في موضوع استفتاء حول استقلال كردستان - اطروحة الحزب الشيوعي العمالي العراقي


محمد الخباشي
2005 / 7 / 7 - 09:52     

بدءا لا بد من الاشارة الى ان دخولي الى هذا النقاش هو اكثر من مغامرة لانني لا أعرف الكثير عن تفاصيل "القضية الكردية" ولا حتى اطروحة الحزب الشيوعي العمالي العراقي، الا من خلال بيان لجنته المركزية الموسعة. واقتضى الامر ان اعود الى ما كتبه مؤسس الشيوعية العمالية منصور حكمت حول الموضوع . ولا بد من الاشارة ايضا الى ان التصنيفات مهما كانت، عرقية، دينية او حسب اللون.... هي بالضرورة تصنيفات رجعية. فالانسان انسان، سواء كان عربيا او غير عربي... والمجتمع الذي نطمح الى بناءه مجتمع تدوب فيه كل التصنيفات. مجتمع يستهدف الانسان بذاته، لا عرقه او لونه او دينه. والعمل من أجل مجتمع بهذه المواصفات، مجتمع الجميع، تلك هي القضية.
والحزب الشيوعي العمالي العراقي بطرحه استفتاءا حول استقلال كردستان، يضع يده في ماء ساخن، وفيه نوع من المغامرة ، وسوف ابين ذلك من خلال السيناريوهات المحتملة. وقبل ذلك، يجب على الحزب الشيوعي العراقي ان يجيب على تساؤلات مطروحة وبكل وضوح ورفعا لاي لبس.
1- الاستفتاء حول استقلال كردستان، هل هو طرح آني ، أي الآن وفي ظل الظروف الحالية؟ ام استفتاء حول استقلال كردستان كدولة يسود فيها النظام الشيوعي؟ اقصد ان كان الاستقلال يطرح بعد انتصار الثورة الاشتراكية ولكردستان الحق في ان تختار الاستقلال او البقاء ضمن الدولة العراقية الكبرى.
2- هل يقصد بكردستان ما كان تابعا للعراق وحده ام باقي الدول الاخرى، ايران، تركيا وسورية؟
3- كردستان العراق، اعتبرت مند زمان جزءا من العراق، فمن سيكون له الحق في الاستفتاء؟ هل كل العراقيين ام الكرد فقط؟
4- ماذا لو قامت القوميات والاقليات، من غير الاكراد، المتواجدة في الاقاليم الكردية، وتسعى هي ايضا الى استقلالها؟ ألن يؤدي ذلك الى تفصيل دويلات وكيانات مجهرية؟


هذه الاسئلة تهم الجوانب الاجرائية من اطروحة الحزب الشيوعي العمالي العراقي. واعرف جيدا ان الاطروحة ليست طرحا انفصاليا من اجل الانفصال. لابد من وضعها ضمن البرنامج العام للحزب وضمن استراتيجيته الهادفة الى بنا المجتمع الشيوعي. واعرف ايضا ان الاكراد، كقومية، طمست هويتهم في كل الدول التي يتواجدون بها. ولكن لي تخوفات حول الاطروحة والنتائج التي قد تترتب عليها. ومهما كانت اجابات الحزب على الاسئلة التي طرحتها، فإن المسألة ترتبط بميزان القوى الذي يفرزه الصراع الاجتماعي في كردستان.
وهناك سيناريوهات عديدة ممكنة، اراها كما يلي:
1- يمكن ان يكون الاستفتاء دو صدى واسع لدى الكرد. وبالتالي سوف يلتف الاكراد حول الحزب الشيوعي العمالي العراقي، لان باقي التنظيمات المتنفذة لم تستطع ان تعبر عن طموحات وأمال الا الفئات والشرائح التي تمثلها وهي البرجوازية الكردية، اضافة الى تحولها الى عميلة. وبالتالي يؤدي هذا الالتفاف الى سحب البساط من تحت اقدام التنظمات التقليدية المنبنية على اساس عرقي، والتمهيد لقيام دولة كردية شيوعية على ارض كردستان العراق. هذا السناريو تحدق به مخاطر الانقضاض والتكالب عليه من طرف الدول المجاورة، تركيا وايران على الخصوص، مخافة اثارة مشكل استقلال الاراضي الكردية التابعة لها. يمكن اذن ان يخلق هذا الطرح تحالفا عدائيا اوسع يجهض الثورة العراقة. ويمكن ان يكون كذلك،السد المنيع،، في حالة نجاح الحزب الشيوعي العمالي العراقي، الذي يمكن ان يحول دون قيام اسرائيل اخرى في النطقة.
2- يمكن ان يجرى الاستفتاء كما جرت الانتخابات العراقية، ويتم فيها التزوير والتلاعب. قد يكون ذلك انتكاسة للخيار الشيوعي. وهذا احتمال ضئيل. وخاصة ان الجماهير الكردية عانت الويلات طوال العقود الماضية، وبالتالي سوف ترى في الاستفتاء انعتاقا من سنوات المعاناة.
3- في حال قيام دولة كردية، قد تكون تحت سيطرة القوى المتعصبة الكردية. فعوض ان تكون دولة حذيثة، يكون الاستفتاء اساسا لبناء دولة عرقية، تقودها برجوازية نمت مصالحا مع الغرب الامبريالي. وسيكون المواطن البسيط عرضة للنهب والسرقة والاستغلال، وهذه دولة لا تستحق ان يغامر المرء من اجل قيامها. الا ان هذه المسالة مرتبطة بميزان القوى وبدرجة تعبئة وتنظيم الجماهير الكردية.
بالاجابة على السؤال الاجرائي الاول سوف نعرف ان كان الاستفتاء مطروحا كحل للظرف الراهن أم رؤية سياسية لحل القضية الكردية ضمن دولة عراقية شيوعية. فإذا كان الحزب الشيوعي العمالي العراقي يرى في الاستفتاء الآن حلا للقضية الكردية فان ذلك الخيار ينطوي على سلبيات من اهمها تقسيم الطبقة العاملة العراقية واضعاف لقدرتها ،خاصة في ظل الهيمنة الحالية للطائفية والعرقية المتعصبة وقوى الاسلام السياسي. وفيه من الايجابيات ما قد يجعل كردستان الشيوعية قاعدة لانطلاق الثورة الى باقي ارجاء العراق.
أما اذا كان الطرح يقضي بضرورة البث في تقرير مصير كردستان كقومية، بعد انتصار الثورة العراقية، فهذا طرح لا مخاوف عليه خاصة بهيمنة الطبقة العاملة وسيادة الحكم الشيوعي. اما قبل ذلك فيجب التأكيد على ان حق تقرير المصير، وان كان اهم واقدس حق من حقوق الامم والشعوب، فان مناصرته لا يجب ان تكون مطلقة في أي زمان ومكان. مناصرة حق شعب في تقرير مصيره، ينبني على مصلحة الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية. فاذا كان فيه مصلحة الشعب الكادح، ويمكن اعتباره خطوة في طريق الثورة الاشتراكية، وجبت مناصرته. واذا كان تقرير المصير قد يعرقل الثورة او فيه مصلحة ضيقة لفئات وشرائح معادية للطبقة العاملة، وجب الوقوف من اجل عرقلته.
واعود الى الاحتمالات التي اوردتها سلفا، لاقول ان خيار استقلال كردستان ينطوي على مخاطر. ولذلك على الحزب الشيوعي العمالي العراقي، اولا، توضيح الاطروحة لازالة كل اللبس، ثانيا، ان يقيس الخطوة التي سيقدم عليها اخدا بعين الاعتبار المعطيات والظروف الحالية وتقييم الاوضاع ان كانت فعلا مناسبة ام لا. وارجو ان اكون قد اترت قضية لم تعط من الحق حتى النزر القليل، لان الجراح والمعاناة والتهميش والاستغلال الذي تعرضت له الجماهير الكردية عار على جبين الانظمة المهترئة في المنطقة. وارجو ايضا ان اكون قد وضعت منطلقا للحزب الشيوعي العمالي العراقي ليفتح هذا النقاش من خلال الحوار المتمدن.