الى اين تتجه الاممية الرابعة؟


يسير بلهيبة
2005 / 6 / 9 - 13:12     

الى اين تتجه الاممية الرابعة؟
(خيط الارث الايديولوجي؟)
‘’ ان ما يحدد في النهاية انتصار الطبقة العاملة او هزيمتها هو برنامج الحركة الثورية العالمية وطرائقها التنظيمية وتوقد دهن قيادتها ‘’مقدمة الطبعة الانجليزية’’ الثورة الاسبانية’’ ليون تروتسكي.
تظل الاممية الرابعة بوصلة التغيير الجدري للفهم السائد ولطرائق النضال التقليدية المتقادمة، بوصلة تجدد الفكر التحرري العمالي المواكبة للمتغيرات والقادرة على فك طلاسم المرحلة المظلمة من تعقيدات النظام الرأسمالي المأزوم. حيث تستمد قدرتها على فهم الواقع والتكهن بآفاقه الحالكة، انطلاقا من كونها حركة ماركسية اممية غير شعبوية او شوفينية تمتلك ادوات التحليل العلمي وتقتات من التجارب الانسانية عبر التاريخ .
تعاني الاممية الرابعة اليوم داء تجديد الفكر الثوري الغير العصبوي كخيار مفروض عليها قسرا بعد الازمة التي كادت تعصف بها بعد حملة الانشقاقات التي عانت منها والتي لا تزال تتهدد معالمها مع كل انتصار تحققه. التحدي والاستمرارية صفتان ملازمتان لتاريخ الاممية الرابعة كفصيل ثوري داخل الحركة الثورية الماركسية. وهي بذلك لا تخاف مصاعب ‘’ العزلة القسرية’’ التي فرضت عليها في زمن ما ابان الديكتاتورية الستالينية البيروقراطية. فهي اليوم اقدر مما مضى على التدخل بفاعلية في الصراع العالمي. وهذا ما اثبتته تجارب المرحلة الاخيرة (مناهضة الحروب الامبريالية- مناهضة العولمة- من اجل حركة عالمية موحدة ضد الاستغلال- التضامن العمالي وحملات التضامن اليسارية.)،وهي اليوم في ظل الاحادية القطبية قادرة الى جانب رفقائها وحلفائها في النضال من ان تضيء شمعة النضال الثوري على ارضية ثوابت متجددة ومحينة من حيث اليات التطبيق (البرنامج الانتقالي). ويمكن الرهان مند الان ان عناصر الاضعاف في هذه المرحلة لن تكون بسبب الامبريالية المتعددة الجنسية او حملات الارهاب والقمع الستاليني بل من خطر العصبوية ..لان الاممية الرابعة ليست تروتسكية انما هي ماركسية ثورية بنيت على انقاض الاستمرارية للتجربة البلشفية وليست كقطيعة معها . كما ان العكس يتهدد مشروعها. فالانفتاح على الشرائح المتضررة من نمط الانتاج قد يفقدها مصداقية تصورها باسم الديمقراطية الداخلية في اتخاذ القرارات. مما يجعلنا نطرح السؤال التالي:
-من هم الورثة الشرعيون للاممية الرابعة ؟!و الى اين تتجه؟!
* * *
I-المحور الاول : في تاسيس الاممية الرابعة
تزامن تاسيس الاممية الرابعة مع نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الانفتاح على مرحلة جديدة اعيد فيها ترتيب اوراق الخريطة العالمية وبناء نظام عالمي جزئي يتوافق وطبيعة المرحلة (القطبية الثنائية ) كما يتزامن مع انهيار شعار ‘’ اممية النضال العمالي’’ واستبداله بـ’’ الاشتراكية في بلد واحد’’ وبالتالي الاعلان عن انتهاء مهام الاممية الثالثة وهو ما اعتبره تروتسكي المؤسس الشرعي للاممية الرابعة محاولة لاغتيال المشروع النظري للماركسيين، مبادرا الى تاسيس الاممية الرابعة واصفا اياه باستمرارية ‘’ خيط الارث الايديولوجي’’ الناظم بين مختلف التجارب الماركسية استمرارية:
1-العصبة الشيوعية: اسسها ماركس وانجلتر عام 1846 عبر تجميع لافكار تناغمت وتصلبت من خلال لجن المراسلة الشيوعية والتي ارتبطت ارتباطا وطيدا مع جمعية الحرفيين الالمان ‘’ جمعية العدالة’’ فيما بعد سميت بـ’’ العصبة الشيوعية ‘’ او’’ الحزب الشيوعي الالماني’’ عدد افرادها لا يتجاوز 200 او 300 شخص موزعة على (ايطاليا مع ارنست جونز، الشارتيين- فرنسا، اعضاء بلانك وعصبة الاشتراكيين الديمقراطيين المنخرطين في الاتحاد الديمقراطي...) الاستمرار تتاكد من خلال الدعوة الى مؤتمر الرابطة الشيوعية في 1874 مع اعلان ماركس وانجلز ‘’ البيان الشيوعي’’ وهو برنامج مفصل للحزب يضع المبادئ والاسس الذي ينبني عليها الفهم الماركسي للصراع الطبقي كما يضع افق البرنامج الثوري لبناء ديكتاتورية العمال والفلاحين الديمقراطيين من خلال تقييم احداث كومونة باريس . أولى محاولة مصادرة للارث الايديولوجي ، عرفت منع البيان الشيوعي في1848 والمعاقبة على كل من يحوزه او يدافع عنه باحكام قاسية بلغت حدود تطبيق حكم الاعدام في حق احد الشيوعيين في كولونيا نونبر 1852 .
2-الاممية الاولى: وهي استمرار في الدفاع عن الارث الايديولوجي تمثل في دعوة ماركس يوم 26 شتنبر 1864 الى عقد اجتماع تاسيس اتحاد العمال الاممي في سانت مارتينيز موضحا طابعها الطبقي الاممي. وتظهر في ابعادها بعد الاستمرارية في تكريس النضال و التضامن الاممي من خلال اضافة فقرة ‘’ ان تشكيل البروليتارية في حزب سياسي هو ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها من قبل انتصار الثورة الاجتماعية، هدفها النهائي، الغاء الطبقات ‘’ طيلة مؤتمرات لوزان 1867 وبروكسيل 1868 ولندن 1871 وهو ربط جدي بين مفهوم الحزب الثوري والطبقة العاملة. معتبرا ان مدار التقائها على حد تعبير ماركس في احد خطبه 1869 -ان النقابات هي مدارس اشتراكية -.
اعداء الاستمرارية كثر حيث ظهر في هده المرحلة التحريضيين والانهزاميين الاشتراكيين وقد تجلى ذلك في الحرب الشرسة التي تجند لها ماركس وانجلز ضد الفوضويين امثال الروماني باكونين والاصلاحيين الحالمين او الطوباويين والتحريفيين وهو ما سيدفع الاممية الاولى بعد سبعة سنوات الى الاعلان عن العد التنازلي وخصوصا بعد ان غرق الحزب الفرنسي في نموذجين من التوجهات(ماركسيين مع جونيه لافارج و فوضويين مع الامكاناتيين )ادى الى حدوث تغيير جذري، توفيقي مع الواقع، اصلاحي في منطوره الطبقي قاده ماكون وبروس انتهى بتوحد حزبي SDAP و ADAV الل سالي سنة 1875 متمثلا في حزب العمال الاشتراكي الديمقؤاطي الالماني.
3-الاممية الثانية: الارث الايديولوجي يظل ناصعا طالما حافظ رواده على هويته ولا يعني تخلي الرواد عن الارث هو ضعف الارث في ذاته. بل هو ضعف لرواده اذ ما انحرفوا عن التحليل العلمي في اتجاه التحليل السياسي الانتهازي. وهذا ما حدث مع بليخانوف الذي عمل على دعم البناء الاممي الثاني و ارصاء الركائز الثورية التي نادى بها ماركس: من خلال مناهضة شعار برانشتاين التحريفي المنادي بمراجعة ماركس (زعيم بارز للاممية الثانية وزعيم الجناح الانتهازي للتطرف صاحب مقالات مسائل الاشتراكية – مقدمات الاشتراكية ) وهو صاحب مقولة الهدف النهائي مهما كان ليس شيئا بالنسبة الي الحركة هي كل شيء.
ابرزت هذه النظريات البورجوازية مجموعة من الانهزاميين المداعبين للانظمة الديكتاتورية (الحركة التريديونيونية الانجليزية- الديمقراطية الاشتراكية الاصلاحية) وقد تفاقم حجم تاثير ( الحركة هي كل شيء) مع مشاركة وزراء اشتراكيين في حكومات بورجوازية امثال مليران . بعد دعمهم للحروب الامبريالية باسم الوطن وهو ما ادى الى انهيار الاممية الثانية وسقوطها في الشوفينية وانضمار الاحزاب الديمقراطية الاشتراكية الى الحلف المقدس في اعقاب الحرب العالمية الاولى 1914-1918 م.
يقول ارنست مانديل : مرة تلو الاخرى تنجح كل من القومية والشوفينية العنصرية والعشائرية في تجزئة العمال وفي وضع بعضهم بعض في مواجهة البعض الاخر بدلا من الاتحاد في مواجهة العدو الطبقي المشترك. ففي بداية الحرب العالمية الثانية وقع غالبية العمال الاوروبيين ضحية الضغط الهائل للدعاية البورجوازية الشوفينية التي انتقلت الى صفوفهم . الامر الذي عنى انهيار الاممية الثانية. لقد قبلوا بالمضي بالحرب على انها حرب دفاع قومي . بينما كانت في الواقع حرب نصب.
ومهي خلاصة عبر عنها لينين تبعا لماركس في مقولة:ليس للعمال وطن. فيا عمال العالم اتحدوا.
4-الاممية الثالثة: محطة زيمرفالد وكانتال ولقاءات اخرى بين المناضلين الثوريين، مهدت لدراسة نقدية للوضع العالمي الجديد انداك ،وجعلت اول تجربة ماركسية لاول طليعة ثورية للعمال قيد الدرس والتمحيص كثمار لدروس اكتوبر. حيث سيجتهد لينين ورفاقه قصد الاعداد لتاسيس اممية ثالثة سنة 1919 ( بالرغم من تحفظ الحزب الشيوعي الالماني الذي تنتمي اليه المناضلة الكفاحية روزالوكسمبورغ)
الاممية الثالثة هي بحق في طيلة مؤتمراتها الاربع ،التعبير الحقيقي عن تطلعات الماركسيين، لتنتقل بذلك تحت تهديد خطر البيروقراطية الستالينية الى التنسيق المشترك بين لينين وتروتسكي ( المعارضة الماركسية) للتصدي لاطروحات الانتهازيين القدماء، ما بين 1921- 1924، حيث طيلة مرحلة النضال الثوري الاممي داخل الاممية الثالثة(المؤتمرات الاربع) سجلت انضج الاطروحات النظرية للماركسية، معلنة وفاءها للارث الايديولوجي بالرغم من محاولات الكريملين ودور نشره للتحريفية ،بما يتوافق ومصالحه.
1-4-اعلان موت الاممية الثلاثية وتاخير الدعوة لتاسيس اممية بديلة:كثرت اشكال اغتيال المبادئ الاساسية للماركسية وحل مكان الصراع الطبقي :سياسة التعاون الطبقي مع الامبريالية، ومكان المجالس العمالية نظام الحكم الوحيد وارغام العمال على ساعات العمل الطويلة كما اضطهدت الطليعة العمالية واقيمت المحاكمات الشهيرة بموسكو باسم (اعداء الثورة) كما ثم اخضاع بورصة النضال الاممي للمزاد العلني مع القوى الامبريالية فتمت طعن الثورة في الظهر (فرنسا-اسبانيا)
وهو ما ادى الى نشر الاشتراكية في بلد واحد واعتبار موسكو مركزا للثورة.
الة الارهاب التسالينية عززت الثورة كعقيدة صماء جامدة اكثر من ممارسة ومبادئ و افكار ، هذا الجرم كان كافيا لانهيار مبادئ الاممين امام بيروقراطية الحزب الوحيد والاوحد ، وهو ما عبر عنه بييرفرانك -ليس انهيار هذا المثل الاعلى وحسب بل خيانته من قبل زعماء واحزاب تعفنت رويدا رويدا عبر ممارسة الانتهازية الطويلة-.
2-4- اهم نقط الالتقاء بين لينين وتروتسكيواختلافهما مع ستالين(مقارنة) امثلة:

التجربة الستالينية التجربة اللينية التروتسكية
1- الحزب الوحيد والزعيم المتبصر هو الحامي للمبادئ الماركسية ضد اعداء الثورة والطبقة العاملة تجد قوتها في دعم طليعتها وان على حساب مشروعها التاريخي2- امكانية قيام الثورة في بلد واحد وضمان التعايش السلمي مع الاعداء بما يخدم مصلحة الثورة. والحل الديبلوماسي هو الضمانة الوحيدة كما ان الانتقال السلمي -الديمقراطية الشعبية -تحفيز لبلورة مجتمع اشتراكي متعاون ومندمج.3- تقديم شروحات سياسية بما يخدم استمرارالبيروقراطية وامتيازاتها واعداد الاجابات الكفيلة بضمان هيمنتها (الحرب الباردة) 4-بناء نقابات واحزاب مبنية على تاسيس التعايش والسلم الاجتماعي وتدعيم الانتهازية والبيروقراطية ولجم أي تحرك شعبي مناوئ للكرملين. 1-الدولة جهاز قمعي يحمي طبقة المالكيين بما يجب على قوى التغيير الجدري اسقاط نظام الدولة و تفكيكه واخضاع قياداته للرقابة العمالية. 2-ان انجع طريقة لضمان الثورة هو توفير شروط خضوعها في الدول الاكثر استعدادا لاحتضانها وعلى راسها الدول المتخلفة (تجربة روسيا الدليل) بل لضمان امتدادها الى (المانيا) الدول الصناعية لتحصين الثورة_فبدونها لا شك اننا هالكون-لينين3-تقديم شروح علمية للوضع العالمي واعداد الاجابات الموضوعية لمجابهته4- بناء نقابات و احزاب ثورية والرهان على بناء واستمرار اممية ثورية في مواجهة النقابات و الاحزاب الصفراء.

II -المحور الثاني: سنوات التاسيس واشكالية التوسع.
1-هل كان تروتسكي ذو بصيرة حادة حينما اجل اعلان مشروع بناء الاممية الرابعة الى غاية اشهار الحرب العالمية الثانية ام انه كان واهما بامكانية خلق ميزان قوى لتغيير سياسي داخل الاتحاد السوفياتي وبالتالي اعادة الاعتبار للاممية الثالثة؟!
لا شك ان الخيانة السافرة للستالينية اتجاه مبادئ الثورة ومحاكماته الشهيرة كرموز الثورة اكتوبر لارادة العمال ولحركة التحرر جعلت وهم رد الاعتبار للاممية الثالثة امكانية مستحيلة. وبالتالي فان انتظار الشروط التاريخية في ظروف تميزت بالقمع والارهاب وتعقيدات العمل السياسي هي الحل الذي ارتآه تروتسكي ورفاقه لاعلان تاسيسي اممية جديدة.
حتى انه في مرحلة ما قال تروتسكي في كتابه الاممية الثالثة بعد لينين اننا لا نجد سببا يدفعنا الى تاسيس الاممية الرابعة. ولا بد لنا من متابعة وتطوير خط الاممية الثالثة التي اعددنا لها مع لينين خلال الحرب وساعدناه على تاسيسها بعد ثورة اكتوبر. اننا لم نترك خط الارث الايديولوجي لحظة واحدة واكدت من الاحداث التاريخية الهامة كل احكامنا وتوقعاتنا ونحن مقتنعون اليوم اكثر من أي وقت مضى ورغم الضنك والنفى بصحة اافكارنا وقدرتها الاكيدة علىالنصرالقسطنطينية 15 نيسان 1929 م الا انه سنة بعد ذلك ومع فشل الحزب الشيوعي الالماني في مقاومة الفاشية وحرب الستالينية المتواطئة ،جعل تروتسكي يعترف في 25 –05-1930 في كتابه الثورة الاسبانية قائلا: ان العدو الاخطر للقوى الطبقية ولسياسة التعرج- Zig-Zag هوالقيادة البيروقراطية أي باختصار كل ما يشكل جوهر الستالينية .
ستة سنوات بعد ذلك كانت كافية لاعلان الافكار الاساسية الضرورية لتاسيس الاممية الرابعة كاستمرارية للمؤتمرات الاربع للاممية الثالثة ، حيث انه في كانون الثاني 1936 سيرد على حزب العمال للتوحيد الماركسي الاسباني POUM قائلا: من جهتنا نحن نفضل الوضوح وسيوجد في اسبانيا بلا شك الثوريين الاصلاء الذين سيفضحون بلا رحمة خيانة مورين ونن واندريد وشركائهم ويضعون الاساس للفرع الاسباني للاممية الرابعة بل ويضع لهم كمهام مايلي:
1-ادانة وشجب سياسة كل القادة المشاركين في الجبهة الشعبية
2-الالتفاف حول راية الاممية الرابعة (الرسالة المفتوحة)
3-طرح برنامج الاستيلاء على السلطة واقامة ديكتاتورية البروليتاريا والثورة الاجتماعية ومعارضة كل البرامج الهجينة.
راهن تروتسكي اذن على امكانية انتزاع شرف تحصين الثورة الروسية من الداخل معتمدا على خيارين ضد انحراف الاممية 1924.
الخيار الاول: تطور المعارضة اليسارية داخل الاتحاد السوفياتي وخارجها .
الخيار الثاني: اعتبار الستالينية مجرد بيروقراطية وسطية اكثر مما هي عدوة للثورة.
وبالتالي فان هذه الخيارات انهارت امام همجية القمع والتضييق الذين واجهه تروتسكي ورفاقه داخل السوفييت وخارجه ، مما كان يفرض على المناضلين الاوفياء للارث الايديولوجي الدعوة الى تاسيس اممية رابعة تشكل استمرارية للمشروع الثوري العالمي . الا ان مراحل تاسيسها كانت شاقة ومتعبة وقد كلفها الوفاء لمبادئ الثورة ،العديد من الانشقاقات والعزلة.
2-شروط الحفاظ على مكتسب التاسيس في ظل مرحلة عرفت بتحريف الفكر الماركسي وجعل ستالين يتبجح بنظرية التعايش السلمي وقوى الغدر المشتركة (المناضلين الثوريين الذين قمعتهم الاجهزة البوليسية للامبريالية والستالينية) وفي ظل تراجع ملحوظ للحركة العمالية التي تضع على عاتقها الثورات السياسية ضد البيروقراطية دفع تروتسكي الى تجنيدالاممية لمواجهة وفضح الستالينية كخطاب وكفئة طبقية لقيطة :
المرحلة الاولى عرفت بمرحلة اجتياز الصحراء( 1938-1968 ) ، وكانت الاممية انداك كلما دأبت على تكريس ماركسيتها في مواجهة تحديات الانشقاقات (الفرع الامريكي والفرنسي والانجليزي) سنة 1953 حيث توحدت مجموعة من التكثلات الصغيرة ليتم اعادة توحيد الفرع الامريكي المنشق في حزب العمل الاشتراكي الذي انضم الى الاممية ،منضبطا لضوابطها و لبرامجها ولمرجعيتها التاريخية. كذلك رفضت الاممية الرابعة دائما ان تزج بنفسها في اخطاء الامميات السابقة حيث رفضت تحالف فرعها السيرلانكي المتمثل في حزب لانكا ساما .الذي دخل في ائتلاف حكومي خلافا لبرنامج الاممية.. مارس يضا الماركسيون الاوفياء نوعا من العزلة على الاممية نتيجة فهم خاطئ وتحت تاثير الستالينية. وقد احتاجوا انفسهم الى عقود طويلة ليتمكنوا من اثبات صحة طروحات الاممية النظرية وعلى راسها (حتمية انهيار التجربة السوفياتية بالاتحاد السوفياتي وسقوط الستالينية). كان عزاء الامميون الوحيد في تردد مناصريهم ذوي المرجعية المشتركة مقولة لينين نفسه -ان تصميمنا يعزلنا عن اولئك الذين يترددون وهي ان يكف المرء نفسه عن التردد -.
المرحلة الثانية: عملت الاممية على خوض مبادرات ادكت مصداقيتها فكان همها وهدفها النهائي ان تظفر بتاسيس اممية جماهيرية تحت قيادة كوادر ثورية محترفة. فكان لمرحلة (1968-1980) تاثيرها و سيطها على المستوى العالمي تزامنت وموجة نضال جماهيري اكدت صواب تنبؤاتها ضد قائلي الشلل التام الذي اصاب الطبقة العاملة ومناصريها. فكانت امام احداث تاريخية كتبت سطورها النضالات الجماهيرية(ربيع براغ- ثورة الطلاب والتلاميذ بفرنسا- القضية الفيتنامية- حركة التحرر الوطني والقومي- انتصار الثورة الكوبية والجزائرية وتاثيرها بما يخدم صحة الثورة الدائمة – حل الحزب الشيوعي الفرنسي واعادة تاسيس العصبة الشيوعية كفرع للاممية الرابعة سنة 1969) مبادراتها تلك ومساهمتها الى جانب رفاق النضال الثوريين من مواقع اخرى، ساهمت في انضمام فروع جديدة، فكانت بذلك تدعم ممارسة الفكرة القائلة: ان الاممية ليست فقط الدماغ المفكر للثورة. انها لا تكتفي بنشر الاستراتيجية فقط ، بل تمارسها من حيث التوظيف المالي والنضالي وتوزيع الكوادر والمهام داخل التنظيم.وبالتالي فالعزلة والانشقاق كانا دائما الامتحان الذي يمتحن صلابة طروحاتها. و هذا ما اكده الفرع الفرنسي المنشق الذي اعيد تاسيسه من خلال العصبة لينقد شرف النضال الثوري بفرنسا، حيث لعب دورا حيويا في دعم الثورة الجزائرية (انشأ اول مصنع للسلاح الخفيف الحديث للثورة الجزائرية المعزولة عن أي دعم اممي). كما قامت الاممية سنة 1971 باطلاق حملة تضامن دولية ضد حكومة بندرانيكا المدعومة من طرف الامبريالية وموسكو والهند والصين حيث عملت على ابادة الشبيبة السيرلانكية في مجازر دموية ،اطلق على إثرها لوهاويجينيكا زعيم JVP. كما تم انقاذ هوغو بلانكي من الاعدام، والتصدي لمحاولة فرانكو اعدام ستة ثوار باسكيين نتج عنها انضمام فرع باكمله من ثوار الباسك الى الاممية الرابعة وفي 1979 نظمت حملة ضخمة لحماية 14 تروتسكيا امميا بايران من الاعدام جراء تضامنهم مع الاكراد مع صعود التيار الخميني اضف الى ذلك حملات الدعم لثوار نيكاراغو و سلفادوريه والمطالبة باطلاق سراح قادة اضراب 20 الف عامل في ساوباولو بالبرازيل سجنتهم الديكتاتورية العسكرية وكذلك اطلاق سراح الماركسي بليونس من قبضة البيروقراطية السوفياتية واطلاق سراح بيتراول زعيم الحزب الاشتراكي الممنوع انداك بتشيكوسلوفاكيا واحد مؤسس ميثاق VV .
المرخلة الثالتة : مرحلة العقدين الاخيرين من القرن الماضي شكلت اعمق تحدي للامميين. خصوصا في ظل ازمة عالمية خانقة تزامنت وانهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان يشكل مكتسبا تاريخيا للمناضلين الثوريين وجعلتها تنفتح على اشكال جديدة من النضال الجماهيري في ظل مرحلة اتصفت بعسكرة الولايات المتحدة الامريكية للعالم واقامة خطوط حمراء لخريطة المستعمرات الجديدة وعلى راسها (العراق، افغانستان، السودان)..وسيادة حكومة عالمية تتراسها الشركات المتعددة الجنسية(المؤسسات المالية).
III -المحور الثالث: الى اين تتجه الاممية الرابعة
نقاشات المؤتمرات الثلاثة ما قبل الاخيرة (12 و 13 و 14) عرفت مدا وجزرا فمن المناداة بديكتاتورية البروليتارية الى المؤتمر 13 و 14 الشيء الذي اعتبره البعض اخرون مراجعة ثورية تتناغم والتحولات الثورية :
-قراءة جديدة للمنظورالمستقبلي للاشتراكية
-تحديد الوضع الثوري للحزب والطبقة وموازين القوى
-تحديد موقع الاممية ومهامها وادوارها وفق راهنية للوضع السياسي وتحولات الاقتصادية والاجتماعية
الاممية بعد انهيار المعسكر الشرقي وسقوطه فريسة نظام امبريالي لا يقل عن الامبريالية الستالينية ،وجدت نفسها اما انهيار رمزي نفسي فكري للمناضلين الاشتراكيين والشيوعيين وازتها حملة التشهير التي اخذ منظروا الرأسمالية الجدد يشيعونها في العالم (انتصار الرأسمالية ونهاية التاريخ، امبراطورية الشر العظمى، القطب الوحيد وهيمنة التكنوقراط مستقبلا. العولمة الجديدة وقيم السوق) وبالتالي وجدت نفسها على نقيض بعض الحركات الماركسية تراجع اليات تصديها عوض ان تراجع تشكك في قيم الصراع الطبقي او تستبدل فحواه بتعاون سلمي. فلا تعايش مع الرأسمالية. بل الاكثر من دلك في الوقت الدي عبر عنه البعض بضرورة التراجع عن قدسية الفكر الماركسي ومثاليته، وجدت طريقها في تثمين الحركات الاحتجاجية الجديدة(اطاك-البيئة- العاطلين-المهمشين –مناهضي العولمةوالحزب) باعتبار مطالبها مطالب ديمقراطية تتجه عكس طموحات الرأسمالية الذي يتحكم فيها هامش الاستغلال المكثف والمنافسة المدمرة.
-الا ان هذا التوجه الجديد نحو ربح هامش المناورة وتاهيل الشباب الى مناهضة الراسمالية ونظامها النيوليبيرالي المتوحش اغرق مناضليها في دوامة تكييف اهداف الاممية الاستراتيجية بالوضع الراهن. هذا وتجد بعض تياراته الفاعلة سؤال الهدف الثوري خصوصافي امريكا اللاتينية وعلى راسها تجربة البرازيل التي تلاقي انتقادات عظيمة بين المشاركة في حكومة شبه بورجوازية محكومة بتوازنات ‘’لولا’’ مع فريقه الحكومي والمؤسسات المالية الكبرى. وبين تواجد فرع ‘’الاشتراكية الديمقراطية’’ الذي تورط احد اعضائه في حمل حقيبة وزارة الاصلاح الزراعي ، ويتعلق الامر بمكيال رويستو الذي لم يفي بوعود الفرع المتعلق بالاصلاح الزراعي وايقاف حملة الاغتيالات التي يتعرض اليها فلاحو حركة MST (حركة الفلاحين بدون ارض). هذا من جهة ومن جهة اخرى لا يزال تيار الاشتراكية الديمقراطية يعرف جماهيرية متنامية تتنامى ومواقفه المؤيدة للجماهير وخصوصا مواقف هيلينا التي عبرت عن رفضها في المشاركة مع حكومة بورجوازية لا تستوجب الوفاء للالتزامات الجماهيرية .
كل هذه المخاضات تطرح سؤال المصير. وخصوصا ان المرحلة الراهنة تطرح سؤال نقيضا لتجربة العقود الخمس الماضية: فاذا كانت الاممية عانت طيلة المرحلة السابقة من العزلة والانشقاقات (بالرغم من انشقاقات ضئيلة بالمقارنة مع الانشقاقات التي عرفتها الحركة الماوية و
اللينية والتسالينية ) فان المرحلة الراهنة تفتح للاممية الرابعة مجالا جديدا وخصبا لتدفق المناضلين الجدد والقدامى من اطياف عديدة، وهو ما يطرح سؤال البرنامج الانتقالي وراهنيته موضع النقد والدرس، فالى أي حد سوف تستطيع الاممية الاجابة عن التحديات التالية:
1-ربط النضال العمالي بحركة الاحتجاج العالمي المتنوع الاصول والاهداف والمنطلقات.
2-اليات البناء الثوري على ضوء المستجدات والتغيرات العالمية.وكيفية توحيد جهود الماركسيين الثوريين
3-مفهوم بناء الحزب الثوري واشكال التدخل فيه.
4-هل ارضية النضال على قاعدة معاداة الرسمالية قد تديبها في نضال اصلاحي للمنظومة الليبيرالية ام انها مرحلة تجميع لحلفاء اضافيون للحركة العمالية ؟ وماذا عن الحركة العمالية ومشاريع اعادة بعثها عالميا؟!

ورش للنقاش