بين إرهاب دولة إسرائيل ...- وإرهاب حماس -


عواد احمد صالح
2014 / 7 / 31 - 14:40     


في هذه الحقبة الرديئة من التاريخ العالمي حيث فرضت الامبريالية بطرق ووسائل متعددة تراجعا مريعا على جميع الحركات التحررية الثورية وغيبت تماما اي دور يمكن ان تلعبه الطبقة العاملة في اي مكان في الصراع الطبقي لصالح بعث مختلف اشكال الصراعات الاثنية والطائفية والدينية الرجعية ، وبالتالي انحسر النضال الثوري المسلح للقوى اليسارية والتحررية والعلمانية ، مقابل انتشار وتوسع واستشراء الصراعات والحروب الرجعية الشرشة بين قوى التطرف الديني الطائفية والرجعية من كل شاكلة وطراز .
اصبح الإرهاب تهمة جاهزة في المخزون الاعلامي والايديولوجي للغرب الامبريالي ولدولة اسرائيل الفاشية العنصرية ولكل من يحاول ان يرفع السلاح بوجه الظلم والطغيان الامبريالي والاسرائيلي وخاصة الشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ عشرات السنين للحصول على حقوقه المشروعة ومنها حق تقرير المصير وحق اقامة دولة فلسطينية مستقلة .
وفي هذا السياق وضمن المخطط الامبريالي حاولت الدوائر الامبريالية ومعها اليمين الفاشي الإسرائيلي تحويل النضال الفلسطيني من اجل حقوق (وطنية ) مشروعة انسانية وتحررية الى نوع من انواع الصراع الديني بين الفاشية الدينية الاسرائيلية وبين الاسلام السياسي الفلسطيني بمختلف اشكال حركاته ومسمياته وفي مقدمتها حركة حماس .لكي تخلق الذرائع والمبررات لتحويلة في اذهان الراي العام العالمي الى " ارهاب " .
ان الهجمة الارهابية الشرسة التي بدأتها حكومة نتاياهو ضد مدينة غزة المحاصرة تحت ذريعة محاربة " ارهاب حماس" والتي لازالت مستمرة وادت الى مقتل ما يقرب من 2000 من المدنيين الفلسطينيين وجرح الالاف وتدمير البنية التحتية بل وتدمير الحياة بشكل تام لا يمكن اعتبارها سوى هجمة بربرية فاشية اجرامية ولا يمكن تبريرها باي شكل من الاشكال مهما كان راينا وموقفنا من حركة حماس الاسلامية .حيث تلق بعض الاطراف " اليسارية " والقومية اللوم على حماس في انها دائما تستفز اسرائيل ، لكي تضرب وتدمر الشعب الفلسطيني وتهدم البيوت والمنشات الحيوية فوق رؤوس الناس الابرياء .ان الماركسيين يقفون دائما مع المظلومين والمضطهدين بصرف النظر عما يحمله اولئك المظلومين والمضطهدين من افكار وعقائد وايديولوجيات .
من المعروف والمسلم به بشكل قطعي فان اسرائيل ومعها الامبريالية الاميركية كانت دائما وراء افشال مفاوضات السلام بين اسرائيل وحكومة محمود عباس ((في يوليو الماضي بدأت مفاوضات بين السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، المفاوضات كانت مدفوعة من جانب الإدارة الأمريكية، بالتحديد وزير الخارجية جون كيري. وقد تعثرت المفاوضات شهرا وراء شهر، حتى أُعلن رسميا عن فشلها في نهاية أبريل الماضي. وقد أجمع كل المعلقين، بل وحتى مارتن إنديك المبعوث الأمريكي المكلف برعاية المفاوضات، وقبله جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، أجمع كل هؤلاء على أن السبب في فشل المفاوضات هو التعنت الإسرائيلي وليس شيئا آخر.)) المصدر ) بين انتقاد حماس وخيانة النضال الفلسطيني : تامر وجيه ..بوابة الاشتراكي 27 تموز 2014 )
وقبل هذه المفاوضات سبق لاسرائيل ان افشلت مفاوضات عديدة مع الفلسطينيين في سنوات 2009 - 2013 وماقبلها ولم يتم التقدم خطوة واحدة باتجاه ايجاد حل متوازن يفضي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة .. اي وجود دولتين اسرائيل وفلسطين تتعايشان جنبا الى جنب ذلك الحل الذي يعتبر اضعف الايمان لانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي كان يمكن من خلاله سحب البساط من تحت اقدام كلا جانبي التطرف الديني ، اليمين الفاشي الاسرائيلي والاسلام السياسي الفلسطيني .
فمهما تكن وجهة نظرنا بحركة حماس وقيادتها وارتباطها بالاطراف الرجعية في المنطقة ومعادلات الصراع في الشرق الاوسط فان الفاشية الاسرائيلية كانت دائما تعطي دفعا ومبررا قويا لتطرف حماس الاسلامية وتسبب بالتفاف الجماهير الفلسطينية في غزة وغيرها حول حماس باعتبارة القوة التي ترفع راية المقاومة المسلحة بوجه اسرائيل الفاشية العنصرية.
ان صواريخ حماس التي فاجات اسرائيل والغرب لم تات اعتباطا بل هي جزء من تطور محاور الصراع في الشرق الاوسط بين اطراف متعددة بعد انحسار الدور الاميركي في عهد اوباما وانتهاء القطبية الاحادية وبروز دور روسيا والصين كقوى فاعلة ومؤثرة في معادلات الصراع الدولي في الشرق الاوسط . وان الدعم العسكري الذي تحصل علية حماس في خبرة وصناعة السلاح ياتي ضمن هذا السياق وضمن التحولات الجارية محليا وعالميا .
ان انسداد الافاق امام اي حل ممكن للقضية الفلسطينية واستمرار التعنت الاسرائيلي الذي يعكس رغبة اليمبن الفاشي الحاكم في اسرائيل الاستمرار في اذلال وترويع وتدمير وابادة الجماهير الفلسطينية لا يترك طريقا اخر امام جماهير فلسطين سوى الكفاح المسلح لمقاومة الهمجية الاسرائيلية ، هذا ازاء عجز ما يسمى " المجتمع الدولي " عن الضعظ على اسرائيل لا يجاد حل يفضي الى انهاء معاناة الفلسطينيين .
اما مايقال عن ضرورة حاجتنا الى تدخل القوى الانسانية والتحررية والطبقة العاملة الى الميدان لانهاء المعاناة والحروب والبربرية الرأسمالية المعاصرة. فهذا مما لاشك فيه لكنه يظل ضمن المرحلة الراهنة في اطار الامال والتمنيات والأحلام الجميلة فقط !!!
إن الحرب الحالية على غزة وما سبقها تثبت مرة تلو الاخرى ان قادة دولة اسرائيل وفي مقدمتهم نتنياهو والاخرين هم اناس مرضى نفسيون فاقدون لاي منطق او توازن لديهم عقدة اسمها الشعب الفلسطيني باطفاله ونساءه ورجاله يمارسون ضده سياسة الابادة الجماعية في ظل النفاق والصمت المذهل للدول الامبريالية الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا وبريطانيا الذين يسمون الحرب الاسرائيلية القذرة (دفاع شرعي عن النفس ) بكل هذه العنجهية والقسوة التي يمارسها رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يعتقد ان سياسة الردع العسكري والاستخدام المفرط للقوة سوف توقف الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم السياسية عن النضال من اجل حقوقهم المشروعة .
ان الحل المطروح للقضية الفلسطينية وفي ظل تعميق اجواء الصراع والكراهية بين الفلسطينيين والاسرائيليين هو الاقرار بشكل تام بضرورة اقامة دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي الفلسطينية عام 1967 هذا في المدى المنظور وفي المراحل اللاحقة لا بد من تفكيك الدولة (الصهيونية )، التي تجسد مشروعاً استعمارياً وعنصرياً في خدمة الإمبريالية، وذلك لصالح حل سياسي طبقي يمكن أن يَعيش معاً على أساسه شعبا فلسطين (الفلسطيني، من جهة، واليهودي الإسرائيلي، من جهة أخرى) بمساواة كاملة في الحقوق. في اطار دولة غير قومية وغير دينية واشتراكية قائمة على الحرية والمساواة .