الولادة العسيرة للحكومة العتيدة


عواد احمد صالح
2014 / 9 / 6 - 16:25     

الولادة العسيرة للحكومة العتيدة
عواد احمد
رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لا يستطيع تلبية مطالب " اتحاد القوى العراقية " الذي يدعي تمثيل المكون (السني) ، لانه لايملك ارادة التغيير ولايمكن له ان يخرج من دائرة التصور السياسي التي يحملها التحالف الوطني الشيعي لطبيعة الحكم في العراق الذي يجب ان يبقى وفقا لهذا التصور بثقله الاساسي بيد الشيعة باعتبارهم يمثلون" الاغلبية" حسب هذا التصور . ان ورقة المطالب التي قدمها اتحاد القوى العراقية وهي مطالب ليست صعبة وليست مستحيلة لو توفرت الرغبة والارادة لتلبيتها من قبل الائتلاف الوطني .ولكونها لن تغير المعادلة المختلة للحكم لانها حتى لو طبقت كما اعلن عنها فانها لن تعيد التوازن السياسي بشكل حقيقي لان المالكي في المرحلة السابقة احدث خللا سياسيا اجتماعيا ليس من السهل اصلاحه ، فهو قد وضع جميع سلطات القرار بيده وبيد كتلته وبيد التيارات الشيعية عموما . ان كل القوى الامنية والعسكرية والمخابرات والامن الوطني بقياداتها وهياكلها ووزاراتها مكونة من الشيعة وبنسبة تسعون بالمئة والعشرة بالمئة الباقية مقسمة بين الاكراد والسنة هذا اضافة الى وجود مليشيات العصائب وسرايا السلام والمتطوعين (الحشد الشعبي ) وهذه القوى اضافة الى كونها خارج اطار الدستور والقوانين فهي مليشيات طائفية قلبا وقالبا .
هذا الاختلال في المعادلة السياسية مع الاقصاء والتهميش وتخوين الشركاء السياسيين من (السنة ) وتجريم بعضهم وسحق مطالب المحافظات الستة (مجزرة الحويجة ) والحرب في الانبار هو الذي دفع مئات بل الآلاف من الشباب من المناطق المصنفة (السنية ) الى الانضمام للجماعات المسلحة وخاصة تنظيم الدولة الاسلامية وحصل الذي حصل من سقوط مساحات شاسعة من العراق بيد تلك الدولة بين ليله وضحاها . بسبب هذا الاستقطاب الطائفي الشديد الذي اوجدة المالكي بسياسته الطائفية والاقصائية وبفعل تاثير ادوار الدول المحيطة بالعراق تم تدمير وتفتيت اوصال البلد بشكل لايمكن لاي مراقب عبقري ولا اي محلل سياسي محنك تصوره. فالواقع الذي حدث بعد 10 حزيران والمعادلات السياسية والجغرافية التي حصلت نتيجة له شيء مذهل حقا .
القتال الدائر الان بين قوات الحكومة ومقاتلي (الدولة الاسلامية ) هو قتال طائفي مئة بالمئة قتال شيعي - سني بكل بصراحة ووضوح هذا القتال بسبب طبيعته الطائفية ولاسباب اخرى فنية عسكرية ، لن يمكن المالكي حتى الان مثلا من استعادة تكريت التي هاجمها 31 مرة دون تحقيق نصر ستراتيجي وحاسم يمكن ان يحدث تغييرا في معادلة القوى على الأرض .
الحكومة المنتظرة التي لو قيض لها ان تتشكل – وهي لن تكون غير حكومة محاصصة طائفية قومية معتلة ومختلة التوازن - عليها ان تحسب حساب انها وفقا لما هو حاصل الان ووفقا لمعادلات القوى العسكرية التي تملكها لن تحقق اي نصر حاسم ابدا . لابد لها لو ارادت السير في طريق النجاح وكسب تعاطف المحيط الاقليمي والدولي عليها ان تحقق التوازن السياسي بشكل جذري داخليا ، تعيد هيكلة القوى العسكرية للجيش والشرطة والشرط الاول كما تجمع كل القوى المحلية والعالمية والولايات المتحدة هو ان تحقق فصلا سياسيا اجتماعيا بين سكان المناطق (السنية ) وعناصر الدولة الاسلامية وجميع الجماعات المسلحة . لايمكن لها ابدا استعادة الموصل او تكريت او الشرقاط وغيرها في اطار حرب طائفية واضحة معادلتها جيش طائفي –مليشيات طائفية – حشد شعبي طائفي مقابل جماعات مسلحة اكثر طائفية وتعصبا . بهذه العقلية لن تحقق نصرا استراتيجيا ولن تضع اميركا والحلف الاطلسي الذي قرر تشكيل تحالف دولي لن يضعوا قوتهم في خدمة حكومة (شيعية ) متعصبة صارت تشكل عبئا على اميركا نفسها – تفكر بنفس عقلية المالكي وسياسته الطائفية التي اغرقت العراق في مستنقع التمزق والحرب والفوضى والقتل والتهجير الطائفي العرقي الديني المذهبي . اكثر ما سيفعلوه هو شل وتحجيم قوة تنظيم الدولة الاسلامية مع ابقاء شبح خطره ماثلا امام (الدولة الشيعية ) في العراق والدول الاقليمية التي ترغب الولايات المتحدة والغرب اخضاعها اكثر فاكثر لسياسة الهيمنة عليها وفرض ما تريده على حكامها وخاصة ملك السعودية الذي سيدفع ما جنته يداه ,, فاتورة التحالف الدولي الذي باشرت اميركا والغرب بتشكيله .
انها الكارثة بأم عينها التي وقعنا فيها نحن جماهير العراق من مختلف المكونات العرقية والمذهبية والدينية ، تخريب وتدمير حياتنا ، حضارتنا وتنوعنا وموروثنا الثقافي والفكري والديني وتهجير ملايين السكان الى مختلف اصقاع الارض . بحيث صار لزاما علينا ان نكره ونمقت بلد اسمه العراق بساسته وسياسته. وتلك الاقسام الغبية والمتحجرة والمتعصبة من السكان المرتهنة لسطوة الماضي وافكاره التي عفا عليها الزمن.
ان الحرب الاهلية الحالية التي بدات منذ سقوط الموصل وحتى اليوم هي حرب طائفية قومية مذهبية مغرقة في الرجعية تجري بدفع من قوى مختلفة محلية واقليمية ودولية على حسابنا نحن الجماهير المضطهدة والمظلومة في العراق التي لامصلحة لنا فيها من قريب او بعيد .
لهذا ووفقا لهذه الرؤية السياسية : اذا لم تتغير معادلة السلطة وبنية النظام السياسي الطائفي المحاصصاتي البغيض وتزاح الوجوه الطائفية الكالحة والفاسدة فلن يحدث شيء ايجابي في العراق ابدا ؟؟.
اما حكومة العبادي العتيدة فلن تستطع الخروج من القيود والتصورات والاوهام الطائفية والمحاصصة والشلل السياسي وخاصة سياسة الغالب والمغلوب وتحقيق رؤية جديدة لعراق جديد ؟؟
6/ ايلول / 2014