مدخل لبعض مفاهيم التحليل النفسي في النقد السينمائي


هشام روحانا
2014 / 1 / 21 - 08:53     


ترجمة وإعداد هشام روحانا
تُشكِل هذه المقدمة بجُزئيها مدخلا نظريا نراه ضروريا لنظرية النقد السينمائي الذي يعتمد التحليل النفسي والنقد السينمائي النسوي.
-I-
النظرة المحدقة وانحرافات الدافع البصري

النظرة المحدقة Gaze
قام تيار واسع من النقد السينمائي النفس تحليلي في سنوات السبعين (مثلاً Meltz, 1975 ) إضافة الى النقد السينمائي النسوي بتبني مفهوم النَظرة المُحدِقة للاكان في تنظرياته النقدية للسينما (يُنظر،Rose 1986,Mulvey, 1975). لكن في المُجمل يجري الخلط بين مفهوم المصطلح لدى لاكان ب أفكار أخرى بخصوص البصر كأفكار فوكو حول الأشتمال (Panopticism) وبتلك التي لدى سارتر.
والأشتمال (Panopticism) لدى فوكو هو مفهوم يُعمِم ما قد يجري في سجن نَموذجي يكون نُزلاءُه عِرضة للمُراقبة المُستمرة مكشوفين بالكامل ومُعرضين للعِقاب، على الآليات التي تقوم فيها كُل سلطة بوصفها جهازا للمراقبة يفرض سُلطته على تابعيه فيغدو الشخص " موضوعا للمعلومات وليس ذاتا لأية عملية تواصل". يضيف فوكو أيضا:
من يكون خاضعا لمجال اشتمال الرؤية، عارفا بوجودها، سوف يتبنى القيود التي تفرضها سُلطتها، فتفعل هذه القيود فعلها تلقائيا عليه هو نفسه، إنه يسجلها في دخيلته بوصفها علاقات قوة، ليغدو هو نفسه صاحب كلا الدورين : الضابط الآمر والخاضع هو بذاته.(فوكو: المراقبة والعقاب 1975).
أما بالنسبة لسارتر فإنَّ النظرة هي ما يُمكِن الذاتَّ من إدراك أن ال-آخر هو ذاتٌّ أيضاً: "من الضروري أنّ تكون علاقتي الأساسية مع أل-آخر كذاتٍّ، قَابِلة لأن تُنسب وبأثر إرتجاعي إلى الإمكانية الدائمة لأن يتم النظر إلي من قبل ألآخر"(Sartre 1943 ). عندما تُفاجئ الذاتّ بنظرة الآخر إليها، فإنها "تُختزل خجلاً " والنظرة وفق سارتر لا تتصل بالضرورة مع العضو المسؤول عن النظر:
إن ما يتم ظهوره عادة على شكل نظرة، هو بالطبع، تَمركز حدقتي العينين في اتجاهي. إلا أّنّه من الممكن الحصول وبنفس القَدر على النظرة، في الحالات التي تُسمع فيها أصوات حفيف الأغصان، أو أصوات خَطوات يتلوها صمتٌ، أو عندم يُفتح شَق في نافذة أو في حال حُدوث حركة خفيفة لستار نافذة ما. (Sartre, 1943).
يُطور لاكان رُؤية خاصة به حول النظرة، رُؤية تختلف جوهرياً عن رُؤية سارتر. ففي الحين الذي يربط سارتر النظرة مع عملية الإبصار فإن لاكان يعزلهما عن بعضهما بحيثُ تغدو النظرةُ المُحدقةُ موضوعاً لفِعل الإبصار أو ولمزيد من الدقة، موضوعاً لدافع الإبصار.

لوحة للرسام الهولاندي هيرونيموس بوش، القرن الخامس-السادس عشر بعنوان " الساحر" (The Conjurer)، بينما توجه جميع الشخصيات في اللوحة النظر الى مواضيع داخل اطار اللوحة توجه المرأة باللباس الأخضر نظرها الى المُشاهد،إنه مُشَاهد حين يُشاهِد.
وفقاً للاكان فإن النَظرة المُحدِقة لا تتواجد في طرف الذاتّ، بل هي نَظرة ال- آخر . وفي حين يساوي سارتر ما بين رؤية الآخر والانكشاف لعينية، فإن لاكان ينظر إلى هذه العلاقة كعلاقة مفارقة بين النَظر والعين؛ العين التي تنظر هي عين الذاتّ، فيما تتواجد النَظرة المُحدِقة في جانب الموضوع، لا وجود لتطابق فيما بينهما إذ " أنك لا تنظر إلي أبداً من نفس الزاوية التي أنظر أنا منها إليك " (السمينار الحادي عشر، عام 1964 ). في الوقت الذي تنظر الذاتّ فيه الى الموضوع، فإنها تغدو هي في حالة المنظور إليها من قبل هذا الموضوع ولكن من تلك الزاوية التي لا تستطيع هي ان تراه فيها. إن انعدام التطابق هذا، ليس هو إلا الإنقسام القائم في الذاتّ والذي يُعبَرُ عنه هنا في مجال الرؤية.
Scopophilia ( حُب النظر)
في مقالته الأصلية " ثلاثة مباحث حول نظرية الجنس"، حدد فرويد "حُب النظر" كمكون من مكونات الغرائز الجنسية والموجودة كدافع قائم بشكل مستقل، وربط فرويد انحرافات الدافع البَصري باتخاذ أناس آخرين مواضيعاً، مُعرِضا اياهم للنَظرة المُحدِقة المُراقِبة والفُضولية. وتركزت أمثلته المُخصصة لذالك حول نشاطات الاطفال التلصُصية ورغبتهم بالنظر الى ما هو خاص وممنوع. وفي هذا التحليل يتصِف الانحراف بالفعالية. يُطور فرويد فيما بعد و في " الغرائز وتقلباتها" نَظريته حول انحرافات الدافع البَصري ليربط بينها وبين تحولها اللاحق الى الشكل النرجسي. وعلى الرغم من أنَّ هذا الدافع وبتأثير عوامل إضافية وخصوصا تكوين الأنا يتغير متقلبا، الا انه يواصل وجوده كقاعدة شبقية للذّة المُتحققة من النَظر الى الآخرين بوصفهم موضوعيا. وفي شكله الاكثر تطرفا يتم تثبيته على شكل انحراف جنسي في هيئة المُتلصصين القهرين و* Peeping Toms، حيث يكون الاشباع الجنسي الوحيد ممكنا فقط من خلال المُشاهَدة بمعناها الفعال والمتحكم حيث تجعل هذه المُشاهَدة من الآخر موضوعا(شيئا، غرضا).

الممثل جيمس ستيوارت في لقطة من فيلم (النافذة الخلفية) Rear Window من إخراج ألفريد هتشكوك وتدور قصة الفيلم حول مصور مُقعد يقضي يومه في المنزل وهو يشاهد جيرانه من خلال النافذة، وفي احد الايام يظن أنه رأى جريمة قتل، تساعده صديقته في التحقيق حول الجريمة.


Objectification- التَشييء
والمعنى هنا هو هذه العملية التي تجعل من الذاتّ الانسانية موضوعا تغدو قيمته قيمة مادية للتبادل وذات طابع بضائعي، يغدو العبد بضاعة يمتلكها السيد، وفي سينما التيار المركزي-التقليدي يتم تمثّل المرأة كموضوع، موضوع إثارة واشباع للذّة التلصُصية لدى المُشاهِد والتي يُتيحها ويُهيء لها التماهي الخيالي ما بين المُشاهِد والبطل-الرجل في الحكاية السينمائية . تتشابك وتتبادل كلتا النظرتان نظرة البطل الرجل داخل المشهد، مع نظرة المشاهد في الصالة الى الشاشة، الى الموضوع. يتصل التشيُئ بالتلصُص التلذذي القهري (Voyeurism) والفيتيشية (Fetishism).

جريس كيلي تقول لجيمس ستيوارت من فيلم النافذة الخلفية في إحدى لقطات الفيلم: لقد أصبحنا سُلالة من المتلصصين" (("We ve become a race of peeping toms".

Voyeurism التلصُص التلذذي القهري
هذا هو الشكل الاكثر تطرفا لانحراف الدافع البَصريّ، حيث لا يتم الاشباع الجنسيّ الا من خلال التلصُص على الآخر بوصفِه موضوعا، أي بعد ان تَمت تَشيئته (غَرضَنته)، وعادة ما يكون الموضوع عاريا أو عاريا جزئيا وهو في الجانب الخامل من المعادلة، أما المُتلصِص فهو في الجانب الفعال والمتحكم بالنظر، الا انه يحافظ على مسافه تفصله عن موضوعه.


لقطة من الفيلم بسيخو (Psycho) لألفرد هيتشكوك ، تُظهر اللقطة (على اليسار) من زاوية الكاميرا، الزاوية الموضوعية، لتنتقل سريعا وُتشرِك المشاهد في الصالة بزاوية نظر المتلصص على موضوعه.
يُحلل البعض صناعة السينما ومشاهدة السينما وينتقدها بوصفها ممارسة تلصُصية تلذذية. وتهيء ظروف المُشاهَدة في صالة العرض والعتمة المُحيطة بالمُشاهِد النَاظر الى الشاشة والتي تُشبّه بالنافذة، المُمارسة التلصُصية. تذهب أفلام الرعب بالممارسة التلصُصية الى حدودها القُصوى حيث يجري عرض لقطات المَشهد من زاوية نظر الوحشالقاتل.
Fetishism الفيتيشية
تدل الفيتيشية هنا الى تثبيت الرغبة الجنسية في غرض يتضمن احالة جنسية، كقطعة ملابس داخلية أو حذاء أو في عضو جسدي كالشعر مثلا أو القدم فلا تتم الاثارة الجنسية ولا يتم الاشباع الجنسي الا بحضوره. على أن لمفهوم الفيتيشية استخدامات أخرى في الانثروبولوجيا حيث تُعزى في الديانات الوثنية قيمة رمزية للوثن أو الصنم. وفي مفهومها الماركسي يجري الحديث عن فيتيشية البضاعة حيث تغدو للبضاعة قيمة خارج قيمتها كعلاقة اجتماعية بين منتوجين، بل تغدو قيمتها وكأنها صفة قائمة بذاتها تماما كلونها أو وزنها.



لقطة من الفيلم Peeping Tom (1960) للمخرج البريطاني مايكل بويل (Michael Powell) وتجري احداثه حول قاتل تسلسلي يقوم بتتبع النساء وقتلهن مصورا تعابير الرعب والخوف بكاميرة محمولة.
* Peeping Tom : دلالة على المتلصص التلذذي، ويعود أصل المصطلح الى حكاية شعبية بريطانية قديمة، حيث تقوم سيدة البلدة بالتجول عارية في محاولة لأقناع زوجها تخفيض الضرائب عن السكان، يمتنع سكان البلدة عن النظر الى سيدتهم عارية ما عدا "توم" (Tom).








مدخل لاستخدامات التحليل النفسي في النقد السينمائي
-II-
مرحلة المرآة ونظرية الجهاز
Mirror Stage مرحلة المرآة
تم وصف "إختبار المرآة" أول مرة عام 1931و يتصل الإختبار بتجربة مُحددة تُظهِر الفرق بين الوليد الإنساني والحيوان الأكثر قرابة منه، الشمبانزي. يختلف الطفل ابن السته أشهر عن الشمبانزي من نفس الجيل بأن الاول يغدو مفتتناً بإنعكاس صورته في المرآة ليتبناها فَرِحاً بها على أنها صورته هو، في حين أن صغير الشمبانزي سَرعان ما يتحقق من وهمية الصورة، فيتركها جانبا فاقدأ إهتمامه بها.
إن مفهوم مرحلة المرآة لدى لاكان هو أبعد من أنْ يكون مجرد إختبار، بل هو حيثية مُؤسِسة في بُنية الذاتية. ينظر لاكان الى مرحلة المرآة ليس بوصفها لحظة زمنية عابرة في حياة الطفل بل يعتبرها بُنية ثابة للذاتية، إنها أنموذج (Paradigm) النظام الخياليّ، إنها طورٌ تُأسرُ الذاتّ فيه وهي مأخوذة مفتتنة فيه بصورتها هي:
[مرحلة المرآة] هي ظاهرة أقوم أنا بتخصيص قيمة مضاعفة لها، إنها تمتلك قيمة تاريخية إذ أنها تشير إلى نقطة تحول حاسمة في التطور النفسيّ للطفل. وثانيا، إنها تمثل علاقة ليبيدية جوهرية مع تَمثُل صورة الجسد.
(Lacan, 1951).
تصف مرحلة المرآة تكون الأنا من خلال عملية التماهي، فالأنا هو نتيجة هذا التماهي مع الصورة المرآوية لشخصي أنا. ويكمن مِفتاح هذه الظاهرة في حقيقة تأخر نضوج الطفل البشري، ففي جيل ستة أشهر لا وجود لتناسق حركي بعد، مقابل التطور الحاصل في النظام البصري نسبيا، مما يعني أن الطفل يستطيع التعرف على صورته في المرآة في حين أنه لم يتمم سيطرته على حركاته. يرى الطفل صورته الخاصة في تكاملها ، هذا التكامل المتحصل في الصورة المرآوية يُثير فيه احساساً يتناقض مع ما هو جسده عليه فِعلاً من عدم تناسق حركي، فيخبَرَ جسدَه على أنه جسد مُتشظي. يشعرُ الوليدُ بهذا التناقض أول مرة على شكل خصام بينه وبين صورته المرآوية هو، إذ أن كمال هذه الصورة المرآوية يهدد الذاتّ بالتشظي، لهذا فإنه في مرحلة المرآة يتأسس توتر عدائي بين الذاتّ وبين صورتها. من أجل حل هذا التوتر العدائي تقوم الذاتّ بالتماهي مع صورتها المرآوية؛ التماهي الأولي مع النظير هو ما يُكون الأنا. يصف لاكان لحظة التماهي هذه والتي فيها تتبنى الذاتّ صورتها المرآوية كصورتها هي ذاتها، كلحظة بهجة عُليا، إذ أنها تصل به نحو شعور سيادة مُتخيلة؛ " تنبُع فرحة (الطفل) من إنتصار مُتخيل يَبلُغ به درجة سيطرة حركية يأملها، لكنه لم يصلها بعد ". إن هذا التماهي يشرك الأنا المثالي والذي يُوظف كوعدٍ لتكامل مستقبلي يحفظ الأنا في حالة من الترقب.


لماذا ليس أمام المرأة في سلسلة أفلام "جيمس بوند" من مفر الا وأن تقع في حُب شخصية عميل المخابرات البريطانية، شخصية صممت وفق أفضل مواصفات النرجسية؟ كامل الاوصاف، متحكم بحركاته وأدائه، ثاقب النظر وحاد التفكير.
تُظهِر مرحلة المرآة أن الأنا هو نتاج وعي مُشوه، وبأنه الموقع الذي تغدو فيه الذاتّ مُغتربة عن ذاتها. تتصل مرحلة المرآة إتصالا وثيقا بالنرجسية كما يظهر الامر واضحا في اسطورة نركيس نفسه (في الاسطورة اليونانية يقع نركيس في حب صورته المنعكسة).
Cinematic apparatus theory نظرية الجهاز
للجهاز السينمائي وللتقنية السينمائية تأثيرهما الايديولوجي على المُشاهِد وفق الناقد السينمائي باودري Baudry (1970) الذي كان من بين أوائل من أشار الى هذا الامر. وبشكل اكثر بساطة يمكن القول بأنّ التقنية السينمائية تزعم بأنها تعرض أمام عيني المشاهد وأذنيه صورا وأصواتا واقعية. لكنها تنكر في الآن ذاته كيف أنها تُشكِل هذا الواقع بجمع لقطات المشهد لقطة وراء لقطة. وهي بهذا تُقدم فضاء مَشهديا وهميا. ويقوم هذا الخداعُ المُضاعفُ بإخفاء الكيفية التي يقوم بها العمل الفني بإنتاج المعاني وكأنها طبيعية، مخفيا بُنيته الايديولوجية وهي بُنية لواقع جرى الاشتغال عليه وفق مثال مُحدد، فهو واقعٌ مُأمثل (Idealistic reality). ووفق باودري فإنّه يتم مَوضعة المُشاهِد في موقع الذاتّ العارفة مَعرفةً كليةً مع أنه غير واعٍ للمسار الذي يتم فيه موضعته هذا الموضع. وبهذا فإن الذاتّ المُشاهِدة والقادرة، ما هي إلا نتاجٌ لهذا المسار وبهذا فإنها أثرٌ ونتيجةٌ للنص السينمائي. وبالتزامن مع هذا وفي إتصال به يتم التأثير الايديولوجي كنتيجة لموقع المُشاهِد في الصالة ( في صالةٍ مُعتمةٍ بعينين تُسلطان النظر باتجاه الشاشة، وفي نفس الوقت يجري عَرض الفيلم بآلة العرض التي تُسلِط الضوءَ من الخلف).

المشهد البانورامي المتبع في أفلام الغرب الأمريكي، الممثل "كلينت استورد" في مركز المشهد حيث يتم على الشاشه عرض الصورة ذات التأثير الذي لمشاهد الطبيعة في لوحات عصر النهضة.
يتم على الشاشه عرض المَشاهِد ذات التأثير الذي لمَشاهِد الطبيعة في لوحات عصر النهضة (Renaissance perspective) ، مَشاهِد لوجودٍ من الكمال والتناسق المثالي والمتعالي. تجد الذاتّ المُشاهِدة ذاتَّها مقيدةً بالسلاسل وأسيرةً لما يُعرض أمام عينيها على الشاشة، بالضبط كما يحدث للطفل أمام المرآة، مما يخلق تماهيا مُزدوجا للذاتّ المُشاهِدة مع شخصية البطل من جهة أولى، ومع ذات متعالية تَحلُ محلَها الكاميرا (التي قد سبقته في النظر الى ما ينظر هو اليه الآن) من جهة أخرى. وبهذا فإن المُشاهد وفق مفهوم التوسير(الاستجواب Interpellation)* يتم استجوابه (أو استنطاقه) من قِبَل النص السينمائي، وبهذا يتم بناء الذاتّ وتكوينها وفق المعاني التي يتضمنها النص. لاحقا وبعد 1975 يتم تناول وتحليل "نظرية الجهاز" بعد ان تمت إزاحة المُشاهِد من موقعة الآداتي كذاتّ (ذُكورية تحديدا) تم إنتاجها بتأثير الجهاز الى مواقع أكثرَ فعاليةٍ في مسار إنتاج المعنى أي كفاعل (Agent) في نطاق النص السينمائي. ويتم النظر عندها الى المُشاهِد ذكراً أو أنثى بوصفه الشخص الذي يشاهد ويستخلص اللذّة (أو الخوفَ وهو شكلٌ آخرَ من أشكال اللذّة) مما يراه أو تراه. وهو أو هي من يقوم بتأويل النص والحُكم عليه. والجانب السلبي هو أن "نظرية الجهاز" تُموضِع المُشاهِد بتلصُصه التلذذي كمتواطئ في إدامة دورة اللذّة وهو أمرٌ جوهري لضمان الربح المادي لصناعة السينما (Metz, 1975). إذ أنّ الحيوية الاقتصادية لصناعة السينما تعتمد على رغبة المُشاهِد بالتلذذ. وتغدو السينما بهذا عمليةَ تبادلٍ للبضائع تتأسس على اللذّة وأرباح رأس المال- اللذّة مقابل المال. أما الجانب الايجابي لهذا التموضع للمُشاهِد فهو أن عليه بوصفه فاعل المُشاهَدة، مقاومةَ تثبيته في الموقع التلصُصي كمُنتجٍ للجهاز والانتقال الى موقع الناقد والمُحاكِم للفيلم. [Hayward, 1996]
* الاستجواب مفهوم وضعه لوي التوسير وهو المسار الذي تتشكل فيه الذات الإنسانية الفردية في علاقتها مع النظام المهيمن، من خلال أجهزة الدولة الأيديولوجية (المدرسة الاعلام الدين القانون الاحزاب النقابات ...) فتقبل طواعية موقعها الطبقي وكأنه موقعها الطبيعي وخيارها الخاص مما يهدف في نهاية الامر لاعادة انتاج النظام الطبقي وديمومته.

المصادر
1)- An Introductory Dictionary of Lacanian Psychoanalysis
[Dylan Evans]
2) معجم مصطلحات التحليل النفسي، لابلانش وبونتاليس.
3) faculty.washington.edu/cbehler/glossary/cinematicapparatus.html‎
4) Mulvey, Laura, 1990. Afterthoughts on "Visual Pleasure and Narrative Cinema" inspired by Duel in the Sun in Psychoanalysis and Cinema. Edited by E. Ann Kaplan
5) Paula, Murphy, Psychoanalysis and Film Theory,
Kritikos, an international and interdisciplinary journal of postmodern cultural sound, text and image
Volume 2, February 2005, ISSN 1552-5112
6) معجم الماركسية النقدي، سوسان ولابيكا، دار الفارابي.