باية لغة يتكلم حكام الفيد را لية ؟؟؟


عبد الزهرة العيفاري
2014 / 3 / 2 - 01:40     

بأية لغـــة يتكلم حـكـام الـفـيـدرالـيــة ؟؟؟
الدكتور عبد الزهرة العيفاري
لو تسـنى لـي ان ا رجع الى مقالات سابقة كنت قــد كتبتها ، لعدة سنوات خلت حول شئوننا الفيدرالية لاتـيـحـت لي الفرصة في عرضها على الجماهير العراقية مرة اخرى ولوجدت الكثرة الكاثرة من ابناء العراق الكرام التوقف عند محتواها ومطابقتها على ما وقع اليوم وامـس في ساحتتنا العراقية وفيدراليتنا الكردستانية !! بما في ذلك من تنافر في وقائـع الحيـاة العـراقية المتناقضة التي اخذت الأن تفصح عن نفسها كعامل من عوامل اعـاقة تطور بلادنا اوتنمية اقتصادنا وكذلك في زيادة خسائرنا البشرية . . بل وسنرى بالعين المجردة كيف اخذت تهدد بلادنا اخطار خارجية واضــرار وجهت لوحدتنا الوطنية !!! ملخص الفكرة التي اقصدها هنا هي ان الفيدرالية اعـلنت في العراق بصورة ارتـجـالـيـة ـــ متسرعة ساقتها العواطف وليست الكياسة السياسية . اننا لا نختلف في ان الفيدرالية نظام تقدمي لانها تضمن الحرية وحقوق المواطنة للشعوب في بلادهــا . وبالمناسبة للفيدرالية تاريخ عالمي مشهود . وقد جرت مناقشته باسهاب وبحماس منقطع النظير من قبل كبار المفكرين منذ اواسط القرن التاسع عشر وذلك تحت تأثير الـحـركات الديمقراطية في الجزء الاوربي من العالم خاصة . واصبح اليوم هذا النظام معـروف للجماهير الواسعة كـونه دولة داخل دولة ولكنها بذات الوقت هي جزء من كل . الا ان الخطر الذي لم تـدركه العناصر السياسية العراقية التي استعجلت واقترحته لكردستان العراق دون دراسة وتدقيق . ذلك ان الامر كان يتطلب قبل كل شيء دراسة واقعنا وظـروفنا الداخلية ومتطلبات وطننا وتحديد الشروط التي تأخذ بيدنا لبناء عـراقنا الفيدرالي على احسن وجه . نعم ، كان البناء الفيدرالي يتطلب منــا المعرفة بجوهر النظام المذكوروكيفية بنائه والاتفاق على الحقوق والواجبات التي ينبغي ان تفصل بقوانين ولوائح تقرها هيئة التدوين القانوني في برلمان يتمتع بمواصفات البرلمان حـقـا وحقيقــة . ثـــم كان ينبغي ان تترجم العلاقات الشعبية الى قوانين دستورية تقوم على النهج الوطني الذي لا تشوبه الافكار التي تتبنى التعصب القومي والاستحواذ العشائري والكسب الشخصي لاشخاص مـــا ، باعتبارهم " قادة " لهم ما لهم من الصولجان الاقطاعي او الديني او مــا الى ذلك . ان النظام الفيدرالي عندما يختاره ابناء قومية مـــا لا يعني ان قيادته يجب ان تقوده وفق الافكار القومية المغـلقة ذلك لان قيادة من هذا النوع لابد وان تسقط في مستنقع الدكتاتورية مما سيجر الشعب الى الصراعات الدموية . بل ان النظام التقدمي يتطلب السياسة الوطنية والتآخي مع الشعـوب ذوي الارتباط معه . نـــعـــم هــذا ما لا حظه المفكرون منذ ذلك الحين عــنــد مــا برزت تطــلعات مخيفة لدى عناصر اما قومية او دـيـنـيــة اوغيرها ظهـرت فــي الـمـهـجــر الاوربي ( لاسباب سياسية ) ثــم ظهرت الفيدراليات النظامية . ويبدو انه بسبب ( عدم الاطلاع على التاريخ ) وقع ما وقع للبعض فطالب بالفيدرالية الفورية ( دون قيد او شـرط ) تحت تأثــير العواطف و" الكسب السريع ".. ان العواطف كانت جياشة الى درجة ان وقعـنا تحت تأثيـرها ولم تتبادر الى الاذهان مـغـبة هذه الخطوة السياسيـة المتسرعة . ولكن السياسة اذا لـــم تراع عند صياغتها القانونية الجدلية للحياة فالامر سوف لن يبشر بخير . اما مـراعاة الحسابات الاجتماعية بنجــاح اذن سيصبح ممكنا قطع الطريق على الاحتمالات السلبية ... ومـــأ اكثــرهــا في التاريخ . امـــا اذا لم يحسب الحساب للاحتمالات فان جسامة الخسائرسـتكون فادحة . على ان الحياة ذاتها ( لا تجامل احــد ) فالكوارث تأتي على قدر الخطأ وليس اقــل منه . هذه هي سنة الحياة . وهكذا بزغت فيدراليتنا مع اخطائهـا !!! . وتوجه التركيز ، اولا واخيرا ، على الحصة من اموال البلاد !! وبدأت المجاملات والعطاءات على اشدها . وبعد ذلك مباشرة بــدأ ت غــريزة الابتزاز واخذت المليارات طريقها الى المجهول !!! ؟؟؟ وهكذا .. اننا كعراقيين نفتخـر ( من جهة ) ان الاساس السياسي لفيدرالية كردستان العراق كان من صنع الايادي العراقية بجميع جماهيرها الخيرة وليس بجهود الشعب الكردي وحده . اي انها ثمرة النضال الوطني والديمقراطي بشهادة مقابر الشهداء العراقيين من غير الاكراد وهي منتشرة على سفوح جبال كـردستان وهم من العرب والتركمان والصابئـة والازيدية ... وبأديانهم المتآخية ايضا . فمنهم المسيحي والمسلم والاثوري ... وبينهم كواكب شابة ومـنـيـرة من بناتنا العـربيات من مسلمات ومسيحيات وصابئيات وغيرهن الكثير . ومن المؤسف لــم يذكر ذلك الا القليل من المؤرخين اوشهود العيان المعاصرين ان الفكرة الاساسية وجوهرها الديمقراطي انبعثت بالاساس من الوحدة العـراقية التي تعمدت بذلك النضال المشترك لابناء العراق جميعا . حيث دمجتهم الحياة العـراقية الوطنية مع الشعب الكـردي في بودقــة واحــدة وهذه مأثـــرة عراقية لم يسجلها غيرنا من الشعوب ذات الظروف المماثلة !!! ،ان الـوحدة الوطنية بين العرب والاكراد لا تزال مخزونة في ذاكـرتنا منذ ايام كنا ندرسها في حلقاتنا الدراسية في السجون السياسية ( في سجن بغداد وبعقوبة ونقـرة السلمان والكوت ) في بداية واواسط الخمسينات من القرن الماضي . حين كنا نتصور بعض ملامح العراق الديمقـراطي بالصورة المبسطة جدا وعلى مقدار فهمنا وحماستنا . ومن دواعي الاعتزاز بالرفاق الاكراد . انهم كانوا في الحلقات الدراسية تلك يؤكدون كثيرا اثناء الدرس على الاخوة العربية الكردية!!!
الا ان الذي حدث بعد ذلك ان اعلنت الفيدرالية دون ان يكون لها برنامج سياسي اواقتصادي او ديباجة تحفظ وتوثق اخوة العرب والاكراد والتركمان وغيرهم من المساهمين بهذا الحدث التاريخي ، وذلك لغرض دروس التاريخ و تنوير اجيال الشباب الكرد بتاريخهم الاخوي المشتـرك مع العرب ... وبذات الوقت هي وثائق تاريخية لصــالــح الجمهرة السياسية وغير السياسية للطوائف العراقية كلها !! . ومن النواقص التي رافقت هذا الـحـدث التاريخي الهـام ( وقد كتبنا عنها ايضا ) انه لــم يقترن بـنـظــام محاسبات مالية وكشوفات بالواردات الداخلة في حسابات الفيدرالية ولم يحول منها شيء للخزينة المركزيــة وليس هناك مــا يشـيـر الى مصير المليارا ت التي قبضها حكام الفيدرالية !!؟؟ من نفط العــراق او بالاصح ان نقول قبضها المتنفذون من قادة الفيدرالية . ذلك ان الكثير من السياسيين المسؤولين في الاحزاب الكردية اواغلبهـــم ليس لديهم اية معلومات عن هذا الموضوع . في حين ان المثقفين الكرد ، بل والشعب الكردي كله من انصار الوحدة العراقية وازدهار كردستان و الاتفاق مــع العراق باكمله . الا ان اكثر المسؤولين في الاحزاب الكردية هــم ايضا ليس لديهم انطباع كامل عن طبيعـة الصرف المالي وحتى عن مصير المليارات التي اقتطعت من الخزينة العراقية ( الاتحادية ) المخصـصـة بالاصــل لبناء ونهــوض كردستاننا وكذلك لاعادة بناء الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى والمحافظات الباقية الاخرى . كما يترتب على العــراق تنظيم الصناعة السياحية في المراقد الدينية المقدسة والاثـــار . حيث ينتظرالوطن منها مليارات اخرى لتصرف على جميع المحافظات ايضا .
وبجانب ذلك لم يجر اي تلميح على ان القوانين التي تصدر في الفيدرالية ينبغي ان تتماشـى مع قوانين السلطات الاتحادية في جمهورية العــراق ولا يجوز ان تصدر بمـعزل عن المنظومة القانونية العراقية . خاصة اذا كان الانعزال لاسباب نوازع قومية متعصبة او بدافع الابتزاز او لتكريس المشاكسة مع المركز !! ان المشاكسات وابتزاز الاموال وتسـريب النفط بالخفاء وعدم تقديم كشوفات بالحسابات الدفترية والامتناع عن تحويل الموارد الى الخزينة المركزية .. وغير ذلك الكثير انمــا هي عوامل تفسد على شعبنا لذة الانتصار على الدكتاتوية البعثية كما تفسد شعورنا جميعا بالتحرر من الظلم الدكتاتوري . اننا جميعـنا اكتوينا بنار التعصب القومي البعثي والسياسـات التخريبية التي اقترفها القوميون في العراق على اختلاف اصوافهم وبغض النظر عن زمـــان ظهورهم على مسـرح تاريخنا الحديث . وحان الوقت لنا ان ننعم مستقبلا بعلاقات الاخاء وبحياة السلام .
هذا واننا اذ نعيد الى الذاكـرة شيئا من التاريخ القريب لفيدراليتنا ، لعل الامر يخــص بعض " رموز " السلطة الفيدرالية الذين ابتعدوا كثيـرا عن الموقع الذي يجب ان يلتزمـوا به. خاصة اذا كان " ذلك الرمز " ذا صفة رسمية فاعلة . فكيف وان المقصود ، كـمـا يفهم ذلك ابعد القراء عن اسرار السياسة ، انه السيد رئيس الاقليم . اذ انه نفسه هــدد اكثر من مــرة من خلال فضائيات لا تضمر خيرا لبلادنا . لقد هدد بالعودة الى الاحتراب (!!!) ، ومن المعروف لكل من هب ودب ان مصلحة الشعب الكردي بالنسبة لتلك الفضائيات ليس اكثر من لعبة سياسية مطلوب تأجـيـج النار فيها وذلك تلبية " لطلبية " من قبل دوائـر معلومة ومعروفة بحقدها على بلادنا وهي ، بالمناسبة ، تنتظر الوقيعة بالعراق وفيدراليته !!! منذ زمان بعـيـد بدليل انهم ساندوا ( صـدام ) مباشرة على سفك دماء الاكـراد في الجبال والعرب في الاهوار !!! .
في الواقع ان التهديد بالاحتراب والتفتيش عن ثغرات للنفاذ منها وبـعـد ذلك افتعال العداوات بيننا ( كـشعب ) امـــر يدعو الى العجب العجاب . اضافة الى ذلك ان الالتفات الى جهة اخرى من الامــر سيسمح لنا ان نقف على حقيقة اخــرى وهي ان الفيدرالية لم تنل ادارة بيد علماء وسياسيين يحتفظ الشعب الكردي بهم ويعــتــز . وانما اخذت طابعا عشائريا متخلفا بحيث ركب بسهولة الموجة القومية المتعصبة وترك جانبا المبدأ الوطني الذي يفكر بالمصلحة الكردية كجزء من الارادة العراقية وانطلاقا من ( الشراكة بالوطن العراقي بين العرب والكرد ـــ كما جاء بدستور تموز ) ان القومي المتعصب ( بالسياسة ) يجد نفسه في اغلب الاحيان وقد ابتعد عن مصلحة الوطن ..اما الوطني فهو بالضرورة ينطلق من مصالح كافة القوميات والطوائف الدينية التي تؤلف الشعب . وهذا فرق جوهري بين الوطني والقومي . ان " الجـهـود " التي ( بـذ لـها ) رئيس الاقليم ليحرم العراق من التسلح العسكري واحتوائه لعناصر متآمرة على الوطن وعزل الكرد من مساندة السلطات الامنية في مكافحة الارهابيين والتفرج اخيرا على قتلانا في الشوارع دون ان ينزلوا الى ساحتنا ومعاونتنا فيها انما هي امــور لزرع بذور الشـر وليس في صالح كردستان ذاتـهــا وسيأتي اليوم الذي سنشهد به انتفاض الشعب الكردي على السياسة الخاطئة المفـروضة عليه من قبل المتسلطين على مصيره . هذا هـو اعتقادنا بالشعب الكردي وهـــذه ثـقـتنـا به .
ان الفيدرالية العراقية لم ترسم خـطة تنموية تقوم على التكامل الاقتصادي بين المحافظات ( العربية والكردية ) كاساس للتنمية في كل ربوع بلادنا كما تعمل كافة الفيدراليات العالمية فيما بينها !! . بينما الذي حصل ان عزل حكام الفيدالية المحافظات الشمالية عزلا كليــا عن العراق . اقتصاديا وفكريا وحتى سياسيا . والانــكــى من ذلك ان (( البعض ـــ في عداد الطاقم )) يتمنى لو يستطيع ان يعزل العراق عن العالم ايضـــا . واكثر من هذا اخذت ذات الجهات المسؤولة تتصرف بفضاضة بجزء من الثروة البترولية على هواها وهذا التصرف يتمثل باوجه كثيرة تتراوح بين السـرقة والتهريب والاستيلاء العلني مما يتنافى مع اللياقة والنزاهة وحتى تخالف الاخلاق الاجتماعية . ويبدو ان تلك الجهات لا تريد ان تبقي شيئا من مباديء العلاقات الاخوية لو استطاعت الى ذلك سبيلا ، اوربـمـــا هو امـر يقترب من " التحرش " المنافي للاعراف والقوانين المرعية . والكارثة التي يحملها هذا التصرف ترينا كيف ان اصحاب الامر والنهي في سلطة الفيدرالية يجهدون انفسهم في اثارة الازمات وخلق المصاعب امام العراق في فترة تتميز بالهجوم الارهابي على الوطن . ان الذين يديرون الازمات والاعتداءات ويقومون بسـرقة المواررد النفطية و المالية وجبايـة الرسوم وغيرها دون التصريح بهــا يتصورون انـها فرصتهم المغطاة بالعمليات الارهابية ومرافقة للضغـط الرجعي الاقليمي على العراق . ومن يدري ؟ فلربما ان هذه " الرموز " المستبدة توافق على الاضرار بالعراق حتى ولو الضرر شمل كردستان !!! ( على قــاعدة اقتلوني ومالك ) . ان القوميين كلهم من طينة واحدة . اذ ان الشعور القومي المتعصب كقاعدة يأخذ كل كيان اصحابها . فلم نر قوميا متعصبا ( او متسترا بالقومية ) خلال كل تاريخنا الحديث ان انخـرط بواجب انقاذ العراق من الظلم ؟؟؟ . امــا " الـرموز " فـيبدو ان البعض يتصور ان الشعب الكردي الذي قاسى مرارة الظلم البعثي ـــ الصدامي ينسـون اخوانـهــم ابناء العراق الذين تقاسموا مع الاكراد ليس فقط قطعة الخبز بل وحتى في الاستشهاد في سبيل الديمقراطية و الفيدالية لكردستان . هذا يعني ان السياسة القومية المتطرفة لبعض القيادات (( العشائرية )) ستكون مرفوضة من قبل الشعب الكردي بقيادة احزابه ومنظماته الوطنية وقياداتها المثقفة وسنجد الكرد والعرب في نهاية المطاف سوية في جبهة واحدة وسيشترك الجميع في ساحة الشرف لبناء العراق شمالا وجنوبا انشـاء الله .

الدكـتـور عبد الزهرة العـيـفـاري موسكو 2/3/2014