احذروا اختزال صمود ودماء اطفال غزة بمطالب جهوية ومحدودة...!!


طلعت الصفدي
2014 / 7 / 19 - 18:41     

احذروا اختزال صمود ودماء اطفال غزة بمطالب جهوية ومحدودة
يخوض شعبنا الفلسطيني منذ قرن ،نضالا شرسا ضد كل المحتلين والغزاة ،بدءا من الاحتلال التركي ،فالانتداب البريطاني الى دولة الاحتلال والعنصرية اسرائيل التي قامت بدعم من الولايات المتحدة الامريكية والغرب الاستعماري ،وبتواطؤ القوى الرجعية العربية ،ودفع ولا زال يدفع في كل مرحلة من تاريخ نضاله الطويل الالاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ،وتحمل المعاناة والتشرد والغربة عن الوطن دون يأس او تراجع .
وبتشرد شعبنا الفلسطيني عام 1948 في الضفة الغربية وقطاع غزة ،وتثبت جزء منه داخل دولة الاحتلال الاسرائيلي ،وبلدان اللجوء والتشرد سارع بالكفاح بكل أشكال النضال والمقاومة في كل المواقع التي تواجد فيها ،آخذا بعين الاعتبار امكانياته الذاتية وظروفه الموضوعية وتواجده على اراضي اخرى . لم ينس قضيته الفلسطينية ،وبقي يحلم بالاستقلال والحرية والعودة ،وشارك كداعم ومساند لشعبه في المواقع الاخرى ،وحافظ على توحده سياسيا ومعنويا ونضاليا ،متمسكا بقيادة نضاله منظمة التحرير الفلسطينية التي شكلت له الكيانية الفلسطينية ،وعززت هويته الوطنية . لقد أكدت معاركه الكفاحية الطويلة وانتفاضاته الشعبية والمسلحة ،خصوصا يوم الارض الخالد 1976،والانتفاضة الكبرى عام 1987 ،وانتفاضة النفق ،والأقصى 2000 ،وعدوان 2008-2009 ،وعدوان 2012 والمعارك الاخرى على الجبهات المختلفة على وحدة الشعب ،وقدرته على التصدي للاحتلال والعدوان ،ولم يخطر ببال أي جهة او تنظيم ان يكون النضال من اجل قضايا جهوية او محدودة.
ان ما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة من حراك ،ومواجهات ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه ،وتصاعد وتيرتها أخيرا ،هو تأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني ومطالبه الوطنية المشروعة في الداخل والخارج وإصراره على ازالة الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس دون مستوطنين ومستوطنات ،وعودة اللاجئين لديارهم التي هجروا منها طبقا للقرار 194 مما أزعج حكومة نيتنياهو اليمينية ،حكومة المستوطنين التي راهنت على فصل الجماهير الفلسطينية عن توحدها ،وخلق حواجز سياسية وجغرافية ،وتعطيل تواصلها ،وتفتيت وجودها الموحد ،والتعامل معها كمجموعات سكانية ،همها الأول البحث عن تلبية حاجاتها المعيشية والحياتية ،بعيدا عن البعد القومي والوطني التحرري .
لقد جاء غضب الجماهير الفلسطينية سريعا في كل مكان في القدس ،والضفة وغزة ،وأراضي 48 ،ردا طبيعيا على الجريمة البشعة التي ارتكبها المستوطنون ،باختطاف وحرق وقتل الفتى المقدسي ابو خضير ،وعلى كافة الممارسات الاحتلالية بحق شعبنا الفلسطيني . لم يتأخر شعبنا الفلسطيني في غزة على طريقته الخاصة ،بالرد على الجريمة باعتبارها اهانة واستهتار بكرامة الانسان الفلسطيني ،وباعتبارها تشكل جريمة حرب وعدوان صارخ على الشعب الفلسطيني ،والعربي والإسلامي وكل انصار الحرية والعدالة في العالم ،وحملت القوى الوطنية والإسلامية في غزة الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية الكاملة عنها ،مما دفع السياسيون والعسكريون الاسرائيليون بتوجيه هجومهم المخطط على غزة كذريعة لإفشال المصالحة الوطنية مع حركة حماس ،وتعطيل حكومة التوافق الوطني في أداء مهامها ،وشن حرب عدوانية على قطاع غزة ،مستخدمين كل وسائل الدمار والإبادة ،وكل أنواع الاسلحة الفتاكة من الطائرات والدبابات والبوارج العسكرية ،والأسلحة الثقيلة والخفيفة ،والمحرمة دوليا مثل الغاز الابيض وغاز السارين ،وتوجيه الطائرات الحربية لقصف الاطفال والنساء وهدم البيوت على ساكنيها ليشكل ورقة ضغط على المقاومة ،وإجبار شعبنا على الاستسلام والركوع لشروطه ،وتتواصل المجازر ليرتفع عدد الشهداء الى 350 شهيدا ،وأكثر من 2500 جريحا والآلاف من المنازل المهدمة كليا وجزئيا ،وتدمير اكثر من 35 مسجد.... الخ وأكثر من 30 اسرة كاملة تم مسحها من الوجود تماما ومن السجل المدني الفلسطيني ،وخلاف الالاف من النازحين من شرق وشمال حدود قطاع غزة ،وذلك خلال الثلاثة عشر يوما من الهجوم على غزة .

لقد واجه شعبنا بصموده ومقاومته الباسلة ،آلة الحرب العدوانية الاسرائيلية ،التي تدعمها الولايات المتحدة الامريكية والغرب الاستعماري ،وصمت الأمين العام للأمم المتحدة ،وعجز مجلس الأمن للقيام واجبه في الدفاع عن السلم العالمي ،وحماية شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة الجماعية والتطهير العرقي ،ومعهما التخاذل العربي لتترك الشعب الفلسطيني فريسة للاحتلال والعدوان ،والقصف الكثيف والمتواصل ليلا ونهارا جوا وبحرا وبرا ضد شعبنا ،وضغطه المحموم لإجباره في المناطق الحدودية على اخلاء البيوت وتهجير السكان منها .
وبرغم الجهود المكثفة التي بذلتها القيادة الفلسطينية مع بعض الاطراف الاقليمية والدولية ،وفي المقدمة منها القيادة المصرية التي سارعت ،بتقديم مبادرتها لوقف العدوان ،وتجنيب شعبنا الدماء الغالية ،لكنها لم تنجح حتى هذه اللحظة ،اما بسبب عدم التحضير للمبادرة المصرية ،او غياب عرضها على حركة حماس والجهاد الاسلامي بشكل رسمي وهي المؤثرة في معركة المواجهة المباشرة مع الاحتلال ،كحركة حماس والجهاد ،او بسبب تدخل بعض الاطراف كقطر وتركيا في محاولة منهما لإبعاد الدور المصري وإفشال الجهود المصرية ،وطرح مبادرات جديدة كبديل للمبادرة المصرية ،ومع ان المبادرة المصرية احتوت بنودا تساهم وتساعد في وقف العدوان إلا انها افتقدت لمجموعة من الضوابط ،كان يمكن بحثها قبل وقف العدوان ،وخصوصا سلوك الحكومات الاسرائيلية الدائم ،في التهرب من التزاماتها وتعهداتها ،فعلى مدار أكثر من عشرين عاما ،لم تلتزم بتنفيذ ما يجري الاتفاق عليه ،وحديثا عطلت الافراج عن الدفعة الرابعة من اسرى ما قبل اوسلو ،وأعادت اعتقال العشرات من المحررين في صفقة وفاء الاحرار ،مما يعني فقدان الثقة بتوقيع الاحتلال ،ومع ذلك لا يمكن تجاهل الدور المحوري لمصر في المنطقة ،ولا يمكن الاستغناء عنه لأسباب مختلفة وخصوصا قطاع غزة الذي يربطه بمصر روابط استراتيجية وأمنية ... الخ وان أي محاولات لإقحام الصراعات العربية والإقليمية على خط الدم الفلسطيني ،لن يجلب الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني ،وفي غياب التنسيق مع مصر سيزيد من معاناة شعبنا ،ويطيل من عدوان الاحتلال الهمجي بما فيه الهجوم البري ،ويرحب شعبنا بأية جهة تحاول تنسيق المواقف مع الاشقاء المصريين.
ان صمود شعبنا ومقاومته الشجاعة ،وتصديه للاحتلال يعزز من دور قطاع غزة في المشروع الوطني ،وفي معركة الخلاص من الاحتلال الى الأبد ،وعلى الرغم من تساقط قذائف الدم ،وحمم الحقد والدمار على شعبنا في كل مدينة وقرية وشارع وحارة وعمارة وبيت ومسجد لا زال متمسكا بحقوقه المشروعة ،وغزة كما في القدس والضفة الغربية وأهلنا في 48 عندما تقاوم لا تبحث عن مكاسب جهوية او حزبية . فانتفاضة جماهير الخليل لم تكن من أجل الخليل فقط ،وغضب جماهير القدس لم يكن من أجل جريمة الارهاب ومقتل الفتى ابو خضير فقط ،ومظاهرات ومسيرات جماهير جنين ونابلس ورام الله وطولكرم نحو الحواجز العسكرية الاسرائيلية لم يكن فقط ردا على هذه الحادثة او تلك ،وعندما تصمد غزة ،وتقاوم غزة ،وتدفع أغلي ابنائها من الشهداء والجرحى ليس من أجل فك الحصار فقط ،وليس من أجل فتح المعابر فقط ،ولا من أجل الصلاة في المسجد الاقصى وكنيسة القيامة فقط ،وعندما تظاهرت جماهيرنا العربية في مناطق 48 ليس إلا اسنادا ودفاعا شعبها الفلسطيني وهي جزء اصيل منه ،فطموح شعبنا في كافة تواجده ،ومعاركه الوطنية ،باسترجاع حقوقه المسلوبة ،وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ،ومن اجل العودة .
انتفضت الجماهير من اجل حقوقها الوطنية المشروعة رفضا للاحتلال الاسرائيلي بكافة اشكاله ،ومفاوضات الذل بالشروط الاسرائيلية ،ووقف الاستيطان ،والتنسيق الأمني ،وتهويد القدس ،وبناء جدار الضم والفصل العنصري ،ومواجهة غلاة المستوطنين الارهابيين ،وإنهاء التفرد الامريكي ،ورفض الكيل بمكيالين ،والانضمام للمنظمات الدولية والإقليمية بما فيها معاهدة روما ،والإسراع بتقديم السياسيين والعسكريين الاسرائيليين الأموات والأحياء الى محكمة الجنايات الدولية ،باعتبارهم مجرمي حرب ،ولكن كيف يمكن استثمار توحد شعبنا ,مقاومته بتحقيق الأهداف الوطنية ،واستثمار ذلك بتوجيه رسالة للإسرائيليين بان حكوماتهم هي المسئولة عن الحروب في المنطقة وغياب السلام ،وحث المجتمع الدولي الضغط على حكومة الاحتلال ،لوقف عدوانها على شعبنا الأعزل إلا من ارادته ،وعلى كل الاطراف الاسرائيلية والفلسطينية ،اختصار طريق المعاناة والمفاوضات المعطلة ،والتوجه فورا لعقد مؤتمر دولي للسلام برعاية الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتوفير الحماية الدولية لشعبنا.
طلعت الصفدي غزة – فلسطين
الجمعة 19/7/2014
[email protected]