بيان صادر عن الحزب الشيوعي الاردني حول هجوم -داعش- الارهابي على العراق


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2014 / 6 / 16 - 12:50     

تمدد "داعش" السريع في شرق ووسط العراق متوهماً امتلاكه القدرة على اقامة امارة يحلو له ان يسميها "إسلامية" على حساب سلخ المناطق الشرقية من العراق والغربية من سوريا وصولاً الى التوسع في أراضي عدة بلدان عربية مجاورة، ما كان ليحصل لو لم يحظ هذا التنظيم الارهابي الدموي بدعم ورعاية وتواطؤ دول عديدة في المنطقة والأقليم، ولو لم تفتح عشرات الدول في العالم حدودها وتسهل سفر مئات العناصر المسممة عقولها الساذجة بأفكار التطرف والتعصب والكراهية بقصد تقويض دعائم الدولة السورية، وتقليص سيادتها، وتفتيت وحدة أراضيها، ومصادرة إرادة شعبها الحرة المستقلة.
المغامرة الطائشة لـ "داعش" استهدفت توسيع رقعة الاراضي التي تخيل هذا التنظيم الارهابي أن بمقدوره املاء معتقداته الظلامية على سكانها، وان يفرض عليهم انماط رجعية شديدة التخلف للسلوك والحياة.
لم يأت النجاح المؤقت لـ "داعش"، في ظل ملابسات أمنية وعسكرية باتت معروفة، من فراغ. أنه نبت شيطاني لسنوات الاحتلال العجاف ولسياساته التي دمرت العراق وقدراته الامنية والعسكرية والاقتصادية واحدثت تصدعات عميقة في نسيجه الاجتماعي باثارة وتشجيع العصبيات المذهبية والطائفية والعرقية. إنه، أيضا، ثمرةً لنهج الحكومات العراقية في السنوات الاخيرة التي توسلت المحاصصة المذهبية والطائفية واقصاء مكونات أساسية للشعب العراقي وسيلةً للاستفراد بممارسة الحكم والسلطة، وعقابا لها على استهانتها وعدم مكافحتها للفساد والمحسوبية والرشوة التي استشرت في مؤسسات الدولة والمجتمع.
ان ما يحدث في العراق اليوم ليس ثورة شعبية كما يهذي بعض شيوخ الفتنة المذهبية. انها محاولة بائسة لتفتيت وحدة العراق وسوريا ارضاً وشعباً ودولةً على أساس مذهبي وطائفي، الأمر الذي لا يخدم مصلحة احد سوى أعداءالشعبين الشقيقين وسائر شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم اسرائيل والولايات المتحدة، اللتان لن تجدا تبريرا لادعاءاتهما الباطلة والزائفة حول "يهودية" الكيان الاسرائيلي العنصري أفضل من دعوات داعش وأضرابه من المنظمات المتطرفة لاقامة دولة مزعومة على اساس ديني.
مع سيطرة العصابات الارهابية على اجزاء من شرق العراق، تتزايد المخاطر والضغوط على شعبنا وبلدنا، وتصبح داهمة اكثر من أي وقت مضى. ولمواجهتها يتوجب على الحكومة أن تعمد في المقام الأول الى اتخاذ اجراءات جادة ومثابرة لتجفيف منابع ثقافة وفكر التطرف والمغالاة وتكفير الآخر، وأن لا تبدي أي قدر من التسامح إزاء المجموعات التي تتغذى وتغذي هذا الفكر وهذه الثقافة، دونما تجاوز او انتهاك لحريات المواطنين وحقوقهم ومكتسباتهم الديمقراطية، وان تعمد الى مراجعة مواقفها من أزمات المنطقة، ولا سيما من الأزمة السورية باتجاه نبذ المعايير المزدوجة، والتنسيق معع حكومتي البلدين الشقيقين الجارين، سوريا والعراق، وسواهما من دول المنطقة وقواها التي تصطف في خندق مواجهة الارهاب ومنظماته ومجابهة مخططات رعاته وداعميه ومموليه.
لدينا وطيد الثقة في ان الشعب العراقي على اختلاف قومياته وطوائفه وأديانه ومذاهبه، وعلى تعدد منطلقات أبنائه الفكرية ورؤاهم السياسية لن يقع فريسة مخططات "داعش" والقوى الاقليمية والدولية التي تتعهده بالدعم والرعاية، وسيلحق الهزيمة بما يبيتونه للعراق من تفتيتٍ لكيانه الوطني، وزعزعةٍ لوحدة شعبه الوطنية واثارةٍ للفتنة الطائفية والمذهبية والنعرات الشوفينية والقومية الضيقة.

عمان في 16/6/2014
الحزب الشيوعي الاردني