الكون الهلوجرامي والبحث عن المُبرمج


طريف سردست
2014 / 2 / 5 - 01:12     

"وحتى اذا ظهرت ان الفكرة فارغة، فإن مجرد تعودك على ابداع افكار جنونية ستصل، في نقطة ما، أن تفكر بشئ،، في البداية قد يبدو بلاقيمة، ولكن بعد فترة سيظهر انه ذلك ليس جنوناً على الاطلاق".
Peter Millican

كنت قد كتبت موضوع (هل الكون هلوجرام) على الرابط التالي http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/kosmos/kosmos-0077.htm
والان تنشر مجلة دسكفري مقال تشير فيه الى ان الفيزيائيون قد يكون أصبح بأمكانهم التأكد مما إذا كنا نعيش فعلا في عالم هلوجرامي. ماهي اسباب اعتقادهم هذا؟

طالما اشار بعض العلماء الى صعوبة الاجابة على سؤال لماذا تنطبق قوانينا الرياضية على العالم؟ ان يكون العالم جرى خلقه من قبل إله مثل فيشا او الله او رع لايحتاج الى قوانين، وانما تكفي " كن" ليكون، وكل ماسيحدث يمكن اجراءه بالارادة الالهية وحدها. في الواقع هذا بالذات الذي اعتقده الانسان القديم والذي جعله يستنتج ان الخالق اله، لايحتاج الى اسباب، يكفي ان يقول للشمس والقمر تعالوا ، حتى يحضروا طائعين. على العكس القوانين " تخفي" وجود الاله. ان كون عالمنا يتكون في جوهره من طاقة، يفتح الباب للاعتقاد بفكرة جنونية: هل العالم هلوجرام وهمي؟

الاشعاعات الكونية هي اسرع الجزيئات الموجودة وتعود في مصدرها الى المجرات البعيدة. دائما تصل هذه الجزئيات الى الارض بسرعة قصوى مقدارها 1020 فولت الكتروني.
اذا كانت هناك طاقة محددة مسبقا لهذه الجزيئات سيعني ذلك ان ان مستوى الطاقة مُعرف ومُميز ومُحدد من قوة خارجية.

وحسب تقدير العلماء، إذا كان مستوى طاقة الجزيئات مُشترط بمُعرفات قواعد المُحاكاة سيكون الامر ذاته بالنسبة لبقية مكونات العالم.
" تجربة الكون" هذه جرى تطويرها من قبل عالم الفيزياء النووية Silas Beane, من جامعة واشنطن ويشارك به علماء لبناء محاكاة للفضاء الكوني بمساعدة بنية فضاء شبكة من المربعات.
لقد حسبوا ان الطاقة في الجزيئات في المُحاكاة مرتبطة بالمسافة بين نقاط التقاطع في الشبكة وكلما كانت المسافة أقل كلما زادت الطاقة المخزونة في الجزيئ.

لقد جرت العديد من التجارب في محاولة الوصول الى حقيقة الواقع وفيما اذا كان مُجرد محاكاة.
في عام 2003 طرح الفيلسوف نيك بوستروم (Nick Bostrom) فكرة احتمال اننا شخصيات في عالم هلوجرامي انتجته كائنات ذكية، كما ننتج نحن الالعاب الكمبيوترية، غير ان فكرة التحقق من هذه الفرضية، بتجارب محددة، اقترحها الفيزيائي Beane وزملائه.
عام 2013 تحدثوا عن خططهم لاجراء التجارب من خلال بناء مُحاكاة للواقع بمساعدة موديلات رياضية تسمى lattice QCD approach.
إذا كنا فعلا نعيش في عالم مُحاكى يشبه مارأيناه في فيلم "ماتريكس"، فهناك مايجب التحذير منه. من المحتمل تماما ان " المصمم" الذي يقود اللعبة هو نفسه برنامج كمبيوتري مُحاكى، بما يشبه " الحلم في الحلم" بما يعني ان جميع انجازاتنا العلمية عديمة الجدوى.
يقول:" إذا كنا فعلا مُحاكاة كمبيوترية فسيكون من المنطقي ان الذي نقوم بقياسه ليس قوانين الطبيعة وانما " قانون اصطناعي" ابدعه عقل مُبرمج".

بعض الاكاديميون يعارضون بشدة "نظرية الماتريكس". البروفيسور بيتير ميليكان (Peter Millican) مدرس الفلسفة وعلوم الحاسوب في جامعة اكسفورد، يعتقد ان مثل هذه الاختبارات سيصاحبها العديد من الثغرات.
يقول:" إذا كانوا يعتقدون ان هذا الكون مُحاكاة الكترونية ، فلماذا يعتقدون ان السوبر عقول، التي تقف خلف هذه المُحاكاة، ستكون ، في تفكيرها، مُحدودة بنفس الافكار والطرق التي تحددنا؟".
ويقول:" انهم يفترضون ان البنية النهائية في العالم الواقعي لايمكن ان تكون ، هي ايضا، شبكة من المربعات ، وأن السوبر عقول ايضا ستحتاج الى بناء عالم المحاكاة بمساعدة شبكة مربعات".
ويقول:" نحن لانستطيع الاستنتاج ان بنية من المربعات الشبكية هي برهان على ان عالمنا غير واقعي لمجرد ان طريقتنا في بناء عالم غير واقعي تحتاج الى شبكة من المربعات".
غير ان البروفيسور ميليكان يضيف ان اجراء التجارب على هذه الفكرة امر ايجابي.
يقول:" الافكار الجيدة يمكن ان تأتي من خارج اطر التفكير التقليدي. ان تجربة الماتريكس هذه ، في الواقع، مثل افكار Descartes and Berkeley, قبل مئة عام".

اشارة بيتر ميليكان الى ديسكارت وبيركللي امر ليس بمستغرب على الاطلاق، فهولاء الفلاسفة كانوا سباقين في تصور ان العالم يقوم على الوهم. لقد قلبوا قواعد الفلسفة رأس على عقب. لقد شككو بقدرتنا على معرفة العالم الحقيقي وبالتالي بمدى حقيقة وجود العالم الحقيقي كما شككو بالعلاقة بين المادة (الجسم) والروح. وبنفي القدرة على الفصل بين حقيقة الواقع المادي وبين معرفتنا به من خلال انعكاساته في وعينا بواسطة الحواس، أصبح الواقع ، الذي نعايش وجوده عن طريق وسيط غير مضمون، هو الحواس، غير موجود. فهل الواقع حقيقة ام خيال؟ انه السؤال نفسه: هل العالم هلوجرام ام طبيعة؟

سنتابع لاحقا عن ديسكارت وبيركللي