الماركسيون والانتخابات - بول داماتو - مقال مترجم


اليسار الثوري في مصر
2014 / 4 / 2 - 00:22     

كتب بول داماتو المحرر التنفيذي لـ International Socialist Reviews، هذا المقال يتناول فيه الموقف الماركسي من الانتخابات وتطوره تاريخياً.

نشر في International Socialist Review عدد 13، أغسطس وسبتمبر 2000
(http://www.isreview.org/issues/13/marxists_elections.shtml)
الترجمة عن الإنجليزية وحدة الترجمة بـ”اليسار الثوري”.
-----------------------

بأي طريقة يفكر الماركسيون في خوض الانتخابات و الحكومة التمثيلية؟

لقد تطورت أو تعايشت في تاريخ الحركة الاشتراكية نظرتين رئيسيتين وفى النهاية مختلفتين ومتعارضتين تماماً للإجابة على هذا السؤال. الأولى النظرة “الإصلاحية” والتي جادلت بأن طريقة تشكيل الحكومة التمثيلية تمنح الطبقة العاملة الفرصة لتحقيق الاشتراكية عن طريق انتخاب أغلبية اشتراكية للمناصب الوزارية. تؤكد هذه النظرة التحول السلمي التدريجي للاشتراكية، وترى الحملات الانتخابية وعمل الموظفين الرسميين الاشتراكيين الـمُنتخبين بوصفهما أهم أوجه الأنشطة الاشتراكية. النظرة الأخرى، والتي حددها ماركس وإنجلز وطورها لينين وروزا لكسمبورج، تناقش الإطاحة الثورية بالسلطة، اعتماداً على النضال الجماهيري للطبقة العاملة، وإحلال سلطة جديدة عمالية محلها.

ازدهر المنظور الإصلاحي في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وقد عبر عنه بقوة المعاون السابق لإنجلز، إدوارد برنشتاين، والذي كتب في قنبلته الإصلاحية “الاشتراكية التطورية“:

“إن مهمة الاشتراكية الديمقراطية هي تنظيم الطبقة العاملة سياسياً وتطويرها ديموقراطياً لكي تكافح من أجل كل الإصلاحات في الدولة التي من شأنها أن تعلي شأن الطبقة العاملة وتحول الدولة في اتجاه الديمقراطية.”[1]

ولكن حتى كارل كاوتسكي، القائد النظري الأبرز لـ”الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني” (SDP) ومُنتقد لآراء برنشتين، رأي أن “الاستيلاء على السلطة السياسية” هو من الناحية الجوهرية استيلاء علي البرلمان. كتب علي سبيل المثال في 1912.

“إن هدف نضالنا السياسي يبقي كما هو حتى الآن: الاستيلاء على سلطة الدولة عن طريق الحصول علي أغلبية في البرلمان وإعلاء شأن البرلمان بحيث يتبوأ وضعاً قيادياً داخل الدولة. بالتأكيد ليس تدمير الدولة.”[2]

وقد اعتبر كاوتسكي أن المظاهرات العارمة في الشوارع والإضرابات طرق غير طبيعية للنضال، مُعلنا أنها ذات طابع “أحادي” وتعكس “حالة اعتلال للعمل الجماهيري.[3]

في بدايات التراث الاشتراكي، ظهرت وجهتي نظر بخصوص هذا الموضوع وقد كانتا مشوشتين بسبب أن كلا من الإصلاحيين والثوريين استخدموا مصطلح، “الاستيلاء علي السلطة السياسية” لصالح الطبقة العاملة، لوصف وجهتي نظر مختلفتين تماماً في أهدافهما.


كتابات ماركس وإنجلز عن الدولة والبرلمان والانتخابات

في خلال حياتهما السياسية، جادل كلا من ماركس وإنجلز دائماً بأن على الطبقة العاملة – مهما كان حجمها ودرجة تطورها – أن تُنظم نفسها في طبقة و”بالتالي في حزب سياسي“[4] كما كتبا في البيان الشيوعي.

بعدها بأشهر قليلة، خلال ثورات 1848 التي اجتاحت أوروبا، شارك ماركس وإنجلز، باعتبارهما أعضاء قياديين لمجموعة صغيرة من الاشتراكيين في عصبة الشيوعيين، في الثورة في ألمانيا بوصفها الجناح الأكثر يسارية للحركة الراديكالية الديمقراطية البرجوازية. فقط ببعض المئات من الأعضاء في أوروبا، فلم تكن العصبة كبيرة بما يكفي لتؤكد نفسها كقوة مُستقلة. ولكن خلال الثورة، بدا من الواضح لماركس، بسبب الطبيعة الجبانة والمترددة للعناصر الراديكالية المنتمية للطبقة الوسطي، أنه من الضروري للطبقة العاملة أن تنتظم باستقلال لكي تحُافظ علي مصالحها الطبقية.

في خطابه إلى عصبة الشيوعيين في مارس 1850 “خطاب إلي عصبة الشيوعيين“، أوصى ماركس بأنه في مسار الثورة المقبل، علي حزب العمال أن “يسير مع” البرجوازيين الصغار الديمقراطيين ضد الفئة التي تهدف إلى الإطاحة بهم، غير أن عليه أن يعارضها في كل شأن “حين تسعى لتعزيز مواقعها الخاصة“[5]

بالإضافة إلى تسليح أنفسهم وتنظيم نوادي مركزية ومُستقلة، لابد أن يُشارك حزب العمال بمُرشحين للانتخابات في ألمانيا في حالة خلق جمعية وطنية كنتيجة للاضطرابات الثورية:

حتى لو لم يكن هناك احتمال لانتخابهم، لابد أن يقدم العمال مرشحيهم المستقلين لكي يحافظوا على استقلالهم، لكي يحصوا قواهم، ولكي يعرضوا أمام العموم موقفهم الثوري وموقف الحزب. وبهذا الصدد لا يجب أن يسمحوا لأنفسهم أن يقعوا في إغراء حجج الديمقراطيين ومنها، علي سبيل المثال، أنكم بفعلتكم هذه تشقون الحزب الديمقراطي وتسهلوا من فرص فوز الرجعيين. إن المقصد النهائي من مثل هذه العبارات هو استغفال البروليتاريا. إن التقدم الذي سوف يحرزه الحزب البروليتاري بمثل هذا العمل المستقل، هو بالتأكيد، أهم من إمكانية ظهور بعض الرجعيين في الهيئة التمثيلية.“[6]

إن الجدال الدائر حول التصويت ضد الجناح اليساري أو المرشحين الاشتراكيين على أساس أنهم لا يستطيعون الفوز وبالتالي يدفعون الجناح اليميني إلى السلطة، هو نقاش عفي عليه الزمن في الولايات المتحدة. وبصدد معارضة نظام الحزبين، أشار إنجلز في 1893 في خطاب إلى زميل أمريكي، إلى أنه في الولايات المتحدة، يعوق تأسيس حزب للعمال “الدستور .. الذي يجعل الأمر يبدو كأن كل صوت تمت خسارته هو صوت لمُرشح لم يتم اختياره عن طريق أحد الحزبين الحاكمين“.[7]

تم وضع خطاب ماركس في مارس على الرف بعد حالة الجزر الثوري. ولكن ماركس وإنجلز عاشا ليريا إنشاء أول حزب عمال اشتراكي جماهيري في ألمانيا والذي كان قادراً على استخدام البرلمان، الرايخستاج، للدفع بقضيتهم للإمام. تأسس “الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني” (SDP) في 1875 عن طريق اندماج حزبين مختلفين أحدهما يتبنى الماركسية والآخر مؤسس علي فكرة “الفوز بأكبر قدر من الإصلاحات عن طريق الاتفاق مع الدولة البروسية“.[8] ولكن بقدر ما اعتبرا أن هذا حزبهما، كان ماركس وإنجلز من البداية ناقدين لما اعتبراه نواقصه السياسية وحاربا دائماً أي محاولة لإذابة طابعه العمالي الطبقي.

مبكراً في 1879، كتب ماركس وإنجلز تعميماً إلى قادة الحزب وسألا فيه حول إذا ما كان الحزب “لم يصب بعدوى الأمراض البرلمانية، وأصبح مؤمناً أنه بالتصويت الشعبي، سيتم صب الروح القُدُس في هؤلاء المُنتخبين“[9] هاجم التعميم أيضاً مقالاً كتبه إدوارد برنشتاين وكُتاب آخرون. وقد هلل المقال لفكرة أن الحركة الاشتراكية يقودها “رجال يحملون حباً حقيقيا للبشرية” وهاجم هؤلاء الذين “همشوا” الحركة واختزلوها في “نضال من طرف واحد يقوم به العمال الصناعيون لتحسين مصالحهم الخاصة“. وقد دعا المقال الحزب إلى أن يكون “هادئاً ورصيناً وذو اعتبار” لكي لا يخيف “البرجوازية ويخرجها عن طورها خوفاً من الشبح الأحمر” كما دعا الرجال “المتعلمين“ لكي يمثلوا الحزب في الرايخستاج.[10]

هاجم ماركس وإنجلز الكُتاب، قائلين لهم أن عليهم ترك الحزب إذا كان في نيتهم أن “يستخدموا منصبهم الرسمي ليقضوا علي طابع الحزب البروليتاري“.[11] من أجل برنشتين والآخرون:

“إن البرنامج لن يتم إلغاؤه، ولكن سيتم تأجيله لمدة غير محددة. إنهم يقبلونه، ليس لأنفسهم خلال حياتهم وإنما بعد وفاتهم، كإرث لأولادهم وأحفادهم. وآناء ذلك فإنهم يُسخرون “كامل قواهم وطاقاتهم” لكل أنواع التفاهات والعبث بعيداً عن النظام الاجتماعي الرأسمالي ليظهروا علي الأقل أن شيئاً تم إنجازه بدون إثارة قلق البرجوازية.

“لقد شددنا لمدة 40 عاماً على أن الصراع الطبقي هو القوة المباشرة المحركة للتاريخ، وبصفة خاصة، أن الصراع الطبقي بين البرجوازية والبروليتاريا هو الرافعة العظمى للثورة الاشتراكية الحديثة، ولذلك لا يمكننا أن نتعاون مع رجال يسعون إلى استبعاد الصراع الطبقي من الحركة. وقد صغنا بشكل جلي عند تأسيس الأممية شعار المعركة: إن تحرر الطبقة العاملة يجب أن يكون من صنع الطبقة العاملة ذاتها. ولذلك لا يمكننا أن نتعاون مع رجال يقولون صراحة أن العمال غير متعلمين كفاية لتحرير أنفسهم، وأن عليهم أن يتحرروا أولاً من أعلى على يد الأعضاء الخيرين للطبقات الوسطى بدرجتيها العليا والدنيا.”[12]

عاش إنجلز ما يكفي ليري تنامي الأصوات الانتخابية للحزب الألماني. في 1884، وهو العام التالي لوفاة ماركس، حصل الحزب علي نصف مليون صوت. وفي 1890، تضاعفت الأصوات ثم تضاعفت مجدداً في 1898، وكذلك في 1912 لتصل إلى أكثر من 4 مليون صوت. وعلى ذلك فإن القوانين الاستثنائية ضد الاشتراكيين، بين 1878 و 1891 والتي استهدفت تقويض النفوذ الاشتراكي، قد عمقت بالفعل سُمعة الاشتراكية الديمقراطية علي أنها حزب المعارضة. انفرجت أسارير إنجلز بسبب انتصارات الحزب، وكان يري في الانتخابات البرلمانية وسائل فذة لزيادة نفوذ الحزب السياسي وعضويته. وفي المقدمة التي كتبها عام 1985 لكتاب ماركس “الصراع الطبقي في فرنسا” ، لخص انجلز أهمية استخدام انتخابات الرايخستاج من قبل الاشتراكية الديمقراطية الألمانية بالقول:

“وحتى لو افترضنا أن الحق الانتخابي العام لم يعد بنفع غير النفع الناجم من كونه قد أتاح لنا أن نحسب قوانا مرة كل ثلاث سنوات، وإنه بفضل نمو عدد الأصوات نمواً فجائي السرعة وملحوظ بانتظام، قوى بالقدر نفسه ثقة العمال في النصر وذعر الأعداء، وصار بالتالي أفضل وسيلة بين وسائلنا للدعاية، وأنه أعطانا معلومات دقيقة عن قوانا بالذات وعن قوى جميع قوى أحزاب خصومنا، وأفسح بالتالي أمامنا مجالاً لا يقاس بأي مجال آخر لأجل تقدير أعمالنا وتصرفنا، ووقانا سواء من التردد في غير أوانه أم من الجرأة الطائشة في غير أوانها؛ حتى لو كان هذا هو النفع الوحيد الذي أعطانا إياه حق التصويت، لكان هذا أكثر من كافٍ. ولكنه أعطانا أكثر بكثير. ففي حقبة التحريض قبل الانتخابات، أعطانا هذا الحق أفضل وسيلة للاتصال بالجماهير الشعبية حيث كانت لا تزال بعيدة عنا، وأجبر جميع الأحزاب على الدفاع أمام الشعب كله عن آرائها وتصرفاتها في وجه حملاتنا، ناهيك بأنه قدم لممثلينا في الرايخستاج منبراً كان في وسعهم أن يخاطبوا منه خصومهم في البرلمان، والجماهير وراء جدرانه على السواء، بقدر أكبر بكثير من الهيبة والنفوذ والحرية مما في الصحافة وفي الاجتماعات، وأي فائدة كانت للحكومة والبورجوازية من قانونهما ضد الاشتراكيين، إذا كان التحريض ما قبل الانتخابات والخطابات الاشتراكية في الرايخستاج تشق فيه الثغرات بلا انقطاع؟”[13] (*)

ولكن إنجلز تمكن أيضاً من أن يرى أن النجاح الانتخابي كان يولد نزعة لدى قادة الأحزاب تدفعهم للتخلي عن الأهداف طويلة الأمد من أجل مكاسب لحظية. الزيادة أو النقصان في التنامي السهل للدعم الانتخابي من سنة لأخرى، والتوسع في الاقتصاد الألماني، بجانب سنين عديدة ظل فيها الصراع الطبقي في حالة جزر، اتجهت إلى تعزيز النزعات الإصلاحية داخل الحزب. كان هذا صحيحاً بصفة خاصة في صفوف الفئة العليا من قادة النقابات وأعضاء البرلمان ومسئولي الحزب، الذين رأوا أن “نتائج” الحركة قد تؤدي إلى قمع الدولة الذي قد يؤدى للقضاء علي المنظمات التي بُنيت بشق الأنفس. وحتى يعزز قادة الحزب الألماني، انتهازيتهم، حذفوا من مقدمة إنجلز الموضوعة التي ذكرناها سابقاً، مستبعدين منها، علي سبيل المثال، مقاطع برهن فيها، على ضرورة استبدال التكتيكات الثورية القديمة بشأن قتال الشوارع وراء المتاريس ، بـ”الهجوم المفتوح“.[14]

في نقده لمشروع برنامج 1891، ينتقد إنجلز برنامج إيرفورت لـ”الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني” (SPD) لاعتقاده أن الرايخستاج – الذي كان، بعد كل شيء، هيئة عاجزة عن الوقوف أمام القيصر – لا يمكن أن يكون أكثر من ورقة توت للاستبداد الروسي. ويحذر إنجلز من الانتهازية، التي كانت تستولي على قسم عظيم من الصحافة الاشتراكية الديمقراطية. فلأنهم متخوفين من إعادة إصدار قانون مناهضة الاشتراكيين، أو استعادة الأحكام (القضائية) المتسرعة الكثيرة التي صدرت في عهد هذا القانون، فهم الآن يريدون أن يجد الحزب النظام القانوني الحالي في ألمانيا ملائماً لتحقيق مطالب الحزب بالطرق السلمية. هذه محاولات لإقناع الذات والحزب بأن “المجتمع الحالي يتطور نحو الاشتراكية” بدون أن يسألوا أنفسهم بالضرورة عما إذا كان ذلك كافياً لتجاوز النظام الاجتماعي القديم وعما إذا كان تفجير هذه القوقعة القديمة بالقوة كما يكسر سرطان البحر من قوقعته، ليس مطلوباً…

هذا النسيان للاعتبارات الرئيسية العظيمة من أجل المصالح الوقتية للحظة، هذا النضال والسعي من أجل إنجاح اللحظة بدون حسبان العواقب المترتبة، هذه التضحية بمستقبل الحركة من أجل حاضرها، يمكن أن يكون “شريفاً” فى مقصده لكنه يبقي انتهازية، وأحيانا تكون الانتهازية “الشريفة” هي أسوأ أنواع الانتهازية![15]

إن الموقفين؛ الذي يرى أحدهما أن المجتمع القديم لابد أن ينفجر بالقوة، ويرى الآخر أن الدولة الحالية يمكنها أن تنتقل سلمياً عن طريق التحكم في المؤسسات البرجوازية التمثيلية، يعكسان وجهتي نظر مختلفتين تحت نير الرأسمالية.

التغيير الوحيد الذي أجراه كلا من ماركس وإنجلز في البيان الشيوعي هو التغيير الذي أتي بعد كوميونة باريس 1871، عندما قام عمال باريس المسلحون، لوقت قصير، بالسيطرة علي المدينة وقاموا بتأسيس منظماتهم الديمقراطية المباشرة. لقد علمت الكوميونة ماركس أن الطبقة العاملة لا يمكنها “ببساطة أن تستولي على جهاز الدولة القائم، وتستخدمه لأغراضها الخاصة“.[16] لأنها دولة مُعدة لتعزيز حكم الطبقة المهيمنة اقتصادياً بالقوة فلا يمكن أن يستولي عليها العمال ببساطة ويستخدمونها لخلق مجتمع اشتراكي جديد.

يقول انجلز في مقدمته في 1891 لكتاب ماركس “الحرب الأهلية في فرنسا“:

“منذ البداية اضطرت الكوميونة لأن تعترف أن الطبقة العاملة، بمجرد وصولها للسلطة، لا يمكنها تدبير أمورها بآلة الدولة القديمة، لكي لا تُهزم مجددا وتخسر مرة أخرى سطوتها التي حازتها للتو علي الطبقة العاملة من ناحية أن تتخلص من الآلة القمعية القديمة التي استخدمت ضدها من قبل، وعليها من الجانب الآخر أن تحمي نفسها من نوابها ومسئوليها، بإعلانهم، بدون استثناء، رهن العزل في أي وقت.”[17]

في كتابه المشهور “أصل العائلة، الملكية الخاصة والدولة“، قال إنجلز أنه بسبب أن الدولة هي دولة الطبقة الأكثر قوة والمهيمنة اقتصادياً، لا يمكن أن تكون الانتخابات أداة لوصول العمال إلى السلطة، ولكن يمكنها فقط أن تكون مقياساً للتأثير الاشتراكي في صفوف الطبقة العاملة.

جادل انجلز بأن “الدولة التمثيلية الحديثة هي أداة لاستغلال العمل المأجور من قِبل رأس المال“. ويُكمل قائلاً:

“أرقى شكل للدولة، الجمهورية الديمقراطية، التي تصبح في أوضاعنا الاجتماعية الحديثة، ضرورة لا يمكن تفاديها، وهي وحدها شكل الدولة التي ستكون فيها المعركة الأخيرة الحاسمة بين البروليتاريا والبرجوازية ممكنة.”

ولكن بينما يجادل انجلز أنه “بمقدار ما تنضج (الطبقة العاملة) باتجاه تحررها الذاتي .. فهي تؤسس ذاتها بوصفها حزب نفسها وتصوت لممثليها، وليس لممثلي الرأسماليين“. أنه أيضا يناقش أن الاقتراع العام ليس مفتاح تحرر الطبقة العاملة. فهذا سيتطلب صراعاً لا يمكن حله بالأصوات الانتخابية:

“الاقتراع العام هو بذلك مقياس نضوج الطبقة العاملة. لا ولن يمكنه أن يكون أي شيء أكثر من هذا في الدولة الحديثة، ولكن هذا يكفينا. في يوم من الأيام عندما يُظهر ترمومتر الاقتراع العام درجة الغليان في صفوف العمال، سيعرفون هم والرأسماليون أين سيقف كل منهم.”[18]


إنجلز بصدد الولايات المتحدة

ولكن ماذا عن البلاد، التي لا تماثل ألمانيا، ولم تتشكل فيها حتى أحزاباً عمالية بعد ولازالت فيها حركة الطبقة العاملة في طفولتها؟ هكذا كان الوضع في الولايات المتحدة في العقود الأخيرة للقرن التاسع عشر، التي شهدت موجة عريضة من النضال حيث كان العمال في الولايات المتحدة قد بدءوا في تنظيم أنفسهم اقتصادياً وسياسياً.

في نصيحته للاشتراكيين في الولايات المتحدة، شدد انجلز على أهمية دعم، والمشاركة في، أي حركة للطبقة العاملة التي، أياً ما كانت حدودها، يمكن أن تسهم في تطوير حزبها السياسي المستقل. في 1886 قام اتحاد العمل المركزي في نيويورك بتأسيس “حزب العمل المستقل” الخاص بنيويورك وفيسنتي، لكي يشارك في انتخابات العمودية لمدينة نيويورك. الحزب الجديد اختار محامي الضريبة – الواحدة هنري جورج مرشحاً له. ولم يكن جورج نفسه من الحركة العمالية. ولكنه كان شعبوياً من الطبقة الوسطي. لقد كتب مؤخرا كتاباً ذائع الصيت؛ “التقدم والفقر“، والذي هاجم فيه الفقر وعدم المساواة. في كتابه دافع عن ضريبة واحدة علي الملكية العقارية كترياق لحل أمراض المجتمع. في المنافسة المحمومة التي حاولت فيها السلطة الحاكمة المحلية بكل الطرق منع فوز مرشح حزب العمل، جاءت نسبة التصويت لجورج في المركز الثالث بنسبة 31 % من التصويت الكلي.

كان إنجلز ايجابياً حول الانتخابات برغم قصورها:

“في بلد قد دخل الحركة حديثاً، أول خطوة مصيرية هي تأسيس حزب سياسي مستقل للعمال، لا يهم كيف، طالما كان مميزاً بوصفه حزباً للعمال. وهذه الخطوة التي تم اتخاذها حدثت أقرب مما كنا نتخيل وهذا هو الشيء الأساسي. إذا كان يتعين أن يكون أول برنامج لهذا الحزب مشوشاً وغير ملائم لمدى بعيد، وحول ما إذا كان من المفترض أن تختار هنري جورج كرئيس شرفي، هي أمور لا يمكن تجنبها حتى لو كانت مجرد شرور عابرة. لابد للجماهير من أن تمتلك الوقت والفرصة لتتطور ولن تحصل علي هذه الفرصة حتى تكون لها حركتها المستقلة – أياً ما كان شكلها، المهم أن تكون حركتها المستقلة – تدفع بها إلى الأمام عن طريق أخطائها وتجاربها المريرة.”[19]

احتفظ إنجلز بنقد خاص للاشتراكيين الألمان في الولايات المتحدة لمعارضة مذهبهم “النقي” لنواقص الحركة العمالية الأمريكية. جادل بأنهم يجب أن يعملوا في منظمات مثل فرسان العمل، المنظمة العمالية الأولى الحقيقية في الولايات المتحدة التي وصلت لذروة شعبيتها إبان المد العمالي في منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر بالرغم من حقيقة أن قائدها تيرنس بودرلي، على سبيل المثال، عارض الإضرابات. لقد جادل بأن الحركة، “لا يجب أن تكون موضع سخرية من الخارج وإنما ينبغي تثويرها من الداخل“[20] كان هذا ممكناً كما قال انجلز، بدون أن يذيب الاشتراكيين أنفسهم داخل الحركة.

“أعتقد أن كل ممارستنا قد أظهرت إمكانية العمل مع الحركة العامة للطبقة العاملة في كل مرحلة من مراحلها من دون الاستسلام أو إخفاء مواقعنا المتميزة وحتى منظماتنا.”[21]


لكسمبورج ولينين

بالرغم من أن لينين لم يكن واعياً بهذا حتى انطلاقة الحرب العالمية الأولى، فقد تأسس الحزب البلشفي جوهرياً علي أساس مختلف عن الاشتراكية الديمقراطية الألمانية. حيث كان الحزب الألماني يهدف لتمثيل الطبقة العاملة الألمانية، ضاماً كل أطيافها في الحركة، من الإصلاحي إلى الثوري، ولكن لينين حارب لكي يخلق حزباً مستقلاً خالياً من أي اتجاه إصلاحي في الحركة الاشتراكية الروسية. عزا لينين الاختلافات بين روسيا والغرب الأوروبي لأوضاع اللا شرعية التي واجهت الاشتراكيين في روسيا. ولكن في الممارسة، لم يكن البلاشفة يبنون منظمة للطبقة العاملة بأسرها، وإنما لعناصرها الثورية الأشد تقدماً فحسب. لذا دخل لينين في جدالات صارمة ضد المناشفة الإصلاحيين، الذين دعوا من أجل حزب واسع شرعي (في أوضاع لا يمكن للحزب في ظلها إلا أن يكون حزباً إصلاحياً) كما دعوا الطبقة العاملة ألا “تخيف البرجوازية“. وأكثر من ذلك، دعا لينين البلاشفة الثوريين إلى أن يكون لهم فرقتهم الخاصة المتميزة، وبحلول عام 1912، أن عليهم أن يكونوا حزباً منفصلاً يستبعد الإصلاحيين من صفوفه.

في ألمانيا، كانت روزا لكسمبورج أكثر نقداً من لينين للطابع الانتهازي للحزب الألماني؛ تحجره، بيروقراطيته و”وسطيته” البرلمانية.

“هذا النوع من البرلمانية الموجود لدينا حالياً في فرنسا وإيطاليا وألمانيا يوفر تربة خصبة لمثل هذه الأوهام للانتهازية الحالية التي تغالي في تقدير الإصلاحات الاجتماعية، والتعاون الطبقي والحزبي، والأمل في التطور السلمي نحو الاشتراكية، الخ.”[22]

تمكنت لكسمبورج من أن تكتب بوضوح حول الطريقة الصحيحة التي يجب أن يتعامل بها الثوريون مع الدولة واستخدام البرلمان:

“علي الاشتراكية الديمقراطية لكي تكون فعالة، وكلما كان ذلك في وسعها أن تشغل جميع المواقع في الدولة الحالية وأن تغزو كل مكان. على أي حال فإن الشرط المسبق لهذا أن تمكنها هذه المواقع من أن تشن منها نضالاً طبقياً ضد البرجوازية ودولتها.”[23]

كانت لكسمبورج واضحة في أنه حتى إذا كان الاشتراكيين قادرين علي تحقيق الأغلبية في البرلمان في دولة ما، فهذا لا يدلل على انتصار الاشتراكية. ستلتف الطبقة الحاكمة حول مؤسساتها الموثوق بها- البوليس، الجيش، بيروقراطية الدولة وسياسيو الحزب الفاسدين – ضد البرلمان إذا احتاجت لذلك:

“في هذا المجتمع، فإن المؤسسات التمثيلية، الديمقراطية من ناحية الشكل، هي في المضمون في عداد الأدوات التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة. ويتجلي هذا بشكل ملموس في حقيقة أنه بمجرد أن تظهر الديمقراطية ميلاً لنفي طابعها الطبقي وتتحول إلى أداة لمصالح الناس الحقيقية، تجرى التضحية بالأشكال الديمقراطية من قبل البرجوازية وممثليها في الدولة.”[24]

ليست هذه مسألة اختلاف نظري، لكنها طالما كانت التجربة التاريخية المريرة للحركة ، العمالية أممياً. في شيلي، علي سبيل المثال، تمت الإطاحة بحكومة سلفادور الليندي الاشتراكية الإصلاحية بانقلاب عسكري دموي في 1973. وأكثر من ذلك، في عديد من الدول، مثل الصين، السعودية، الخ، الرأسمالية والسوق يقترنان بالجيش، ولا فرق بين الملكية أو حكم الحزب الواحد. الديمقراطية – حتى البرجوازية منها – تعتبر في بعض الحالات ترفاً زائداً لا يمكن للحاكمين أن يتحملوه.

انتمت لكسمبورج إلى حزب، نظر أغلبية زعمائه، إلى الدولة والبرلمان علي نفس خطي كاوتسكي. لقد أرادوا “شغل جميع المواقع” في “الدولة الحالية” لا لتدمير هذه الدولة و لكن لأن هذه غايتهم. حال غياب حزب ثوري بدلاً من الخليط الموجود في الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، لم يكن من الممكن، ولم يتم، انتهاج خط ثوري في البرلمان من قبل أغلبية المندوبين، بالرغم من أن كارل ليبنكخت وقلة من المندوبين الثوريين لعبوا هذا الدور.

كان الحزب البلشفي هو أول الذين استفادوا من الانتخابات بطريقة ثورية فعلاً. حقيقة أنهم نظموا أنفسهم باستقلال عن الإصلاحيين، المناشفة،[25] جعلتهم أحراراً ليتبعوا البرنامج الذي رسمته لكسمبورج، لتوظيف منبر البرلمان للقيام بدعايتهم وتحريضهم الثوري.

مثل ألمانيا، لم تخض روسيا ثورة برجوازية وكانت أيضا تحت وطأة حكم أوتوقراطي نصف إقطاعي. دفع الثوريين إلى النشاط السري، وأجبروا على أن يشتغلوا مستترين لتجنب الاضطهاد والاعتقال والنفي وحتى الإعدام.

في الاضطرابات الجماهيرية للثورة في 1905، أصدر القيصر بياناً أعلن فيه عن تأسيس برلمان (الدوما) استرضاءً للحركة الثورية. ولم يكن هذا البرلمان مجلساً تشريعياً حقيقياً ولكن مجرد مجلس استشاري للقيصر وحيث يمكن للقيصر أن يحله وقتما أراد. أكثر من ذلك، أتاحت انتخابات الدوما فرصة لتعطي تمثيلاً أكبر لأصحاب الأراضي الكبار. دعي الحزب البلشفي لمقاطعة نشطة لأول انتخابات. ولكن بمجرد انحسار الثورة، غير لينين موقفه ودعا الاشتراكيين إلى أن يشاركوا في الدوما.

“لقد كان علينا أن نقوم بكل ما من شأنه – وقد قمنا به - أن يمنع انعقاد هيئة تمثيلية صورية. هكذا كان الأمر. ولكن مادام قد انعقد بالرغم من كل مجهوداتنا، فإننا لا يمكن أن نهون من مهمة توظيفه.”[26]

كان علي لينين أن يشن نضالاً حازماً ضد أعضاء الحزب الذين جادلوا بأنه من زاوية المبدأ علي الماركسيين مقاطعة الدوما. ولكنه ناقشهم قائلاً أنه في ظل ظروف متغيرة وغير ثورية فإن المقاطعة لا معنى لها:

“المقاطعة هي وسيلة من وسائل النضال التي تهدف مباشرة إلى الإطاحة بالنظام القديم، أو في أسوأ الظروف، علي سبيل المثال، عندما لا يكون الهجوم قوياً بما يكفي للإطاحة، فانه يُضعفه إلى الحد الذي يجعله غير قادر على إقامة هذه المؤسسة ويجعلها غير قادرة علي العمل. لذلك لكي تكون المقاطعة ناجحة فإنها تتطلب نضالاً مباشراً ضد النظام القديم، انتفاضة ضده وعصيان شامل في عدد كبير من الحالات.”[27]

ولذلك هاجم لينين فكرة المقاطعة “السلبية“؛ التي تتمثل ببساطة في غياب عن حضور الانتخابات أو البرلمان، رفض “الاعتراف” بالمؤسسات القائمة حتى ولو كانت الحركة غير قادرة علي القضاء علي هذه المؤسسات. لم يُمجد لينين هذا العمل، ولكنه قال “حيث أن الثورة المضادة اللعينة جرتنا إلى حظيرة خنازير ملعونة، فإن علينا أن نعمل هناك أيضاً من أجل مصلحة الثورة، من دون أنين، ولكن أيضاً من دون تباهي“.[28]
وبالرغم من ذلك، كان لينين واضحاً في أن المشاركة في الانتخابات هي جزء بسيط من نضال الثوريين، وأن النضال في أماكن العمل والشوارع أهم بكثير.

“ليس علينا أن نرفض المشاركة في الدوما الثانية عندما تنعقد (أو حتى لو) انعقدت. ليس علينا أن نرفض الاستفادة من هذه المساحة، ولكن ليس علينا أن نغالي في أهميتها المتواضعة، مُتبعين خبرتنا التاريخية، فان علينا أن نخضع تماماً شكل النضال في الدوما لشكل آخر من النضال مثل الإضرابات والانتفاضات، الخ.”[29]

مما تألف هذا العمل؟ بالنسبة لعمل الحزب فإنه يعني استخدام حملات الانتخابات لبث الدعاية في الجماهير التي اعتاد أن يعمل في أوساطها، أو التي لم يتم الوصول إليها من قبل. وبالنسبة لأعضاء الحزب الذين انُتخبوا كممثلين، فقد عني ذلك استخدام الدوما كمنصة لبث دعايتهم ونشرها، لفضح الجناح اليميني والبرجوازية الليبرالية ولكي يساعدوا في تنظيم النضال خارج الدوما. يمكن للمندوبين الاشتراكيين استخدام حصانتهم البرلمانية لنشر دعاية ستعتبر عادة غير قانونية خارج الدوما. ويمكنهم إعادة نشر خطاباتهم في الدوما في الصحافة الحزبية وغير الحزبية، وبالتالي يمكن لها أن تصل إلى جمهور أكثر من الجمهور الذي يمكن الوصول إليه بدعاية الحزب، كما يمكنهم استخدام منصة الدوما لفضح، عن طريق “طلبات الإحاطة“، الانتهاكات المتعددة للنظام ضد العمال والفلاحين. علي عكس الحزب الألماني، حيث بدا المنتخبين كنجوم في تاج الحزب، فإن الحزب البلشفي قد أخضع أعضاءه في الدوما للرقابة الحزبية ورأى فيهم خادمين لنضال الطبقة العاملة.

قدم النهج الأساسي الذي اتخذه البلاشفة، العمود الفقري للموقف من الانتخابات والبرلمان، والذي تم تبنيه في الأممية الشيوعية في 1920.


الكومنترن

تأسست الأممية الشيوعية (الكومنترن) في 1919 بمبادرة من الحزب البلشفي بعد استيلاءه علي السلطة في روسيا في 1917. كان هدفها إعادة إنشاء أحزاب أممية عمالية علي أسس – وممارسات – ثورية بحيث تقود حركة العمال للاستيلاء علي سلطة الدولة.[30] لم تعتمد سياسات الأممية فقط علي الاستيلاء الناجح علي السلطة عن طريق البلاشفة، ولكن أيضاً علي خيانة الثورة الألمانية عن طريق قادة “الحزب الاشتراكي الديموقراطي“(SDP) الإصلاحيين، الذين ساعدوا العناصر المضادة للثورة التي اغتالت روزا لكسمبورج وليبنكخت في 1918.

أقام لينين والبلاشفة بمساعدة الثوريين في بلاد أخري، الأممية بغرض إنشاء أحزاب شيوعية ثورية جديدة مستقلة عن الأحزاب الإصلاحية وقادرة علي قيادة الانتفاضات الجماهيرية لتلك الفترة تجاه النصر.

أكد المؤتمر الأول في 1919 احتياج الاشتراكيين لاستبدال البرلمان بالسوفييتات، أو مجالس العمال، لاستبدال الديمقراطية الزائفة بسلطة العمال. أكد الكومنترن علي أهمية بناء أحزاب شيوعية قادرة علي التخلص من ديمقراطية البرجوازية وإحلال ديمقراطية العمال محلها. بوجود الحركات الثورية في كل مكان في أوروبا أصبحت هذه الأفكار إمكانيات ملموسة وليست مجرد أحلام.

ولكن كثير من المناضلين الثوريين الشباب في “الحزب الشيوعي الألماني” (KDP) المؤسس حديثاً – نافذي الصبر ومُتعجلين للتغيير الثوري – فسروا هذا بأنه يعني أن علي كل الثوريين أن يرفضوا من زاوية المبدأ المشاركة في البرلمان. “لقد كانوا مع مجالس العمال وضد البرلمان” كما يكتب دنكان هالاس.

لذلك لم يكن لهم أي شأن بالبرلمان. الانشغال به لا يؤدى إلا لإرباك العمال، كما كتب مجموعة من المقاطعين فيما بعد ذلك بقليل: “يجب رفض أي انحراف إلى أشكال النضال البرلمانية، التي أصبحت بالية سياسياً وتاريخياً، وأي سياسة للمناورة والمساومة، بشكل قاطع“.

بالقطع كانت البرلمانية بالية من وجهة نظر بضع آلاف الأعضاء من “الحزب الشيوعي الألماني” (KDP) وحتى، في هذا الوقت، لدائرة أوسع من الطبقة العاملة المناضلة، ربما بضع مئات الآلاف. ولكن بالتأكيد لم تكن البرلمانية بالية بالنسبة لملايين العمال الذين صوتوا لـ (SDP) “الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني“. [31]

خاض لينين في المؤتمر العام الثاني للكومنترن، الذي عُقد في 1920، جدالا ضد “أقصى اليسار” في ألمانيا وفي أماكن أخرى. لقد جادل لينين بأن الاعتراف بأن البرلمانات باتت بالية تاريخياً هذه مسألة، أما أن تكون قوياً لهزيمتها في الممارسة فهذه مسألة أخرى.

“أصبحت البرلمانية “بالية تاريخياً”. هذا حقيقي فيما يخص الدعاية. ولكن يعرف الجميع كم هو طويل الطريق للتغلب عليها عملياً علي أرض الواقع. لقد أعُلِنت الرأسمالية، وهو أمر صائب، “بالية تاريخيا”، منذ عقود، ولكن هذا لا ينفي على الإطلاق أهمية الحاجة لنضال طويل متصل المستمر على تربة الرأسمالية.

إن المشاركة في الانتخابات البرلمانية والنضال من منصة البرلمان هو واجب على حزب البروليتاريا الثوري .. طالما أنك غير قادر علي تشتيت البرلمان البرجوازي وكذلك أي مؤسسة رجعية أخرى، فإن عليك أن تعمل داخلها، خصوصاً وأنك ستجد هناك عمالاً متأثرين بأقوال الكهنة وكآبة الحياة الريفية وإلا فإننا نخاطر بأن نصبح مجرد ثرثارين.”[32]

في المناقشات التي دارت في الكومنترن حول البرلمان، كان المجادل الرئيسي للينين هو المندوب الإيطالي بورديجا، الذي قال أن “الخبرة التكتيكية للثورة الروسية لا يمكن أن تنقل إلى بلاد أخري اشتغلت فيها الديمقراطية البرجوازية لعدة أعوام“.[33] تضمنت أي مشاركة في البرلمان، بالنسبة لبورديجا، “خطراً مزدوجاً“، من إيلاء أهمية كبيرة للانتخابات وإضاعة وقت كثير ثمين بالنسبة للحزب في الانتخابات، والذي يمكن استغلاله في العمل الجماهيري. وعلى ذلك قال بورديجا أن الوسطية البرلمانية عند الأحزاب الاشتراكية قبل الحرب كان التجربة الوحيدة المتاحة للاشتراكيين في المساحة الانتخابية؛ بمن فيهم الاشتراكيين الثوريين.

أجاب لينين بورديجا:

“أنت تقول أن البرلمان هو أداة تستخدمها البرجوازية لشق صفوف الجماهير.

“ولكن هذا البرهان يجب أن يوجه ضدك، وهو يتوجه أيضا ضد أطروحتك. كيف ستكشف الوجه الحقيقي للبرلمان للجماهير المتخلفة، المخدوعين من قِبل البرجوازية؟ كيف ستكشف المناورات البرلمانية أو مواقف الأحزاب السياسية المختلفة إذا لم تكن في البرلمان، وبقيت خارجه ؟؟ …

“إذا كنت تقول، “رفاقي العمال، إننا ضعفاء للغاية لدرجة أنكم لا تقدرون علي إنشاء حزب منظم بما فيه الكفاية يمكن أن يلزم أعضاءه البرلمانيين بالخضوع له” فسيتجاهلك العمال، لأنهم سيسألون أنفسهم “كيف يمكننا أن نقيم ديكتاتورية البروليتاريا بمثل هذا الضعف؟”"[34]

وجه لينين خطاباً مختلفاً إلى المجموعات الأصغر والتي مازلت منقسمة في الحركة الثورية في بريطانيا.كان حزب العمال، الذي كسب الدعم من النقابات، إصلاحياً مثل “الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني” (SDP)، في الحقيقة لقد أسماه لينين “حزب العمال البرجوازي“. لقد شجع لينين العديد من المجموعات الثورية في بريطانيا للاتحاد في حزب شيوعي مستقل، كما طلب منهم أن ينتسبوا إلى حزب العمال و”ويواصلوا النضال من أجل سياسة ثورية داخل صفوفه” كما قال هالاس.[35] جادل لينين أنه من أجل تجاوز إصلاحية حزب العمال، علي العمال أن يجربوا حزب العمال في السلطة. لذلك كان علي الثوريين أن يقفوا صفاً واحداً بجانب العمال الذين نظروا إلى حزب العمال بوصفه “حزبهم” وأعطوه دعمهم المباشر في الانتخابات، وبهذه الطريقة فسيتمكنوا من كسب العمال إلى سياساتهم الشيوعية. (كما أصر لينين علي إضافة أن الشيوعيين يجب أن يعملوا في حزب العمال فقط في حالة السماح لهم بالحرية التامة لأن يعملوا كمنظمة مستقلة لها مطبوعاتها الخاصة).[36]

“إن حقيقة أن عمال بريطانيا العظمي لا زالوا يتبعون قيادة الكيرنسكيين والشايدمانيين البريطانيين ولم يختبروا وجود حكومة مكونة من هذه العناصر .. يُظهر بلا شك أنه علي الشيوعيين البريطانيين المشاركة في البرلمان، وأن عليهم من داخل البرلمان مساعدة جماهير العمال على أن يروا نتائج حكومة هندرسون وسنودن علي أرض الواقع، بحيث أنهم سيساعدون أنصار هندرسون وسنودن للتغلب علي ليلويد جورج وشرشل مجتمعين. ولكن التصرف بطريقة مختلفة يعني وضع صعوبات في طريق الثورة، كما أن الثورة مستحيلة من دون تغيير وجهة نظر أغلبية الطبقة العاملة، وهذا التغيير سيأتي بالخبرة السياسية للجماهير وليس بالدعاية فقط.”[37]

إن أطروحة الكومنترن حول “الأحزاب الشيوعية والبرلمان” التي صاغها ليون تروتسكي، ملخصاً عقوداً من خبرة الاشتراكيين الثوريين في روسيا وغيرها، حدد النهج الذي يجب أن يتخذه الثوريين في مسألة البرلمان و الانتخابات:

“ترفض الشيوعية إذن النزعة البرلمانية بوصفها شكلاً للمجتمع المقبل .. إنها ترفض إمكانية السيطرة على البرلمان بصفة دائمة، إن هدفها هو تدمير البرلمانية. ولذلك من الممكن الحديث عن استخدام مؤسسات الدولة البرجوازية من أجل تدميرها. يمكن أن نطرح السؤال بهذه الطريقة، وبهذه الطريقة فقط.
الطريقة الأهم لنضال البروليتاريا ضد البرجوازية، أي، ضد سلطة الدولة البرجوازية، هي النضال الجماهيري أولاً وأخيراً.

إن النشاط داخل البرلمان يقوم بشكل أساسي في التحريض الثوري من منصة البرلمان، كشف أقنعة المعارضين، وتوحيد الجماهير أيديولوجيا، الذين، وخاصة في الدوائر المتخلفة، ما زالوا مخدوعين بالأوهام الديمقراطية ويتطلعون إلى منصة البرلمان. لابد أن يكون هذا النشاط تابعاً لأهداف ومهمات نضال الجماهير خارج البرلمان.”[38]


الثوريون في الولايات المتحدة والانتخابات

أشارت روزا لكسمبورج إلى مجادلتها الشهيرة مع برنشتاين،

“إن الذين يدافعون عن نهج الإصلاح التشريعي بدلاً من وبالتضاد مع الاستيلاء على السلطة السياسية والثورة الاجتماعية، لا يختارون طريقاً أكثر سكونا وهدوءً وأبطأ نحو نفس الهدف، لكنهم يختارون هدفاً مختلفاً. بدلاً من اتخاذ موقف من أجل إقامة مجتمع جديد فإنهم يتخذون موقفاً من أجل تعديل سطحي لشكل المجتمع القديم.”[39]

لقد تحللت الإصلاحية في العهود الحديثة إلى مستويات أدني حتى من المستويات التي وضعها برنشتاين. كثير من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية التي تبنت وجهة النظر الكلاسيكية الإصلاحية – والتي دحضتها لكسمبورج ببراعة – يناقشون اليوم، منذ عولمة الاقتصاد ومنذ انهيار الستالينية، أن الاشتراكية لم تعد ممكنة الآن. وأقصي ما يمكننا فعله هو أن ندفع النظام ليكون أكثر إنسانية. بالرغم من أن هذه كانت دائماً ممارسة الإصلاحيين، فإنها تعلن الآن على الملأ أن الاشتراكية هدف مستحيل.

كما أشارت لكسمبورج ، فإن الجدال ليس حول كون الاشتراكيين مع الإصلاحات أو أن عليهم إدارة ظهورهم للنظام الانتخابي. إننا نناضل كاشتراكيين من اجل كل أشكال الإصلاحات التي تحسن ظروف حياة العمال تحت نير الرأسمالية وتعطي العمال ثقة أكبر في الكفاح من أجل المزيد. ولكن أي نضال حقيقي من أجل إصلاح يتطلب كفاحاً لتحقيقها. يطلب الإصلاحيون من العمال أن يبقوا سلبيين ويعتمدوا علي المنتخبين الرسميين. بعمل هذا فإنهم يضعفون ويفلون حدة النضال الطبقي الذي يجعل الإصلاح الحقيقي ممكناً ويعد العمال بشكل واعٍ تنظيمياً وسياسياً للتخلص من الرأسمالية.

لقد كانت الولايات المتحدة تاريخيا تحت هيمنة نظام الحزبين البرجوازي لإقصاء أي بديل الثالث، فضلاً عن بديل عمالي أو اشتراكي ديمقراطي، وأكثر من ذلك، فإن أي تنظيماً اشتراكياً ثورياً منظماً ما يزال صغيراً إلى حد بعيد وضعيفاً حتى يفكر في أن يكون له مرشحين مستقلين. لقد وجد الاشتراكيون أنفسهم غالباً – عندما لا يمتصون في دوامات الحزب الديمقراطي – في موضع مناقشة ما يمثل بالفعل موقفاً سلبياً: لا ينبغي أن يكون للاشتراكيين شأناً بالحزبين الرأسماليين. عنى هذا غالباً، بالضرورة المطلقة، حجة على أن هؤلاء الذين يتطلعون لتغيير حقيقي لابد ألا يشاركوا في الانتخابات الرئاسية.

ولكن كما تبين كتابات انجلز حول الولايات المتحدة في ثمانينات القرن التاسع عشر، كان هناك لحظات عندما كانت الطبقة العاملة، كحزب ثالث، بديلاً مطروحاً، حتى ولو لمرة واحدة. يمكن في هذه الحالات أن يدعو الاشتراكيون علي الأقل للقيام بمظاهرة، أو تصويت طبقي ضد الحزبين البرجوازيين،

بأمل شرخ نظام الحزبين وخلق ثغرة من أجل سياسات مستقلة للطبقة العاملة.

مهما كانت المهمات التي تنتظرنا، عندما نتعامل مع مسألة الانتخابات في الولايات المتحدة، لابد أن يتذكر الاشتراكيون كلمات لينين التي استخلصها في كتابه مرض الطفولة اليساري في الشيوعية:

“إنه من الأصعب بما لا حد له – والأكثر فائدة بما لا حد له – أن تكون ثورياً عندما لا تكون الظروف مُهيأة بعد لنضال مباشر مكشوف جماهيري وثوري حقيقي، والدفاع عن مصالح الثورة (عن طريق الدعاية، التحريض والتنظيم) في مؤسسات غير ثورية وأحياناً رجعية على نحو مباشر، في ظروف غير ثورية، وسط الجماهير غير القادرة علي تقدير الحاجة لطرائق العمل الثورية. المهمة الأساسية للحركة الشيوعية المعاصرة في غرب أوروبا وأمريكا هي أن تسعى، وأن تجد، وأن تحدد بصواب المسار النوعي أو تحول الأحداث في مرحلة ما، والتي ستجلب الجماهير وترفعها إلى مستوى النضال الثوري الفعلي العظيم الأخير الحاسم.”[40]

-

[1] إدوارد برنشتاين، مقدمة كتاب “الاشتراكية التطورية“، نيويورك: شوكن بووكس، 1961، ص 33.

-

[2] مقتبسة في كتاب ماسيمو سلفادوري “كارل كاوتسكي والثورة الاشتراكية 1880 -1938” لندن، كتب اليسار الجديدة، 1979، ص 162.

-

[3] سلفادوري، ص 163.

-

[4] كارل ماركس وفريدرك إنجلز، “البيان الشيوعي“، نيويورك: منشورات التقدم، 1999، ص 18.

-

[5] ماركس “خطاب إلى اللجنة المركزية لعصبة الشيوعيين“، “حول الثورة“، تحرير إيد سول بادوفر، نيويورك: ماكجرو هيل، 1971، ص 133.

-

[6] ماركس “خطاب إلى اللجنة المركزية“، ص 117.

-

[7] “خطاب انجلز إلى فريديرك أدولف سورجه“، في 2 ديسمبر 1983، من كتاب “كتابات ماركس وإنجلز حول الولايات المتحدة“، موسكو: دار التقدم، 1979، ص 333.

-

[8] كريس هارمن، “الثورة المفقودة“، لندن: بووكماركس، 1982، ص 16.

-

[9] ماركس وانجلز “تعميم إلى أوجست بيبل وويلهيلم ليبنكخت وويلهيلم براكه وآخرين“، الأعمال الكاملة، الجزء 27، إنجلز: 1890 – 1895، نيويورك: انترناشيونال بابلشرز، 1990، ص 261.

-

[10] ماركس وانجلز “تعميم“، ص 263.

-

[11] ماركس وانجلز “تعميم“، ص 264.

-

[12] ماركس وانجلز “تعميم“، ص 266 – 296.

-

[13] إنجلز، مقدمة لكتاب ماركس “الصراع الطبقي في فرنسا“، الأعمال الكاملة، الجزء 27 ص 516.

-

(*) نقلت ترجمة النص عاليه من مقدمة كتاب “الصراع الطبقي في فرنسا“، ص 18، ترجمة إلياس شاهين، طبعة دار التقدم، موسكو. (المترجم).

-

[14]

إنجلز، الأعمال الكاملة، الجزء 27، ص 519، وها هو النص المحذوف:

“فهل هذا يعني أن نضال الشوارع لن يضطلع في المستقبل بأي دور؟ كلا، أبدًا. فإن هذا يعني فقط أن الظروف والشروط قد أصبحت منذ 1848 أقل ملائمة بكثير للمحاربين من السكان المدنيين، وأكثر ملائمة بكثير للجنود. وهكذا لا يمكن أن يؤدي نضال الشوارع المقبل إلى النصر إلا إذا جاءت عناصر أخرى توازن هذه النسبة غير الملائمة بين القوى. ولهذا سيحدث نضال الشوارع في مستهل الثورة الكبيرة أقل مما سيحدث في مجراها اللاحق، وسيتعين القيام به بقوى أكبر بكثير. وينبغي الظن أن هذه القوى ستفضل، كما في سياق الثورة الفرنسية الكبرى كلها، وكما في 4 أيلول (سبتمبر) و31 تشرين الأول (أكتوبر) 1870 في باريس، الهجوم السافر على تكتيك المتاريس السلبي”.

ورد النص كاملا في الترجمة العربية الصادرة عن دار التقدم، موسكو، وترجمها إلى العربية إلياس شاهين، ومنه نقلنا هذه الفقرة. (المترجم).

-

[15] إنجلز، “نقد مسودة مشروع البرنامج الاشتراكي الديمقراطي 1891“، الأعمال الكاملة، الجزء 27 ص، 226 – 227.

-

[16] ماركس مُقتبساً في مقدمة إنجلز 1888 لـ”البيان الشيوعي“، نيويورك: انترناشيونال بابلشرز، 1994، ص 7.

-

[17] إنجلز، مقدمة كتاب ماركس “الحرب الأهلية في فرنسا“، الأعمال الكاملة، الجزء 27، ص189.

-

[18] إنجلز، “أصل العائلة، والملكية الخاصة والدولة“، نيويورك: بروجرس بابلشرز، 1985، ص 232.

صرح ماركس وإنجلز ببعض التصريحات التي تبدو كما لو أنها تقول أنه يمكن تحقيق الاشتراكية بطريقة سلمية عبر الحصول على أغلبية في البرلمان. لكنها كانت دائماً مشروطة، كما في مقدمة إنجلز للطبعة الأولى من رأس المال: “أ. على الأقل في أوروبا، فإن انجلترا هي الدولة الوحيدة، التي يمكن أن تنجز فيها الثورة الاجتماعية التي لا مفر منها عبر وسائل سلمية وقانونية بالكامل.” ولم ينسى بالتأكيد أن يضيف، أنه من الصعب توقع أن الطبقة الحاكمة في انجلترا ستستلم لهذه الثورة السلمية القانونية بدون “انتفاضة مؤيدة للعبودية“.

-

[19] رسالة “إنجلز إلى فريدريك أدولف سورجه“، الأعمال الكاملة، الجزء 47، “إنجلز: 1883 – 1886“، نيويورك: بروجرس بابلشرز، 1995، ص 532.

-

[20] رسالة “إنجلز إلى فلورنس كيلي ويتشنويتسكي“، الأعمال الكاملة، الجزء 27، ص541 – 542.

-

[21] رسالة “إنجلز إلى فلورنس كيلي ويتشنويتسكي“، “كتابات ماركس و إنجلز حول الولايات المتحدة“، ص 317.

-

[22] روزا لكسمبورج، “المسائل التنظيمية للاشتراكية الديمقراطية“، “روزا لكسمبورج تتحدث“، نيويورك: باثفايندر بريس، 1980، ص 124.

-

[23] مقتبس في كتاب توني كليف، “روزا لكسمبورج“، لندن: بوكماركس، 1980، ص 21 – 22.

-

[24] روزا لكسمبورج، “إصلاح أم ثورة؟“، “روزا لكسمبورج تتحدث“، ص 56.

-

[25] انفصل فريقا البلاشفة والمناشفة في حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي في عام 1903 وعمل كل منهم باستقلال بهذا القدر أو ذاك، ولكن البلاشفة لم ينشقوا عن المناشفة بشكل رسمي ويشكلوا حزباً مستقلا إلا في 1912.

-

[26] مقتبس في كتاب توني كليف، “لينين: بناء الحزب“، لندن: بوكماركس، 1994، ص 250.

-

[27] لينين، “ضد المقاطعة“، الأعمال الكاملة، الجزء 13، موسكو: بروجرس بابلشرز، 1978، ص 25.

-

[28] لينين، “ضد المقاطعة“، الأعمال الكاملة، الجزء 13، ص 43.

-

[29] مقتبس في كتاب توني كليف، “لينين: بناء الحزب“، ص 251.

-

[30] أعلن موت الأممية الثانية التي كان يهيمن عليها الحزب الألماني، عندما صوت أعضاء “الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني” (SDP) في الرايخستاج لصالح اعتمادات الحرب للدولة الألمانية، معلنين دعمهم لآلة حرب الدولة الألمانية. واعترض عضو واحد فقط، وكان هذا العضو كارل ليبنكخت الذي صوت ضد اعتمادات الحرب، وبعد التصويت الأول بستة أشهر. وبالرغم من أن المؤتمرات السابقة أصدرت قرارات تدعو إلى توحيد الاشتراكيين بمختلف بلدانهم عبر الحدود ومقاومة الحرب بكل الوسائل، وحال إذا ما نشبت الحرب تحريض الجماهير ضدها في بلدانهم على التوالي، غير أن أغلب الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية، انحاز إلى الطبقة الحاكمة وأعلنوا تأييدهم الوطني للحرب.

-

[31] دنكان هالاس، “الكومنترن“، لندن: بوكماركس، 1985، ص 38 – 39.

-

[32] لينين، “الشيوعية اليسارية: مرض طفولي“، نيويورك، انترناشيونال بابلشرز، 1989، ص 40 – 42.

-

[33] “الأممية الشيوعية في عهد لينين“، الجزء الأول، “يا عمال العالم والشعوب المقهورة اتحدوا! أوراق ووثائق المؤتمر الثاني 1920“، نيويورك، باثفيندر بريس، 1991 ص 434.

-

[34] الأممية الشيوعية في عهد لينين“، الجزء الأول، ص 459.

-

[35] هالاس، “الكومنترن“، ص 44.

-

[36] رفض حزب العمال في الحقيقة انتساب الحزب الشيوعي. وحتى بعدها، رفض المزيد من أعضاء حزب العمال المحليين من الجناح اليساري إخراج الشيوعيين، وكانوا لوقت قادرين على العمل علي هامش الحزب وكسب عمال الجناح اليساري.

-

[37] لينين، “الشيوعية اليسارية: مرض طفولي“، ص 65 – 66.

-

[38] “الأممية الشيوعية في عهد لينين“، الجزء الأول، ص 470 – 479.

-

[39] روزا لكسمبورج “إصلاح أم ثورة؟“، “روزا لكسمبورج تتحدث“، ص 77 – 78.

-

[40] لينين، “الشيوعية اليسارية: مرض طفولي“، ص 77 – 78.