الحل الامريكي للشرق الاوسط الجديد


جورج حزبون
2014 / 1 / 21 - 23:44     

الحل الاميركي للشرق الاوسط الجديد

تتداول الصحافة ، و مراكز العمل السياسي ، بالمعلومة الجزئية ، او بالتقدير او الاستنتاج ، لبعض النقاط المتوقعة ضمن ما اطلق عليه مشروع كيري للسلام ، و يقول الرئيس الفلسطيني في لقاء مع تلفزيون المغرب يوم 18/1/2014 ، ان الاميركيين مخلصون لانجاح عملية سلام جدية ، و لكن الازمة عند الاسرئيلين ، و اننا لن نقبل تبادل اراضي تشمل مواطني المثلث ، و بالمقابل فان قائد جيش اسرائيل يعلون يهاجم كيري و مشِروعه ، و بعض وزراء حكومة نتياهو يعلنون انهم مع عملية سلام سياسية و ان توقفت سيغادرون مواقعهم .
اراد كيري ان يجعلها خطة سلام سياسية عامة ، و اتجه نحو السعودية و الاردن سواء للمشاركة او للدعم عبر التاثير على الجانب الفلسطيني بالطبع ، و رئيسه اوباما يقول اليوم انه لا يثق بنجاخ مهمة سياسية سلامية في المرحلة الراهنة ، مما يجعل من عملية التفاوض الجارية مباشرة او من خلال جولات كيري مجرد علاقات عامة تنتظر مناسبة او حالة عامة تستطيع من خلالها فرض او تمرير حل ما ربما يشمل مناطق اخرى بالمنطقة .
لا ينكر احد ان الفوضى الخلاقة التي اطلق عليها الربيع العربي ، و ان كانت انطلقت بعفوية جماهيرية بعفوية رافضة لانظمة القمع ، الا ان غياب طليعة قيادة لها حولتها من ثورة الى فوضى ، فكان ان تبارت كافة قوى التخلف و الرأسمال الى احتوائها او اجهاضها ، و المثال الاكثر هو ما يجري في سوريا ، حيث تم تجميع مقاتلين بشهوة القتل من مختلف انحاء العالم بذرائع مختلفة ، و ابرزها اقامة دولة اسلامية ، فالثورة الشعبية انطلقت من اجل الديمقراطية و الدولة العلمانية ، فان كان هناك في مصر تنظيم الاخوان دفع لتولي الامر ، و فشل بفعل وجود حضور قوي للطبقة الوسطى و الطبقة العاملة و المثقفين ، دفع كل ذلك الجيش لحماية وطنه ، فان الامور في ليبيا و سوريا غير ذلك ،فتم استرداد قوي لتولي الامر ، و هو تدمير الدولة و الغاء وجود سوريا و ليبيا و تحضيرها للانقسام الواقعي اليوم ،و ايضاً تقسيم ليبيا و العراق ، باستخدام ادوات داخلية و تأجيج نزاعات طائفية و عرقية ،و هكذا يكون قد تجهزت خارطة الشرق الاوسط الجديد ، و ما على اميركا و حلفائها في المنطقة الا استكمال السيناريو و الذي عنوانه الاساسي ، أمن اسرائيل و توسيع دورها في المنطقة ، امام نفوذ للمشروع السياسي الايراني ، و لطموح المشروع الطوراني الاردوغاني التركي .
وحتى يكون ممكناً للمشروع الصهيوني من الحضور ، كان ضرورياً انهاء حرج المتبقي من الانظمة العربية ، ليس لقدراتها العسكرية ، بل لاعتباراتها الدينية ، حيث أن اسرائيل تملك من اسباب القوة العسكرية المدعومة من اميركا ، ما يطمئن بلدان الخليج من المشروع التركي و الايراني في الاساس، و هذه احدى اسباب التوجه الاميركي لفتح حوار مع ايران، الذي يخيف السعودية و اسرائيل توجساً من ان يتم هذا الحوار على غير رعبتهم، او لعل اميركا تصل بالحوار لصيغة شرق اوسطية اكثر مصلحة لها ، لكن بالتاكيد ليس على حساب اسرائيل و لربما على حساب السعودية التي يمثل نظاما قلقا عالمياً كمنبع للوهابية الارهابية، و لاسلوب حياة اقرب للقرون الوسطى في الحكم ، قد يكون ممكناً البحث عن صيغة للتغير فيها ولو عبر تحريك اضطراب داخلي عناصره جاهزة .
ولكن اسرائيل ترغب في ان يتم اي تحرك عبرها و بشروطها و ربما لارضاء طموحها لتحقق بالسياسية ما لم تحققه بالعسكر ، و استباقاً لاية اعتبارات او مفاجأت بدأت بالاتصال مع السعودية عبر اجهزة المخابرات ، و يقوم اليوم احد وزرائها بزيارة للامارات و قطر ، ادراكاً منها ان القرار العربي انتقل ولو مرحلياً لتلك العشائر و الطوائف في ظرف طارئ لمرحلة عربية ردئية ، دون ان تستثني الاردن التي قام رئيس وزراء اسرائيل بزيارتها و حرصه على عدم توتير العلاقة معها ، و هي الدولة التي تملك حق الاشراف على الاماكن الدينية بالقدس سواء بدورها الهاشمي او باتفاقها السياسي الفلسطيني على هذا الدور الاكثر حسياسية عربيا و اسلاميا ،و بالتالي فان لها مكاناً في اية عملية تسوية اضافة لما لها من نفوذ بحكم موقعها الجيوسياي او الديمغرافي .
و بخلاصة هذه المعادلة السياسية و احتمالتها الناشئة ، و ضرورة ان تتفرغ اميركا و اسرائيل لمرحلة اخرى، و ربما مناطق اخرى اقتصاديا و سياسياً، فان انهاء صيغة الاحتلال عن اسرائيل اساسية ، حيث هي تمارس اخر شكل من تاريخ الاستعمار المباشر، و ليس فقط الاحتلال ، فهي تتمادى في عملية الاستيطان و الاقتلاع للفلسطينين، دون ان تدرك متغيرات العصر التي تحركعملية ديمقراطية ضدعا بالمقاطعة و المعارضة و غير ذلك .
و من هنا فان كيري يطرح رؤية سواء تحققت مباشرة او احتاجت الى وقت لانضاجها يساعد عليه المتغير الجاري بالمحيط العربي ، فانه يقدم للعالم رسالة مفادها ان هذا الصراع لن يعود اكثر من خلافات داخلية يستطيع الطرفين حلها مع متابعة غير مباشرة ، و هكذا تواصل اميركا اسلوبها التاريخي بابعاد الموضوع الفلسطيني عن مكانه في الامم المتحدة ، فقد عارضت منذ سنوات السبيعن من القرن الماضي دعوة السوفيت لمؤتمر دولي ، حتى اضطرت له بفعل الانتفاضة الشعبية المجيدة ،حين عقد مؤتمر شكلي في مدريد كان اكثر احتفاليا و لم تتابع مقرراته و لم تتم العودة له لمواصلة مهمته .
و من هنا فان الدعوة لعقد مؤتمر دولي او المطالبة بالعودة الى دعوة مؤتمر مدريد تكتسب اهمية خاصة ، اكثر من استمرار التهديد بالاشتراك بمختلف منظمات الامم المتحدة ، و محاسبة اسرائيل .... الخ ، بل ان اعادة الامر الى قرارات الامم المتحدة و مسؤوليتها تحتاج لعقد مؤتمر دولي لبحث ما وصلت اليه الامور من احتلال اسرائيل لدولة فلسطين .