فرنسيس، ماذا تفعل في فلسطين ؟


عصام شكري
2014 / 5 / 26 - 11:38     

ماذا يفعل سيد المؤسسة الكاثوليكية فرنسيس في فلسطين؟ زيارة مهد السيد المسيح ؟ حوار اديان جديد ؟ طأطأة رؤوس وتحية جماهير علها تشفى من الجرب ؟ ولكن من يمثل الجرب حقاً ؟

يمثل فرنسيس مؤسسة دينية غير عادية. انها اكبر مؤسسة للدين المنظم في العالم. انها الكنيسة الكاثوليكية. جردة سريعة في تأريخ الكنيسة الكاثوليكية ترينا هول جرائمها ضد البشر وتأريخها الحافل بالانتهاكات الوحشية والمواقف الخائنة. بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر (3 قرون) مارست الكنيسة الكاثوليكية حملات في منتهى البربرية والوحشية لمطاردة النساء بمحاكم خاصة شكلت لهذا الغرض سميت بمحاكم التفتيش، بحجة ممارستهن للسحر وعبادة الشيطان. العجيب في الامر ان بابا الفاتيكان وقساوسة الكنيسة الكاثوليكية في حينها لم يتذكروا "باسفستية" السيد المسيح (كما يحاولون اليوم) بل قتلوا النساء بالحرق وهن احياء!. قدر ضحايا الكنيسة الكاثوليكية في تلك الفترة بين 40 الى 100 الف انسان واستخدمت الكنيسة ابشع انواع اجهزة التعذيب. وفي نفس تلك الفترة تقريبا شنت الكنيسة الكاثوليكية حملة ضد العلماء والمفكرين في اوربا وكانت ابرز تلك الحملات ضد نيكولاس كوبرنيكوس وغاليليوغاليلي بحجة الهرطقة. كوبرنيكوس توفى بعد نشر كتابه بقليل فلم يتمكنوا من عقابه. اما غاليليو فقدم للمحاكمة بتهمة الهرطقة لنشره كتابه "المحاورة" ومرر فيه محاورة كان احداها هو صدى لرأيه ورأي كوبرنيكوس. لقد تجاوز غاليليو كثيرا حين سخف رأي الكنيسة في ان الارض ليست مركزا للكون بل انها "مجرد" واحدة من اجرام كثيرة تدور حول الشمس!.

وفي القرن العشرين قامت الكنيسة الكاثوليكية بمساندة وغض الطرف عن اكبر الجرائم الوحشية للنظام النازي ضد اليهود وجماهير اوربا الشرقية والشيوعيين. لم تستنكر هذه الكنيسة مطلقا جرائم هتلر بل وباركتها ولم تصدر ادانة لجرائم النازية الا في ستينات القرن العشرين. وفي نفس الوقت فان الكنيسة الكاثوليكية وقفت الى جانب نظام عنصري مجرم هو نظام جنوب افريقيا وبالضد من الملايين من المواطنين السود. ان من سخرية القدر ان يدعي فرنسيس انه ينصر الجماهير الفلسطينية المظلومة وانها جاء باحثا لها عن دولة وكرامة لا بل نزل من سيارته يصلي لها على الجدار الاسرائيلي العنصري في الوقت الذي تتمتع به منظمته بهذا السجل الحافل في مساندة الدولة الاكثر عنصرية والتي وقفت الى جانب اسرائيل ودافعت عن انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين. ولكن ليس هذا فحسب. فاليوم، في القرن الواحد والعشرين، يستمر مسلسل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها هذه المؤسسة الفاحشة الثراء – الكنيسة الكاثوليكية. ان البعثات التبشيرية لهذه المؤسسة في افريقيا والمنظمات المسيحية التي تمررها الى افريقيا بالمئات تحت اسم مزيف هو "بعثات انسانية" قد ادت بشكل غير مباشر الى وفاة الاف البشر هناك. اصدرت الكنيسة الكاثوليكية امرا يقضي بتحريم لبس الواقي الذكري ( الكوندوم) للوقاية من الايدز ومنع على اتباع هذه الكنيسة حماية انفسهم او عائلاتهم من خطر الايدز بحجة خرافية وحقيرة وهي ان ارتداء الواقي "اعتداء صارخ على ارادة الرب". لقد شارك الفاتيكان بشكل غير مباشر في قتل الالاف بافريقيا والذي لم يسمح لهم بمعرفة حقيقة الامر وبان المرض يمكن ان يعالج بالوقاية، بل وتصدت لكل محاولات منظمات الصحة العالمية العلمانية (كاطباء بلا حدود واوكسفام وغيرها) لتقديم النصائح والنشرات الصحية العلمية. واخيرا ماذا عن الفضيحة التي لن تمحى من سجل الكنيسة الكاثوليكية مطلقا ؟ الاعتداء السافر والفظيع والاجرامي على طفولة المئات من الاطفال من قبل القساوسة الكاثوليك ؟. هل قدم احدهم للمحاكمة ؟ هل شاهدنا تلك المحاكمة ؟ هل تم الاعتذار للضحايا وعوائلهم ؟ هل تم مسح هذه الجرائم ؟

في فلسطين والاردن لم يفوت فرنسيس فرصة لمس رأس طفل فلسطيني او اردني او عراقي شردهم الدين وماكنات القتل الاسلامية، عله يبيض صفحة الكنسية الكاثوليكية السوداء. لم يعد فرنسيس اليوم مهتما ب "حوار الاديان" مع وحوش الاسلام السياسي والحاخامات بل ذهب خطوة ابعد في تقديم نفسه "منقذا مسيحيا" للشرق ولشعب فلسطين وسوريا !.

ان التجاوزات الاسرائيلية على حقوق جماهير فلسطين، حرمانهم من حقوقهم ، معاملتهم كعبيد، تجريف بيوتهم، منعهم من العمل، تهجيرهم واخراجهم من مدنهم، فصل مدنهم عن بعضها بالجدران الكونكريتية بحجة الحماية من الارهاب الاسلامي يتطلب لا استقبال الكهنة والقساوسة، بل اخراج الدين، كل الدين ورجاله من الحل؛ بشيوخه وملاليه وكهنته وقساوسته وحاخاماته. لا فرنسيس ولا مشعل ولا عوفاديا ولا خدمهم من ساسة اليمين العربي والاسرائيلي بامكانهم ان ييجيبوا على مسألة الظلم لانهم ببساطة هم احد من يؤججها. يجب تنظيف الشرق الاوسط، تنظيف حياة البشر من هذه الافة التي حفرت خنادق الكراهية والحقد وكل منها يدعي ان الله معه وانه هو وحده لا غيره سيدخل الجنة. سيد فرنسيس، اخرج يدك من جرح جماهير فلسطين.

ارجع ايها المؤمن لكهنتك المعبقة ثيابهم بروائح اجساد الاطفال البريئة وداوم على حوار الاديان ليستمر القتل والنحر وتقطيع الاوصال في الشرق الاوسط المعذب بالدين.