خربشات نصف مجنونة يكتبها نصف صرصار لباقي الصراصير


عماد البابلي
2014 / 6 / 22 - 23:02     

شعور يرافقك وجودك في هذا الكوكب العربي ، شعور بأن لا توجد ، بأن تكون فناء كلي ، بأن تصبح دون ذاكرة كلية .. قاسية تلك الثواني التي تنتقل بنا في دروب القاع حيث نعيش ، دون ضوء دون أوكسجين ، قدرنا الكوني بأن نكون وقود تلك النار الأبدية ، في ليلة وضحاها تكتشف بأنك دون حكومة ودون دولة وحتى دون شعب ، وتكتشف بأنك مشرد دون وطن ، رغم أنك تحت ظلال خيمة الوطن المثقوبة .. تجلس هنا والصراصير تحتك ، تضحك عليك وتخبرك بأنها أفضل منك ، تعيش في تأملات رائعة والصرصار يخرج من فتحة حذائك المثقوب ويخرج من ثقب أخر ، يدخل هذا اللافقاري ويخرج ويبصق على جدران قدميك ، من تلك التأملات المجنونة التي لا يفهمها أحد أكتب لكم بعضها : الحياة ظاهرة غريبة على الوجود الفيزيائي ، مغامرة في ذهن صانع القرار الكوني ، الحياة هي حاضنة لشي ما غامض في طور التشكل ، مليار سنة من زمن الحياة الأولى وحتى تشكل هذا الغبي المنتصب القامة ، كل تلك الازمنة وصولا للخطأ الأخير وظهور الخليفة المزعوم في أرض الله السعيدة ، رغم أنها سقطة وصدمة وحلم غير جيد في ذهن الآلهة لكنها صامتة على هذا العار الكوني ، لا أحد يفهم صمتها الطويل على هذه الزرع البكتيري الذي تمخض بعد طول تجارب وراثية على مخلوق مشوه ومسخ أسمه الإنسان .. صمت الآلهة لعله من انتظار الكائن المكافئ لها ، حتى تعيد دورة الديمومة من جديد ، ملايين السنين التي مرت من القتل والسرقة والإبادة الجماعية وال DNA ينتظر اليوم الذي يتخلص من عيوبه في الحصول على ال X Gen الذي يعيد لهذا الكائن ماء الوجه بعد تاريخ طويل من الخزي والعار .. المشوار طويل على ما يبدو ، والآلهة تدخل في تخدير طويل ، أخبرهم بأن طفلة ما ماتت من الجوع والبرد في سوريا ، أخبرهم بأن أم عراقية فقدت ثلاثة من اولادها في حادث انفجار ، أخبرهم بأن أب مصري يبيع أعضائه من أجل معيشة أطفاله ، أخبرهم وأخبرهم ولا أحد يبالي ، يأتي الهمس أخيرا بأن تراكم الأخطاء في أي نظام يولد الشكل الأكمل قبل نهاية هذا النظام بلحظات ، لم أفهم هذا الهمس بصراحة ، وهل يهم الفهم والإدراك والشعور أصلا بهذا الزمن المتسخ بالنفط وحليب الامهات والنطف والدولارات ، لا يهم ولن يهم ، هكذا اخبرني صرصار المجاري قبل قليل ، همس لي هو الأخر بأن آلهة البشر نفس حال آلهة الصراصير ، نفس العقد النفسية تمتلك ، لهذا أتفقنا أنا والصرصار بعد إكمال نصف زجاجة ويسكي مغشوشة على أن يجعلني أشاهد إله الصراصير ، وفعلا قمنا وفي انفاق لم يصلها أحد كانت المسيرة المقدسة ، وأخيرا وصلنا لتمثال صرصار بألف جناح يشع من رأسه هالة ضوء تعمي الناضرين ، كانت ملامحه تتقاسم ما بين الشفقة والسخرية على عباده من الصراصير ، الغريب في التمثال ، كان يملك سبع وسبعون أبره تناسل ، وسبع وسبعون أخرى فتحات أنثوية للتناسل !! ، كائن متكامل فحل الهيئة كما في تماثيل الآلهة اليونانية ، وهناك كتابة بالخط الكوفي العتيق : ( ماننطيها ) ، الجملة تكررت كثيرا عبر عصور الطغاة الذين حكموا البشرية ، الشعب كله فداء لكرسي العرش ، المهم الملك يبقى و ( في ستين داهية الشعب ) ، جدران المعبد كانت تحتوي على انتصار الإله على كل أعدائه من المارقين والرافضين بيعته الكونية ، الرسوم كانت تخص على أنه كان يقطع الرؤوس بمهارة ، عشرات الرؤوس المكدسة تحت قدميه ، تلال منها ترفعه بعيدا نحو السماء ، وقبل مغادرتنا للمعبد ، جاء الكاهن يسألني بالنيابة عن هذا الإله سؤالا أحرجني جدا أمام عشيرة الصراصير بصراحة : متى سيرفع السيد نوري المالكي ( أعزه الله ) الحضر على الفيس بوك ؟؟؟