حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي:البناء البرنامجي بين المسار الصعب والطريق المبهم


محمد الخباشي
2005 / 6 / 29 - 12:49     


في فترة سابقة، حاولت ان أغوص في ثنايا ادبيات حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بحثا عن النزعات الاشتراكية العلمية فيها. ومحاولة لتبيان البطء الذي تميزت به عملية تبلور النظرية الاشتراكية العلمية داخل المجتمع المغربي من خلال الممارسة السياسية للحركة الوطنية المغربية وحركة التحرير الشعبية التي يشكل استمرارا لها الى حدود معينة. وأعددت مسودة لكتاب في الموضوع املا في تصحيح بعض المعطيات التي لقنت للمناضلين، وأخدت دون تمحيص كافي. ولاسباب فيها الذاتي/الشخصي، وفيها ما ارتبط بانتمائي الحزبي، اقبرت هذه المسودة. وفي انتظار اعادة ترتيب بعض الفصول، ارتأيت أن انشر هنا محاور اساسية املا في طرح رؤية فيها من الاختلاف ما هو اسمى من الداتية والعاطفة. وفيها من الحجة ما اعتقد أنه كاف ليشكل مقاربة جديدة لنقد ممارسة سياسية تتبلور بشكل غير موازي لتبلور مشروع التغيير المجتمعي في تصور نظري متكامل. وسوف اتطرق الى الولادة العسيرة للاختيار الاشتراكي داخل الحزب منذ تاسيسه عام 1959، مرورا بأهم المنعطفات التي مر بها (المؤتمر التأسيس- الاستثنائي- الثالث – الرابع و الخامس)، ومحاولات التعبير عن نزعات اشتراكية علمية اعتملت في اوساط الحزب وأن لم تكن رسمية ( الاختيار الثوري- المذكرة التنظيمية- بيان 8 اكتوبر72- مذكرة العمال الاتحاديين باالمهجر- مذكرة اقليم الرباط 82.......)


الجزء الاول : الاختيار الايديولوجي والخط السياسي

ان تبني النظرية الاشتراكية العلمية يجب الايكون لفظيا أو تصريحا بالالتزام بها فقط. انما يجب ان تكون منطلقا يهتدى اليه في منهج التحليل، تحليل الواقع القائم وكشف تناقضاته، ورسم خطط عملية لتغييره في اطار خط سياسي، تحدد انطلاقا من استراتيجيا ذات المدى البعيد، قابلة للاجتزاء الى حلقات متمرحلة ومتصلة كأهداف استراتيجية-مرحلية، ذات المدى المتوسط.
بهذا المعنى، يقصد بالخط السياسي الصحيح، ذلك الخط الذي ينطبق مع فكر يتحدد به، أي تنطبق فيه النتائج المستخلصة مع منهج التحليل المتبع. وهذا الحكم بدوره ليس عاما. فالاحزاب البرجوازية تنطلق من فكر مستلب، وكنظرية هيمنية لابد أن تزول، وترسم كذلك خططا لتأبيد سيطرتها الطبقية. وفي ذلك تطابق بين النظرية والخط السياسي أي الممارسة. فهل يعني ذلك انه خط سياسي صحيح؟ لا ، لأنه ينطلق من "أصل" خاطئ (لا حاجة هنا لاعادة التأكيد على فشل المشروع البرجوازي بكل تلاوينه وضرورة زواله، ولا حاجة ايضا للتذكير بأن خيار البشرية هو المستقبل الاشتراكي)
والخط السياسي الصحيح لمزيد من التدقيق، لا يقبل ان يكون متدبدبا، فتارة يكون منسجما مع النظرية و"الاهداف الاستراتيجية"، وتارة يكون منافيا لها، حين يسير في اتجاه يعاكس فيه الاهداف التي "وضعت" من اجلها تلك النظرية. وتلك سمة مميزة للممارسة البرجوازية الصغيرة للصراع السياسي. وتبقى خاصية "الصحة" صفة مميزة، وهذا ما يفترض أن يكون، للممارسة السياسية لحزب الطبقة العاملة، لانها تبثق من نظرية خاصة ومميزة. ولا يوجد تناقض بين الصيرورة التاريخية لتلك النظرية وبين المصلحة الطبقية للطبقات والفئات المنتظمة فيه ( حزب الطبقة العاملة)، ولان الفئات العريضة التي تنتظم فيه لا تجد تناقضا بين مصلحتها وبين التغيير الاجتماعي الذي يستهدفه الحزب. وتتجسد صحته حين تشكل هذه المصالح بالضبط عصب برنامجه السياسي.
وصحة خط سياسي ما تكمن ايضا في كونه ينسجم بشكل لا رجعة فيه ودائم، مع منطلقاته الفكرية، رغم تعرجاته وظروف المد والجزر، أي حسب الظروف السياسية التي يمر منها الحزب، وفي اية مرحلة من مراحل الصراع الطبقي، في حدته أو تراجعه. ويعني ذلك أن يكون مرحليا، يهدف الى تحقيق شيئ معين في فترة معينة، وحسب طبيعة كل مرحلة. لكن الخطة المرحلية أو الخط السياسي المرحلي يصب في طاحونة هدف استراتيجي يعمل الحزب من اجله، أي أن الاول يخدم الثاني ويعتبر شرطا ضروريا لتحقيقه، اذ لا يمكن ان يتحقق الهدف النهائي بشكل سريع وفجائي دون المرور من درجات متصاعدة تمر من الاولى لتصل الى الثانية وهكذا دواليك...
والخط السياسي المرحلي في جملة واحدة تربطه علاقة توافق وانسجام بالخط الاستراتيجي. وهنا تكمن صحة الخط السياسي لحزب الطبقة العاملة دون غيره. وهو لا يولد صحيحا. ولا يقوم بمجرد تأسيس حزب سياسي نعتبره حزبا للطبقة العاملة ومجموع المضطهدن، بقدر ما هي صيرورة تاريخية. إنه تبلور داخل الحزب بالشكل الذي يتبلور به حزب الطبقة العاملة نقسه في المجتمع ، بالاستقلال التنظيمي والسياسي للطبقة العاملة عن البرجوازية والبرجوازية الصغيرة. وتجدر الاشارة الى أن الاستقلال التنظيمي والسياسي للطبقة العاملة، وتبلور الخط السياسي الصحيح داخل حزب معين ، هما في حقيقة الامر شيئ واحد، لأن الخط السياسي لا يمكن أن يكون صحيحا الا اذا كان مختلفا عن الممارسة السياسية للبرجوازية والبرجوازية الصغيرة. ويتحقق هذا الاستقلال بمحاربة الفكر البرجوازي بكل تلاوينه وبلا هوادة، الذي يتسرب اليها ويحول دون تبلور وعيها الطبقي ويجعلها طبقة مستلبة. ولابد من محاربته ايضا في المجتمع لان البرجوازية تسعى الى خدمة مصلحتها الضيقة بسلب وعي الفرد وجعله يقبل الواقع القائم . فالامر اذن هو جوهر الصراع الطبقي. وهذا الفكر لا يمكن محاربته والتخلص من رواسبه في رمشة عين، بقدر ما يحتاج الى وقت طويل، يعتبر ضروريا لتقويم السلوكيات الفردية والجماعية التي يزرعها الفكر البرجوازي في المجتمع. وتلك عملية متواصلة تتطور باستمرار ودون انقطاع، بحيث لا يمكن الوصول الى الحد النهائي لها الا في ظروف مغايرة تماما. وتستمر حتى في مجتمع بديل حتى تضمحل أثار الفكر البرجوازي ومخلفاته. وبهذا المعنى لا يمكن ان يكون خط سياسي ما كاملا وتاما على الاطلاق، لانه في تبلور دائم ومستمر من حسن الى أحسن، ولذلك فمبرر صحته يكمن في انسجامه كخط مرحلي مع الاهداف الاستراتيجية، كما سبقت الاشارة الى ذلك. ويتم هذا التبلور بانتقال الممارسة السياسية للحزب من طور تعتبر فيه ممارسته السياسية ممارسة برجوازية او برجوازية صغيرة، الى طور تقطع فيه مع طابعها هذا لتصبح ذات طابع ثوري للصراع السياسي.
هذا القطع النهائي يتحقق كقفزة نوعية، ينتقل الحزب بموجبها من ممارسة خاطئة الى ممارسة أصح، بمراجعة نقدية وشاملة لأخطائه، والكشف عن مكامن الخطإ وتقويمها وتجاوزها في اتجاه بلورة ممارسة بديلة للصراع الطبقي. وبهذا المعنى وحده يكون للنقد الذاتي معنى، ويكون صريحا، لأن الهدف منه هو استبدال خطإ بصحيح وتجاوزه النهائي. ولا يمكن أن يقدم النقد الذاتي بهذا الشكل وهذا المعنى، الا اذا بلغ مسار الاستقلال التنظيمي والسياسي للطبقة العاملة (أي التوضيح الايديولوجي والفرز الطبقي) حدا يعبر عن نضج وعيها وقدرتها على بلورة خط سياسي واضح وفرض ممارسة سياسية بديلة. بل وقدرتها على فرض خطها السياسي على كل مكونات الحزب وحلفائه. ودون ذلك فإن النقد الذاتي، وبأي شكل كان لا يمكن اعتباره الا "تكتيكا"، وقد كون مفروضا فقط حسب ظروف معينة. وهذا ما يحدث عادة حين تكون قيادة حزب ما في أيدي فئات غير الطبقة العاملة، فيقدم النقد الذاتي، وسرعان ما يعود الخطأ نفسه ليرتسم من جديد في الممارسة والخط السياسي، حين يكون مسلسل التوضيح والاستقلال التنظيمي والسياسي لا يزال في مراحله الاولى.
في اطار عملية الاستقلال هاته، التي هي في نهاية المطاف عملية البناء التنظمي والبرنامجي لحزب الطبقة العاملة، والمترابطة جدليا مع انغراس الفكر الاشتراكي العلمي في الاوساط التي ينظمها، يطرح سؤال جوهري حول الاختيار الايديولوجي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. اذ، كما سبقت الاشارة الى ذلك، لا يمكن ان يكون الخط السياسي صحيحا الا اذا كان منبثقا من معالجة علمية للواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي وفق منهج علمي ، أي وفق المنهج المادي الجدلي، وفي جملة واحدة، الا اذا تبنى الاشتراكية العلمية منهجا وهدفا، وتجسدت في ادبياته فعليا وفي ممارسته السياسية. فالسؤال المطروح يتمحور حول الانسجام بين الاختار الاديولوجي للحزب وخطه السياسي، وقبله، كيف تبلور الاختيار الايديولوجي نفسه في مسيرة الحزب.
اذا استثنينا ما تمت الاشارة اليه في "الاختيار الثوري" للشهيد المهدي بنبركة رغم انه ليس وثيقة رسمية للحزب، فان تبني الاشتراكية العلمية لم كن رسميا ولا حتى لفظيا، الا من خلال المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975. وقد كان أثر الفكر الاشتراكي باهتا في ممارسة الحزب وتصوراته. ويرجع ذلك الى كون انتشار الفكر الاشتراكي في المجتمع المغربي ظل محدودا. اذ ارتبطت الحركة الوطنية يالايديولوجة السلفية، وظلت نافذة في قيادتها لمدة طولة. وقد بدأ الفكر الاشتراكي في الانتشار بصفة اوسع خلال المد الثوري في الستينات وانتصار الثورات في مجموعة من البلدان في امريكا اللاتينية، الفيتنام، انطلاق الثورة الفلسطينية....( وهذا رغم وجود الحزب الشيوعي المغربي لكونه حوصر من طرف الايديولوجية السلفية وبسبب وضعه الخاص ايضا ومحدوديته وبعض مواقفه السابقة.) ورغم ذلك برزت وثائق غير رسمية لمناضلين أو حتى توجهات داخل الحزب، يمكن ان تستشف من خلالها منابع الفكر الاشتراكي العلمي. ويشكل بيان 8 اكتوبر 1972 الصادر عن اللجنة المركزية، بعد قرارات يولوز، اول بيان سياسي نحى بالممارسة الحزبية نحو ممارسة صحيحة.
والاختيار الثوري، رغم ماجسده من من نظرة عميقة للاوضاع والآفاق التي رسمها كاستراتيجية للعمل الحزبي، رغم ذلك فانه اختزل مضمون الاشتراكية ، في كونه يقتضي :
- حلا صحيحا لمشكلة السلطة باقامة مؤسسات سياسية تمكن الجماهير الشعبية من رقابة ديمقراطية على اجهزة الدولة وتوزيع الثروة والانتاج القومي.
- اسس اقتصادية لا تترك أي مظهر من مظاهر سيطرة الاستعمار ولا لسيطرة حليفه الاقطاع والبرجوازة الكبرى الطفيلية
- تنظيما سياسيا واجتماعيا للسهر على تأطير الجماهير الشعبية وتربيتها من اجل التعبئة الشاملة لسائر الموارد القومية لتراكم وسائل الاستثمار.
تشكل هذه النقط مهمات يقتضيها مضمون الاشتراكية وليست الاشتراكية ذاتها، وبالتالي يكون التقرير بعيدا عن تحديد التصور الذي يجب ان يمتلكه الحزب حول الاشتراكية والقضايا التي تطرحها. وهي أجدى ان تسمى برنامجا ديمقراطيا اكثر مما هي برنامج للثورة الاشتراكية لانها اهداف استراتيجية مرحلية. وباستثناء ذلك، بقيت القضايا التوجيهية نقطة فراغ في مسيرة الحزب الى حين انعقاد المؤتمر الاستثنائي، وفقط نتيجة لعوامل داخلية. استنادا الى التقرير الايديولوجي للمؤتمر الاستثائي، نقرأ في المقدمة :"ان الاتحاد لا يزعم الاتيان بايديولوجية جديدة، او باشتراكية خاصة يطلق عليها نعثا من النعوث. ان الاشتراكية واحدة ، كمنهجية وكهدف، قوامها الملكية الجماعة لوسائل النتاج والتبادل. يتصرف فيها المنتجون بواسطة تنظيماتهم وجهاز الدولة الذي يكون جهازا في خدمتهم وتحت مراقبة تنظيماتهم الحزبية والمهنية"
تشكل هذه الفقرة الاطار العام لنظرة الحزب للاشتراكية العلمية، باعتبارها منهجا وهدفا. فكونها منهجا يقتضي بلورة نظرية شاملة للتغيير، من خلال معالجة الواقع بجل ابعاده، واستخلاص نتائج تشكل عصب الخط السياسي والتكتيكات المرحلية للحزب. وكونها هدفا يقتضي بلورة تصور واضح وشامل لعملية البناء الاشتراكي، كصيرورة تاريخية وكتحويل تدريجي للمجتمع. اما الركن الاول، المتعلق بكونها منهجا اذا استثنينا هذه المقدمة، فان التقريرلم يعكس باي شكل من الاشكال، ذلك المنهج المادي الديالكتيكي في التحليل. ولي عودة الى منزلقات المؤتمر الاستثنائي في الجزء الثاني. في حين طرحت هذه المقدمة اشارات حول طبيعة الاشتراكية، ونقرأ فيها: "الديمقراطية بالنسبة الينا وسيلة وغاية، بوصفها ديمقراطية التعبئة من اجل البناء الاشتراكي، ان شعار ديكتاتورية البروليطاريا اكل عليه الدهر وشرب في اوروبا نفسها، بالاضافة الى ان المشكل عندنا بالذات هو مشكل التصنيع وخلق بروليطاريا"
في هذين المقطعين المقتطفين من مقدمة التقرير الايديولوجي، قضيتين لي تحفظ بشأنهما : الاولى تهم جهاز الدولة وديكتاتورية البروليطاريا (وقد سبق ان عبرت عن ذلك في مقالاتي المنشورة بالحوار المتمدن، ولي عودة للموضوع لاحقا)، الثانية، تهم ما قيل بان المشكل الحقيقي عندنا هو مشكل التصنيع وخلق بروليطاريا. وفي الامر خطأ فادح في تحديد مفهوم البروليطاريا. وساورد هنا رد اكثر وضوحا لمهدي عامل عن هاته القضية بقوله : "ضد النمودج وفكره يتحرك الفكر المادي في مقاربته واقعا تاريخيا متميزا لا نمودج له. والفكر هذا هو الفكر الكلي، لا يندمج الواقع ولا يتندمج به. بل يميز كونيته ويتكونن بتمييزه. فنمط الانتاج الراسمالي مثلا، لا ينوجد في بنية اجتماعية محددة الا في شكل تاريخي مميز، يختلف، في كونيته، عن الشكل التاريخي المميز الذي ينوجد فيه في بنية اجتماعية أخرى، باختلاف الشروط التاريخية المادية لتكونه فيها، وباختلاف الشروط الخاصة بحركة الصراعات الطبقية فيها. وعبثا نبحث في مجتمعاتنا الكولونيالية عن طبقة عاملة مماثلة للطبقة العاملة، مثلا، في فرنسا او سويسرا، فلن نجدها، لان تلك الشروط مختلفة. ولكننا نجدها حتما في شروط متميزم هي التي تكونت فيها البرجوازية كبرجوازية الكولونيالية، والراسمالية كرأسمالية تبعية. هذه الطبقة العاملة المحددة، مهما كان تركيبها، هي التي عليها ان تقود العملية الثورية، وليس نمودجها، وهي التي عليها ان تستقل سياسيا في صراع طبقي يتحرك كصراع وطني، وليس بحسب نمودجه. ولا نمودج في العملية الثورية، ولا تتحقق الثورة بحسب نمودجها. فالذي لا وجود له، ليس الطبقة العاملة، بل نمودج منها لا وجود له الا في فكر، كلما نظر الى الواقع المادي اخطأه" (مهدي عامل، مناقشات وأحاديث، الاعمال الكاملة، دار الفرابي، بيروت 1990 ط1 ص 50)
أما المؤتمر الوطني الثالث، فيبدو انه سار على خط المؤتمر الاستثنائي كما سأبين لاحقا من خلال معالجة البيان العام الصادر عنه. وقبل ذلك يمكن القول ان التحديد الوارد في البيان العام، لاستراتيجية الحزب ( تحرير –ديمقراطية –اشتراكية)، والتحديد الوارد فيه لمدلول الاشتراكية، أجدر بأن يحمل اسما آخر غير الاشتراكية. وكما سأبين لاحقا، شكل المؤتمر الرابع، المنعقد خمسة عشر عاما بعد الثالث، قفزة نوعية في مسار الحزب، ايديولوجيا، سياسيا وتنظيميا. ورغم محدودية تناوله للقضايا التوجيهية، فقد شكل تجاوزا ايجابيا لثغرات ومنزلقات المؤتمر الاستثنائي والثالث. فقد أجاب من خلال التقرير التوجيهي رغم كل شيء، عن نظرة الحزب ومنظوره للاشتراكية ونبد مسألة "الخصوصية" المتدرع بها في عملية " تطويع النظرية واخضاعها لممارسة سياسية مرتقبة". كما انه أفاض في توضيح وتحديد مفهوم الطبقة العاملة والتحديدات الطبقية عامة وشكل بذلك تجاوزا ايجابيا للمسألة السالفة الذكر، والمتعلقة بكون المشكل هو خلق بروليطاريا..... في حين لازالت جوانب متعددة تحتاج الى تدقيقات جوهرية، ذكرت في التقرير التوجيهي كخطوط عريضة، وهي بالتحديد مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية(انظر الحوار المتمدن عدد 1221 ليوم 7/6/2005).

هذه توطئة عامة (الجزء الاول) وتمهيد لموضوع شائك قابل لاثارة الحساسيات لكنه يفرض نفسه، ولم اجد له من ظرف اصلح من اليوم. وفي ما سياتي ساتوقف عند الادبيات السياسية والتوجيهية للحزب، بما فيها غير الرسمية، بحثا عن النزعة الاشتراكية العلمية والتحليل المادي الجدلي في ثناياها.