المرأة والتحرر والمرحلة


جورج حزبون
2014 / 2 / 20 - 23:20     

المحور : الاسئلة الاربعة الاولى من ملف الثامن من اذار
لا زالت كلمات المانيفستو حاضرة في الحياة ، حين قال ان البرجوازية تمارس اشاعة النساء ..في رده على ان الشيوعين يشيعون المراءة ، ثم قال ماركس : ان مكانة المراءة في اي مجتمع تحدد موقعه الحضاري ، وحين نراجع اليوم موقع المراءة في المجتمعات العربية ، نجد انها مجرد متعة رجل !! من جهاد المناكحة الى ما يجري في كافة العواصم العربية ، والى ممارسات اساطين النفط في مختلف دول العالم !! والاكثر اثارة ان الحراك السياسي الذي اطلق عليه ربيعا عربيا كان ابرز منتجاته دحر مكانة المراءة وتحويلها الى حالة تحرش واغتصاب وبالتالي دفعها الى الانطواء بالحجاب والبيت .
حالة الفوضى التي تسود البلدان العربية ليست فوضى خلاقة حسب المخطط الامريكي ، بل هي فوضى تمهد لحالة تراجع اجتماعي واقتصادي ، يصل الى تفكيك تلك البلدان ودحر قيمتها ووزنها الاقليمي والعالمي ان لم تصل بها حد الصوملة او الحالة الافغانية ، وكان اهم عناصر الفشل غياب نظرية للثورة ، بل مجرد شعار لاسقاط النظام ، ومن هنا ضاعة البوصلة وساد الفكر الظلامي الوهابي وتجمع شذاذ الافاق من كل حدب وصوب ارتزاقا ومناكحة ومتعة وغنائم ، وتحولت المراءة بالضرورة الى الضحية الاولى في زمن ساد فيه الجهل وعم الفكر الديني حسب مقتضيات الحال ، حتى اصبحت الفتاوى حسب الطلب من السوبر ماركت الاسلاموي . ِ
معروف ان الاديان بشكل عام والاسلام بخاصة ، نظر الى المراءة ، كعنصر دون الرجل ، ولم يعطها المساواة ، ومع انتصار الثورات الديمقراطية في اوروبا وخاصة الثورة الفرنسية ، اخذت المراءة تتقدم حتى المساوة ، خاصة عند فصل الدين عن الدولة وانتهاج العلمانية ، التي يجد فيها الاسلاميون المعاصرون كفرا ، مع ان امفكرون الاسلاميون في القرون الوسطى تعاملوا معها سواء عبر المجتهدين ،او من خلال مفهوم الدهرين ، حتى تحدث فيها جمال الدين الافغاني ، لكن الاسلام السياسي المعاصر لا يتعامل مع الفكر والعصرنة او الدهرية ، كونه مسيس ومرتبط باجندات على الاقل اغلبها غير محلي ، وان ساهمت بعض المحليات في الدعم المالي لاسناد مواقف حلفائها ومحاولة اخذ دور سياسي لا يتحقق بحضور دول مركزية عربية اخذوا في تحطيمها عبر منظمات اسلامية متطرفة ومرتزقة ، اوهت الدين وشوهت الحياة واعاقة التطور واشاعة النساء .
لقد اصبحت الاديان فعلا عبء على شعوبها ، بهذا التشرذم والانفلات ، ولا يمكن ان تتحقق اهداف التحرر والتطور دون استقلال القرار العربي ، وان اول ضحايا هذا المشهد هي القضية الفلسطينية التي تكابد من اجل البقاء ، امام عتاة الاستعمار والامبريالية الامريكية ، ولقدتغولت اسرائيل حتى اخذت تمهد للاستيلاء على المسجد الاقصى ، مدركت ان الاسلام السياسي لا يقصدها وليس من مهامها امرها ، لان خيط هذه الحركات في نهاية الامر باليد الامريكية رغم القفاز القطري والسعودي .
ارجو ان لا ياتينا صباح نقول فيه هذا ما فعلته بنا الاديان اوالاسلاموين ، ويجب هنا ان ندرك ان الدفاع عن قضية المراءة وتحررها ورفع اذى العبودية الجديدة عنها ،هو جزء مركزي في النضال من اجل انهاء هذه المرحلة السوداء عربيا ، وان تحررها ممر اجباري لاستكمال تحررنا الوطني وبناء مستقبل ديمقراطي للاجيال القادمة ، والامر ليس مجرد امنيات طيبة بل يقتضي تكاتف جهد كفاحي تشارك فيه المراءة الى جانب اطارات ديمقراطية، ولا اميل لاستخدام تعبير قوى اليسار حتى لا ننفخ في الصور ، بل حيث ان الاغلبية الشبابية صامته ، واقسام اجتماعية متفرجة ، فان تشكيل اكبر تحالف ديمقراطي اجتماعي للدفاع عن قضية المستقبل والوطن وفي مقدمها تحرر المراءة ، لان هذا التحرر واسلوب التعاطي مع قضية المراءة يحدد مدى جدية الرؤية لذلك التحالف المفضي الى مواجهة الازمة الراهنة .
لقد شكلت مناسبة الثامن من اذار ، فرصة لابراز مدى جدية هذا المفهوم وكونه مقياسا حتميا لتقدمية اي اطار سياسيي واجتماعي وحتى اقتصادي ، ومهرجانا ثوريا لتحفيز المزيد من النساء للالتحاق بصفوف الثايرين على تقاليد بالية ، واضطهاد مزدوج جنسي وطبقي ، واليوم يضاف له ديني ، ذلك التفسير الذي امتهن المراءة الى حد استخدامها اداة تفريغ شهوة ، وبالتالي فان اصحاب هذا الفهم لا يستطيعوا ان يصنعوا حرية ومساواة من حيث يعيشون القرن ما قبل السادس ، ويرهنون بلادهم لخدمة اوهام قدرها لهم محركيهم ، باعطائهم الجنة حيث يمارسون الجنس بحرية اوسع وشروط امتع ، فهل كائن حضاري بشري من يمتهن هذا الفكر ؟ وهل يستطيع هذا ان يصنع مستقبل وهو ينظر الى المراءة كجسد والى المستقبل خارج الارض ، في اي فضاء يخدر احاسيسه ، المرهونة باستعباد المراءة خادمة ومتعة ، وكيف يمكن ان تظل المراءة خانعة مخدرة بوهم خيالي ، يحولها الى الحالة الحيوانية ،.
والى جانب رفض هذا القدر الهابط على شعوبنا وهابيا امريكيا قطريا ، فان على المراءة العربية الانتفاض على هذا الاستخذاء مهما كلفها من ثمن ، وهو اكرم لها من ان تكون شاة تستكين ضعيفة امام جزار بكفه خنجر !! ولنجعل من الثامن من اذار هذا العام مناسبة لانطلاقة هادرة نحو تحرر المراءة العربية ، ومهما بدا للبعض شعارا بسيطا الا انه اعمق واوسع مما يتصور الكثيرين ، فليس الشعار الاكبر هو الاقدر بل الشعار الابسط هو الاعمق ، خاصة اذا كان يتعلق بنصف المجتمع ويتحالف معه الجزء الاكبر من الرجال ليتم تحقيق الاماني لشعبنا في انتزاع حقوقه الاجتماعية والوطنية .
عاشت راية الثامن من اذار مظللة درب النضال التحرري الواعي
وليتعمق النضال من اجل تحرر المراءة ومساواتها لنتقدم نحو تحرر الوطن