لاهوت الوردة: شعرٌ لا تخطئه العين الحرّة-


أسامة الخوّاض
2014 / 1 / 18 - 05:28     



حينما سمعنا اول مرة لاسامة الخواض نهايات سبعينيات القرن الماضي، سمعنا لصوت نقد جهير مفارق، شديد/سديد الانفعال و الان هنا نسمع لاسامة المغني مرة اخري، بعد ان حفظنا في زمن بهي مضي ، عن ظهر قلب " خسوف القمر الاتبراوي" التي صدرت في مجموعته الاولي " انقلابات عاطفية". من بعد نفي و اقتلاع، تشظ لروح هائمة و من بعد "قهر" – نبر لهجة عربية سودانية – و احزان متعبة استقرت في قعر ذاكرته المنهكة، ظهرت مجموعة " لاهوت الوردة"

احببت بضعة شعراء لا تفارقني دوواوينهم مطلقا في حلي و ترحالي. المعري، كفافي، ويتمان، و الخيام والرائع محمد المكي ابراهيم. أحببتهم لان الوطن و العالم قد تم تمثيلها في متونهم الشعرية باقصي حد ممكن من الحساسية و الجمال. و لامر اخر هو "... ولان مايربطنا باوطاننا بعرى لاتنفصم ليس نعمها وفضائلها وحسب ، بل وفوق كل شىء احزانها ومخاطرها "- ساباتو.

و هكذا ، بعد فقر و فاقة و من بعد بؤس "لحس" و" لهف" بها الوطن العزيز، نستمع الان في هذه اللحظة لاسامة المغني ، انت عذبي فينا ديمة و زيدي من نارك شعيلة – العاقب محمد حسن – تلكم هي احوال المحارب/ الصانع الماهر اسامة في هذه المجموعة.

وعي اسامة ، كما هو متجل هنا في هذه النصوص، العالي بمنجز الشعر و حساسيته النقدية ، تجلت في طرائق صياغاته و اوهامه و كوابيسه التي سكنها قلب متونه الشعرية، لا بد ان و انت تقرا نصوص اسامة تري الي بعض هواجس الشعر الذي يهفو الي تغيير العالم، بل و اكثر من ذلك في كونه متوغلا في فضاء سوسيولوجي و تاريخي و يرده مترجما و مفسرا شعريا بعدة و عتاد معرفيين اصيلين و ادوات اكثر نفاذا، و لا يهم من بعد ذلك ان نتفق او نختلف حول عرضه الشعري لطالما ان "الوظيفة الابستمولوجية للمقولات الشعرية"، كما يشير الي ذلك امبرتو ايكو، اطلت، و من قعر هذه المتون ، و صارت "حقيقة شعرية" تحكي ان :ما ذنبها الاوطان ان كان منفانا الزمن – نجيب سرور- ، بل انت و واجد اشباح الوطن مخيمة هنا في "لاهوت الوردة" و صارت نصوصه الي ارشيف محبة و مقامات الفة. الاكثر غربة، سادتي، ان تنتمي لعالم الكتابة و من ثم تشردك الكتابة، فخذوا لكم وردة، و ان الحياة نفسها قطعة خبز و اكمام وردة.

* سيصدر ديواني "لاهوت الوردة" عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي.

** أكاديمي و ناقد سوداني.