نحو حوار هادئ ومثمر ، رد على مقال ألأخ قاسم محاجنة!


ماجد جمال الدين
2014 / 7 / 17 - 23:39     


كتب ألأخ قاسم حسن محاجنة مقالا عنونه :: (( أنا فلسطيني شريف .. نقاش هاديء مع الزميل ماجد جمال الدين . )) :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=424335

ولكون التعليق ، والرد الجوابي مني أصبح طويلا جدا ، بحيث من الصعب تقطيعه إلى أكثر من عشرة أجزاء ليدخل ضمن حدود ألـ ألف حرف المسموح بها ، قررت أن أبعثه كمقال مستقل !



الأخ قاسم محاجنة المحترم !

بداية أقول وبدون أي مراءآة ، أنك من الكتاب الفلسطينيين القلائل ، الذين أستمتع جدا بقراءة مقالاتهم وتعليقاتهم ، سواء كانت سياسية أو إجتماعية وثقافية .. وأعتبرها صادرة عن إنسان ذو حنكة وحكمة وحيادية علمية ..

أما عن قضية الشرف ,, فهو بالطبع تعبير مجازي تعودنا عليه ككليشة في النقاشات والشعارات السياسية .. هذا بصراحة .. أي لا يمت لقضية الشرف بمعناه العادي ..

أنت تطرقت لمحاور عدة قد يستغرق نقاشها وقتا .. ولكن للبداية وليكون النقاش هادئا بالفعل ولترطيب الجو أذكر لك نكتة حول الشرف ::

في بداية السبعينات حين كنت في الخدمة العسكرية دخلت عدة مرات السجن العسكري أياما قليلة عادة ، وذلك لأنني كنت شيوعيا ولا أخفي ذلك مما يثير الضباط .. إحدى هذه المرات كانت بهذا الشكل :: قال لي الضابط : إحلف بشرفك ، فأجبته ببرود وبراءة : بشرفي المدني أم بشرفي العسكري ؟ ,, فقال : روح (إذهب) للسجن !


والأن عن المحور الأول ، وأين المغالطة فيه ::

ليبرمان ، وهو من أصل روسي كما أعلم ، جاء إلى روسيا قبل قرابة عشرين عاما ، وحين سمعت تصريحاته حينذاك عرفت كم هذا الإنسان عنصري وفاشي بإمتياز .. وأغلب اليهود ألروس الذين هاجروا إلى إسرائيل في تلك الفترة ، للأسف إنتموا إلى حزبه لكي يؤمنوا لأنفسهم ملاذا مريحا .. لا أدري كيف الأمور بالنسبة لهم الآن ..

أما الأحزاب الدينية المتزمتة فهي ظلامية وعنصرية بطبيعتها كما كل ألأديان ، وهذا واضح ولو أنني أحيانا أتصور أن بعض طروحاتها السياسية عقلانية وواقعية جدأ ، وأنت أعرف مني بهذا .

هذه وغيرها من قوى اليمين العنصري المتطرف ، لا يمكنها أن تقود دولة ديموقراطية حتى لو فازت بالإنتخابات ! ( حدث مثل هذا في إحدى الدول الأوربية فطردوهم ) .. إسرائيل دولة وشعبا لا يحبذون مصير العزلة الدولية ! .. ولو أن لهذه الأحزاب تأثير ما في الواقع السياسي ألإجتماعي ، ولكن ليس بإمكانهم أن يهيمنوا على الدولة بقوة السلاح والبطش كما منظمة حماس الإرهابية ..

اليمين التقليدي كتل عديدة كما ذكرتَ .. ويختلفون قليلا بإيديولوجياتهم ومصالحهم الإقتصادية الفئوية .. وهم الذين يسيرون الحكومة الحالية !

أريد هنا أن أسألك سؤالا لتجيب عليه بصراحة :: هل هؤلاء أي من قوى اليمين الصهيوني التقليدي ، هل هم يبتهجون فعلا لسفك دماء الفلسطينيين ؟
أم أن مصالحهم تتعارض مع ذلك تماما ، وهدفهم الرئيس الحفاظ على أمن دولتهم ؟

نأتي إلى أحزاب يمين الوسط أو يمين اليسار كحزب العمل الذي حكم إسرائيل لفترات تاريخية طويلة قبل أن يتشقق كما تشقق الليكود ..
هل هذه الفئة من الأحزاب تبتهج أيضا لسفك دماء الفلسطينيين ؟

المشكلة أن العتريس يتهم حتى القوى اليسارية فعليا ، أي الليبراليين والشيوعين ( ويتهم شخصيا يعقوب أبراهامي ، رغم معرفتنا به جميعا ) ، يتهمهم بأنه يبتهجون لسفك الدماء .. فهل أوضحتُ .. فإشهد !


أما عن المغالطة

أنا لم أتحدث عن مساندة أي من ألإطراف في الواقع السياسي الإسرائيلي ، ولا بالطبع عن مساندة إسرائيل كدولة ، فهي لاتحتاج لمثل هذه المساندة ..

بل تحدثت عن مساندة إسرائيل في حربها الحالية على الإرهاب الجهادي الحمساوي ، لأن في هذا مصلحة مشتركة للشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى والشعب الإسرائيلي أيضا .. والمساندة هنا بمعنى الكف عن التضخيم التهريج الإعلامي ( كما قناة الجزيرة وأمثاله كغازي الصوراني والعتريس وأمثالهم هنا من المحسوبين على اليسار الفلسطيني في الحوار المتمدن ) ، عما يجري الآن في غزة وتهويل ألأمور كأنما بالفعل هي حرب إبادة جماعية ، في حين كان بإمكان إسرائيل أن تقتل الآلاف من المقاتلين الفلسطينيين في ساعة واحدة حين يستعرضون عضلاتهم في شوارع القطاع ..

المغالطة الثانية : حين تحدثت عن الإعلام ونصائحه ، فأنا لم أقصد إعلام الكتل السياسية الإسرائيلية والموجه للشعب الإسرائيلي .. بل قصدت الإعلام الرسمي الموجه للفلسطينيين خاصة .. أنت تعيش في وسط هذه المعمعة ، ألا تشعر أنه يجري حوار طرشان ؟؟
ألا تشعر أنه حتى في هذا الموقع الحوار المتمدن ، حوار الطرشان والتعصب الغبي بدون أي نقاش هو السائد أيضا ؟
بعض القنوات الفضائية كالعربية والبيبيسي تستضيف أحيانا ممثلين أقل تطرفا من الجانبين وتعطيهم فرصا متكافئة للأدلاء بآرائهم .. ولكن حتى هنا قلما يسمع أحدهم الآخر ..



المحور الثاني ، حول (تسعيرة) ألإنسان ومغالطتك المؤسفة ( حتى لا أقول مايجرح ) في تفسير حديثي مع شقيقي :

بالتأكيد قيمة حياة الإنسان وكرامته وحريته كإنسان هي أعلى من كل قيمة ، وهذا مبدئيا تجمع عليه كل الثقافات الإنسانية ، حتى الأديان وعقائدها المختلفة ، ولو أنها تتحايل على هذا المبدأ لتفرض عنصريتها الخاصة .. من البديع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في منطقتنا التي تمنع تنفيذ حكم الإعدام ..
ولكن المسألة لم تكن في تقييم ثمن حياة الإنسان قبل موته .. بل في مسألة قانونية وإجتماعية بحتة ,, تتلخص في مقدار التعويض أو الدية بعد وفاة هذا الإنسان سواء بمقتله عن طريق الخطأ أو أو إثناء الواجب أو بجريمة مع سبق الإصرار .. إذا كنت درست الحقوق فإعلم أنه في المحكمة مثلا تقرر قيمة التعويض لعائلة المقتول إستنادا عدا عن أسباب أخرى ، إلى مدى الضرر المادي من وفاته ( مثلا بحساب دخله الشهري لعشر سنوات مثلا ,, ( وهذه تختلف من شخص لآخر ..) .. وتتوقف أيضا على طبعة العلاقات الإجتماعية ومستوى الرفاه ، وكذا بالطبع على نوعية الجريمة !!

هل وضحت الفكرة ؟


ثانيا : بالطبع أنا لا أشك أنك تقدس الحياة ولا تعتبر أطفالك أرانب ,, فهذا واضح من كل مقالاتك الرائعة .. ولكن هذا فقط لأنك لم تتربيى على يد حماس والجهاد الإسلامي والدواعش الشيعية والسنية كما عندنا .. ( لا حظ فقط أن العتريس إعترض على المعلم يعقوب أبراهامي الذي قال أنه يقدس حياته فوق كل شيء آخر ــ تستطيع أن تراجع هذا في مقال السيد قوجمان ) ..
ولكنك بنفس الوقت لا تستطيع أن تنكر أن غالبية أبناء مجتمعاتنا الذين تربوا على الدين الإسلامي وفكره الظلامي يقدسون الموت وما يسمونه الحياة الإخرى بأكثر مما يقدسون حياتهم الحقيقية .. والقضية ليست فقط في ظاهرة البهائم الإنتحارية التي إنتشرت بالعقود الأخيرة ، ومنذ البداية كان للفلسطينيين دور كبير في إبتداعها وترويجها ، فقط في العراق في السنوات الأخير فطس هكذا أكثر 1200 فلسطيني عدا عن باقي البهائم من السعودية وتونس وغيرها ..

المسألة أن ثقافة الموت هي الثقافة الشائعة التي يغذيها الفكر الديني .. هنالك هوسة شيعية بالعامية العراقية ( أي شعار يرفعه ويصيح به هؤلاء المغفلون ) :: إحنا الحسيين كال إلنة ، إحنا الموت إيلوك إلنه .. وترجمته للفصحى : قال لنا الحسين ، أننا يليق بنا الموت ..

هل تستطيع أن تنكر أن ثقافة الموت هذه هي سبب كل المآسي والحروب العبثية في بلداننا ، وخاصة بالنسبة لفلسطين .. من يغذي ثقافة الموت عندكم سوى حماس والمنظمات الإرهابية ألأخرى ..

وأليس الترويج والتهليل الذي يجري حاليا ، الآن ، في غزة وباقي المناطق الفلسطينية كحالة من التعبئة النفسية يهدف بالدرجة الأساس لترسيخ ثقافة الموت هذه ..؟؟ ،.. ولصالح من سوى بعض الفاسدين والعصابات الإرهابية المافيوية من أمراء الحرب ؟؟

عن هذا يجري الحديث .



وأخيرا عن ألأرانب .. اولا في حديثي مع شقيقي لم أستعمل كلمة الأرانب بل قلت حرفيا كالذباب ,, وحولتها هنا إلى أرانب للتخفيف .
مجرد سؤال :: كم عدد الأطفال في العائلة الإسرائيلية بالعادة ، وعند العائلة الفلسطينية بالمعدل ؟؟؟

أتدري شقيقي توفي ، قُتل غدرا على يد الميليشات الشيعية ، جيش المهدي ، في بداية عام 2007.. ولكنه في ثلاث سنوات أنجب ثلاثة أطفال رائعين هم ألآن يتامى بعمر 10 و 9 و8 سنوات .. وأنا كنت أحذره وأستنكر ذلك ،ولكني كنت أشفق عليه وأعاتبه ولكن بهدوء و بألم داخلي ، لأنه لم يعرف الجنس والزوجية في حياته ..

هل عرفت الأن قصة الأرانب والخراف .. إنهم نفس هؤلاء الذين تستعملهم حماس كوقود للحرب ، ويهلل لهم أمثال عتريس وغيره . كما فعل عندنا صدام حسين وشبيحته من قبل وكما يفعل خلفائهم اليوم !

تعبت من الكتابة وضاق صدري ..


ولكن أرجو أن يستمر النقاش الهادئ !

أختم هنا

وأعتذر مقدما عن الأخطاء الإملائية والطباعية .. فعادة ما أقع فيها عند السرعة في الكتابة .


مع تحياتي !