خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(6/8)


سنان أحمد حقّي
2014 / 2 / 20 - 06:59     

خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(6/8)
إن هذه العمليّة كانت تلبّي طموح أبناء الشعب كافة في الرقيّ والحصول على البركة السماويّة مهما طال الزمن وبدوره فإن الملك نفسه يسعى من خلال البحث والتقصّي لإدخال دماء جديدة ومتميّزة إلى أسرته التي في رقيها وتوسعها يزداد الشعب أملا في الوقوف على أعتاب رقيّ وصفات ومزايا أرفع ،
لقد إتضح لنا من خلال مراقبتنا لمختلف الأنظمة السياسية وخصوصا في القرن الماضي انها مهما بلغت من الدقة والضبط ألاّ أننا لا نستطيع أن نبلغ مدى يتطلب مستوى عالٍ من النفس البشريّة والصفات الأخلاقيّة بالتربية وحدها ولا بالتثقيف والتعليم وحده إذ أثبتت الوقائع ان ذلك لا يكفي بل يتطلب الأمر كما توصلت الأبحاث العلمية الحديثة إلى ضرورة وجود بعض المميزات الخَلقيّة وأهمها المورثات الضرورية لبناء إنسان جديد ومتميّز قادر على متابعة التقدّم والرقيّ كما أن الإنقسام الطبقي لا يرجع إلى الدافع المادّي أي الإقتصادي وحده إذ ان هناك مسببات متعددة ولا يمكننا أن نتمسك بالسبب الإقتصادي وتغليبه على بقية الأسباب
إن تطوّر المجتمع من نمط الإنتاج الرأسمالي إلى الإشتراكي كما توقّع ماركس لا يتم فقط بتمليك وسائل الإنتاج إلى العمال أو المنتجين فحسب بل يتطلب الأمر وجود منتجين على وعي عالي جدا وأخلاق ثورية وقدرة على التضحية ومقدرة على التعامل مع المنجزات العلميّة والثقافية الماديّة منها والروحيّة بشكل كبير وهذا كما راينا لم يكن ممكنا في ظل أشخاص لا يتحلون بهذه الخصائص والأخلاق المتقدّمة فقط بتمليكهم وسائل الإنتاج ، فلقد رأينا قادة كبارا يتراجعون بسرعة أمام مغريات ماديّة بسيطة وسوّغ كثير آخرون التحريف والخروج من الصراع الأساسي بسبب منافع تافهه ولهذا فإن هذه الجوانب لها من الأهمية ما يفوق التوقّع .
ومن جانب آخر فإن الأنظمة الملكيّة المعاصرة لم تفعل شيئا يشجّع على النظر إليها وفق هذا المنظور التاريخي فأغلب الملوك والحكام الوراثيين يعيشون بلا عمل ولا مهمة معروفة ولا يعي معظمهم لماذا الأمر كذلك بل أن كثيرا منهم ليسوا على تلك الصفات التي نتحدّث عنها هنا لأنهم تسلّقوا سلّم السلطة والحكم بمساعدة دول أخرى كبرى لقاء خدمات على حساب شعوبهم ومواطنيهم وهذا لا يناسب المهمة التي نتحدث عنها إن جميع الممالك الأوربية قامت بتوارث مهمة أنصار السيّد المسيح اي بمساعدة الكنيسة وهذا سبب مقبول ومطلوب بالنسبة لكل الأوربيين تقريبا لحد الآن وهذا يُفسّر بقاء واستمرار الأنظمة الملكية الوراثية إلى يومنا هذا وخصوصا في القارة الأوربيّة .
ولكن لننظر إلى أداء تلك الأنظمة في أيامنا هذه وكم هو أداؤها مطابق للمهام التي نتحدّث عنها!
من جانب آخر فإن من يستعرض انماط الأنظمة السياسيّة على إختلافها يجد أن إبتداع أنماط جديدة حقّا لم يكن حاصلا بل أن نمط الدولة يكاد يكون متشابها فقد حاول كما أسلفنا الإشتراكيون والشيوعيون وجميع قوى اليسار أن يبتدعوا شكلا مختلفا للنظام السياسي ولكنهم في حقيقة الأمر لم يستطيعوا أن يتفلّتوا من جاذبيّة فلك الأنظمة السائدة إلاّ قليلا وانتهجوا في آخر المطاف أكثرها تشدّدا وتطرّفا وهو نظام الحكم الديكتاتوري الفردي وقد تطرقنا لهذا آنفا ، وحاول آخرون من حكام العصر الحديث أن يبتدعوا أشكالا مبتكرة وبلغت مبلغا ساخرا أحيانا كما حدث في ليبيا القذافي حين أصبح النظام السياسي موصوفا بأربعة أو خمسة صفات مشتركة ( الجماهيرية الليبية الديمقراطيّة الإشتراكيّة ...العظمى)
إن تطوّر الفرد مرتهن بتطوّر المجتمع وهذا سليم ولكنه مرتبط أيضا بتطوّر خصائص الأفراد الوراثيّة والصفات الأساسيّة الماديّة والتي لا يحققها التطوّر المادّي الإجتماعي وحده ، فتمليك وسائل الإنتاج مثلا للمنتجين الذين لا يتمتعون بالوعي المناسب لا يجعل عمليّة التطور الإجتماعي تسير بالشكل المأمول ، والجميع يعلم أنه لن يكون هناك أي مجتمع جديد بدون الوعي العالي الذي يجب أن تتمتع به الطبقة المؤهّلة تاريخيا كطبقة البروليتاريا كما أن وعي أبناء تلك الطبقة بمصالحها ليس كافيا لبناء المجتمع الجديد فلقد شاهدنا تنصّل أكبر قادة الدعوة الإشتراكيّة من أهدافها وتراجعهم عن الأهداف التي طرحتها أهم وأعرق الثورات العالمية والتي دفعت ثمنا غاليا من أجل بناء مجتمع خالٍ من الإستغلال والفوارق الطبقيّة الواسعة ، فما الخبر؟
إن إهم النظريات الإجتماعيّة تطرح أهمية وأولويّة الجانب المادّي في حركة تطوّر المجتمعات وانه أي الجانب المادّي هو المحرّك الأساس لتلك الآليّة وقد بيّنّا في مناسبات عديدة أن هذه العلاقة ليس لها أولويّة ووصفناها في مناسبة سابقة كسلسلة مغلقة أو منحني مغلق تنتظم فيه حبّات سوداء وبيضاء ومن أيّ منها نبدأ تكون له الأولويّة ولذلك فإن تمليك وسائل الإنتاج إلى قوى الإنتاج لا يجعل قوى الإنتاج تقوم بتيسير عمليّة التطوّر أوتوماتيكيا بل يتطلب الأمر وعيا عاليا وخلاّقا قد لا يتوفّر لقوى الإنتاج أو قد لا يناسب المراحل اللاحقة وأن تنمية تلك العناصر بشكل كبير هو من أهم المهام التي تساعد على تطوّر المجتمع وتنمية الخبرات وتوسيع التعليم وتعميق التربية والأخلاق التقدّميّة له أثر بالغ ولكن تنمية الخصائص الوراثية هي إحداها أيضا
إن التطوّر الإجتماعي مرتبط أشدّ الإرتباط بتطوّر الأفراد وأن وعي الأفراد يمكن أن يحرز تقدّما مقبولا إلى حد ما بواسطة التعليم والتدريب ولكن ما يلي تلك المرحلة
وللحديث صلة