نساء ماركيز بين جنون الحب وقسوة الواقع


رسمية محيبس
2014 / 9 / 9 - 12:12     

نساء ماركيز بين جنون الحب وقسوة الواقع
الحب في زمن الكوليرا نموذجا
في روايته العظيمة الخالدة (الحب في زمن الكوليرا ) يخلق لكاتب غابريل غارسيا ماركيز شخصيات نسائية كثيرة متباينة لكل منها نظرة تختلف عن الأخرى
تطغي على جميع شخصيات الرواية وترتبط بها شخصية (فرمينا داثا) المرة التي صاغها قلم الكاتب ببراعة وجمال إسطوريين
بالرغم من كون الرواية مشخونة بنساء كثيرات .الا ان هذه البطلة تتمحور حولها جميع الأحداث والشخصيات فهي إمرأة عجيبة تمردت على قلم كاتبها فإذا بها تجبره على ملاحقتها بنفس مقطوع فهي (الربة لمتوجة ) كما أطلق عليها عاشقها الأول والأخير 0(فلورنتوا أريثا ) والذي صدته في فترة الشباب ليبقى دائرا في فلك الحبيبة ولو عن بعد ،لكنه يحصل عليها أخيرا وهما على أعتاب الثمانين من العمر .وبعد رحيل زوجها الدكتور خوفينال أوربينو الذي عاش سنوات الحب مع فرمينا داثا ما يقارب الخمسين عاما بحلوها ومرها حياة يطغي عليها الحب المجنون العاصف لذي تزيده ثورت المحبين وخلافتهما جنونا وقوة .
ويبقى القارىء على حيرة من أمره أي الرجلين احبته فرمينا داثا أكثر من غيره .حبيبها الأول فلورنتينو أريثو أم زوجها خوفينال أوربينوا ؟
الرواية تزدحم بقائمة طويلة من الشخصيات النسائية لكل منها سيرتها المختلفة منها ا على سبيل المثال تلك المرأة الغامضة التي عاش معها مصور الأطفال ومشوه الحرب (جيريميا دي سانت آمور )حيث ارتكب معا جريمة الحب المحرم. وهي شخصية تصدم القارىء كما صدمت الدكتور خوفينال وربينو حيث حضر لدفن صديقه جيرميا فقد إكتشف الدكتور ان تلك المرأة التي لا تتكرر ساعدتحبيبها جيرميا على الانتحار باخلاص ومهدت له سبيل الموت لأنه أراد كما تقول .ذلك فقد انتحر بسيانيد الذهب وقد عاهدت الحبيب الا تسفك دمعة واحدة وقد زينت صدرها بأول زهرة تتفتح في حديقتها ساعة رحيل الحبيب . فقد قال لها في لحظاته الأخيرة :تذكريني بوردة .
هذا ما قالته للدكتور خوفينا اوربينو عندما ذهب ليراها بعد انتحار صديقه جرمي ادي سانت آمور .

شخصية العمة سكولا ستيكا عمة فرمينا داثا التي رعتها في طفولتها وقادتها خلال سني مراهقتها وكانت شاهدة على الحب الذي تفجر بيها وبين فلورنتينو أريثو. وهذه المرأة تختلف عن باقي نساء الرواية وعن نساء ماركيز كانت تعيش مع اخيها والد فرمينا لكنها تلاشت من الرواية اثر نزاع مع اخيها الذي طردها بقسوة لأنهاا كانت على علم بهذا الحب لذي كان هو غافلا عنه .
وقد حافظت هذه المراة على نقائها وبقيت نقطة بيضاء تعوم في جو الرواية المشحون بالحب والعلاقات الجسدية العابرة التي مارسها فلورنتينو اريثو في انتظار حبيبته الأزلية والتي سيحصل عليها يوما ما فرمينا داثا الشخصية الفاتنة والقاهرة .
نموذج آخر للمراة تمثله (ترانيستو اريثا )والدة فلورنتينو اريثو أمرأة أربعينية محبطة لديها ميل الى السعادة ومشاركة ابنها آلام الحياة والفقر فهي التي تقدم له النصائح كامرأة مجربة أنجبت إبنها الوحيد إثر علاقة حب عابرة من اب لم يعترف به علنا ويرعاه سرا .
هيلدا نبراندا ابنة خال فرمينا وصديقتها وحافظة اسرارها شابة طموحة وقوية احتضنت فرمينا في اشد فترات حياتها حرجا حين صدت فلورنتينو وتزوجت الدكتور خوفينال اوربينو ,
هناك شخصيات نسائية كثيرة ياتي ذكرهن في الرواية من خلال شخصية فلورنتينو اريثو مجنونات بالحب والعلاقات الجسدية منحهن ماركيز الحياة والرغبة والمغامرة وهن عصفورات الليل كما اسماهن بطل الرواية .
لكن النصيب الأوفر يبقى لفرمينا داثا الربة المتوجة التي عاشت تجربتين مختلفتين وملأت الرواية بأحداث ساخنة تعصف بالقارى وتجعله مبهورا يطارد طيفها عبر صفحات الرواية الغنية مع رجلين قد تنتهي الرواية دون ان يعرف القارىء أي من أحبت فرمينا اكثر من غيره؟ زوجها الذي عاشت معه الخمسين عاما ام حبيبها الأول فلورنتينو والذي سيقضي معها ما تبقى لها من حياة يترصدها الموت والشيخوخة والكوليرا ورفض الأبناء لتصرفات هذه الأم الطاغية التي لا يقف شيء في وجهها في اختيار الحياة التي تريد
حين تحولت رواية الحب في زمن لكوليرا الى فيلم حضر عرضه المؤلف أقترب أحد الصحفيين ليسأل ماركيز عن رايه بالفيلم .أجاب ماركيز جوابا أذهل الجميع فقد أجاب :
ما رأيته لا علاقة له بروايتي .