أفريقيا قارة متخلفة أم منهوبة؟


كريبسو ديالو
2014 / 9 / 15 - 08:32     

غالبا ما توصف افريقيا بانها قارة متخلفة اقتصاديا ولكن هذا التعريف غير دقيق من وجهة نظر الاقتصاد السياسي الماركسي وهو تعريف يهدف الي منع الشعوب الافريقية من معرفة أسباب مأساتها ولم يصور تقسيم البلدان الي بلدان متخلفة و بلدان متقدمة الا الوضع الراهن للامور ويصنف الاقتصاديون البورجوازيون هاتين المجموعتين علي اساس متوسط الدخل بالنسبة للفرد ومن المعروف ان متوسط الدخل في البلدان الافريقية في الوقت الراهن أدني كثيرا مما هو عليه في بلدان غرب أوروبا،امريكا الشمالية ولكن هل كان حال القارة علي هذا النحو دائماً ؟ بالطبع لا لأن منذ بضعة مئات السنين كان هناك في افريقيا عديد من المناطق المتقدمة أقتصاديآ لدرجة أو أخري وعلي مستوي مرتفع من الثقافة بمقاييس العصر ومنذ حوالي مايتراوح بين ٥-;-٠-;-٠-;- أو ٧-;-٠-;-٠-;- سنة كانت هناك ممالك في غرب افريقيا متقدمة مثل غانا و مالي والسنغال و داهومي وايضآ قد سجل الاقتصادي الماركسي الفرنسي بير ماوسا ماكان عليه مستوي التطور في بعض الأقاليم الافريقية من تقدم منذ بضع مئات السنين ويقول في كتابه (الشعوب البروليتارية) أن تفوق الغرب في مجال التطور الاقتصادي ظاهرة حديثة نسبيا ففي القرن السابع عشر كان الفلاح الغاني في مملكة الأشانتي والفلاح الفرنسي يعيشان علي مستوي واحد من المعيشة تقريبآ فالهوة الاقتصادية بين الغرب و افريقيا وسائر أنحاء العالم ظاهرة جديدة نسبيا في التاريخ فإذا اردنا أن نتحدث عن التطور التاريخي لأفريقيا فحديثنا يصبح اكثر دقة اذا تحدثنا لا عن قارة متخلفة وإنما عن قارة وضعت العراقيل امام تطورها الاقتصادي بطريقة مفتعلة بواسطة قوي خارجية ولكن هذا تعريف ناقص فهو لا يجيب علي السؤال : ما الذي جعل افريقيا تتخلف في مجال التطور الاقتصادي ؟ أن السبب الرئيسي للتخلف الاقتصادي لأفريقيا يكمن في استعباد القارة من جانب الاستعماريين الذين راحو يستغلون الشعوب الافريقية طيلة قرون ومازلوا يواصلون استغلال العديد منها حتي يومنا هذا ونظرا لعدم رغبة المنظرين البورجوازين في الاعتراف بالحقيقة الواضحة التي تؤكد أن النهب الاستعماري هو السبب الرئيسي للتخلف الاقتصادي في افريقيا ونجدهم يبتكرون مختلف الأسباب لتفسير هذا التخلف وقد تم ابتكار مثل هذه الاستفسارات قديمآ حتي يتمكن الاستعماريون القدامي من إقناع ضحاياهم بأنهم هم المسئولون عن تخلفهم ولكن يجب علي الجميع ان يعلم ان افريقيا ليست متطورة وإنما قارة نهبت واستغلت بواسطة الاستعمارين ومن اجل ان نفهم استعمار افريقيا لابد ان نلقي نظرة علي تاريخ اوروبا في تلك المرحلة في القرن الخامس عشر قد توصلت اوروبا الي اكتشافات هامة فمثلا تم اختراع الطباعة التي سهلت تراكم المعرفة وفي القرن الخامس عشر ايضآ وبعد اختراع البارود في الصين بدأ الأوربيين صناعة الأسلحة النارية التي حققت لهم ميزة كبري في الحروب وبدأ البحارة الأوربيون في استخدام البوصلة التي مكنتهم من الوصول في أسفارهم الي مسافات ابعد وكان الملاح البرتغالي ماجلان أول من قام برحلة بحرية حول العالم وقد استغرقت هذه الرحلة حوالي ثلاثة أعوام وفي أوساط القرن الخامس عشر وصل البرتغاليون الي ساحل افريقيا الغربية وصعدوا بقواربهم وتسللو الي افريقيا الغربية بحثآ عن الذهب وسرعان ما أقبل الاسبان والبرتغاليون لاقامة مزارع المحاصيل الأستوائية في امريكا وفي بادئ الأمر كان السكان من الهنود الأمريكيون هم الذين يعملون في المزارع ومات العديد من الهنود نتيجة لارهاق من الجوع والمرض ولدرجة أدت الي نقص كبير في الأيدي العاملة وهكذا بدأ الأقطاعيون الأوربيون في شراء العبيد من افريقيا من رؤساء العشائر العربية الذي كان لهم أسواق لبيع العبيد في شرق افريقيا او يتم اختطافهم من غرب القارة وحتي القرن الخامس عشر كانت افريقيا مقسمة الي دول مستقرة كبيرة ويتكون اغلبها من عدد كبير من الوحدات المحلية ولكن تجارة الرقيق التي بدأت في القرن السادس عشر واستمرت حوالي ٤-;-٠-;-٠-;- سنة ادت الي تقسيم افريقيا الي دول صغيرة تحارب بعضها بعضآ وهكذا اصبحت القارة بلا قوة تحميها ضد الاستعماريين ومع بدأ الاستعمار الأوروبي لأفريقيا تغيرت التجارة داخل القارة تغيرآ كبيرآ فقبل بدء الاستعمار كانت المنسجوات والذهب والصناعات اليدوية هي السائدة في التجارة الافريقية وكانت تجارة العبيد محدودة للغاية ومع صول الأوروبيين قفزت التجارة العبيد لتحتل المركز الأول وقد جلب الاستعماريون الأوائل الكوارث والنكبات معهم للشعب الافريقي وأخذت القارة تتحول الي ارض الصيد لاقتناص العبيد وفي المقابل كل افريقي يصل حي الي امريكا كان هناك خمسة او ست يلقون مصرعهم في الصدمات أو في جوف سفينة لشحن العبيد ووفقآ لما يؤكده المؤرخ الشهير وليام ديبوس فقدت افريقيا حوالي ١-;-٠-;-٠-;- مليون من أبنائها في تلك الفترة وكانو من زهرة شبابها وكانت هذه الخسارة وحدها كفيلة بأن تعرقل قوة الإنتاج في القارة الافريقية وكانت تجارة العبيد الافريقية التي سهلت التراكم البدائي لرأس المال في اوروبا ونكبة بالنسبة لتطور افريقيا وحرمتها من أقدر جزء من سكانها علي العمل وادي ذلك الي ركود قوي الإنتاج في افريقيا عند مستوي منخفض وفي نفس الوقت ساعد نهب الموارد الطبيعية وتجارة العبيد علي التعجيل بخطي التطور الاقتصادي الأوروبي