الرؤية مرّة واحدة أفضل من السماع مئة مرة


محمد نفاع
2014 / 8 / 31 - 10:43     

فلسطين، ملحمة الصمود
"الرؤية مرّة واحدة أفضل من السماع مئة مرة"


•الرئيس الفلسطيني أبو مازن ليس إرهابيًا أبدًا، ولا هو من حماس، ولا من حزب الله، ولا من إيران، وله تصريحات ومواقف عليها الكثير من المآخذ من أعضاء تنظيم فتح، فماذا قدمت له أمريكا، وإسرائيل!! غير استمرار الاحتلال والاستيطان والجدار والقتل والمصادرة وتهويد القدس العربية والأقصى



•على الأجيال الشابة ألا تقع في أحابيل الكذب، فحبل الكذب قصير، فغدًا يذوب الثلج ويبان المرج، لكن الضرر يكون قد وقع، وعلى الجمهور ألا يكون محطة تجارب للمتاجرين باسمه. الموقف من الاستعمار هو المقياس، الموقف من الرجعية العربية هو المقياس. الموقف من المقاومة هو المقياس










من شبه المستحيل تعداد مجلّدات الكذب والتزييف التي رافقت قضية الشعب العربي الفلسطيني. والهادفة إلى جعل الضحية معتدية، والمعتدي ضحية. فهل قام الشعب العربي الفلسطيني ولو مرة واحدة باعتداء على الأعداء!! منذ المؤتمر الصهيوني الأول، ووعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، وثورة سنة 1929، وثورة القسّام، وعام النكبة الكبرى، والعدوان الثلاثي سنة 56، وحرب حزيران العدوانية سنة 67 وكل الحروب على لبنان ومنظمة التحرير، والحرب اليومية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وطال العدوان الإسرائيلي كلا من مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق وتونس والسودان وبطرق مختلفة، من خرق للسيادة والتقسيم والغزو والاحتلال، وكله مدعوم من الاستعمار البريطاني والفرنسي والأمريكي منذ قرن ونيف من الزمن وحتى اليوم، وقامت الرجعية العربية بدور النذل المتواطئ والعميل من يومها وحتى اليوم.

لم يكن الاتحاد السوفييتي أول من اعترف بإسرائيل كما يحلو لبعض القومجيين في التحريض علينا. أول من اعترف بإسرائيل قبل قيامها هي بريطانيا العظمى صديقة العرب بوعدها المشؤوم، وعبد العزيز آل سعود الذي أيّد ذلك بحماس وعطف إنساني على اليهود المساكين، على حد قوله.

ولم يكن السلاح التشيكي هو الذي حسم المعركة واحدث النكبة، بل كانت بريطانيا العظمى بانتدابها وتنفيذ وعدها، ومعها الرجعية العربية العريقة والمخضرمة والحالية، والتي تقوم بنفس الدور وبصورة أوقح واخطر في سوريا الصامدة وضد المقاومة اللبنانية الباسلة؛ إنها الرجعية التي تموّل العدوان على العرب بشكل مباشر وغير مباشر، خاصة السعودية وقطر، تماما كالعاهرة التي تدفع أجرة الخان، ولها أبواقها وعملاؤها وفضائياتها ومرشدوها وفتاواهم.

عودنا الإجرام الإسرائيلي الاستعماري الرجعي على سماع عشرات القتلى وربما المئات كل يوم جديد في منطقة الشرق الأوسط العربية، ضمن مخطط الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير والجديد من اختراع وزيرة خارجية أمريكا السابقة كوندوليسا رايس.. بسلاح من يُقتل سوريون وعراقيون وليبيون وفلسطينيون ويمنيون...!!







*كأن القضية تبدأ من إطلاق صواريخ المقاومة!*




أصبح وأمسى الأمر عادة، طبيعيًا في مفهوم العالم الحر أسفل عالم خُلق على وجه الأرض هو وصنائعه من دول وتنظيمات مثل داعش والنصرة وهذه المسميات المجرمة من نسل القاعدة.

لأكثر من خمسين يومًا وماكنة العدوان الفاشي الإسرائيلية تقصف وتهدم وتقتل في غزة، في البيوت والشوارع والمساجد والمشافي والمدارس، وكله يوضع في خانة الدفاع عن النفس وسلامة مواطنيها، وكأن القضية بدأت وتبدأ من إطلاق صواريخ المقاومة أو خطف مستوطنين وقتلهم، وليس من الاحتلال والاستيطان وحرمان الشعب العربي الفلسطيني من حقه المقدس والمشروع في الكفاح العادل جدًا من اجل كنس الاحتلال كليًا، وكنس الاستيطان كليًا وإقامة الدولة العربية الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية والحق المقدس للاجئين في العودة إلى وطنهم تنفيذًا لقرارات الأمم المتحدة من جمعية عمومية ومجلس امن دولي، هذه الهيئة الصورية المهروقة لتنفيذ قرارات حقيرة فيما يتعلق بلبنان والعراق وسوريا وإيران والسودان وكلها تخدم الاستعمار وإسرائيل. لا توجد دولة في العالم ضربت عرض الحائط بالقرارات الدولية مثل إسرائيل الديمقراطية جدًا في عرف العالم الحرّ، عالم الدسائس والاستعمار والاستغلال والإجرام الذي يعمل من اجل خنق كل صوت، وكل نظام، وكل تنظيم يقف حجر عثرة في طريق جشعة. تآمر حتى على روسيا زمن القيصر بطرس الأكبر في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، وساعد السويد والسلطنة العثمانية، المهم الا تكون هنالك دولة قوية حتى ولو كانت روسيا القيصرية، يومها كلها تنافست على ارث اسبانيا، وبعدها على ارث السلطنة العثمانية، الرجل المريض، ولكنها وجدت الوقت للتآمر على روسيا خاصة في زمن بطرس الأكبر الذي قام بخطوات هامة في مقاييس تلك الأيام، عالم عاش وتطور على حساب دم وعرق الشعوب. يكفي ان نعرف ان لهولندا في ذلك الوقت أسطولا تجاريًا وعسكريًا قوامه 16 ألف سفينة، وقِس على ذلك بريطانيا وفرنسا واسبانيا والسويد وأمثالها.

لا توجد دولة في حجم إسرائيل قتلت وتسببت في قتل هذا العدد الهائل من البشر، غالبيتهم الساحقة جدًا جدًا من المدنيين، ولا فرق بين كهول وأطفال وبين رجال ونساء وشباب، وكأن قتل الشباب مشروع!! ولكن: منذ سنة 2006 على الأقل وحتى هذه الأيام حدث أمر في غاية الجدية والأهمية، هذا الأمر هو المقاومة المسلحة في لبنان وغزّة. لأكثر من خمسين يوما والعدوان الفاشي على غزّة، والألوف المؤلفة من الشهداء والجرحى وعشرات ألوف المنازل والمرافق الصحية والثقافية والدينية المهدّمة، والمقاومة الباسلة التي تُنعت بالإرهاب مستمرة بمنتهى الشهامة والكرامة رغم الحصار وإغلاق المعابر، لماذا هذه المقاومة إرهاب!! ولماذا حماس إرهابية!! اسألوا من يتشدق بإعطاء هذه الألقاب والمكنّيات.







*ظاهرة جديدة، مربكة جدًا*




جنوب ووسط إسرائيل في الملاجئ، هذه ظاهرة جديدة، مربكة جدًا، وتنطوي على انقلاب خطير.

وقبلها المحاولة الجديدة لاجتياح لبنان سنة 2006 للقضاء على المقاومة التي صُنّفت أيضا كحركة إرهابية من قِبل إرهابيي العالم وفي طليعتهم الولايات المتحدة وإسرائيل، يومها أملت وزيرة خارجية أميركا وهي سمراء جدًا كوندوليسا رايس ان مخطط الشرق الأوسط الجديد قد بدأ، لكن العتمة لم تكن – على قدّ ايد الحرامي – ليس فقط ان المقاومة اللبنانية صمدت، بل ان إسرائيل لم تنتصر، تمامًا كما هي الحال اليوم. وكلنا نذكر مواقع ووقائع وادي حجير وعديسة... هذا بالرغم من الفرج العربي الذي كان على أحرّ من الجمر للقضاء على المقاومة. وتظل القوى العميلة في لبنان تطالب بتجريد المقاومة من سلاحها، وخروج أفراد المقاومة البطلة من سوريا، والذين يقفون هذا الموقف هم للأسف الشديد بشر، يأكلون ويشربون ويخطبون ولهم أتباع وشِيَع ووسائل إعلام وأسياد ومموِّلون من عرب وأجانب، خيانتهم واضحة وغير مبطنة.

ليس سرًا ان سلاح مقاومة العدوان له مصادر من إيران وسوريا وحزب الله وكوريا الديمقراطية. دكتاتورية كوريا الشمالية اشرف ألف مرة من ديمقراطية أمريكا وإسرائيل وحلف الأطلسي، وموقف إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية والمقاومة في غزّة هو من اشرف المواقف، لأنه دفاعًا عن النفس، ودفاعًا عن القيم الوطنية والإنسانية، ولأنه معادٍ وممانع لرأس الحية، الولايات المتحدة وأذنابها وصنائعها، ويجب ان يكون الموقف موحدًا وواضحًا وثابتًا بدون أية انتقائية وبدون أي تفريق بين هذه المعادلة المبنيّة للواضح والمعروف، هنالك قوتان: قوة عدوانية إجرامية متماسكة في العًلًن والشر، وهنالك قوة مقاومة شجاعة.

الرئيس الفلسطيني أبو مازن ليس إرهابيًا أبدًا، ولا هو من حماس، ولا من حزب الله، ولا من إيران، وله تصريحات ومواقف عليها الكثير من المآخذ من أعضاء تنظيم فتح، فماذا قدمت له أمريكا، وإسرائيل!! غير استمرار الاحتلال والاستيطان والجدار والقتل والمصادرة وتهويد القدس العربية والأقصى... حرّضت إسرائيل عليه لأنه "لم يتعب على نجله وحفيده في مجال التربية"، قال نجله: أنا من صفد وأريد العودة، وقال حفيده الطفل الرائع بلهجته المحبّبة المدهشة: أنا من صفد.. فاتهموه بالإرهاب، ومن!! ليبرمان ابن مبارح في هذه البلاد، والذي يريد ترحيل العرب الفلسطينيين أبناء هذا البيت "أبًّا عن جدّ" وجدّ الجدّ...

هنالك مقاييس ومعايير يجب ان تداس بالأقدام، كلها عهر صهيوني عنصري فاشي، وقد تكون دوافعها اليأس والهلع، راحت أيام العزّ.

سمعنا مرة من قال: 99,9% من أوراق الحلّ في يد أمريكا، تماما كنسبة الأصوات التي أخذها، فأين الحلّ، الحلّ ما نراه اليوم.

وما رأي أولئك المثقفين اللبراليين المائعين الذين وقفوا مع "الثورة السورية" بالأمس وحتى اليوم، ضد النظام، وعمليًا ضد سوريا الدولة والشعب والوحدة والاستقلال وبقيادة هذا النظام بالذات!!

وماذا مع شحّادي ومتمّولي قطر الذين كانوا بالأمس القريب أبناء بيت في سوريا!! واليوم أين هم!! أبناء بيت في قطر والسعودية أقذر رجعية في العالم.

ما أشهم وما اشمخ المواقف الصقرية النسرية، وما أوطأ المواقف الدجاجية التي تتنفس من الانتهازية والنفعية والتلون والكذب: قد تطير النسور أحيانًا أكثر انخفاضًا من الدجاج، لكن الدجاج لا يمكن ان يصل إلى علوّ وسموّ النسور، إن اشرف قيمة إنسانية هي قيمة المقاومة والنضال الوطني ضد الاحتلال والاضطهاد.

وما ازنخ هؤلاء الذين يحسنون الرقص في عرسين وفي نفس الوقت مع البعد الجغرافي بين العرسين، لهم منافع في ذلك، مادية رخيصة وزائلة، ومعنوية ابعد ما تكون عن المعنوية والكرامة، ولأنهم بلا ثوابت جلدهم خِمل، يبلعون الاهانة والمهانة بشهية منقطعة النظير.







*نظام عنصري في اسرائيل والفاشية تتفشى*




في إسرائيل نظام عنصري حتى النخاع، والفاشية تتفشى ـ أحد أسبابها اليأس والإحباط، أما التعريف العلمي للفاشية فهو كالآتي وكما جاء في معجم الشيوعية العلمية ونورد ذلك باختصار: "الفاشية من الكلمة الايطالية Fascio وتعني الجمع أو الحزمة، دكتاتورية إرهابية دموية لأكثر فصائل الطبقات الاستغلالية رجعية وشوفينية وعدوانية، ولدتها الأزمة العامة للرأسمالية. وتتميز الفاشية عن بقية أشكال الدكتاتورية الرجعية بوجود صلات واسعة مع قسم معين كبير بما فيه الكفاية من السكان غير المنتسبين إلى الطبقات الحاكمة، وبالقدرة على تعبئتهم وتنشيطهم سياسيًا لما فيه مصالح النظام الاستغلالي، الدعامة الاجتماعية للفاشية من البرجوازية الصغيرة، وبالمضاربة بالتذمر الاجتماعي لهذه الفئات من السكان تستغلها الفاشية لتوطيد مواقع رأسمالية الدولة الاحتكارية.

ايديولوجيا الفاشية مزيد من الأفكار الأكثر رجعية المتبلة ببعض الشعارات الاجتماعية، وتبرز ايديولوجية الفاشية بوصفها التجلّي الأكثر تطرفًا لايديولوجية العرقية (فكرة تفوق احد العروق على الأخرى، وتعليل سياسة الإبادة الجماعية، أي إبادة شعوب بكاملها جسديًا بذريعة انحطاطها).

والفاشية الجديدة تبدي الولاء الظاهري للشرعية والمؤسسات البرلمانية، وتتمتع بحماية بعض حلقات جهاز الدولة...".

ولنتذكر كلمات مثل: صراصير في قنينة، والعربي قذر ووحش، والموت للعرب، ومدارس بلا أطفال،... وحطابين وسقائي ماء، ونرى اليوم الإبادة الجماعية، والشعب المختار. شاهدنا المجموعات الفاشية في مظاهرات حيفا وتل أبيب ضد العرب والشيوعيين، ضد اليسار. وتتصاعد الفاشية والعنصرية على تربة الاحتلال والحرب الإجرامية ضد كل من يرفع صوته ضد الإجماع، حتى لو كان غير يساري، وترافقها قوانين مبطنة أحيانًا لكنها تنضح بالعنصرية والفاشية.

من هنا ضرورة خلق إطار يهودي عربي معادٍ للفاشية والحرب والعنصرية، بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة وبعيدًا عن كل أشكال الذاتية والأنانية، والمراهقة السياسية لكسب مؤقت لا مستقبل له.

إن قاعدة هذا الإطار هي الجماهير العربية المستهدفة، وبمشاركة صادقة وجزئية ومسؤولة مع القوى اليهودية حتى وإن ظل الخلاف الفكري بالأساس.







*للابتعاد عن كل خطاب انغلاقي طائفي، تعصبي*




إن كل شعار وهتاف يرمي إلى إبعاد القوى اليهودية القليلة عن هذا الكفاح هو خطأ فادح، وعلينا ألا ننسى دور الشعارات القومجية الفارغة الهدّام، والتي خدمت وتخدم بالتالي أهداف السلطة التي عملت وتعمل على تلميع أحزاب وتنظيمات وأشخاص وشخصيات خدمة لمآربها، تتعكز على شعارات طنانة غير مسؤولة والركض وراء الغرور وحب الظهور.

والحاجة ماسة جدًا للابتعاد عن كل خطاب انغلاقي طائفي، تعصبي، وما يجري في الدول العربية من داعش ونصرة... وبكل جرائمها يجب ان يكون عبرة ودرسًا لهذه الأقلية العربية القومية الفلسطينية التي تعيش في وطنها وستظل رغمًا عن كل مخطط عنصري فاشي، لكن هذا "الرغم" لا ينزل كالمنّ والسلوى الوهمي من السماء، بل هنالك دور، كل الدور للعامل الذاتي وفقط للعامل الذاتي. سفك الدم في العالم العربي ليس بسبب السماء، بل على يد بشر على الأرض، وهم معروفون بالأسماء والأماكن والدّور الدنس. قد يكون واقع الأقلية العربية هنا، هو نموذج مصغر وعيّنة لما هو موجود في العالم العربي على مستوى الشعوب والجماهير، لا بل واقعنا أفضل، عندنا معروف موقف كل حزب وكل إطار وكل شخص تمثيلي حتى، اقصد الموقف من القضايا الجوهرية، من قضية شعبنا الفلسطيني وأعدائه، والتي هي جزء أساسي من قضايا المنطقة، هنالك تيّار باع نفسه إلى السياسية الرسمية ولا يخجل من التبجح بذلك وكأن هذه مفخرة، ويجمع تبرعات إلى جيش الاحتلال والتنكيل ويدعو إلى ذلك من مكبرات الصوت، وهو مؤيد لهذه الأحزاب السلطوية صاحبة الباع الطويلة في الإجرام والاضطهاد والتمييز، بلا خجل ولا حياء، هناك دعوة لفرض التجنيد في الجيش، على جزء آخر من شعبنا.

وهنالك قوى ورثت المزايدات وتتميز بالتناقض الصارخ بين شعاراتها الزاعقة وبين جوهرها وأهدافها ومصادر قوتها المالية والسياسية والإعلامية.

وهنالك الخط الكفاحي المبدئي المثابر بقيادة الشيوعيين الذين ينال من التحريض السام حصة الأسد، من قوى قومجية وعميلة ومتسترة بالدين و"مصلحة الطائفة".

الحركة الشيوعية متجانسة إلى حدّ بعيد وكبير في الموقف الصحيح من القضية الفلسطينية والعربية، في سوريا ولبنان وغيرها، ومنها حزبنا الشيوعي والجبهة.







*ذلك الاعتزاز بـ"التحرّر" من التنظيم الحزبي..!*




احترم جدًا غير الحزبيين في إطار الجبهة، واحترم المؤيدين والأصدقاء، وفي نفس الوقت أتساءل: لماذا ترك البعض صفوف الحزب خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي!! وهذا الاعتزاز بـ"التحرّر" من التنظيم الحزبي، وقد أفادوا كثيرًا من النظام الاشتراكي خاصة في مجال الدراسة، أليس في هذا شكل من نكران الجميل، وإضعاف الالتزام وتحجيمه!!

ناهيك عن الوقوف في الخندق المعادي للحزب والجبهة. نحن على أتم المعرفة بان هنالك من يجذب البعض إلى هذا الموقع وهذا الموقف، قلِّل إلى أقصى حد من ارتباطك بالشيوعيين، والبعض ينسجم مع هذا المخطط، هكذا أريح واربح، هذا طبعًا لا يقلل أبدًا من احترامنا لهم، فهذا شأنهم، لكن اللوم كل اللوم على الذين يتكلمون باسمهم عندما يغيبهم الموت عن مسرح الحياة.

اذكر وفاة رفيق عريق لنا في بيت جن، احتضنته العائلة وهو مسجّى، وأنكرته وهو حيّ لأنه أنكر وتنكر لأعمالها، عملا بالقول كما يبدو: كل عنزة بتلحق قطيعها، وكم في هذا المجتمع من مجاملات، من سكوت على الكذب المفضوح، وعلى التزوير، على التزييف، حتى صارت المداهنة من قيمنا وأخلاقياتنا، هذه المداهنة المحلية والركض وراء المصلحة الذاتية، تراها على نطاق الدول، تراها في هيئة الأمم المتحدة، تراها في مواقف السكرتير العام للأمم المتحدة، وقد تطولنا منها طرطوشة، باسم حرية الفرد، والتعددية، وحرية التعبير، وان أفضل إطار ألا أكون مؤطرًا، حتى في إطار اتحاد الأدباء الذي يجري التطاول عليه، كل عداء للشيوعيين مدفوع الأجر، غيبوا ابرز ما ميّز توفيق زياد، شيوعيته، انتماءه الفكري، عندنا وفي العالم العربي.

في "وفيات الأعيان" وليس لابن خلكان نرى حتى الرجعيين والانتهازيين يؤممون الأعيان الشرفاء المناضلين، يتفيأون بظلهم وهم نكرات، كلهم كانوا أصدقاء للمسجّى الذي لا يستطيع الكلام.

من أروع ما قرأت لبرتولد بريخت في "دائرة الطباشير القوقازية" هذا المقطع، عندما زعق المحامي بأعلى صوته دفاعًا عن الباطل، فقال له القاضي كما أظن: كم هي أجرتك على هذا الدّور!!







*على الأجيال الشابة ألا تقع في أحابيل الكذب*




أصبح شراء الذّمم ظاهرة طبيعية، وصار قطع الرأس والسيارة المفخخة على أنغام الله اكبر كله مدفوع الأجر، أموال قذرة من قذرين لأعمال في منتهى الإجرام، لا يوجد حياد في هذه الظروف المصيرية، ولا يوجد مكان للأصوات الساكتة والصامتة المداهنة التي تريد إرضاء الذاتية وإرضاء الأسياد، كل الأسياد الذين ليسوا على مستوى المقاومة الباسلة، هنا يأتي دور الالتزام الحزبي الممهور بتضحيات جمة، لهذا الحزب الشيوعي، لهذا الخط الكفاحي العريق والباقي.

هذه الخصوصية يجب التمسك بها باعتزاز وافتخار، ويجب ممارستها بلا تهيب، الانتماء الفكري بلا نشاط فكري، وبلا ممارسة لا يساوي شيئًا.

وعلى الأجيال الشابة ألا تقع في أحابيل الكذب، فحبل الكذب قصير، فغدًا يذوب الثلج ويبان المرج، لكن الضرر يكون قد وقع، وعلى الجمهور ألا يكون محطة تجارب للمتاجرين باسمه. الموقف من الاستعمار هو المقياس، الموقف من الرجعية العربية هو المقياس. الموقف من المقاومة هو المقياس، الموقف من سوريا المتصدية للإرهاب هو المقياس. وها هي المقاومة في غزة، ورغم كل التضحيات تحقق شيئًا هامًا على الطريق الصحيح، أكثر من المفاوضات العقيمة، وأكثر من جامعة النظم العربية، وأكثر من هيئة الأمم، يبدو ان المقاومة هي الطريق، ويبدو ان وزن الشعب والجماهير المقاومة هو الوحيد الذي يضع حدًا في النهاية لغطرسة المحتلين، لا يوجد أثقل وأقوى من وزن الشعوب المنتفضة المقاومة، هذه العبرة من التاريخ، وهذه العبرة من صمود المقاومة في لبنان وفي فلسطين وغزة فلسطين.