حوارما بعد الظهر


سنان أحمد حقّي
2014 / 4 / 22 - 19:19     

حوارما بعد الظهر
في حوار ما بعد الظهر قال صديقي : إن الدولة ( ...) تعاني من إرتفاع نسبة العاطلين عن العمل حيث بلغت حوالي 20% وهي دولة تتبع النظام الإقتصادي الرأسمالي
فسألته وما سبب ذلك؟ قال : قلة الثروات الطبيعيّة والأزمة العالميّة وتفاقم الديون الحكوميّة وتزايد عدد السكان...
قلت : الصين تعدّ مليارا ونصف المليار ومع ذلك إستطاعت أن تجد عملا للجميع تقريبا وتنهض من حالة المجاعات التي كنا نسمع بها يوميّا في نشرة الأخبار وموت الناس في الشوارع بالجملة جوعا حتى وصلت إلى العصر الحديث وبنت مختلف أنواع الصناعات الثقيلة وحازت على التكنولوجيا النووية وأرسلت مركبات إلى القمر ورجالا إلى الفضاء وقد بلغت نسبة النمو الإقتصادي السنوي مبلغا لم تبلغه أية دولة في العالم حيث وصل إلى حوالي 14% أحيانا في حين لم يبلغ النمو الإقتصادي أكثر من 2.5% في الولايات المتحدة نفسهالنفس العام ؟
ألا يُشير كل هذا إلى وجود خلل في النظام الرأسمالي العالمي ؟
لقد أنصت قبل سنوات إلى مجريات مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وقد أشار ممثل الولايات المتحدة إلى هذا الفارق التنموي بكل ذُعر فأجابته وزيرة من الصين تقول:
was it our fault?
نعم هذا هو الجواب لمعظم مشاكل النظام الإقتصادي العالمي الحالية ، أمم تريد أن تعيش وتنفق وتستبقي أسباب الحضارة ومنافعها دون أن تعمل ، او بأقل الجهود ولكن هذه الحال لا تدوم ومن يركن إلى المراوحة والجمود في أوضاع الإنتاج والإبداع التكنولوجي والعمل الفكري إلى جانب العمل اليدوي فإنه سيتخلف لا شك ولن تستطيع ولا أية قوة في العالم أن تديم الأحوال على ما هي عليه أبد الدهر فكلنا نتذكّر من كانوا يقولون أن أمتنا كانت كذا وكذا ونحن نصدّق ذلك ولا شك ولكن حين تراخت عجلة الإنتاج وانشغلت بكسب المنافع دون أن تبذل جهدا في الإبداع والإبتكار والتجدد فإن أمما أخرى تقدّمت عليها وطرحتها جانبا وهذا هو منطق التاريخ .
إذ كيف يمكن أن تتوقف عجلة التقدّم؟
وكيف يكون لمليار ونصف المليار من البشر أن ينتقلون من أحوال المجاعات إلى العصر الحديث؟في حين أن عشرين مليونا فقط تتفاقم فيهم العطالة إلى 20%
مازال للأسف في العالم أناس يعتقدون أن بوسعهم أن يُبقوا غطاء قدر موضوع على نار متوهجة ومليئة بالسوائل يُبقونه في موضعه دون حراك.
وأن من يُريد أن يأكل منهم عليه أن يُشمّر ساعده ويدخل ميدان العمل وليس أن يجلس ويضطهد الناس ليأكل ويشرب عرق جبينهم
هذه الحال لم يبقَ لها مستقبل أبدا ، وتلك هي سنّة الحياة والتقدّم
إن الترويج لوجبة همبركر وزجاجة بيبسي كولا لم يعد كافيا لجذب الناس واستمالتهم فالجميع يبحث عن فرص عمل وفيرة وهي أساس الحياة الطيبة .ولا أنحاز هنا إلى أي من النظامين الذين مرّا علينا عالميا بل أقول بكل وضوح وجرأة إن أي نظام لا تُصاحبه السرقات والفساد يصلح للناس ولكن النظام الرأسمالي لا يستطيع أن يكون نزيها تماما لأن قواعد اللعبة هي قواعد فاسدة فكما سبق لنا وأن وضّحنا أصل المشكلة الإقتصاديّة ببساطة متناهية وهي أن النظام الرأسمالي نظام سلعي وأننا بعد أن نبيع السلعة ونحسم الأجور والمواد الأولية والنفقات الرأسماليّة والنفقات التشغيليّة كافّة يتبقى لدينا فائض وهو كما يرى الإقتصاديون من حق الذين قاموا بالعمل لأنهم هم من حوّلوا المواد الأولية إلى تلك السلعة وبالرغم من ذلك يرى آخرون أنه يجب أن يُقسم بين جميع الفرقاء حسب دورهم وعملهم ولكن النظام الرأسمالي يرى أنه من حق صاحب رأس المال وهي سرقة تم تشريعها وإشاعة مفهومها في جميع جوانب الحياة وهذا هو سبب وجود أفراد يأكلون ويُنفقون دون أن يعملون وهم بالتالي يُصبحون قدوة للآخرين في حب إستغلال الآخرين والعيش على أكتافهم حيث تتخلّف الأمم وأن الصين مثلا لو بقيت على هذا البناء الإقتصادي لما إستطاعت مطلقا من أن تحرز ما وصلت إليه من نجاحات
قلت: إن في النظام الرأسمالي خطأ وخلل وهذا واضح تماما، وليس في إنهيار نظام الإتحاد السوفييتي أي مبرر للتفكير بأن النظام الرأسمالي كان على صواب