علماء الاجتماع العرب يحتفلون بمئوية على الوردي


ابراهيم الحيدري
2014 / 3 / 19 - 23:41     

أقيمت في الجامعة الامريكية ببيروت بين 25-26 فبراير/ شباط 2014ندوة دولية حول علم الاجتماع في العراق والاحتفال بمئوية العلامة العراقي علي الوردي (1913-1995) من قبل علماء اجتماع عرب واجانب، جمعتهم طاولة مستديرة لمناقشة أفكاره ومنهجه وأطروحاته الاجتماعية حول طبيعة المجتمع وشخصية الفرد العراقي والخروج بأفكار جديدة ترتبط بما يمر به العراق والعالم العربي من أحداث. وقد استغرقت الندوة يومين وطرحت للمناقشة وتبادل الأفكار التي استغرقت ست جلسات متتالية. وقد خصص اليوم الأول للبحوث والمناقشات باللغة العربية وبدأت الجلسة الأولى بمائدة مستديرة برئاسة الدكتور طارق إسماعيل من جامعة كالجاري شارك فيها أبناء الوردي سناء وجعفر الوردي وإبراهيم الحيدري وبارق شبر من تلامذته ومريديه وطرحوا ملامح من شخصية الوردي وأفكاره ومؤلفاته وعلاقاته الاجتماعية. وقد تضمنت أوراق اليوم الأول ستة عشر بحثا ناقشت أفكار الوردي ومساهماته وفلسفته ومنهجه الاجتماعي وكذلك الاتجاهات القيمية للشخصية العراقية ونقد الوردي للمنطق الارسطي وعلى الوردي ونقد العقل العراقي وغيرها من البحوث.
أما اليوم الثاني فقد خصص للبحوث باللغة الإنكليزية وهي ثلاثة عشر بحثا وشارك فيها أساتذة من كندا وامريكا وألمانيا ولبنان ومصر والعراق ونوقشت أفكار الوردي حول العراق وخواطره حول العراق والعالم العربي , والوردي ومفكرون عرب , وفهم الوردي للديمقراطية, والعراق اليوم في خواطر الوردي وغيرها من البحوث.
وقد أقيم المؤتمر برعاية كل من الجامعة الامريكية ببيروت/قسم العلوم الاجتماعية والمجلة الدولية للدراسات المعاصرة والرابطة الدولية للدراسات المعاصرة والرابطة الدولية لدراسات الشرق الأوسط والمركز الدولي لدراسات الشرق الأوسط المعاصرة والمجلس العربي للعلوم الاجتماعية.
ومن الجدير بالذكر بان اللجنة المنظمة للمؤتمر تشكلت من كل من الدكتور ساري حنفي-الجامعة الامريكية والدكتور طارق إسماعيل-جامعة كالكوري والدكتورة لاهاي عبد الحسين-جامعة بغداد.
وكان هذا المؤتمر الدولي بادرة طيبة للتعريف بعلم الاجتماع في العراق وبعلي الوردي الذي يعد واحداً من أهم علماء الاجتماع العراقيين والعرب والخروج به من دائرة "العراقي" الى العربي الأوسع.
والدكتور على الوردي عالم الاجتماع العراقي المعروف هو علم بارز من أعلام الفكر الاجتماعي التنويري الذي خلف وراءه مؤلفات قيمة في علم الاجتماع والانثروبولوجيا وتاريخ الفكر الاجتماعي في العراق. وقد اثارت أفكاره الاجتماعية النقدية تساؤلات عديدة وخاصة بعد سقوط النظام السابق والغزو والاحتلال. وهو ما سبب فوضى وفراغا أمنيا واداريا وسياسيا دفع الى تأجيج المكبوتات وتفريغها بأشكال مختلفة من العنف والإرهاب.
ان أهمية علي الوردي كونه درس وحلل حياة الناس الاجتماعية وسلوكهم وقيمهم وعاداتهم وعصبياتهم وتناقضاتها وأشار الى مرجعية هذا السلوك وأصوله الاجتماعية والعشائرية والمصلحية دون تعصب وانفعال. وقد أخضع كل ما كتبه للفحص والمسائلة والنقد، منتقدا الظواهر السلبية والمفاهيم البالية. وكان في كل ما يكتبه مستقلا استقلالا ذاتيا وناقدا جريئا يتحدى المنظومات الفكرية والدينية والتقليدية وخاصة القبلية والطائفية، مستخدما أسلوبا يعتمد على السرد المبسط والكلام السهل الممتنع، منقبا في عمق الظواهر الاجتماعية المبعثرة في ثنايا التاريخ والمجتمع والشخصية. وقد تمخضت دراساته وبحوثه لطبيعة المجتمع وشخصية الفرد العراقي عن ثلاث فرضيات اجتماعية تكمل كل منهما الأخرى بعلاقة جدلية وهي ازدواجية الشخصية والصراع بين قيم البداوة وقيم الحضارة والتغير والتناشز الاجتماعي.
والحقيقة هي ان أهم ما يميز فكر على الوردي الاجتماعي عن بقية علماء الاجتماع في العراق انه كرس حياته العلمية لدراسة المجتمع العراقي وشخصية الفرد العراقي وبذلك يعتبر مؤسس علم الاجتماع الحديث في العراق. وبالرغم من أن الوردي عاش فترة صراع أيديولوجي حاد، غير أنه بقي محايدا ومستقلا استقلالا ذاتيا. كما كان الوردي أهم رواد الحداثة والتنوير في العراق وكان في كل ما كتبه عن تاريخ العراق الاجتماعي شاهدا أمينا على قرن بكامله.