مفتى الإرهابيين


أمينة النقاش
2014 / 5 / 14 - 09:00     

يخطئ من يظن أن معركة الانتخابات الرئاسية محسومة سلفا، ذلك أن المنافسة بين المرشحين اجتذبت أنصارا فى الأسابيع الأخيرة لكل منهما، فضلا عن أنهما مرشحان قويان من الأصل، والاستهانة بهذا البعد هو استنامة للمساعي المحمومة التي تقوم بها جماعة الإخوان وأنصارها من العدميين والمغرضين والمنافسين والإرهابيين للحيلولة دون اجراء الانتخابات الرئاسية، التي يعلمون علم اليقين أن إتمامها بنجاح هو قطع لثلثي المسافة نحو «شرعية الصندوق» – التي صدعوا رءوسنا بها علي امتداد أكثر من عام - التي تمنح مصداقية واعترافا دوليا بخارطة المستقبل التي أجمع عليها الشعب المصري فى التحالف الذي أقامه فى الثلاثين من يونيو، لتكتمل خطواتها بإجراء الانتخابات النيابية، بعد النجاح فى تنفيذ جزأها الأول بكتابة الدستور، ليفقد بذلك هذا التحالف الإرهابي أهم أوراقه، التي يتاجر بها.

المعركة ليست محسومة، إذا ما علمنا أن أموال التنظيم الدولي للإخوان الذي تموله قطر وتركيا، بدأت تتدفق علي فقراء المصوتين فى القري والنجوع والأحياء الشعبية لإغرائهم بمقاطعة التصويت، أو بمعني آخر شراء صمتهم، ومقاطعتهم بالمتاجرة بفقرهم وعوزهم.

تستخدم جماعة الإخوان وأنصارها جميع الأسلحة فى مساعيها الإجرامية نحو ذلك، بدءا من القتل وانتهاء بحملات الشائعات التي لا تتعفف عن استخدام أحط الألفاظ وأكثرها بذاءة، وبعد أن أتهم هذا التحالف الإرهابي، المرشح الرئاسي «عبد الفتاح السيسي» بأنه تحالف فى الثلاثين من يونيو مع المسيحيين والعلمانيين ضد «الإسلام» ها هم يطير صوابهم، مع الخطاب الديني المستنير، وحالة التدين الوسطي التي تشبه غالبية المصريين وتجعله «واحد مننا» التي كشف عنها «السيسي» فى حملته الإعلامية، فسارع الإخوان وأنصارهم باتهامه بأنه «يستخدم الدين لاستمالة عامة الناس.. ويستغل الإسلام لإغراضه السياسية»!

استخدام الدين حلال عليهم فقط، حرام على خصومهم، ومن سلاح المال ، إلي أسلحة الفتوي المدفوعة الأجر، التي ما عادت تخيل إلا علي أصحابها، وبعد أن أفتي الداعية القطري «يوسف القرضاوي» بأن الذهاب للتصويت فى انتخابات الرئاسة التي دفعت بالرئيس السابق «محمد مرسي» إلي الحكم، هي صورة من صور الجهاد وإعلاء لشرع الله ، ودعا مسلمي العالم إلي الاستشهاد دفاعا عن الإخوان، وأفتي بحق جيوش الناتو فى التدخل العسكري فى ليبيا لإسقاط نظام «القذافي» وبدعوة الجماعات التكفيرية المسلحة فى سوريا للتوحد لمواجهة الشيعة، ها هو يفتي فى الدوحة فى مؤتمر ما يسمي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي انشأه فى أعقاب ثورة 25 يناير، ليناطح به دور الأزهر المميز فى العالم الإسلامي، يتحريم الانتخابات الرئاسية، ويدعو المصريين لمقاطعتها، وإذا كان قد أرجع ذلك إلي زعمه بأن المرشح الرئاسي «السيسي» استولي علي الحكم بالظلم والطغيان، فهناك مرشح آخر بها، يمكن لمن لم يعجبه هذا أن يذهب إلي ذاك، لكن الأمر ليس كذلك، بل هو توظيف مرة أخري للدين فى السياسة، فإما يحكم الإخوان، ويغدو التصويت لهم جهادا واحقاقا لشرع الله، أو أن يمسي انتخاب «السيسي» حراما وكفرا.

كبر المصريون وتعلموا من تجاربهم المريرة، أن هذه الفتاوي المأجورة، لا تلزمهم بشيء، وأن الدفاع عن الدولة المصرية ومؤسساتها وجيشها «الذي يحمي ولا يهدد ويصون ولا يبدد» أغلي عندهم من كل إغراء ، وهم يدركون جيدا بفطرتهم السليمة أن الفتاوي المأجورة شأنها شأن، الحديث عن المعركة المحسومة، اسلحة مفلولة لا تخدم سوي الإرهابيين وأنصارهم، وتوظف الدين لخدمة جماعة الإخوان التي لفظ الشعب المصري حكمها الفاشل، وسوف يختار بتوافده الحاشد علي لجان التصويت فى الانتخابات الرئاسية التي تبدأ أولي مراحلها غدا الخميس، أن يصنع مستقبله بيده وبعزيمته ومحبته الغامرة لهذا الوطن.