التفاؤل المستحيل


عواد احمد صالح
2014 / 8 / 8 - 23:46     

التفاؤل المستحيل
عواد احمد
كلما اشرقت شمس صباح وانا انظر الافق يمينا وشمالا لعلي اجد متسعا للفضاء الحاني ولفرح ابيض معلق في اجراس السماء يرتد بصري حسيرا فلا اجد شيئا يدعو للتفاؤل ولا اجد املا معلقا يمكن ان يهبط على ارض لوثتها الاحقاد والدماء والصراعات وغاب العقل والمنطق عن ساكنيها . فكيف بي ؟؟
يخامرني احساس سلبي مؤلم ان كل ما نكتبه لم يعد ذا جدوى فليس ثمة عقول تصغي ولا ضمائر تصحو ولا عيون ترى في غابة لا انسانية نسميها زورا وبهتانا مجتمعا بشريا !!! حتى بات يلاحقني هاجس مرير ان هذا العالم الذي نعيش فيه تحت سطوة الوحوش والضواري التي تحكمة بات يشبه حلما مزعجا او كابوسا اسود ...ومنذ ان وطات قدماي تلك الارض الأخرى التي احببتها يوما وكنت امني نفسي بانها ارض السلام والمحبة والمدنية والهدوء لم تمر ليلة الا وكانت تحمل في ثناياها وبين ادراجها كوابيسا محيرة عجيبة غريبة . حتى ادركت ان الاحلام تتخذ صورا واشكالا مختلفة تبعا للمكان وللبيئة التي يجد الانسان نفسه مكرها للذهاب اليها وربما سول له الوهم او الوعي الزائف أراجيف أحلامه وتصوراته السياسية في قناعة واهمة : ان بعض الشر أهون من بعض !!! لكن في واقع الامر فان للشر وجه واحد .
في زمن الاحداث الكبرى والماسي يتساوى الجميع بتنفس رياح الشر ونار الحروب من هو في الخضم ومن هو بعيد نسبيا عما يحدث .
اتذكر اني قرات منذ زمن بعيد قصة للكاتب والشاعر الاميركي ادغار الن بو يتحدث فيها عن مرض الطاعون وهي امثلولة حاضرة تشبه ما يحدث اليوم من حروب ومجازر اشد هولا من فتك الامراض في الازمان السحيقة الغابرة عندما كان ينتشر مرض الطاعون ويبيد ما يبيد من البشر زرافات ووحدانا كان بعض العقلاء يهربون بعيدا عن بؤر الشر والموت والدمار ، يعيشون في اصقاع نائية في زنزانات يختارونها بانفسهم يمنون انفسهم بامل يربونه في دواخلهم ، لكنهم وكلما القوا الانظار الى الافاق البعيدة وتنسموا الريح القادمة من بعيد احسوا ان رائحة الطاعون قادمة اليهم غدا او بعده وان دوائر الشر والمصائب تتلقفها ملائكة السماء بين ليلة وليلة لتلقي بها في ارض جديدة ولتبلي بها بشرا كانوا حتى الامس القريب بعيدين عنها .
وهكذا يبدو لي انه ليست الصراعات والحروب والقتل والدمار والموت نتاجا للصراعات من اجل الماديات والملذات والسلطان والجاه فحسب بل هي اطر وقوانين فلكية تفرضها الطبيعة على الانسان دونما خيار منه .
في العراق ارض الإلهة المتصارعة ارض الطوفان والدمار يخيل لي ان ثمة لعنة مازالت حتى يومنا هذا تلاحق الناس في وجودهم ومعتقداتهم وكيانهم وهربهم من ارض لأرض .وقد كتبت يوما نصا شعريا يقول :
ألم تتعلم الجلوس تحت الأبراج ؟؟؟
وفي خزائن الآلهة ..؟!
آلهة بابل الغضبى أبناء ( تيامات )
التي ولدتنا ..
( آبسو ، آشور ، أنانا )
عناصر آدمية في كمين الثروة والجاه
إنها تحدد دوماً المسؤولية ..!!!
كلما ذهب الانسان العراقي باحثا عن ارض سلام وطمانينه يمارس فيها حريته المكبوته تفاجأ بحشود من البرابرة في ظلمة الليل تداهمه وتقض مضاجعه وتحيل حياته الى كابوس مظلم تخطف منه كل شيء ،هذا اذا بقي حيا يتنفس فلا مكان له في عتمة الاحقاد والصراعات الا في اللامكان !!!
كانت الاقدار النحسة في عونكم ايها العراقيون وانتم تتشردون في الافاق تقتلون وتسبى نسائكم تقتص منكم الاحقاد والثارات والحماقات والاوهام والضلالات باسم الالهة وصكوك الغفران من كل شاكلة وطراز كانت الاقدار في عونكم وانتم تدفعون فواتير الديون لهذا العالم المجنون الذي تحكمه الكلاب والذئاب والخنازير وانتم لم تقترضوا منه شيئا في يوم من الايام . لم تطلبوا من احد يوما شيئا سوى ان يكف اولئك السوقة البرابرة تحت مختلف العناوين والرايات عن ان يسوقوكم الى بحار الموت والدمار بلا ذنب اقترفتموه سوى انكم ترغبون وهذا من حقكم ان تعيشوا كباقي البشر في امن وحرية وسلام .
وليذهب المجرمون الى الجحيم فهم من فتح أبوابه ومن سيحترق به في نهاية المطاف !!!
8 آب 2014