت الأقطاب الاحتكارية مطلقة القوة إلى هذه الدرجة، فكيف لأقطاب احتكارية جديدة أن تظهر بدون أن يسحقها الاحتكار الذي ستجده في مواجهتها؟
طبعا هذه الأسئلة البديهية وغيرها لن نجد لها جوابا في كتاب لينين (الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية)، لأنه في كتابه هذا نجده يحاول أن يجعل من الامبريالية "مرحلة" للرأسمالية منفصلة عن "مرحلة" رأسمالية المنافسة. أي لو أننا دفعنا تحليلات لينين إلى أقصاها فإن الامبريالية هي في الواقع أسلوب إنتاج جديد يقوم على "الطابع الاجتماعي للإنتاج"، والذي برأيه لم يكن موجودا في الرأسمالية السابقة، وعلى "طابع التملك الفردي" للطغمة المالية، والذي هو أيضا طابع جديد في الملكية مناقض للملكية الخاصة البورجوازية القائمة على المنافسة الحرة بنظره. وفي هذا الأسلوب الإنتاجي الجديد، الذي يمثل مرحلة انتقالية بين رأسمالية المنافسة والاشتراكية، يختفي قانون القيمة وتختفي معه كل المفاعيل الاقتصادية الناجمة عنه، ولا يبقى سوى "طغمة مالية" تتصرف في "الإنتاج ذو الطابع الاجتماعي" و "تحدد الأسعار وتقسم الأرباح". وباختفاء قانون القيمة، تختفي "حجر الزاوية للنظرية الاقتصادية لماركس"، أي قانون فائض القيمة (فلا معنى أصلا لفائض القيمة بدون سريان قانون القيمة نفسه....سنعود لمعالجة هذا الموضوع لاحقا ومن زاوية نقدية أخرى). وباختفاء قانون فائض القيمة، فإن الاستغلال لا يعود استغلال طبقة لطبقة، بل استغلال بلد لبلد آخر ، أمة لأمة أخرى، شعب لشعب آخر.... وبهذه الحيلة الإيديولوجية يتم إغراق الشغيلة في المحيط الهلامي للشعب والوطن والأمة، ويتم تحويل الاشتراكية من ميدان صراعها الطبقي إلى الميدان المحبذ للبورجوازية: النزعات القومية، أي جر العمال ليكونوا وقود حروب المنافسة بين البورجوازيات.
وفي هذا الباب يقول ألكس كالينيكوس في حوار أجرته معه إحدى المجلات: [la théorie de l’impérialisme suppose la prédominance des monopoles, ce qui implique la négation de la concurrence ,et , au bout du compte, de la loi de la valeur (l’impérialisme aujourd’hui, interview avec la revue razon révolucion)]
[إن نظرية الامبريالية تفترض هيمنة الاحتكار، وهو ما يعني إلغاء المنافسة. وهذا يعني ، في آخر التحليل، إلغاء قانون القيمة]
وهذا أمر بديهي، حيث إذا أخذنا حرفيا مصطلح الرأسمالية الاحتكارية فإنه يعني أن شركة احتكارية بمقدورها أن تهيمن بشكل مطلق على قطاع إنتاجي، ليس على المستوى الوطني، بل على المستوى العالمي. وهذا تجريبيا لم يحدث، مثلما يشير لذلك بصواب أليكس كالينيكوس في المؤلف المذكور آنفا. وهو يعني منطقيا أنها ستتحكم بالمطلق في تحديد الأسعار ونسبة الربح، وهذا ما يتعارض مع قانون القيمة. وهذا ما يشير إليه رولاندو أستاريتا في كتابه: [l’impérialisme chez Lénine : une analyse critique ]
حيث يقوم في خلاصته النقدية لمفهوم الامبريالية عند لينين بمقارنة بين النتائج المترتبة عن قانون القيمة وقانون فائض القيمة، وتلك المترتبة عن نظرية الرأسمال الاحتكاري-الامبريالي، فيقول في أول نقطة من هذه المقارنة: "بالنسبة لقانون القيمة فإن الرأسمال هو الذي يهيمن على الأسعار، هذه الأخيرة تمثل ظاهرة موضوعية. إنها أشكال صنمية (fétichisées) تعبر من خلالها كميات العمل الاجتماعي الضروري لإنتاج البضائع المختلفة عن نفسها، وهي بذلك غير قابلة لضبط واع. أما بالنسبة لنظرية الرأسمال الاحتكاري-الامبريالي فإن الاحتكارات هي التي تهيمن على الأسعار، والاقتصاد، إلى درجة معينة، وبالتالي فإنها هي التي تضبط هذه الأسعار بطريقة واعية"
طبعا فالمشكلة من الأساس لا تتعلق بنفي وجود المنافسة أو الاحتكار، أو كأن وجود المنافسة يلغي وجود الاحتكار، وظهور هذا الأخير وتطوره يلغي وجود المنافسة. ففي واقع الأمور، ومثلما يؤكد على ذلك ماركس، فإننا لا نعثر على المنافسة والاحتكار والتناقض بينهما فحسب، بل على اندماجهما، ليس كلوائح اقتصادية، بل كحركة، كنظام متناقض، هو النظام الرأسمالي. فالاحتكار يولد المنافسة، وهذه الأخيرة تولد الاحتكار. والاحتكاريون يتنافسون، في حين يتحول المتنافسون إلى احتكاريين، والنتيجة هو كون الاحتكار لا يمكن أن يبقى إلا بالمرور دائما عبر حرب المنافسة (أنظر كتاب بؤس الفلسفة، ص60 من الترجمة الفرنسية في موقع أرشيف الماركسيين).
يمكن للمنافسة العالمية أن تدفع رؤوس الأموال إلى التشكل في إطار احتكاري وطني، أي سيطرة رأسمال معين على قطاع إنتاجي في حدود بلد معين، وهذا في الغالب يكون من خلال سيطرة الدولة كليا أو جزئيا على هذا القطاع لغايات تنافسية. وهذا الأمر لا ينهي المنافسة، بل يدفعها لتأخذ طابعا عالميا. كما يمكن لتجمع احتكاري ما فوق-قومي (الشركات المتعدية الجنسيات) أن يبسط نفوذه على جزء هام من قطاع إنتاجي محدد (خاصة في المجالات الإنتاجية التي تعتمد تكنولوجيات جديدة)، لكن ذلك يقود من جهة إلى كسر الاحتكار "الوطني" (مثلا كسر احتكار مواقع إنتاج البترول من خلال احتكار تكنولوجيات استخراجه وتكريره...) ويستثير شيئا فشيئا (من خلال تعميم واسع للاختراعات التكنولوجية مثلا) ظهور أقطاب رأسمالية منافسة يكون ميدانها السوق العالمية وليس السوق الوطنية. وهكذا فالمنافسة والاحتكار يسيران جنبا إلى جنب، ليس في إطار متناغم، بل في إطار فوضى السوق المميز التاريخي للرأسمالية كأسلوب إنتاج تاريخي. فالدولة الوطنية مثلا تظهر كأكبر أشكال الاحتكار، أي كمستوى عال من التمركز للرأسمال، غير أن هذه الدرجة العالية من الاحتكار تثير أعظم نزاعات المنافسة بين رؤوس الأموال داخل الدولة الوطنية نفسها.
ومفهوم الرأسمالية الاحتكارية الامبريالية عند لينين وغيره من الاقتصاديين الماركسيين مثل هيلفردنغ وبوخارين وكاوتسكي وحتى روزا لوكسمبورغ (وبالنسبة لهذه الأخيرة فالأمر يحتاج لتدقيق أكثر ليس هنا مجاله) يقود إلى إلغاء قانون القيمة الذي يعلنون جميعا انطلاقهم منه. ذلك أنهم ينظرون لهذا القانون من جانب واحد فقط. فهم أحيانا يرون أن الصعود والهبوط الدائمين بين العرض والطلب هو الاستثناء، بينما تحديد قيمة البضاعة بكمية العمل الاجتماعي الضروري هو القاعدة. لذلك فإنهم يصلون هنا إلى نتيجة كون ظهور الاحتكار الذي سيتحكم في العرض والطلب سيجعل من تحديد قيمة البضاعة بكمية العمل الاجتماعي الضروري (قانون القيمة) وكأنه قانون طبيعي يمكن له أن يسري بدون وجود المنافسة، بل في ظل التحكم "الواعي" في الأسعار من طرف الاحتكارات (ومن هنا تمجيدهم جميعا للدولة الرأسمالية الاحتكارية). وهم أحيانا أخرى يرون أن الصعود والهبوط هو القاعدة، بينما تحديد قيمة البضاعة بكمية العمل الاجتماعي الضروري حالة استثنائية. وهكذا يظهر لهم أن الاحتكار يمكن له أن يتحكم في المنافسة وآثارها المدمرة من خلال السيطرة على العرض والطلب، ولن تعود الأسعار خاضعة لقانون القيمة، أي بصفتها المظهر الخارجي لسريان القانون، بل للتحديد الاحتكاري لهذا الرأسمال الامبريالي. وفي كل الأحوال، وطالما أنهم ينظرون لقانون القيمة كشيء منفصل عن المنافسة، فإنهم يتخيلون أنه بالإمكان السيطرة على المنافسة (إلغاؤها) بدون إلغاء مسبق لقانون القيمة، أو أن هذا القانون يمكن أن يسري بدون المنافسة التي هي شرط تحققه.
إن قيمة البضاعة، باعتبارها كمية العمل الاجتماعي الضروري لإنتاج آخر نسخة من تلك البضاعة، تنشأ في ميدان الإنتاج. وهي بذلك مرتبطة بدرجة تطور إنتاجية العمل. لكنها لا تتحقق كقيمة إلا في ميدان التبادل، أي بالضبط في ميدان المنافسة. ولأن نشوء القيمة وتحققها لا يقعان في ميدان واحد، فإن الأمر يظهر أحيانا وكأن قانون القيمة هو القانون الطبيعي للإنتاج، وأن فوضى الأسعار ناتجة عن المنافسة. ولذلك يبدو وكأننا نستطيع التحكم في هذه الفوضى بمعزل عن قانون القيمة، أي بمعزل عن ميدان الإنتاج. ليظهر الأمر أحيانا أخرى وكأن قانون القيمة هو حصيلة المنافسة، أي أنه ينشأ في ميدان التبادل، لذلك فيمكن التحكم فيه عبر احتكار عملية التبادل، ليصبح التحديد الاحتكاري للأسعار هو القاعدة المطلقة. وهذا ما قاد بوخارين (الذي يعيب عليه لينين عدم مرونته وضعفه "الديالكتيكي") بكل منطقية إلى كون مفهوم الرأسمالية الاحتكارية، أي الامبريالية، يقود إلى رأسمالية الدولة حيث يمكن وقف الأزمات الرأسمالية من خلال التحكم السياسي في الاقتصاد.
بقي هنا علينا أن ندقق كون التحكم الاحتكاري في إنتاج بعض المواد، وهو حالة طبيعية في خضم المنافسة البورجوازية، لا ينشأ فقط نتيجة مركزة الرأسمال، مثلما يعتقد لينين، بل أيضا نتيجة وضع احتكاري خاص. مثلا التملك الاحتكاري لمصدر من مصادر المواد الأولية كالبترول والمعادن...الخ (منظمة أوبيك مثلا...)، أو التملك الاحتكاري لأصناف تكنولوجية جديدة (تكنولوجيات الصناعات الفضائية أو المعلوماتية مثلا)، وفي الواقع التجريبي لم يحدث أن قطبا رأسماليا واحدا قد سيطر سيطرة احتكارية مطلقة وشاملة ونهائية على ميدان إنتاجي محدد، إلا كحالات استثنائية وعابرة، سريعا ما تكسرها المنافسة سواء على مستوى الأسواق الوطنية أو خاصة على مستوى السوق العالمية. لكن حتى هذا الوضع الاحتكاري لا يعني البتة أن القطب الاحتكاري قد كسر قانون القيمة (وقانون القيمة لن تكسره إلا ثورة اجتماعية في أسلوب الإنتاج)، وذلك ببساطة لأن البضائع المنتجة في قطاع إنتاجي قائم على وضع احتكاري لا يمكن مبادلتها إلا في مواجهة بضائع أخرى من قطاعات إنتاجية أخرى. في المقابل فإن الوضع الاحتكاري سيعطي للقطب المسيطر أرباحا استثنائية، لكن ذلك لن يعني سوى التخفيض النسبي أو المطلق لأرباح أقطاب رأسمالية أخرى. فالارتفاع في قيمة بضاعة يترتب عنه بالضرورة التخفيض النسبي في قيمة البضائع الأخرى. أما التحكم في كل القطاعات الإنتاجية، والتحكم الاحتكاري في أسعار كل البضائع، فهو أمر غير ممكن إلا في مستويات جزئية بالنسبة للسوق العالمية، مثل الحالة الاحتكارية للدولة الوطنية في مواجهة الدول الأخرى. وهذا الأمر نسبي للغاية بالنظر لكون تقسيم العمل الاجتماعي هو ذو طابع عالمي وليس وطني، لذلك فعزل سوق وطنية عن السوق العالمية (ما يسميه البعض "فك الارتباط") أمر مستحيل عمليا.
إن تطور المنافسة يشترط تطور الاحتكار. كما أن تطور الاحتكار يشترط درجات عالية من المنافسة. (درجة عالية من المنافسة العالمية تخلق الاحتكار في شكل الدولة الوطنية مثلا. ودرجة عالية من الاحتكار على مستوى الدولة الوطنية تنشأ عنه المنافسة الشرسة بين أقطاب الرأسمال الوطني ومختلف أقسام البورجوازية الوطنية) وتلازم المنافسة والاحتكار لا يمكن رؤيته إلا من زاوية النظر للرأسمال لا في وجوده الخاص الوطني أو المحلي أو القطاعي، بل في وجوده كعلاقة اجتماعية عالمية. وهكذا فالمنافسة كما الاحتكار ليستا مرحلتين منفصلتين للرأسمالية، بل التعبير عن التطور المتناقض لهذا الأسلوب في الإنتاج. وهذا ما يجعل مفهوم الامبريالية مجرد أسطورة اقتصادية تلعب دور التبرير الايديولوجي لكل النزعات القومية التي اخترقت الحركة العمالية من خلال الاشتراكية الديمقراطية، وعلى يد ممثلها الأبرز لينين.