مقاطعة انتخابات الرئاسة المصرية


محمد دوير
2014 / 1 / 28 - 13:40     

بناء علي معطيات كثيرة لن تجد القوي الثورية الحية في المجتمع والشرائح التي قدمت تضحيات كبيرة في الثلاث سنوات السابقة سوي أن تدير ظهرها لانتخابات الرئاسة القادمة. ففي ظل تلك المبايعة الشعبية لشخصية ودر المشير السيسي في مواجهة الإرهاب ألإخواني؛ لن يجد أي مرشح أخر فرصته الحقيقية في طرح رؤيته أو برنامجه علي الشعب الذي يبدو أنه حسم أمره في من يشغل هذا المنصب.
إذن فإنه من الناحية العملية أصبحت انتخابات الرئاسة ليست سوي إجراء شكلي سيتم لاستكمال الشق القانوني في العملية ذاتها ليصبح السيسي رئيسا شرعيا للبلاد، ويبدأ في إدارة شئون الدولة بالطريقة التي يعتقد أنها قد تخرجنا من أزماتنا الراهنة بعيدا عن أي التزام تجاهه بالمطالب الثورية، فالرجل لم يدعي في لحظة أنه أحد صناع ثورة يناير أو واحد من الذين تقدموا صفوفها يوما . وربما سيكون الإجماع الشعبي عليه أقوي دعم له في مواجهة كافة القوي الثورية التي تطالب بجملة تغييرات من أهمها شعارات الثورة المصرية الثلاثة.
وبناء عليه تصبح أي معارضة الآن في الشارع المصري لتلك الحالة الشعبية هي نوع من المغامرة الثورية والسياسية ، سواء تمت هذه المعارضة عبر مرشح رئاسي آخر مثل حمدين صباحي أو عبر تحركات شبابية منطلقة في جموع بشرية حددت بوصلتها واتخذت قرارها. ومن هنا صارت المقاطعة هي الحل.. والانشغال ببحث دروس الثورة وترتيب الأوراق وتنظيم الصفوف وفتح حوار موسع حول مستقبل الفعل الثوري هي أفضل السبل لتجديد الطاقة وتغيير أساليب العمل.لاسيما وأنه من الصعب تصورا إحداث تغييرات جذرية في تركيبة وبنية الناظم الراهن مما يعني معه استمرار نفس الأزمات الكبرى والتفاوت الاجتماعي والتضييق علي الحريات العامة والتظاهر والاحتجاج تحت دعاوي كثيرة.
إن القوي الثورية المصرية منذ اندلاع الثورة المصرية خارج كل حسابات الصندوق الانتخابي وهذه احدي ميزات الحراك الشبابي الراهن، ولسوف تستمر تلك الحالة قائمة حتي يشعر هؤلاء أن مسار الثورة بدأ فعلا في الميل والنزوع باتجاه المطالب الثورية.
واعتقد أن نفس الموقف سيتخذ أيضا في انتخابات البرلمان القادم والتي ستكون بالنظام الفردي مما يفتح الطريق واسعا أمام رجال الأعمال ومن المتأسلمين والفلول وغيرهم للهيمنة علي معظم مقاعد المجلس القادم.
نحن أمام أزمة مقدرة ..وضريبة متوقعة بعدما تخلصنا الي حين من حكم وهيمنة تيار الاسلام السياسي. ولكن هذا ل يعني أبدا أن تنازل عن طريق قطعنا في شوطا كبيرا.. وتكاد ملامح هذا الطريق تتضح يوما بعد الآخر في ظل تساقط أوراق النظام السابق برؤوسه الثلاثة " قيادات الجيش الذين يطمعون في السلطة السياسية – الإسلام السياسي – رموز الفساد في عصر مبارك ".. ولن يبقي في النهاية سوي جوهر الثورة الصلب.. وكل من يؤمن فعلا باستكمال ثورة بدأت من أجل أن تغير وجه مصر وتحولها من دولة التبعية والاستبداد والفساد إلي دولة الحريات والعدالة والمساواة.
هذه دعوة إذن إلي مقاطعة انتخابات الرئاسة وعدم دعم أي مرشح وأيضا مقاطعة انتخابات البرلمان الرأسمالي القادم.. وإعادة تنظيم الصفوف ومراجعة المواقف.