يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1


حسقيل قوجمان
2014 / 9 / 6 - 12:57     

يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1
يتذكر القراء انني كنت قد قاطعت يعقوب ابراهامي منذ الحلقة الثانية من اول مقالاته عن حسقيل قوجمان وبينت الاسباب التي دعتني الى المقاطعة. والدليل على ذلك انه منذ انقطاعه عن الكتابة عن حسقيل قوجمان لم اذكر اسمه ولو مرة واحدة. ولكن عادت حليمة الى عادتها القديمة ووجد فرصة حواري مع الاخ الزيرجاوي مناسبة جديدة للتهجم على حسقيل قوجمان فكتب مقاله "الفول والماركسية".
علمت من المقال انه كانت ثمة تعليقات على حواري مع الاخ الزيرجاوي ولكني مع الاسف لم اطلع عليها لا تجاهلا بل جهلا. فانا لا اعرف اين اجد التعليقات على مقالاتي وقد سالت الاخ رزكار عن ذلك فاجابني انها في اسفل مقالاتي، وانا مع الاسف لا اجد التعليقات في اسفل مقالاتي.
يبدأ يعقوب مقاله باقتباس العبارة التالية من حواري مع الاخ الزيرجاوي "ولكن السؤال الذي اوجهه للاستاذ الزيرجاوي هو : هل تعتبر الديالكتيك علما ام هو مجرد افكار او فرضيات؟" ويكمل الاقتباس كالعادة بالعبارة التالية للتهجم على حسقيل قوجمان وليس لمناقشة العبارة المقتبسة:
" - (حسقيل قوجمان، مكتشف قانون "فناء الضدين"، يخترع علماً جديداً هو علم الديالكتيك). "
وبدلا من ان يبدي رايه في نفي كون الديالكتيك علما يسائل قراءه :ما هي العلاقة بين الفول والماركسية؟ ويبين ان الانسان البسيط يجيب الا علاقة بين الفول والماركسية ثم يقول:
"ولكن، بخلاف الإنسان البسيط، "المفكر الماركسي" حسقيل قوجمان يقول، في الحلقة الثانية من سلسلة مقالاته حول "الزيرجاوي ومأساة الديالكتيك" ("الحوار المتمدن" - 2014 / 8 / 19)، أن هناك علاقة مباشرة بين الإثنين (أي بين الفول والماركسية) وأن تحوّل حبة فول إلى نبتة فول يثبت في الواقع صحة أفكار كارل ماركس حول مستقبل الجنس البشري. "
هنا تبدو باوضح صورها امانة يعقوب ودقته في اقتباس اراء حسقيل قوجمان. ويزعم متهما المفكر الماركسي حسقيل قوجمان ان حسقيل يقول ان هناك علاقة مباشرة بين الاثنين ويواصل وصف ذلك كما جاء اعلاه. وهذا كذب وافتراء وتزييف متعمد يظن انه بذلك يجتذب قراءه!!!
اتحدى يعقوب ابراهامي ان يقتبس كلمة واحدة مما اعتبره قولا لحسقيل يفيد بوجود علاقة بين الفول ووجبة الفول التي لا ياكلها (ربما لانها اكل الفقراء) وبين الماركسية. ان اتهام حسقيل بهذا القول هو مجرد افتراء. وهو يدل على جهل يعقوب المطلق للماركسية واثبات صحة افكار كارل ماركس والعملية الديالكتيكية.
ان حسقيل ابعد من ان يقول ان هناك علاقة بين الفول والماركسية. ولكن حسقيل قوجمان يميز بين العملية الديالكتيكية وبين الماركسية. العملية الديالكتيكية هي تعبير عن ان سلوك المرء عند دراسة ومعالجة الظواهر الطبيعية التي تجري في الطبيعة سلوك ديالكتيكي لان كل حركة في الطبيعة والمجتمع تجري بطريقة ديالكتيكية. وهذا هو الاكتشاف الحقيقي لعلم المادية الديالكتيكية. وبما ان كل حركة في الطبيعة والمجتمع تجري بطريقة ديالكتيكية يمكن اتخاذ امثلة بسيطة من الطبيعة ومن المجتمع لتسهيل فهمها وللبرهان على ذلك. وقد اتخذ البعض تبخر وانجماد الماء لشرح ذلك واتخذ البعض البيضة وفقسها واحدهم انجلز لشرح ذلك واخذ حسقيل حبة الفول، وليس وجبة الفول التي لا ياكلها يعقوب، لشرح ذلك. ولكن يعقوب يعرب في الواقع عن جهله المطبق للطريقة الديالكتيكية.
ثم يبدي اعتقاده بعدم اقتناع احد بوجود العلاقة بين الفول والماركسية باستثناء علاء الصفار الذي يبدو انه علق تعليقا ايجابيا على مقال حسقيل قوجمان.
ثم ينتقل يعقوب الى موضوع تحويل الحديد الى ذهب. فمن المعروف تاريخيا ان السيميائيين حلموا وحاولوا ان يحولوا الحديد الى ذهب وفشلوا طبعا.
هل هذه فكرة غريبة؟ لا عندما يعلنها من أعلن في مقالٍ سابق، وهو يرتدي بزة عالم الكيمياء، أن في مقدوره تحويل الحديد إلى ذهب بفعل قوةٍ كونية خرافية لا وجود لها إلاّ في مخيلته.
في هذه العبارة تتضح نزاهة يعقوب العظيمة بنقل اراء خصمه الى جمهور قرائه. فقد جاء في مقال حسقيل ان العلم توصل الى تحقيق حلم السيمسائيين بامكانية تحويل الحديد الى ذهب. ويخبر قراءه بان بمقدور حسقيل تحويل الحديد الى ذهب واضاف بعليقاته البذية على ذلك. والعلم توصل فعلا الى ذلك ولكن طريقة تحويل الحديد الى ذهب تكلف اضعاف اثمان الذهب الذي يحصلون عليه.
لو القى يعقوب ابراهامي نظرة الى جدول العناصر في الطبيعة اذا كان قد سمع بوجوده لوجد ان تحويل الحديد الى ذهب يعني تحويل عدد البروتونات الموجودة في نواة ذرة الحديد الى عدد البروتونات الموجودة في ذرة الذهب لكي يصبح الحديد ذهبا. الرقم الذري للحديد هو ستة وعشرون والرقم الذري للذهب هوتسعة وسبعون. وهذا يعني ان تحويل الحديد الى ذهب يتطلب تغيير الرقم الذري من ستة وعشرين بروتون في ذرة الحديد الى تسعة وسبعين لكي يتحول الحديد الى ذهب. وبما ان العلم اكتشف تركيب ذرات العناصر وتعلم تغيير تركيبها فهذا يعني ان بامكان العلم تحويل الحديد الى ذهب رغم ان تحقيق ذلك صعب ومكلف وغير عملي. ويعقوب كما يبدو لم يسمع ولم يعرف بذلك.
ولكن العلم قام عمليا بتحويل اعلى واصعب من ذلك وانفقت الولايات المتحدة العديد من تريليونات الدولار من اجل تحقيقه. فاليورانيوم هو اعلى العناصر الموجودة في الكرة الارضية وقد قضى الزوجان كوري حياتيهما من اجل استخراج اليورانيوم من خاماته.
ولكن العلم كذلك اكتشف وجود عناصر اعلى من اليورانيوم في الطبيعة وهي غير موجودة على الكرة الارضية. ولكن الولايات المتحدة والمانيا قبلها كانت تحتاج الى احد هذه العناصر من اجل انتاج القنبلة الذرية. وهذا العنصر هو البلوتونيوم الذي يعلو درجتين في جدول العناصر على اليورانيوم. فالوزن الذري لليورانيوم هو اثنان وتسعون اما الوزن الذري للبلوتونيوم فهو اربعة وتسعون. فكان على العلماء ان يعملوا على تحويل اليورانيوم الى بلوتونيوم. واذا كان يعقوب يعلم ام لا بان خيرة علماء بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة كونوا فريقا واحدا خلال الحرب العالمية الثانية من اجل تحويل اليورانيوم الى بلوتونيوم باضافة العدد اللازم من البروتونات والنيوتروناب الى نواة ذرة اليورانيوم ورفعها من اثنين وتسعين الى اربع وتسعين ونجحوا في ذلك . وقد جرى هذا العمل عن طريق العلم وليس "بفعل قوةٍ كونية خرافية لا وجود لها إلاّ في مخيلته."
في الفقرة التالية يبحث يعقوب قضيتين هما القانون الرابع من قوانين الديالكتيك، ويقصد قانون فناء الضدين، وموضوع كون كارل ماركس ينبغي ان يكون عالما زراعيا لكي يتحدث عن نمو حبة الفول.
اولا حول قانون فناء الضدين. ان حسقيل قوجمان لم يعتبر هذا القانون قانونا رابعا من قوانين الديالكتيك بل تحدث عنه كقانون طبيعي. وهذا ما لم يفهمه يعقوب ولم يحاول ان يفهمه من شروح حسقيل قوجمان له.
من دواعي الفخر والاعتزاز لو ان حسقيل قوجمان كان فعلا مكتشف قانون فناء الضدين. ولكن حسقيل قوجمان تعلم هذا القانون من انجلز فقد شرح انجلز موضوع نشوء الفرخ وتطوره في داخل البيضة اثناء الحضانة وبين تحقق القوانين الديالكتيكية على حركة هذا النمو وبين ان اكتمال نمو الفرخ في داخل قشرة البيضة التي كانت حاميته طوال فترة نموه حتم على الفرخ كسر القشرة لكي يخرج للطبيعة كفرخ دجاج. وبين ان عجز الفرخ عن كسر القشرة يؤدي الى فناء الفرخ وفناء البيضة. فلا يبقى الفرخ فرخا لانه يموت في داخل القشرة ولا تبقى البيضة بيضة لانها فقدت المواد التي تجعلها بيضة. وهذا هو قانون فناء الضدين بالنسبة لانجلز كما فهمته.
وبعد النقاشات الطويلة حول قانون فناء الضدين واتهام حسقيل باختراعه او اكتشافه قرات البيان الشيوعي مرة اخرى وفوجئت بان ماركس وانجلز كتبا في الفقرة الاولى من البيان الشيوعي عن قانون فناء الضدين حين تحدثا عن ان فشل الصراع الطبقي لاجراء التحول النوعي المحتم من الصراع ادى تاريخيا الى فناء الطرفين المتناحرين. وهذا طبعا ليس النص الحرفي لما جاء في البيان الشيوعي ولكن يعقوب او كل قارئ يهمه الامر يستطيع مراجعة الفقرة الاولى من البيان الشيوعي.
واننا نعيش الان في ظروف يخشى فيها العلماء من ان استمرار التدهور البيئي في كرتنا الارضية يهدد بفناء الحياة على الكرة الارضية وحتى بين العلماء من يضع زمانا محتملا لهذا. ولو حدث هذا فانه يعني تحقق فناء الضدين، الطبقات الامبريالية الراسمالية الحاكمة والطبقات العمالية والكادحة نتيجة فناء الحياة على الكرة الارضية.
اما اين تحدث كارل ماركس تناحر النقيضين فكان حين شرح في العبارة التي اقتبسها الاخ الزيرجاوي وبين ان حركة الديالكتيك هي التناحر بين النقيضين الموجودين في الظاهرة (كل ظاهرة). ومنها بالطبع ظاهرة التناقض في داخل حبة الفول. ولكي يبدي رايه في حركة تجري في الطبيعة لا تحتاج الى ارتداء رداء خبير في الموضوع. فحتى يعقوب مثلا يستطيع ان يقول انه اذا كانت اسس البناء غير كافية او ان المواد التي استعملت في اساس البناء غير جيدة فان البناء سينهار بدون ان يرتدي بزة المهندس. لكن المهندس الاستشاري الزيرجاوي هو الذي يحتاج الى ان يكون مهندسا لكي يعرف ما هي الاسباب التي جعلت اسس البناء غير سليمة وكيف يمكن علاجها وتصحيحها لتلافي حدوث الانهيار. كما ان حسقيل لم يحتج الى ارتداء رداء العالم الكيماوي حين تحدث عن تحويل الحديد الى ذهب ولكن الذي يحتاج الى ارتداء العالم الكيمياوي والفيزياوي والذري هو الذي يستطيع العمل على تحقيق التحويل. وقد احتاج الامر الى اكفأ العلماء في كافة هذه العلوم من اجل اجراء تحويل اليورانيوم الى بلوتونيوم.
ويتوصل يعقوب اخيرا الى النتيجة الاخيرة بان "القيمة العلمية لكل هذا العبث الكلامي هي طبعاً صفر. صفر مطلق." ولا شك ان منح حسقيل درجة الصفر ممن شخص كيعقوب هو بمثابة درجة المائة من الناحية العلمية.
اكتفي الى هنا في هذه الحلقة بامل ان يتاح لي في المستقبل ان اناقش الماركسية المحنطة وماركسية يعقوب غير المحنطة.