كيفية نشأه الدين !!


وليد فتحى
2014 / 8 / 15 - 22:06     

"قال أرسطو أن الأنسان حيوان ناطق ولكننى لا أرى حرجا من أن أضيف الى تلك المقوله بأن الأنسان أيضا(كائن متدين بطبعه) ؛فعلى ضوء المنهج العلمى التجريدى بشكله الظاهرى وبعيدا عن النظريات الفلسفية يبدو الدين والمعتقدات أكبر وأهم ظاهره تاريخيه فى الكون كله ومستمره أستمرارا أبديا لأن الأنسان يجد عزائه الأوحد فى تلك الحياه والمليئه بالهموم والالأم والأحزان فى معتقده الدينى حتى ولو كان هذا المعتقد أو ذاك الدين يتناقض مع العلم وواقع الحياه .
ففى أطار الفكر الأنسانى عموما فأنه مر بأربع مراحل تاريخيه تبعا لتقدم الزمان وأنعكاسه على الوعى البشرى فبدأ الأنسان البدائى يدرك أن ماوراء الطبيعة والغيبيات يتحكم فيها قوى خارقة غير مرئيه فكان لابد وأن يوجد تفسيرات لتلك الأشياء الغامضه وقد كان السحر ومع مرور الوقت أنتقل الأنسان البدائى من مرحلة الوحشية وأعتماده على الطلاسم والسحر لحمايه نفسه من شر الطبيعه وخوفه من المجهول وعدم أيجاده تفسيرات منطقيه بما يتلائم مع وعيه وبالتالى أنتقل من طور الوحشيه الى البداوه وعندها تصاعدت وعيه ناحيه الدين أى أختراعه لمعتقد دينى لربما يقدم بعض التفسيرات لهذا الكون الغامض ولكن مع أشتداد النعرات الطائفيه المختلفه وأختراع عشرات بل ومئات وألوف من الأديان والعقائد فقد توجه الأنسان الى مرحله أعلى وهى مرحله الفلسفه وتم تأريخ تلك الفتره فى عصر سقراط الذى بحث فى ماهيه الأنسان وتقديم حلول فى كيفيه التخلص من الالام والأحزان ومن ثم أنتقل الأنسان وبدءا من القرن السادس عشر الميلادى الى طور العلم التجريبى ومحاولات تقديم مجموعه أجابات منطقيه فى ماهيه الأنسان وخاصا بعد فشل الأديان فى تقديم تفسيرات عقلانيه فى الكثير من المسائل وخاصا التى تخص حياه الأنسان ومعاشه .
ولكن فى هذا العصر تم التراجع الى الطور البدائى فى كثير من التفسيرات وهو طور الدين بعدما وصل الأنسان الى بعض الأجابات العلميه فى الأمور الأنسانيه وخير شاهد على تلك الرده التاريخيه الظلاميه نجدها فى المنطقه العربية وتفتتها بالنعرات الطائفيه والغير أنسانيه .
فالدين وقف عاجزا أمام جميع الظواهر الطبيعيه والأنسانيه ولم يقدم أى تفسيرات يحترم ويخاطب به العقل الأنسانى الذى يسعى الى المعرفه فقد جاءت أول صفعه قويه للأديان والمعتقدات من خلال العالم الكونى الأول (كوبرنيكوس)ونظريته عن النظام الشمسى التى كانت أول فاتحه تاريخيه لأستقلال العلم عن الدين والأسطورة وتبعه جاليليو ثم نيوتن وبفضل هؤلاء تأسس المنهج العلمى الحديث وأعلان تنحى الدين من وجوده كمسيطر الى مجرد معتقد جماعى يجد فيه الأنسان نزهته الروحانيه ,فالعلم الحديث يؤكد يوما بعد الآخر أن الدين لا يمثل ضرورة جوهريه الا من باب المعأشاه فى ذكريات الماضى والأحساس بالأمان النفسى لأن الأنسان لا يتصور نفسه أن يعيش بلا دين أو معتقد .
فقد كان الدين يمثل أهميه فى بعض الحقب التاريخيه بسبب عدم وجود تفسيرات واضحه للأشياء الغامضه وعصى على الفهم ولكن مع العقل العلمى والتفكير الواضح فلربما لا يجد الأنسان أى أهميه فى وجود الدين ذاته وأنما يتخذه فقط كمعتقد جماعى لأن الأنسان كائن أجتماعى لا يستطيع الحياه وحده دون الأعتراف بفكر الجماعه أو على الأقل الحياد دون التدخل فى مناقشات عقائديه فى الأسطوره التى تتمثل فى الخرافه والدين .
وبالتالى يمكن وصف الظاهرة الدينيه فى العموم ووضعها وتقسيمها الى ثلاثة أشياء وهى (الدين الفردى- الدين الجمعى - الدين المؤسساتى) فالدين الفردى يتمثل فى الخبره الدينيه الذاتيه عن طريق الحدس ومجموعه خبرات وتراكمات فرديه لم يجد من خلاله الأنسان ألا الأعتقاد بمعتقد برؤية ذاتيه دون التدخل من أحد, أنما الدين الجمعى هو نتاج الدين الفردى من خلال زعيم تولى مهمه نشر خبراته الذاتيه وبالتالى يتم أقناع عدد من البشر بتلك الخبرات الذاتيه والى أن يصبح معتقد جماعى وهذا الدور يلعبه المغامرون والأذكياء فى الأقناع وهم من يطلق عليهم فى التاريخ الدينى بأسم الرسل والأنبياء , أما الدين المؤسساتى هو البنيه المصطنعه التى تقوم أعلى مرتبه من الدين الجمعى أو الجماعى فى المجتمعات ذات التكوين السياسى والأجتماعى المركب وهو ما نطلق عليه أسم دور ومؤسسات العباده وأيضا يشمل دور الدوله فى الدين نفسه مثل مصطلح أسود فى التاريخ الأنسانى يسمى (الخلافه الأسلاميه أو كرسى الباباوى الذى كان ييتحكم فى البشر أو نعره سياسية بواجهه دينيه كالفكر الصهيونى )!!
فالدين أذن ظاهرة أجتماعيه يقوم أنطلاقا من ظاهرة فرديه فى تكوينه وأسسه ولأن الأنسان وجد الدين هو العلاج أو الحل الأوحد لحمايه مصالحه الأقتصادية والأجتماعية عندما حقق فائض دائم فى الأنتاج وبالتالى تم نشأه الدين والمعتقد متوازيا مع تقسيم العمل وتقسيم البشر الى أسياد وعبيد وأندرجت المرأه فى مستوى يساوى العبيد ".