تتمة ملحق يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1


حسقيل قوجمان
2014 / 9 / 16 - 12:32     


تتمة ملحق يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1
جواب على سؤال للاخ جاسم الزيرجاوي وجهه في تعليق على المقال فيما يتعلق بقانون فناء الضدين. فقد بحث عن العبارة التي ذكرتها حول فناء الضدين في البيان الشيوعي واقتبسها بعدة لغات واجبته انها العبارة التي كنت اقصدها. والعبارة هي "حربا كانت تنتهي في كل مرة إما بتحول ثوري للمجتمع كله، إما بهلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين ." فارسل الاسئلة التالية بعد ذلك:
لكن يا إستاذي الكريم
أستخدم البيان الكلمة oder في النص الأصلي و ترجمتها للانكليزية هي ´-or-وفي العربية..أو
هذا يعني هناك احتمالين:
1. تحول ثوري للمجتمع
2. أو ..هلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين
عزيزي جاسم الزيرجاوي. ان البيان يتحدث عن تاريخ الصراع الطبقي ويشير الى وجود الاحتمالين او النتيجتين المذكورتين اعلاه. ففي كل الحالات كانت نتيجة الصراع احد هذين الاحتمالين. والترجمة العربية التي اقتبستها اعلاه تدل على ذلك اذ ترجمت اما واما.
الاحتمال الاول يعني ان الصراع كان ينتهي بالتحول الثوري الضروري للحركة الديالكتيكية في الصراع الطبقي، التحول الثوري لتحقيق نقض الصراع والتحول الى النظام الجديد الضروري في هذه الطفرة الديالكتيكية. وهذا هو التحول الثوري الطبيعي للحركة الديالكتيكية في قانون الحركة، المادية الديالكتيكية.
وفي حالة تعذر تحقيق الطفرة الثورية مهما اختلفت الاسباب لذلك كانت النتيجة دائما الحالة الثانية، حالة هلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين، حالة تحقق قانون فناء الضدين.
فقانون فناء الضدين هو القانون الحتمي الذي يحدث في حالة عجز الطبقة الثورية النامية عن تحقيق الانتصار على الطبقة الرجعية في الصراع. ولذلك فهو قانون لا يعني وجود الاحتمالين في كل الاحوال بل ثمة امكانيتان اذا تحققت الواحدة تنفي الثانية.
3. هل يجوز استخراج قانون من احتمال واحد؟
ليس هناك اي استخراج قانون من احتمال واحد. فالنتيجة الاولى للصراع هي تحقيق القانون الديالكتيكي في التحول الثوري الطبيعي للمجتمع في الصراع الطبقي. والنتيجة الثانية، عند عجز الطبقة الثورية عن تحقيق الطفرة الثورية الضرورية، يتحقق القانون الطبيعي، قانون فناء الضدين. وكلام البيان هنا يشمل كامل تاريخ الصراع الطبقي في المجتمع البشري.
4 وحسب اطلاعي البسيط على اعمال ماركس و إنجلز لم تذكر في اي عمل من اعمالهم , اللاحقة
انا لا استطيع الاجابة على هذا السؤال ولكن حتي في حالة عدم ذكرها مرة اخرى فهذا لا يغير من ذكرها هذه المرة. ولكني مع ذلك اتذكر المرة الاولى التي تعلمت فيها قانون فناء الضدين حين شرح انجلز تطور الجنين في البيضة من اجل التحول الثوري الى فرخ. ربما يمكنك ان تجد ذلك في كتاب انتي دوهرينغ رغم انني لست متأكدا انها كانت في هذا الكتاب. ولكن المؤكد هو ان هذا الشرح من قبل انجلز موجود لاني تعلمت منه قانون فناء الضدين.
5. هل تعتقد ان هذه العبارة صحيحة الآن, مثلاً في بريطانيا , هل يمكن ان تفنى او تنهار طبقة العمال وطبقة البرجوازية في بريطانيا؟
ان فناء الطبقة العاملة البرطانية والبرجوازية البريطانية امر بعيد الاحتمال طبعا. ولكن تحقق قانون فناء الضدين لا يتطلب فناءهما. ففناء الضدين في البيضة لا يعني ضرورة فناء كل البيض في الطبيعة. الا ان قانون فناء الضدين يتحقق فعلا في العديد من المجالات وهو يفني هاتين الطبقتين جزئيا. ويفني كلا الضدين في اية حركة في الطبيعة وفي المجتمع الراسمالي او اي مجتمع اخر حين تتطور الحركة، اية حركة، الى ضرورة الطفرة الثورية ويعجز النقيض النامي المتطور عن الثورة على نقيضه.
لناخذ العامل العاطل على سبيل المثال. فالامر الطبيعي بالنسبة للانسان العامل هو ان يتناول الطعام ويسكن ويلبس ويتعلم ويبني عائلة، هذا ما يقع تحت مصطلح انتاج قوة عمله. اذ بذلك يحقق تجديد قوة عمله التي استهلكها بالامس. والامر الطبيعي هو ان يقوم العامل باستخدام واستهلاك قوة عمله بالعمل على ادوات الانتاج لكي ينتج مجددا قوة عمله لاستهلاكها في اليوم التالي ولكن اعلى من قيمة قوة عمله الاولى لان تطور الحركة الديالكتيكي لا يسير بخط مستقيم بل يتطور لولبيا الى الاعلى. حين كان العامل حرفيا كان يملك ادوات انتاجه ويستطيع ان يعمل عليها لكي يواصل الحركة الطبيعية للعمل.
ولكن ما حدث في المجتمع الراسمالي هو فصل العامل عن ادوات انتاجه. واصبح العامل ينتج قوة عمله كل يوم عن طريق الطعام والملبس والمسكن وتكوين العائلة ويحتاج الى الاتصال بادوات العمل من اجل العمل على اعادة انتاجها بعد استهلاكها. وحين لا يجد العامل عملا لعدم النجاح في بيع قوة عمله الى الراسمالي فما يجري عند بطالته هو فناء قوة عمله لعجزه عن استهلاكها في الانتاج. فهو ينتجها كل يوم ولكنها تفنى كل يوم لانه لا يستطيع الاتصال بادوات العمل لكي يستخدمها في الانتاج. فهذه حالة من حالات تحقق فناء الضدين تتحقق لدى ملايين العمال العاطلين في المجتمع الراسمالي. فناء قوة العمل التي ينتجها العامل كل يوم وفناء تحقيق اعادة انتاج قوة العمل له وللمجتمع كله.
وبامكاننا ان نجد تحقق قانون فناء الضدين في كل حركة لا تجري بالصورة الطبيعية الاعتيادية. كالحرب وموت ملايين الفلاحين جوعا لعدم حصولهم على الماء لزراعة اراضيهم مثلا. ولكن الحالة التي يتحقق فيها قانون فناء الضدين باجلى صوره وبالنسبة لطبقتي المجتمع الراسمالي هي الازمات الاقتصادية.
الازمة الاقتصادية او المالية هي مظهر من مظاهر تطور قوى الانتاج وحلول الحاجة الضرورية الى تحويل علاقات الانتاج الراسمالية لكي تصبح علاقات مناسبة لقوى الانتاج. هي تعبير عن حلول اللحظة الضرورية لحدوث الطفرة الثورية في المجتمع الراسمالي. حدثت اول ازمة اقتصادية للراسمالية سنة 1825 قبل ان يظهر ماركس كعالم اقتصادي. ولكنه عند بحوثه الاقتصادية كان عليه ان يدرس الازمة وان يكتشف اسباب حدوثها. وكان من نتائح بحوثه ان اكتشف حتمية حلول الازمات الاقتصادية طالما بقي النظام الاجتماعي راسماليا وعاجزا عن تحقيق الطفرة الثورية الضرورية بموجب القوانين الديالكتيكية. وقد تبين خلال القرون من تطور المجتمع الراسمالي ان استنتاج ماركس كان وما زال صحيحا. لم تكن الازمة فكرة في دماغ كارل ماركس ولم يقم ماركس بخلق او صنع الازمة. فقد جرت الازمة بالاستقلال عن ارادة كارل ماركس وكان على ماركس ان يدرسها ويتعلمها بطريقته في البحث، الطريقة الديالكتيكية، فانعكست في دماغه انعكاسا صحيحا واصبحت علما، علم الازمات الاقتصادية.
اثبت التاريخ ان الازمات الاقتصادية والمالية تحدث بسبب طبيعة النظام الراسمالي بالاستقلال عن ارادة الانسان وعن دماغ الانسان وعن وعي الانسان وبالاستقلال عن جهود كافة علماء الاقتصاد الراسماليين. اثبت ان الانسان لم يستطع التغلب على حدوث الازمات رغم كل الجهود المبذولة في سبيل التخلص منها. والعالم يعيش اليوم اكبر واسوأ واخطر ازمة في تاريخ المجتمع الراسمالي. ولم تفلح مؤتمرات القمة للدول الصناعية الكبرى ولا مؤتمرات القمة العشرينية في عمل اي شيء ينقذها من هذه الازمة.
ليس هنا مجال بحث الاسباب المؤدية الى الازمات الاقتصادية والمالية التي تعاني منها المجتمعات الراسمالية بصورة تكاد تكون دائمة في ايامنا. فالازمة الاقتصادية هي احدى اهم العمليات الديالكتيكية في الانتاج الراسمالي وصفها كارل ماركس الذي اثبت انه اعظم عالم اقتصادي في تاريخ علم الاقتصاد لحد اليوم. وصف الازمة بتغيراتها الكمية وتحولاتها النوعية وراى انها تمر باربع مراحل في ايامه قبل اختفاء مرحلة الرواج من الازمة. لا اجد في هذا المقال حاجة الى العودة الى شرح كارل ماركس لهذه العملية الديالكتيكية التي اسمها الازمات الاقتصادية.
في هذا المقال اريد التاكيد على ان الازمة الاقتصادية حركة ديالكتيكية تجري وتحدث في مجتمع بشري حقيقي وليس في مجتمع افتراضي خيالي يجري في فكر انسان. يقوم بشر حقيقي من لحم ودم بالعمل على ادوات انتاج حقيقية توجد في مصنع يمتلكه بشر راسمالي حقيقي يمتلك الانتاج ويختزنه في مخازنه ومتاجره من اجل بيعه لانه لا يسترد راسماله ويجني ارباحه الا عن طريق بيعه. والسلع التي يمتلكها الراسمالي هي سلع حقيقية وليست سلعا افتراضية ويحتاج العمال والكادحون الى شرائها من اجل عيشهم ولكنهم لا يستطيعون شراء ما يكفيهم منها لعدم وجود النقود الكافية لديهم لشرائها. تتراكم السلع غير المباعة في مخازن ومتاجر الرسماليين الى درجة اضطرارهم الى التوقف عن الانتاج واغلاق مصانعهم وارسال عمالهم الى صفوف البطالة. في الازمات يتحقق قانون فناء الضدين بالنسبة للراسماليين وبالنسبة للعمال والكادحين. فالازمة الاقتصادية حركة تجري في الطبيعة، في المجتمع، وليست مجرد فرضيات او اسلوب تفكير ولا تجميع متنافضات في دماغ الانسان.
حين حدثت الازمة الاقتصادية الاولى هب جميع علماء الاقتصاد الى دراستها ومحاولة معرفة اسبابها وطريقة التخلص منها ووسائل ضمان عدم تكرارها. وكان كارل ماركس احد هؤلاء العلماء. وهو الذي افلح في اكتشاف اسباب الازمة ونتائجها وامكانيات التخلص منها بدراستها بما يسميه الطريقة الديالكتيكية. افلح كارل ماركس في اكتشاف طبيعة الازمات واسباب حدوثها في المجتمع الراسمالي فكان اكتشافه معرفة للازمات وعلما لها وجزءا عظيما من علم الاقتصاد. فان اكتشاف ذلك هو علم كاي اكتشاف يكتشفه الدماغ الانساني لاي قانون من قوانين الطبيعة. ولم تكن معلوماته مجرد فرضيات او اسلوب فكري. راى ماركس ان الازمات حركة تجري فعلا في المجتمع وهي عملية ديالكتيكية نظرا لانها تجري وفقا لقوانين الحركة، القوانين المادية الديالكتيكية. وتوصل الى ان الازمات تتكرر طالما بقي الانتاج الراسمالي ولا توجد وسيلة لدى الانسان لمنع حدوثها لانها تجري وتحدث بالاستقلال عن ارادته وعن دماغه. وتوصل الى ان التخلص من الازمات يحدث فقط حين تكتمل عملية الانتاج الراسمالي بالتحول الثوري الضروري لتحويل علاقات الانتاج الراسمالية الى علاقات انتاج شيوعية تتسق مع تطور قوى الانتاج الجماعية.
هنا نرى ان الانتاج الاجتماعي في المجتمع الراسمالي كما في المجتمعات السابقة عملية ديالكتيكية ككل حركة اخرى في الطبيعة. وان اكتشاف كل حركة في الطبيعة ومنها المجتمع هو اكتشاف قانون من قوانين الطبيعة وهو لذلك علم ومعرفة للطبيعة يكتسبها الانسان عند انعكاس الطبيعة انعكاسا حقيقيا في مرآة دماغه.
ان انعكاس اية حركة في الطبيعة في دماغ الانسان هي اكتشاف الانسان لقانون طبيعي من قوانين الطبيعة وهي لذلك علم. وان انعكاس قوانين الحركة، قوانين المادية الديالكتيكية، في دماغ الانسان هو ايضا انعكاس قانون من قوانين الطبيعة في دماغ الانسان ولذلك فهو علم المادية الديالكتيكية ومكتشف قوانين المادية الديالكتيكية، كارل ماركس، هو عالم المادية المادية الديالكتيكية كما ان اينشتاين هو عالم النسبية ونيوتن هو عالم قانون الجاذبية.