صفحة أخرى مغايرة


لينا سعيد موللا
2014 / 3 / 24 - 09:50     

أعطيت الأوامر للطائرات التركية المقاتلة بإسقاط الطائرة السورية حال دخولها للأجواء التركية.
جاء ذلك بقرار سياسي يحمل الكثير من الدلالات، إذ سبق لتركيا أن نصبت مجموعة صواريخ باتريوت كجزء من منظومة دفاعية تابعة للحلف الأطلسي بغرض حماية أجواءها، لكنها لم تستعمل وبقيت طائرات النظام تقصف أهدافها الحدودية وتتجرأ على تجاوز الحدود دون أدنى تدخل تركي، حتى أن تركيا تلقت الكثير من الصفعات المؤلمة لكنها اكتفت بالتهديد والتهويل الكلامي لا غير .

توقيت هذا القرار ترافق مع متغيرات دولية طالت الملف السوري، فبعد تسليم كامل من الغرب لهذا الملف لروسيا كنوع من الترضية، جاء ضم الأخيرة لشبه جزيرة القرم وتهديدها لوحدة أوكرانيا ، مغيراً للمعادلة الراسخة طوال قيام الثورة السورية ، تغييرات أملت على الحلف الأطلسي اتخاذ إجراءات تضيق على الكرملين، بحيث يتم تقليم أظافر الدب الروسي، فلا يعود مطلق اليد في سوريا، واستهداف موسكو بكافة أنواع المنغصات.

ستشهد الساحة السورية استقطاباً أكبر للقوى الدولية لحل نزاعاتها في سوريا، بحيث تصبح ساحة أكبر لصراع بين الحلف الأطلسي المطالب برد يحفظ ماء الوجه ، ويلقن الروس درساً خارج مياه البحر الأسود، ويغرقهم بمنغصات تسرق منه ورقة المساومة السورية التي استعملتها موسكو كمدخل لأجل لعب دور أكبر، دور يعيدها إلى الساحة الدولية كدولة صاحبة نفوذ غابر .

ستشهد المرحلة القادمة معارك طاحنة بدأت على تخوم اللاذقية وتهدد النظام في عقر داره، مترافقاً مع اشتداد الضغط على دمشق من خاصرتها الغوطة، ومن الجنوب حيث الثوار في درعا يحققون اتصارات متتابعة، وسيحاول النظام استرجاع المبادرة بزج المزيد من القوات الأجنبية، ويأتي اليوم إسقاط الطائرة مع مقتل زعيم شبيحته والرجل المقرب لماهر الأسد هلال الأسد، وقبلها استيلاء الجيش الحر على منطقة كسب ذات الأهمية الاستراتيجية التي مكنت الجيش الحر من استهداف المربع الأمني لمدينة اللاذقية، كتهديد جدي وخطير يطال النظام .

إن إسقاط الطائرة السورية، يمكن أن يحيد سلاح طيران النظام على طول المناطق الحدودية مع تركيا، مما يعطي الثوار هناك حرية الحركة والتوغل، ويمكنهم من الاستيلاء على المرتفعات ونصب المدفعية واستهداف المناطق العسكرية للنظام على مساحات كبيرة .

النظام سيجد نفسه مضطراً للرد على إسقاط الطائرة، لكنه يشعر بالعجز بعد خساراته المتتالية على الأرض، وبالتالي فقدان قدرته في الرد، قد يحاول إثارة بعض المشاكل في تركيا بما يملكه من تأثير على أبناء الطائفة العلوية هناك وكذلك بعض الفصائل الكردية، لكنه سيصطدم بقرار دولي بتطويق ذلك وعدم إفساح المجال للأسد بسلبه القدرة على المناورة .

أما روسيا فهي متفرغة لتطويق آثار ضم القرم، وتبدو أنها محتاجة إلى كامل إمكاناتها، فالخصم قوي شرس، وهو جاد في كبح جماحها هذه المرة .

ستكون الأيام القادمة قاسية جداً على جزار دمشق وكذلك لحالش الذي ستشهد انحسارات كثيرة وعجز على مقاومة الزحف القادم من جبهتي حلب واللاذقية ومن الجبهة الجنوبية .

إنه الشهر الثالث لعام 2014 وما سيليه، الذي يبشر بمتغيرات جذرية على الأرض، وانكسار قوات الأسد في الكثير من الجبهات ..

قادمون