فبراير شهر الإضرابات العمالية ... - مقال


اليسار الثوري في مصر
2014 / 3 / 13 - 16:14     

شريف منتصر - العدد الثامن من نشرة الثوري - 7 مارس 2014

بعد تولي الببلاوي رئاسة الوزراء وكمال أبو عيطة وزارة القوى العاملة, لم يختلف الوضع كثيراً بالنسبة للعمال، وتسببت مناورة الحكومة بالحد الأدنى للأجور في تأجيج ودفع الاحتجاجات العمالية إلى صدارة المشهد من جديد خلال شهر فبراير، فأضرب عمال النقل العام وعمر أفندي وعمال قطاع الغزل والنسيج وعمال البريد وهيئة النظافة والتجميل بالجيزة وموظفو الأحياء والمجالس المحلية وعمال هيئة المساحة وغيرهم، مطالبين بتطبيق الحد الأدنى للأجور, الذي كشف عن عدم رغبة حكومة الببلاوي في تقديم أي تنازل حتى لو كان بسيطاً وعلى سبيل المناورة مثل الحد الأدنى الذي اقترحوه.

عمال النقل العام

أضرب عمال النقل العام يوم السبت 23 فبراير للمطالبة بصرف أعباء وظيفية وبدل عدوى ومخاطر وعلاوة دورية 7% ونقل تبعية الهيئة من محافظة القاهرة لوزارة النقل.
أستمر الإضراب حتى يوم الخميس 27 فبراير وحقق نجاحاً للعمال بصرف 200 جنية بدل والمفاوضات مستمرة بين النقابة المستقلة للنقل العام, ورئيس هيئة النقل العام لزيادة البدلات ومناقشة باقي المطالب. وأنهى العمال إضرابهم يوم الجمعة بعد أن وعدهم رئيس الهيئة بتنفيذ جزء من المطالب ورفع بقيتها إلى محافظ القاهرة لدراستها.

قرار إنهاء الإضراب قسم قيادات النقابة المستقلة, بين من اكتفى بهذا المكسب و من قرر أن إنهاء الإضراب خيانة للعمال بعد مطالبتهم بإقالة رئيس هيئة النقل العام. وقدم طارق البحيري نائب رئيس النقابة المستقلة استقالته من المنصب، وأعلن سعيه لإنشاء النقابة الحرة للنقل العام.

لن يكون هذا النضال الأخير للنقل العام، وسرعان ما سيدرك جميعهم تهافت الوعود التي قطعها رئيس الهيئة، وقتها سيعودون جميعاً للنضال، الذي لن يكون له قيمة لو لم يستوعبوا دروس الإضرابات السابقة، ولو لم يسعوا لتوحيد نضال مجموعاتهم المختلفة من أجل هدف أساسي واحد هو مواجهة الاستغلال الذي يتعرض له عمال النقل العام.

عمال غزل المحلة يعلقون إضرابهم حتى 8 مارس

بدأ إضراب الآلاف من عمال غزل المحلة يوم الاثنين 10 فبراير, وامتنعوا عن العمل داخل جميع أقسام ومصانع الشركة المختلفة وأوقفوا الماكينات وتظاهروا أمام ساحة طلعت حرب المواجهة لمبنى الإدارة الرئيسي بمدينة المحلة الكبرى، احتجاجاً على تأخر صرف الأرباح والحوافز (الدفعة الرابعة)، والتي كان من المقرر صرفها خلال شهر ديسمبر بواقع شهرين، وتم ترحيلها إلى شهر فبراير، ولتطبيق الحد الأدنى وإقالة رئيس الشركة القابضة.

شكلت وزارة القوى العاملة ومديريتها بالغربية لجان لحل الأزمة لعودة العمال للعمل, ولكن فشلت جميع المفاوضات بسبب تلاعب وزارة القوى العاملة ووزارة الاستثمار في تلبية مطلب إقالة فؤاد عبد العليم رئيس الشركة القابضة.

أستمر الإضراب لاثنتي عشر يوماً حتى أعلن العمال تعليق إضرابهم حتى 8 مارس المقبل، وذلك استناداً لما تم الاتفاق عليه مع وزير الاستثمار وإعلانه الاستجابة لأغلب مطالبهم، ومنها إعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة، وإعفاء المفوض العام من منصبه، واعتبار أيام الإضراب إجازة مدفوعة الأجر، وإعادة تطوير المجمع الطبي وشراء وحدة إشاعة كاملة على أن تتحمل وزارة الاستثمار شراءها. أيضاً موافقة الوزير على إعفاء العمال من الـ220 جنيها والتي يدفعها العمال تحت بند حافز الإثابة من حسبة التأمينات، وتطبيق الحد الأدنى للأجور على جميع العاملين بعد إقراره من خلال اجتماع المجلس القومي للأجور، والتعهد بسحب الثقة من رئيس الشركة القابضة في أول اجتماع للجمعية العمومية للشركة القابضة.

وذكر العمال أن محافظ الغربية قام باستفزاز العمال أثناء لقائه بهم، مؤكدا لهم أنه لن تتم الاستجابة لمطالبهم إلا بعد الانتخابات الرئاسية، عكس ما كان عمال الشركة قد اتفقوا عليه مع وزير الاستثمار، وأضاف العمال أن عمال الشركة شعروا أن هناك مؤامرة يشارك فيها محافظ الغربية تهدف إلى إفشال ما تم الاتفاق عليه مع وزير الاستثمار.

الحد الأدنى والانحياز للعمال .. الكذبة بين وزارتي الببلاوي ومحلب

تشهد مصر منذ أسابيع موجة إضرابات آخذة في التصاعد لفئات مختلفة من الموظفين والعمال للمطالبة بأن يشملهم قرار تطبيق حد أدنى للأجور أصدرته حكومة الببلاوي أو تطبيق كوادر خاصة لهم. شملت هذه الإضرابات العديد من الفئات مثل الغزل والنسيج وموظفي الشهر العقاري والأطباء وعمال المساحة والعاملين بالبريد المصري وأخيرا سائقي النقل العام في القاهرة.

لم تندلع الإضرابات إلا بعد عجز الحكومة عن تنفيذ وعدها بتطبيق الحد الأدنى للأجور الـ1200 جنيه على جميع العاملين بالدولة بدءاً من العام الحالي، إذ لم يطبق إلا على موظفي القطاع العام فقط ولم يشمل موظفي قطاع الأعمال العام والهيئات الخاصة.
وتغيرت الحكومة وجاء إبراهيم محلب أحد أقطاب نظام المخلوع مبارك والذي لا يختلف كثيراً في انحيازات حكومته عن حكومة سلفه الببلاوي، فكلاهما يحافظ على النظام الاقتصادي للدولة المنحاز لرجال الأعمال لا المواطنين, فلن يجد جديد على الوضع ستستمر المناورات في الحقوق وأبسطها الحد الأدنى، مع استمرار إعلان الانحياز الكاذب للعمال في وسائل الإعلام أو في اللقاءات الاستعراضية.

وما زاد من بؤس هذا الوضع, هو اختيار محلب ناهد العشري لتكون وزيراً للقوى العاملة خلفا لكمال ابو عيطة المناضل السابق الذي ظهرت حقيقة انحيازاته على كرسي الوزارة, ناهد العشري التي كانت مسئولة المفاوضات الجماعية لفض منازعات العمال بالوزارة، انحيازاتها واضحة فهي منذ توليها مسئولية المفاوضات الجماعية دوماً في صف للدولة ورجال الأعمال، مصدرة جملتها الشهيرة للعمال "اخبطوا دماغكم في الحيط".

حركة العمال .. هل من تطور؟

برغم أن العمال مازالوا يضربون من أجل نفس المطالب، والتي تظهر محدودة بالمطالب الآنية للعمال؛ الأجور والأرباح وغيره، إلا أن عمال غزل المحلة فتحوا الطريق لمعركة جديدة بآفاق أوسع بدرجة ما من المطالب الاقتصادية، معركة في مواجهة فساد رئيس الشركة القابضة فؤاد عبد العليم، الذي أصروا على الاستمرار في الإضراب حتى تلقيهم وعداً بإقالته برغم حصولهم على الأرباح.

برغم أن تحرك العمال مازال في بداية تسييسه، إلا أن المعركة في مواجهة رجل الخصخصة الأول في الحكومة لها دلالة على طريق ينتظر حركة العمال، ويمكن أن يُختصر كثيراً إذا توحد مع عمال غزل المحلة كل العمال المضارين من الخصخصة؛ مثل عمال طنطا للكتان وعمال غزل شبين وغيرهم، لخوض معركة واحدة ضد وجود فؤاد عبد العليم أولاً وضد كل ما يمثله من سياسيات الخصخصة والإفقار ثانياً، وهو ما بدأ العمال بالفعل في التحرك نحوه.

لا نتوقع استجابة من الحكومة، ولا أن تضحي برجالها، لن تقدم الحكومة سوى المناورات والوعود الكاذبة، التي سيكشفها العمال ويدركون حقيقتها عبر نضالهم، وسيستمرون في طريقهم لإنضاج هذا النضال وفتح أفقه من النضال الاقتصادي والنقابي فقط ليصبح نضالاً من أجل المحافظة على صناعة الغزل والنسيج ومحاربة للفساد، ثم على المدى الأبعد نضالاً من أجل سلطة العمال على أدوات إنتاجهم.

يا عمال مصر اتحدوا

كل السلطة للعمال