- حزب - الورقة البيضاء.؟


سيمون خوري
2014 / 5 / 23 - 15:53     


غالباً ما نحب الاتفاق واللقاء مع أؤلئك الذين يتفقون معنا سواء في المواقف السياسية او المشاعر العامة. ونبتعد أكثر من خطوة مع الذين يخالفون آراؤنا. يسمى عالم النفس " فردريك سكينر " صاحب النظرية الشرطية في علم السلوك ، هذه العادة " بالانحياز التأكيدي " . وهو فعل لا واع يدفعنا الى الاعتداد بوجهات نظرنا . وبالتأكيد يترتب على ذلك بداية تأسيس لظاهرة التزمت والفئوية والتعصب، وكافة أنواع " الشيزوفرونيا " .
وحتى " النرجسية " سواء أكانت في مظهرها السلوكي الفردي او السياسي كما في حالة بعض أحزاب المنطقة العربية. فمن ليس معي فهو ضدي . كما هي نظرية الراحل معمر القذافي القديمة " من تحزب خان “.
وبالطبع هكذا عقلية من أخطر نتائجها عرقلة التفكير العقلاني ،فهي تقود العقل الى ارتكاب العديد من الأخطاء الجسيمة التي يصبح التراجع عنها لاحقاً متعذراً ومصدر قلق لصاحبها .
السطور السابقة هي مقدمة لمحاولة تفسير بعض مواقف المواطن العادي أمام صناديق الاقتراع أو الانتخابات ونموذجنا المطروح هو المواطن اليوناني أو الأوربي بشكل عام. قبيل موعد أهم انتخابات برلمانية في تاريخ الاتحاد الأوربي يوم الأحد 25 /5 /14
بطبيعة الحال هناك مواطن سينتخب سياسياً وأخر لاعتبارات جغرافية مناطقية .أو عائلية .لكن هناك مواطن لن ينتخب أحداً...
وهناك فارق بين امتناع المواطن عن التصويت...وعدم ممارسته لحقه في التعبير عن رأيه. وبين التصويت بورقة بيضاء وممارسة حقه بالتعبير عن اعتراضه على المرشحين أو القانون المعروض للتصويت.
واستناداً للعرف الإغريقي القديم فمن واجب كافة المواطنين الأحرار الإدلاء بصوتهم الانتخابي ويعاقب الممتنع او الذي لا يمارس حقه الانتخابي بحرمانه من بعض حقوقه الطبيعية. وكيلا يجري معاقبة عدد كبير من الممتنعين في حال وجود هذا العدد على سبيل الافتراض. جرى سن قانون أخر يسمى " حزب الورقة البيضاء “. وهدفه عدم حرمان الرأي المخالف من التعبير عن حقه. وذلك عبر التصويت بورقة بيضاء خالية من أسم أي مرشح أو أي إشارة أخرى. وهكذا الى جانب مختلف قوائم المرشحين المعروضة في مكان واضح فوق منضدة هناك أوراق بيضاء تحمل خاتم السلطات القضائية الانتخابية لاستخدام المواطن علماً أن الاقتراع سري ويتمتع بحماية القانون .
طبعاً هنا لا يمكن لأي حزب الإدعاء أن نسبة الإقبال على التصويت كانت ضعيفة وحرمته من أصوات عديدة .. أو استخدام حجج أخرى وهمية لتبرير خسارته بل عليه تقبل الخسارة بروح ديمقراطية . وليس كحال منطقتنا كلما وجدت أحزابها نفسها في مأزق أحالت الموضوع الى نظرية " المؤامرة " أو كرجال الدين الذين كلما فشلوا بتفسير ظواهر الطبيعة وتطور العلم ، أحالوا الموضوع الى فعل الهي...؟!
واستناداً الى قانون " الورقة البيضاء " جرى إضافة قانون أخر وهو " محامي المواطن " الذي يملك حق تقديم شكوى الى محامي القانون العام . وطبعاً مجاناً دون تكاليف وأعباء مالية.
هكذا من حق وواجب الجميع ممارسة حقه الانتخابي. ولا يسمح لأحد بحرمان المواطن من هذا الحق، بغض النظر عن نتائج الانتخابات المتوقعة.
الأحزاب او الجماعات التي لم تتمكن من الحصول على النسبة العددية المطلوبة، تجير أصواتها لصالح الحزب الذي يملك الأغلبية . باستثناء الأوراق البيضاء التي تحتسب في خانه المعترضين وتحذف من النسبة العامة لاحقاً.
وفي هذه الحالة يكون الجميع قد مارس حقه الانتخابي سواء مع أو ضد. أما فيما يتعلق بموضوع " التزوير على سبيل المثال فهذا موضوع غير قابل للنقاش. لأن مراقبي صناديق الاقتراع مواطنين لا علاقة لهم بالمرشحين جرى اختيارهم بالقرعة في مناطقهم من قبل السلطات القضائية المستقلة. وحتى مساء يوم الأحد القادم ستبقى أوربا تعيش حالة مخاض عسيرة.إما الاستجابة لأصوات التغيير أو أن شبح العودة الى الماضي في ظل صعود اليمين الفاشي سيكون علامة فارقة في تاريخ هذا الإتحاد .
أخيراً أود التساؤل، رغم كل ما يقال عن النظام السوري كنظام حكم ديكتاتوري قمعي، كيف يمكن أن تبرر فرنسا وألمانيا موقفها من حرمان المواطن السوري من ممارسة حقه الديمقراطي داخل سفارة بلادهم وهي أرض تعتبر وفقاً للقانون الدولي أرض أجنبية..؟ ترى هل هذا سلوك ديمقراطي. .؟!
أم أنه يندرج في خانة الاعتداء على الحق الديمقراطي العام لمواطنين من شعب أخر. وهو ما يتنافى مع مبادئ القانون الدولي .فمن حق المواطن السوري الانتخاب حتى بورقة بيضاء اعتراضاً على نظام حكمه أو التصويت لصالح أحد المرشحين.علماً أن مقر الانتخاب داخل السفارة هي في العرف الدولي أرض أجنبية.
الى متى ستبقى هذه المنطقة رهينة بيد مهندسي " سيكس – بيكو " وسفر برلك العثماني..؟.